الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حجية أحكام المحكمين - أحكام التحكيم / الكتب / دروس في القانون الدولي الخاص / حجية أحكام التحكيم وقوتها التنفيذية

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    201

التفاصيل طباعة نسخ

حجية أحكام التحكيم وقوتها التنفيذية

أولا: حجية أحكام التحكيم

قد يعتقد البعض أن حكم المحكمين ليست له حجية الشيء المقضي به على اعتبار أن هذه الصفة لا تمنح إلا للأحكام الصادرة عن القضاء، أما ما يصدر عن باقي الجهات الأخرى ومنها التحكيم فليست له أية حجية، إلا أن الحقيقة هي أن حكم المحكمين له حجية الشيء المقضي به ومنذ صدوره ذلك أن التحكيم ولو أنه قضاء خاص وكذا ارتباطه بعقد فلا يجب إغفال أن المشرع اعترف للمحكمين بصلاحية الفصل في نزاعات الأفراد ونظم التحكيم واعتبر ما يصدره المحكمون من أحكام له صفة الأحكام القضائية وأوجب على المحكمين تطبيق نفس الإجراءات المسطرية والقواعد الجوهرية وكأن النزاع عرض على المحكمة المختصة.

وهكذا إذ استجمع حكم المحكمين كل شروط صحته المنصوص عليها قانون والتي سبق أن أشرنا إليها أعلاه أصبح متمتعا بحجية قانونية قاطعة، ولو كان قابلا للطعن وقبل شموله بأمر التنفيذ لأنه لا يجوز قوة الشيء المقضي به شأنه في ذلك شأن الحكم القضائي يتمتع بقوة ملزمة ذاتية، بمجرد ما يصدر عن هيئة التحكيم .

وبهذا يمكن القول أن الأحكام المحكمين حجة فيما قضت به بين أطراف الخصومة لا يجوز معها طرح نفس النزاع الذي تم فصله عن طريق التحكيم على القضاء مرة أخرى أو على هيئة قضائية ثانية إذ أن الحجية التي اكتسبها الحكم تمنع ذلك.

لكن التساؤل الذي يطرح هنا هل الحكم التحكيمي ورقة رسمية أم ورقة عرفية ؟

اختلف الفقه حول هذه المسألة ولو أن الرأي الغالب يذهب إلى القول بأن الحكم التحكيمي ورقة رسمية. وقد أكد قانون التحكيم المصري لسنة 1994 على أن حكم المحكيمين ورقة رسمية، لأنه ليس بالضرورة أن تصدر هذه الورقة من موظف عمومي، وإنما يكفي أن يصدر من شخص أنيطت به خدمة عامة أو كلفه القانون بالتزام عام معين، والمحكم والحالة هذه اختير من قبل الأطراف ليضطلع بمهمة تطبيق القانون، وهي مهمة ذات طابع عمومي في نطاق معين.

أما عندنا في المغرب، وأما غياب نص صريح في المسألة، يمكن القول بأن حكم المحكمين ورقة رسمية

باستقراء بعض النصوص كالفصلين 418 و 419 من قانون الالتزامات والعقود اللذان يتحدثان عن الورقة الرسمية. 

فالفصل 418 ينص على أن "الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد...

وتكون رسمية أيضا:

1) الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

 2) الأحكام الصادر عن المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تبثتها .

3) وينص الفصل 419 على أن: الورقة الرسمية حجة على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".

أما القضاء المغربي فقد اعتبر الحكم التحكيمي ورقة رسمية، حيث جاء في قرار المحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي:

"حيث إن المقرر فقها وقضاء أن قرارات التحكيم تكتسب حجيتها فيما قضت به من الحقوق انطلاقا من القرينة القانونية القاطعة التي تقررها، من حيث أمر التنفيذ الذي يصدر عن رئيس المحكمة الابتدائية في نطاق أحكام الفصل 322 من ق.م.م يقتصر على منح الصيغة التنفيذية للمقرر التحكيمي ليضحى قابلا للتنفيذ، ويقتصر دور هذا الأخير عن القيام بفحص ظاهري للمقرر المذكور للتأكد من عدم تعارضه مع مقتضيات النظام العام وفق المنصوص عليه في الفصل 306 من نفس القانون.

 وحيث إنه لذلك يتعين التفريق بين حجية الشيء المقضي به للمقرر التحكيمي، وبين القوة التنفيذية التي تمنح لهذا المقرر بأمر من رئيس المحكمة الذي لا يبت في جوهر النزاع.

حيث إنه لما كانت حجية الشيء المقضي به هي قرين قاطعة على الحقيقة التي يحملها الحكم القضائي أو المقرر التحكيمي، وتعني هذه القرينة أن الوقائع المثبتة في المدلول الذي يشير إليه الفصل 419 من ق.ل.ع والحقوق التي فصلت فيها، لا يمكن أن تكون محل مجادلة جديدة، فإنه ليس هناك محل للتمييز بين الأحكام الأجنبية المشار إليها

في الفصل المذكور وبين مقررات التحكيم التجاري الدولي، بالنظر للمقرر التحكيمي المعتمد عليه في الطلب".

الفقرة الثانية: القوة التنفيذية للحكم التحكيمي

نص المشرع المغربي في الفصل 26-327 من القانون رقم 08-05 على أن الحكم التحكيمي يكتسب بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه، إلا أن الحكم التحكيمي لا يكتسب هذه الصفة، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا في النزاع إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص. ويكون تنفيذ الحكم التحكيمي جبريا بمقتضى أمر بتحويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها ويودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا باتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن أحد المحكمين أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدور الحكم التحكيم.

خاتمة:

ختاما يمكن القول أن الحكم التحكيمي بعد تعديل سنة 2007 أصبح كالحكم القضائي يتمتع بقوة ملزمة ذاتية، بمجرد ما يصدر عن هيئة التحكيم، وبالتالي يحوز حجية الشيء المقضي به شريطة استيفاء الشروط التي يفرضها القانون والتي سبق الفصل فيها من جهة، وتلك التي قد يتفق عليها الأطراف في عقد التحكيم من جهة أخرى.