من المعلوم أن التحكيم وإن كان يبدأ رضاء واتفاقا فهو ينتـهـي قـضاء، ويضفي المشرع المصري (شأنه شأن كافة التشريعات) على حكم التحكيم صفة الأحكام، كما يتمتع حكم التحكيم الصادر وفقا لأحكام قانون التحكيم المصري رقـم ٢٧ لة ١٩٩٤ بحجية الأمر المفضي حيث تنص المادة "55" منه علـى أن "تحـوز أحكـام المحكمين الصادرة طبقاً لهذا القانون حجية الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، وحكم التحكيم يتمتع بالحجية من وقـت صدوره، ويعتبر أنه صدر من يوم كتابته والتوقيع عليه، وتسرى كل أثاره ويحتج بحجبته اعتبارا من هذا التاريخ .
والحجية قرينه – لا تقل إثبات العكس - على أن الحكم صدر صحيحاً سواء مـن الناحية الشكلية أو من الناحية الموضوعية وهو ما يعبر عنه الفقه بأن الحكـم عنـوان الحقيقة فالحجية قرينة ذات شقين أحدهما الصحة والثاني الحقيقة. ويترتب على حجيـة الأمر المقضى منع الخصوم من العودة إلى إثارة النزاع في المسألة التي فصل فيها الحكم ولو كان ذلك بأدلة قانونية أو واقعية لم يسق إثارتها في الدعوى التي صدر فيها الحكم.
ولا بد من التفرقة بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي.
فالحجية تثبت للأحكاء ولو كانت تقبل الطعن فيها بإحدى طرق الطعـن المقـررة قانونا. أما قوة الأمر المقضي فيتمتع بها الحكم البات، وهو الحكم الذي لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن سواء كان طريقا عاديا (الاستئناف) أم كان طريقا غير عاد التماس إعادة النظر والطعن بالنقض). وإذا كانت المادة ٥٢ فقرة " أ " من قانون التحكيم تنص على أنه "لا تقبـل أحكـام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق مـنطرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجاريـة". ممـا يعنـى أن المشـرع قـد حرص على أن يسبغ على أحكام التحكيم الصادرة وفقا له قوة الأمـر المقضي. إلا أن حكم التحكيم لا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد الحصول على أمر بتنفيذه وفقا لما سيرد بيانه. فحكم التحكيم الصادر طبقا للقانون المصري يلزم لتنفيذه تنفيـذا جبريا صدور الأمر بالتنفيذ من رئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر النـزاع أو من يندبه من قضاتها إذا كان التحكيم داخليا، ورئيس محكمة استئناف القاهرة (أو محكمـة استئناف أخرى يتفق عليها طرفا التحكيم) إذا كان التحكيم تجاريا دوليا سواء جــرى في مصر أو في الخارج. وهو ما سيرد بيانه تفصيلا في الفرع التالي.