الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أثار حكم التحكيم / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 48 / أثار حكم التحكيم

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    30

التفاصيل طباعة نسخ

أثار حكم التحكيم

كان لتزايد الدور الاقتصادي في المعاملات الدولية المعاصرة وانتقال القيم الاقتصادية عبر حدود الدول في العقود المعاصرة، ما أسبغ على هذه المعاملات سمات خاصة ولم يكن ذلك إلا الإنعكاس لأهمية التجارة الدولية وظهور أشكال جديدة في المعاملات الدولية طغت أهميتها على العقود العادية وخاصة في العقود على نقل التكنولوجيا، وعقود التعاون الصناعي، وعقود الشركات المشتركة، وبدأت هذه العقود وغيرها تنتشر في معظم الدول منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين واقترنت بها عادات ومصطلحات حديثة واقتضى الفصل فى المنازعات المتعلقة بها إدراك السمات المميزة لها والإلمام بمقتضيات هذا النوع الجديد من المعاملات الدولية.

ووجد أطراف هذه المعاملات ضالتهم في محكمين يمكنهم الاتفاق على تسميتهم للفصل فيما يثور بينهم من منازعات بشأنها، بل وتلعب إرادتهم دوراً كبيراً في تنظيمه بدءاً من الاتفاق على التحكيم وتحديد نطاقه وبيان الموضوعات التي تحل عن طريقه وإجراءاته والدولة التي يتم فيها التحكيم والقانون الذي يحكم النزاع شكلاً وموضوعاً. وكان لكل هذا أثره في إقبال أطراف العديد من هذه المعاملات وغيرها على التحكيم وسيلة لحل منازعاتهم. بالإضافة إلى ما تقدّم، فقد أدّت التطورات الاقتصادية المعاصرة إلى تزايد الإتجاه نحو تشجيع الاستثمارات الأجنبية ولم يقتصر الأمر على الدول المتنامية فقط بل امتد إلى غيرها من الدول المتقدمة، وارتبط حل المنازعات فيما بين المستثمر الأجنبي الاستثمار. بنظام التحكيم إلى حدّ اعتباره أكثر الوسائل ذيوعاً لحل منازعات الاستثمار. 

كما شهد العالم في النصف الأخير من القرن المنصرم اتجاه معظم الشركات إلى عبور حدود الدول التي تعمل فيها لممارسة أنشطة غير دولية، فبدأت تسقط الحواجز الاقتصادية فيما بين الدول وبلغ الأمر ذروته في نهاية القرن المذكور بتوقيع اتفاقية إنشاء منظمة التجارة الدولية والاتفاقيات الملحقة بها في ١٩٩٤/٤/١٥ في مراكش، لتحرير التجارة الدولية تحريراً كاملاً، وليصبح العالم سوقـ واحدة، وليسيطر النظام الرأسمالي على العالم أجمع سيطرة كاملة؛ وليعتمد التحكيم وسيلة أساسية لحل مختلف المنازعات الناشئة في إطار إتفاقيات منظمة التجارة العالمية.

من ناحية أخرى، فقد أدت التطورات الحديثة في علم تنازع القوانين إلى هروب أطراف العلاقات ذات الطابع الدولي من القضاء الوطني في العديد من الدول، وتجنيد التحكيم لحل ما يثور بشأن علاقاتهم من منازعات نظراً لتزايد مثل هذه الاتجاهات إلى جعل الأصل هو أن يطبق القاضي قانونه الوطني، حتى في العلاقات ذات الطابع الدولي، وأن القوانين الأجنبية لا تطبق في هذه العلاقات إلا بصفة استثنائية عند تعذر تطبيق قانون القاضي، أو تطبيق قانون كلما كان لدولته مصلحة في انطباق هذا القانون أو إذا لم توجد لدولة أخرى مصلحة في ذلك، وتحبذ بعض هذه الإتجاهات القاضي تطبيق القاضي لقانونه لأنه يعتبر أفضل من يطبق هذا القانون، أما القانون الأجنبي فهو حديث العهد به ومن هذه الاتجاهات كذلك وجوب اعتداد القاضي بالقواعد القانونية في قانونه طالما أنها تحدد بذاتها مجال تطبيقها . أو لأنها قواعد فورية التطبيق، وهي مرادفة لقواعد النظام العام وبالتالي يبقى دور فكرة النظام العام أيضاً في تطبيق قانون القاضي - في أغلب الأحيان – بعد استبعاد القانون الأجنبي واجب التطبيق، ناهيك عن إخضاع التكييف لقانون القاضي، والأخذ بالإحالة إلى قانون القاضي وعدم إلزامه بتطبيق القانون الأجنبي، كما والمناداة بجعل قواعد الاسناد مفردة "Unilatérale" وليست مزدوجة "Bilatérale".

