يحوز حكم التحكيم حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره (المادة 55 من 1 القانون المصري للتحكيم رقم 27 لسنة 94)، وعلى ذلك لا يجوز لهيئة التحكيم، أو لأحد الأطراف، عرض ما سبق أن عرض وصدر فيه حكم تحكيم على الفضاء العادي، وإذا خالف أي طرف من أطراف عملية التحكيم هذا الأمر فيجوز للطرف الآخر أن يدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها.
ويستهدف من حجية أحكام التحكيم - مثلها في ذلك مثل أحكام القضاء -، قطع دابر المنازعات، ومنع صدور أحكام متضاربة في النزاع الواحد.
وللاعتبارات السابقة، فإن تمتع الحكم بحجية الأمر المقضي، يعد من النظام العام (المادة 10 امن قانون الإثبات المصري والمادة 1059 من قانون الإجراءات المدنية الهولندي والمادة 1703 من قانون الإجراءات المدنية البلجيكي والمادة ۸۲۳ من القانون الإيطالي)، فلا تنتظر المحكمة أن يدفع أحد الأطراف أمامها بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها، بل يجب أن تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها، بشرط وجود وحدة في السبب والمحل والخصوم.
وهذا بخلاف القانون الإنجليزي للتحكيم الصادر سنة 99 (المادة 1/58)، الذي يعطي الأطراف مكنة أن يتفقوا على عكس هذه القاعدة.
هذا ويتمتع حكم التحكيم بالحجية، حتى لو كان قابلاً للطعن عليه. ذلك في النظم القانونية، التي تعطي مكنة ذلك (مثال ذلك قانون التحكيم الإنجليزي).
وهناك اختلاف بين القوانين في تحديد لحظة صدور حكم التحكيم. ويترتب على ذلك اختلاف وقت حوزته الحجية، فمنها ما يذهب إلى اعتبار حكم التحكيم صادرا، منذ صدوره في التاريخ المذكور تاريخا لإصدار الحكم المادة ۸۲۳ من القانون الإيطالي والمادة 1059 من قانون الإجراءات المدنية الهولندي ومنها ما يرتب الحجية منذ تبليغ الأطراف بالحكم (المادة 1702 من قانون الإجراءات المدنية البلجیکی) ومنها ما تخول الأطراف سلطة تحديد التاريخ الذي يصدر فيه الحكم وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على تاريخ ما لصدور حكم التحكيم تولت تحديده هيئة التحكيم نفسها. وفي حالة عدم وجود أي تحديد يعتبر الحكم صادرا منذ توقيعه من المحكم.
أما إذا تعدد المحكمون، فيعتبر الحكم صادراً في تاريخ توقيعه من آخر محكم، مثال ذلك المادة 1476 من القانون الفرنسي والمادة 54 من قانون التحكيم الإنجليزي.
إذا رفع أحد أطراف خصوم التحكيم دعوى أمام المحكمة بخصوص موضوع سبق أن فصلت فيه هيئة التحكيم فإن المحكمة سوف ترفض الدعوى نظرا لسبق الفصل فيه. ولكن إذا كان حكم التحكيم قد أبطل فإن معنى ذلك زواله من الوجود القانوني هو وما يترتب عليه. لذا يجوز رفع النزاع مرة أخرى أمام هيئة تحكيم أخرى أو أمام القضاء.
كما رفضت محكمة استئناف باريس، اعتبار توقيع مصر على ما مهمة المحكم، يمكن أن يحل محل اتفاق التحكيم، إذ هو مجرد إجراء يو نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية اتباعه. وقامت شركة جنوب الباسفيكب على الحكم، أمام محكمة النقض الفرنسية، وقضى برفض الطعن.
المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار على اعتبار وجود نص في قانون الاستثمار الصادر سنة 1974 وهو نص المادة الثامنة يقضي بأن تتم تسوية منازعات الاستثمار المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر، أو في الاتفاقات السارية بين جمهورية مصر العربية ودولة المستثمر، أو في إطار اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بین الدولة ومواطني الدول الأخرى التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بموجب القانون رقم 90 لسنة ۱۹۷۱ في الأحوال التي تسري فيها.
وبناء على ذلك فإن هيئة التحكيم في إطار المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار رفضت الدفوع، التي أبدتها مصر مقررة اختصاصها، ثم أصدرت حكما في ۱۹۹۲/5/۲۰، بإلزام مصر بتعويض المدعى.
ولقد أكدت محكمة النقض المصرية (2) مبدأ حجية أحكام التحكيم بقولها بأنه «متى كان الثابت أن طرفا الخصومة قد لجا إلى التحكيم فيما كان ناشئً بينهما من منازعات وقضى لأحدهما بأحقيته في استلام الأطيان المملوكة لهما وكان حكم المحكمين قد فصل بصفة نهائية في المنازعات وقضى لأحدهما، بأحقيته في استلام أطيان معينة بما عليها من الزراعة، إذ كانت هذه الزراعة قائمة في تلك الأرض فعلاً وقت صدور حكم المحكمين. فإن أحقية المحكوم له للزراعة المذكورة تكون أمرا مقضيا له به بموجب حكم المحكمين ضد الخصم الأخر، وتكون دعوى هذا الأخير بطلبه أحقيته الزراعة مردودة، بما لهذا الحكم من قوة الأمر المقضي، ومن حجية قبله، ولا يقدح في ذلك أن يكون الزارع لتلك الزراعة، ولا يغير من ذلك أيضا ألا يكون الحكم قد نفذ بالاستلام، فإن عدم تنفيذ الأحكام لا يخل بما لها م ن حجية لم تقض باي سبب من الأسباب التي تقضي بها قانوناً «.
وتكون حجية حكم التحكيم في مواجهة أطراف الخصومة، إعمالاً المبدأ نسبية الأحكام. وذلك لأن أطراف الدعوى أعلنوا بها وكانت هناك فرصة أمامهم لتقديم دفاعاتهم وبالتالي فإن الحكم يكون حجة عليه وحده دون غيره، ولا تسري في مواجهة ممثلي الخصوم - مثال ذلك الوصي - إنما تمتد إلى الخلف وفيما عدا أطراف الخصومة وخلفائهم، ولا حجية للعسل القضائي.
فالحجية لا تسري في مواجهة الغير، فليس لغير أطراف الخصومة، التي قضى فيها التمسك بهذا القضاء على أنه من ناحية أخرى، فإنه من الغير من تمتد إليه الحجية مثل الكفيل بالنسبة لتقدير وجود الدين، وحالة المستأجر من الباطن بالنسبة للحكم الصادر، ببطلان عقد الإيجار الأصلي.