إن ذلك من شأنه نفور العديد من الأطراف أصحاب العلاقات ذات الطابع الدولي من محاكم الدولة ولجوئهم إلى حل منازعاتهم بالتحكيم، خاصة وأن العديد من الأساليب السابقة تؤدي إلى عدم تمكن الأطراف من توقع القانون واجب التطبيق في علاقاتهم التجارية، وبالتالي عدم استقرار المعاملات ذات الطابع الدولي بسبب عدم تيقن كل طرف من حقوقه والتزاماته في علاقته بمن يتعامل معه، خاصة وأن البعض يعتبر أنه ليس من العدل بشيء تطبيق قانون لم يتوقعه الأطراف.

بالإضافة إلى أن الأساليب الملتوية أو على الأقل غير الصريحة الهادفة للتوصل إلى تطبيق القانون الوطني للقاضي، قد أدت إلى دخول أطراف العلاقات ذات الطابع الدولي في متاهات، وكان ذلك لصالح إعمال مبادئ التحكيم وفي ضوء العقد الجاري بين الطرفين المتنازعين ومن هنا ملاحظة البعض أسباب أهمية التحكيم في المعاملات الدولية تجنّب مشاكل التنازع الدولي أيضاً للقوانين.

ولا شك أن أفضل حل لمشكلات المعاملات الدولية، هو ذلك الذي يحقق العدالة، ويطبق في الوقت ذاته القواعد التي يتوقع الأطراف أن تحكم علاقاتهم وكان لذلك أثره في ندرة القضايا - خاصة العقود - التي تعرض على محاكم بعض الدول، مثل الولايات المتحدة الأميركية أو فرنسا بالمقابلة لتلك التي تحل بالتحكيم وإذا كان التحكيم في مبدئه اختيارياً، إلا أن المشترع قد يوج في بعض الأحيان اللجوء إليه .

كل ذلك، إلى غير ذلك من العوامل ساعد على ازده التحكيم وانتشاره وقيام المراكز العديدة لتطبيق مبادئه ولا سبيل سوى قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي.

"UNCITRAL": "The united Nation Commission on ternational Trade Law".

وفي إطار اللجنة الإقتصادية الأوروبية المتفرعة عن منظمة الأم المتحدة أبرمت الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي في ٢١ ١٩٦١/٤ وأكملت في باريس في ١٩٦٢/١/١٧ كما أبرمت اتفاق تسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى في ١٨ ١٩٦٥/٥ في واشنطن وذلك في إطار البنك الدولي للإنشاء والتعمير كذلك تمكن المجلس الأوروبي من التوصل إلى إبرام اتفاقية أوروبي بشأن تشريع موحد في مسائل التحكيم وذلك في ١٩٦٦/١/٢. وفي نطاق الدول العربية أبرمت اتفاقية تنفيذ الأحكام وأقره مجلس جامعة الدول العربية في ١٩٥٢/٩/١٤، واتفاقية الرياض للتعاون القضائي الموقعة في ۱۹۸۳/٤/٦، كذلك أبرمت اتفاقي عمان العربية للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ ١٩٨٧/٤/١٤. إن ما يهمنا من هذه الدراسة المقارنة الوجيزة محاولة معرف أهم المعوقات التي تقف في وجه التحكيم للعمل على مقاربته من قضاء الدولة، الأمر الذي تسوّق له مراكز التحكيم والمحكمير تمكيناً لهم للحلول محل القضاء الرسمي بشكل كامل وبالأسلوب الذي يجعل ن هذا القضاء الخاص، وسيلة منفصلة للبت بالنزاعات التجارية بعيدا عن أقواس المحاكم وردهات قصور العدل ومطرة القضاة وأثوابهم وبالطبع الإبتعاد عن نقابات المحامين والأصول التقليدية المتبعة عادة أمام تلك المراجع الرسمية إلى جانب حفظ أسرار النجار والإسراع في بث الخلاف بقدر الإمكان وقد يكون الأمر في بعض الأحيان موفراً لمصاريف إضافية ورسوم . إن التوصل إلى معرفة تلك المعوقات يقتضي منا العرض أولاً إلى الطبيعة القانونية للتحكيم.

إن لهذا التحديد أهميته بالذات في مجال القانون الدولي الخاص، إذ يفيد إلى حد كبير في معرفة القانون الواجب التطبيق (وهو معوق هام أمام التحكيم في إجراءاته المختلفة، وذلك مع تنوع الإتجاهات التي ظهرت لتحديد طبيعة التحكيم وانعكاسها على في مختلف الدول، وعلى مسلك المحكمين أنفسهم عند الفصل في المنازعات التي تحل بالتحكيم بل وعلى المعاهدات الدولية التي تبرم بصدد التحكيم والمؤتمرات والندوات المتعلقة به.

ولكن هل يخلو الأمر من معوّقات تقف في درب هذا التحكيم التجاري الدولي؟ بالتأكيد؛ ولسوف نعرض لكل منها تباعاً....

الباب الأول - على صعيد صياغة بنود التحكيم وتقنيتها (مرحلة ما قبل صدور الحكم والطعن به

من المعروف - والمنطقي كذلك أن يكون نزاع الأطراف موضوعه عقد حول مشروع معين جرى الإتفاق على تنفيذه، وحصل - لسبب أو لآخر - خلاف حول نقطة أو بند من نقاطه أو بنوده ومن المعروف كذلك، لا سيما في عقود الشركات الكبرى، أن يلحظ البند الأخير من العقد اللجوء إلى الوسيلة الآيلة إلى فض هذا النزاع، إما ببدائل القضاء أو التحكيم وإما عادة عن طريق التحكيم.

إلا أنه من الحالات القليلة أن يثبت الفرقاء اتفاق التحكيم مع بنود العقد الأساسي أو بملحق فيه، ومن هنا ضرورة قبل حصول الخلاف. اللجوء إلى تلك الصياغة للتعرّف مسبقاً على كل آليات هذه الوسيلة

وفي كل الأحوال، فإن صياغة بنود التحكيم تتطلب مؤهلات خاصة لدى القائم بالصياغة، فالذي يُطلب من رجل القانون المكلّف بصياغة الشروط التعاقدية، أن يتوخى الحرص والدقة في الصياغة لتأتي تلبية لرغبات الطرفين من ناحية ولتفادي احتمالات النزاع بشأنها بقدر الإمكان من ناحية أخرى؛ على أن مراعاة أصول فنون الصياغة لحياكة بنود العقود الدولية المتعلقة بتسوية المنازعات، وبصفة خاصة بنود التحكيم؛ يتطلب، لتؤدي الغرض منها، توفّر خلفيات علمية وعملية عن التحكيم في أساسياته ونظمه. يصبح عقد اتفاقية التحكيم معوقاً لهذا التحكيم فتتضاعف الصعوبات بدلاً عن تسهيل حل الخلاف، فإن المستشار القانوني، صائغ هذه الإتفاقية مدعو إلى اقتراح مسودة بالصياغة المنازعة منذ بدايتها وحتى ختامها، وهو لان لاتفاقية إجراءات سير يستطيع أن يقوم بما كلّف به على نحو مرض إلا إذا توافرت له معلومات أساسية تتصل من ناحية بمعطيات التحكيم ونظمه ومن ناحية أخرى بفنون الصياغة، ليتفادى بذلك بروز وجه جديد غير محسوب أو متوقع للمنازعة الأصلية.

هنا سنتناول - وباختصار متطلبات الصياغة وتطبيقاتها العملية بشكلها الصحيح والذي يساعد على أن لا يكون صفة العائق عن متابعة عملية التحكيم حول الخلاف بين الأطراف المتنازعة.

بالنسبة إلى صياغة بنود اتفاقية اللجوء إلى التحكيم: قد يتراىء للبعض أن اعتماد نموذج مسبق لاتفاقية ما أمر ميسور، إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للإتفاقية التحكيمية» (Arbitration Contract) ذلك أن طبيعة التعاقد الأساسي (موضوع العقد – الخلاف بين الأطراف تؤثر تأثيراً واضحاً في إعداد الإتفاقية التحكيمية، فإذا افترضنا أن العلاقة التعاقدية تربط بين أطراف بينها دولة نامية فينبغي التعرّف على ظروفها الاقتصادية والسياسية والقانونية والاجتماعية، إذ إنها تلعب دوراً أساسياً في تحديد موقفها مع الأجانب،

أساليب تسوية المنازعات القانوني إلى الحصول على هذه المعلومات من كافة المصادر المتوفرة له كقرارات التحكيم الصادرة في منازعاتها السابقة، والإتفاقيات الدولية، ليرى من خلالها درجة ارتباط الدولة ذات العلاقة بها.

وعليه، فإنه من الصعوبة بمكان القول بوجود نموذج موحد للصياغة يتلاءم مع خصوصيات كل عقد من العقود الدولية، ويكفي طموحات الأطراف المتنازعة، إذ اختلاف مواقف الدول من قواعد التحكيم، فإنها تختلف أيضاً من حيث مقتضيات النظام العام public order بالنسبة إلى كل موضوع، ومن هنا، فإن الصياغة الخاصة لبنود التحكيم تتحدد في ضوء خصوصيات العلاقة التعاقدية وظروف أطرافها.

وهنا تظهر المعوقات، وقد تسمى صعوبة الصياغة؛ إذ على المستشار القانوني استعراض الاختيارات المتاحة بالنسبة لعدة عليه معالجتها وهي تعود إلى تحديد نطاق النزاع، مواضيع والتي وتكوين لجنة التحكيم والأصول الإجرائية والموضوعية المطبقة هذه حتى صدور القرار التحكيمي (The Award) وتنفيذه؛ ومن الأمور تتفرع عدة مسائل يجب مراعاتها ومنها طبيعة التحكيم وتعيين المحكمين وقواعد الإجراءات والقانون المطبق على موضوع النزاع، واللغة المستعملة ومدة التحكيم وتكاليفه، وصدور القرار

فتتضاعف الصعوبات بدلاً عن تسهيل حل الخلاف، فإن المستشار القانوني، صائغ هذه الإتفاقية مدعو إلى اقتراح مسودة بالصياغة المنازعة منذ بدايتها وحتى ختامها، وهو لان لاتفاقية إجراءات سير يستطيع أن يقوم بما كلّف به على نحو مرض إلا إذا توافرت له معلومات أساسية تتصل من ناحية بمعطيات التحكيم ونظمه ومن ناحية أخرى بفنون الصياغة، ليتفادى بذلك بروز وجه جديد غير محسوب أو متوقع للمنازعة الأصلية.

هنا سنتناول - وباختصار متطلبات الصياغة وتطبيقاتها العملية بشكلها الصحيح والذي يساعد على أن لا يكون صفة العائق عن متابعة عملية التحكيم حول الخلاف بين الأطراف المتنازعة.

بالنسبة إلى صياغة بنود اتفاقية اللجوء إلى التحكيم: قد يتراىء للبعض أن اعتماد نموذج مسبق لاتفاقية ما أمر ميسور، إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للإتفاقية التحكيمية» (Arbitration Contract) ذلك أن طبيعة التعاقد الأساسي (موضوع العقد – الخلاف بين الأطراف تؤثر تأثيراً واضحاً في إعداد الإتفاقية التحكيمية، فإذا افترضنا أن العلاقة التعاقدية تربط بين أطراف بينها دولة نامية فينبغي التعرّف على ظروفها الاقتصادية والسياسية والقانونية والاجتماعية، إذ إنها تلعب دوراً أساسياً في تحديد موقفها مع الأجانب،

أساليب تسوية المنازعات القانوني إلى الحصول على هذه المعلومات من كافة المصادر المتوفرة له كقرارات التحكيم الصادرة في منازعاتها السابقة، والإتفاقيات الدولية، ليرى من خلالها درجة ارتباط الدولة ذات العلاقة بها.

وعليه، فإنه من الصعوبة بمكان القول بوجود نموذج موحد للصياغة يتلاءم مع خصوصيات كل عقد من العقود الدولية، ويكفي طموحات الأطراف المتنازعة، إذ اختلاف مواقف الدول من قواعد التحكيم، فإنها تختلف أيضاً من حيث مقتضيات النظام العام public order بالنسبة إلى كل موضوع، ومن هنا، فإن الصياغة الخاصة لبنود التحكيم تتحدد في ضوء خصوصيات العلاقة التعاقدية وظروف أطرافها.

وهنا تظهر المعوقات، وقد تسمى صعوبة الصياغة؛ إذ على المستشار القانوني استعراض الاختيارات المتاحة بالنسبة لعدة عليه معالجتها وهي تعود إلى تحديد نطاق النزاع، مواضيع والتي وتكوين لجنة التحكيم والأصول الإجرائية والموضوعية المطبقة هذه حتى صدور القرار التحكيمي (The Award) وتنفيذه؛ ومن الأمور تتفرع عدة مسائل يجب مراعاتها ومنها طبيعة التحكيم وتعيين المحكمين وقواعد الإجراءات والقانون المطبق على موضوع النزاع، واللغة المستعملة ومدة التحكيم وتكاليفه، وصدور القرار المذكور، وإمكانية اللجوء إلى المحاكم المحلية لاستصدار مقررات مؤقتة أو الذهاب إليها للطعن في هذا القرار، إلى تفسيره وتنفيذه وهنا لمحة مختصرة عما تقدم

1 - فبالنسبة إلى تحديد نطاق موضوع النزاع؛ الصياغة لشرط التحكيم تختلف ما إذا كان يراد تحديد موضوع محدد بحسب لعرضه على لجنة التحكيم، أو إذا كانت نية الأطراف متجهة لبسط شرط التحكيم على كل المنازعات التي نشأت عن تنفيذ العقد موضوع الخلاف. إذ بهذا التحديد تستطيع اللجنة معرفة حدود اختصاصها الأمر الذي يساعدها على عدم تعدّي صلاحياتها واختصاصاتها والحؤول دون حصول معوّق بل معدم للتحكيم يتأتى عن إعلان بطلان قرارها لاحقاً من الجهات الوطنية المعنية بإعطاء الصيغة التنفيذية للقرار.

ب - لجهة طبيعة التحكيم الناحية المتعلقة بالإختيار) صياغة العمل التحكيمي عقدياً يتم في ضوء اختيار أطراف النزاع إما لأسلوب التحكيم المطلق أو الخاص Ad hoc) وإما الطريقة التحكيم المؤسساتي (Institutional Arbitration) في الحالة الأولى يختار المستشارين الصائغ ما يعكس رغبة المتنازعين في كيفية التوصل إلى تسوية بينهم، وهنا، فإن تفاصيل الشرط المذكور تختلف من حالة لأخرى، باختلاف خصوصیات

كل نزاع وتباين رغبات طرفيه... أما في التحكيم المؤسساتي (وهو يحصل عادة داخل مباني مؤسسات أو مراكز تحكيمية متخصصة) فإن اتباعه يعني الأخذ بقواعده الموحدة، إلا إذا أجاز نظامها المخالفة، وهذا من شأنه إعفاء الصائغ القانوني إياه من الدخول بالتفاصيل والاكتفاء بما ورد في شأنها في نظام التحكيم المؤسساتي المختار، إلى جانب تقديم هذا النوع من التحكيم خدمات جهات محايدة في مراقبة . سیر صحتها. الإجراءات التحكيمية ومدى صحتها. 

إن من شأن هذه الإجراءات الحؤول دون مواجهة معوقات مستقبلية، خاصة أن الإحالة إلى التحكيم المؤسساتي يترتب عليه الأخذ بما ورد في نظامه القانوني المعد مسبقاً ولا سيما فيما يتعلق بطريقة اختيار المحكمين والقواعد القانونية الواجبة التطبيق، إلا إذا اتفق على خلافها، كما من الممكن تولي الأطراف بأنفسهم تنظيم الإجراءات مع الإتفاق على تخويل إدارة المؤسسة مهمة رعايتها، كما بالإمكان أن يختار الأطراف تنظيم دولي ما مثل نظام الأونيسترال التحكيمي، على أن يقوم جهاز التحكيم المؤسسي رعاية الإجراءات (فيما يسمى باللوجستية تأميناً لصحة ودقة سائر الأعمال التحكيمية، الأمر الذي يساعد كما ألمحنا - على تجاوز معوّق مبدئي هام لمستقبل هذا التحكيم.

ج - لجهة لجنة التحكيم (تكوينها):

إن من شأن الخطأ أو التسرّع أو التباطؤ في اختيار المحرم مواجهة معوّق أساس للتحكيم الناجح، ولا سيما على صعيد المحكمين وطريقة اختيارهم والشروط الواجب توفرها في شخص ولا سيما لجهة الكفاءة العلمية والشفافية والنزاهة والخبرة ووم جهة ثالثة للقيام بهذا التعيين appointing authority) ، تحديد جنسية المحكمين والأفضل أن يكونوا من جنسيا مختلفة عن جنسية الاطراف المتنازعة إلا إذا اتفقوا بوضوح ا العكس، والأفضل أن تكون جهة التعيين هي نفسها التي ترعى لم أن تكون تابعة لإدارة تحكيم مؤسسي أو رئيس هيئة قضائية عليا التحكيم، والسلطة المخولة بذلك - ولضمان صحة العمل - بعد يستدعي شخصية قضائية مرموقة تحمل جنسية دولة ثالثة.

د - الإجراءات التحكيمية

وهذه تعود لمختلف مراحل التحكيم، من مرحلة تقديم  وحتى صدور القرار التحكيمي (AWARD)، وفيه:

 اتفاق التحكيم القواعد الأصولية ومواعيد المستندات - سماع الشهود - تعيين الخبراء واستماعهم، والإنابة في الحضور، وتنحي المحكمين وانقطاع سیر الإجراءات التحكيمية – إمكانية تسبيب أو تعليل القرار، وإمكانية الطعن في والأسباب التي تقف وراء ذلك، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالأصول الإجرائية للتحكيم، والتي لا يمكن حصرها بالنظر لتعدد وتنوع الأعمال التحكيمية. هـ - مسائل وعوائق القانون المطبّق "Law Applicable مبدئياً، وكقاعدة عامة، لا يختلف اتفاق التحكيم في هذا الأمر عن غيره من العقود ذات الطابع الدولي، إذ تخضع في تشريعات مختلف الدول لقاعدة سلطان الإرادة (۳) إذ يتبنى المشترع الوطني عادة خضوع العقود للقانون المتفق عليه من الأطراف المعنية، أو القانون الذي يتبين من الظروف اتجاه إرادتهم إلى تطبيقه، وإلا طبق اختلفا موطناً قانون الموطن المشترك للمتعاقدين فيما لو اتحد الموطن، فإذا يسري قانون محل إبرام العقد. ويؤخذ بعين الاعتبار هنا عن التشريع وموقفه من تحديد في وطنه أو في الخارج. القانون واجب التطبيق، عدم إلزام المحكم به سواء جلس للتحكيم

يعني تقيده بكلام أوضح إن جلوس المحكم في لبنان مثلاً لا بقواعد الإسناد المقررة في القانون اللبناني؛ لأن المحكم على خلاف القاضي ليس له قانون اختصاص...

فإذا جلس المحكم في الخارج فإنه لا يتقيد بقواعد الإسناد المقررة في القانون اللبناني، حتى ولو اتفق الأطراف على تطبيق القانون اللبناني، فهو لا يتقيد إلا بإرادة الأطراف، وبالتالي لا يتصور تطبيق المحكم قواعد الأسناد المقررة في القانون اللبناني إلا إذا اتفق الأطراف على ذلك. أما مجرد الاتفاق على تطبيق القانون اللبناني، فيعني القواعد الموضوعية في هذا القانون دون قواعد الإسناد.

إن الإرادة لم تزل قاعدة مستقرة في القانون الدولي الخاص ويقوم عليها أصلا نظام التحكيم عامة وليس اتفاق التحكيم فحسب. والقانون واجب التطبيق في مسألة صحة اتفاق التحكيم، وعند تخلف الإرادة يعتد بقانون مكان التحكيم

هذا ويراعى أن الفصل في هذه المسألة، يمكن أن يتولاها محكم، كما يمكن أن تثار لدى القاضي قبل فصل النزاع أو بعد صدور حكم التحكيم وعند المعارضة في تنفيذه أو لطلب إبطاله. والمعوّق هنا يبدو واضحاً؛ إذ قد لا يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق، أو قد يتفقوا على قانون معين لا يعالج المسائل المنوي طرحها بالتفصيل أو بالإجمال أو لا يتطرق إلى أمور لحظتها اتفاقية التحكيم نفسها، كما لو صار الإتفاق على تطبيق القانون الدانمركي مثلاً وهذا الأخير لا يلحظ مسائل حل المنازعات باللجوء إلى التحكيم الدولي... عندها . يصبح هذا اللجوء، لجوءاً إلى معوّق عن التوصل إلى حل للخلاف في أصوله وإجراءاته وكيفية تنفيذه، والحال أن الأطراف كانوا يسعون للسرعة والدقة في لجوئهم للتحكيم، فإذا هم أمام ما (اختاروا) بعجز واضح عما يطمحون. وهنا يطرح موضوع مدى ضرورة كتابة اتفاقية التحكيم، وهل تعتبر الكتابة شرط وجود أم أنها شرط إثبات فقط؟ تجدر الإشارة هنا، أن شكل الاتفاق يخضع لنفس القانون الذي يحكم الموضوع، إذ أن القاعدة السائدة في القانون الدولي الخاص هي خضوع العمل سواء كان عقداً أم واقعة قانونية لقانون المحل، بحيث يخضع لقانون محل إبرامه وتخضع الواقعة لقانون محل وقوعها... لكن التطورات اللاحقة على نشأة هذه القاعدة القديمة قد أخرجت العقود من نطاقها وفرّقت بين شكل العقد وموضوعه، فإذا كان موضوع العقد يخضع لقانون الإرادة (إراد أطراف النزاع)؛ فإن الشكل يخضع لقانون محل إبرامه.

و - عائق اتفاقية التحكيم من حيث كتابتها خطياً: من هنا وحؤولاً دون استحداث عائق تحكيمي» منذ البداي على الأطراف مراعاة هذا الشرط، ذلك أن معظم التشريعات الوطن تقول بضرورة كتابة اتفاق التحكيم، إذ يندر أن نجد تشريعاً وطنياً يشترط كتابة اتفاق التحكيم، فالقانون الهولندي مثلاً الرابع من قانون أصول التحكيم لهذه الناحية، إذ نصت المادة ٠٢١ منه على أن يجري إثبات اتفاق التحكيم بالكتابة، ويكفي في هذا  الشأن وثيقة مكتوبة تقرر اللجوء إلى التحكيم أو الإحالة إلى شروط عامة تقرر ذلك سواء قبلت هذه الوثيقة صرا راحة أو ضمناً . من الطرف الآخر أو بإسمه والقانون السويدي والدانماركي والألماني وذلك بالنسبة إلى العلاقة بين التجار، بينما تستلزم أي توجب الكتابة كثير من التشريعات كالتشريع الإسباني، والسويسري والكندي للإثبات. والبلجيكي والإيطالي والإنكليزي وغيرها، حيث الكتابة لازمة

والأمر عينه بالنسبة للدول العربية، ومنها تشريع دولة الإمارات العربية المتحدة الصادر عام ۱۹۹۲ ونظام التحكيم السعودي لعام ۱۹۸۳ والذي توجب المادة الخامسة منه إيداع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ويجب أن تكون الوثيقة موقعة من الخصوم أو من وكلائهم الرسمية المفوضين) . وقد وصل الأمر في بعض البلدان (كالجزائر ) إلى اعتبار القرار التحكيمي باطلاً إذا كان اتفاق التحكيم غير مكتوب خطياً. (المادة ٤٥٨ مكرر رقم ١ من قانون التحكيم الجزائري الصادر عام ١٩٩٣). والأمر عينه في مصر، وفقاً لنص المادة ۱۲ من قانون التحكيم المصري، على أن هذا التشريع نفسه وتخفيفاً من غلواء شرط الكتابة سهل إمكانية الكتابة التقليدية لاتفاقية التحكيم بإجازته، أن تكون هذه الإتفاقية معتبرة كذلك إذا تضمنتها محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنها ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الإتصال المكتوبة (كالبريد الإلكتروني عبر الإنترنت مثلاً).

أما على صعيد الإتفاقيات الدولية فإن اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨، أخذت موقفاً متشدداً، من حيث شكل اتفاق التحكيم، فاستلزمت كتابة اتفاق التحكيم كي تلتزم الدول الأعضاء بالاعتراف بهذا التحكيم وترتيب آثاره.. إلا أن هذا الأمر لم ترتب الإتفاقية على عدم مراعاته إعلان بطلان التحكيم من أساسه، تيسيراً للدخول في عملية التحكيم وإنهائها بسلام.

هذا الأمر ينعكس على مسألة مبدأ استقلال التحكيم، وهو مبدأ يبدو غير منطقي أمام ما يقال عن أن الجزء يتبع «الكل وإن ما بني على باطل فهو باطل».

وكان القضاء الإنكليزي قد رفض هذا المبدأ وتأثرت بذلك بعض الدول الأنجلوساكسونية مثل أوستراليا وكندا والهند والباكستان .

لكن القضاء المذكور تأثر بالاستقلالية التي بدأت تظهر في الدول الأخرى، فبدأ يجيز بقاء شرط التحكيم ولو فسخ العقد الأصلي أو انقضى أو بطل بطلاناً نسبياً أو نشأ نزاع حول تفسيره أو حصل إشكال ما حول إرادة أطراف العقد الأصلي. وحؤولاً دون هذا العائق المعطل لمجريات التحكيم بدأ يبرز القضاء الإتجاه إلى دعم شرط التحكيم على الصعيد الدولي الفرنسي، فأصدرت محكمة النقض الفرنسية حكما قديماً ميزت فيه بشأن شرط التحكيم بين التحكيم الداخلي أو المحلي والدولي مقررة عدم ضرورة توافر الشروط التي يتطلبها القانون الفرنسي، وذلك لصحة شرط التحكيم متى ورد في عقد متعلق بالتجارة الدولية؛ وقد كان النزاع في قضية تتعلق بخلاف مستورد فرنسي حول تنفيذ حكم تحكيمي صدر في إيطاليا لصالح مصدر إيطالي، وقد تمسك الفرنسي ببطلان عقد الإستيراد الذي اشتمل على بند التحكيم، كونه مخالف لقواعد الاستيراد المقررة في القانون الفرنسي، يستتبع بطلان شرط التحكيم الوارد في هذا العقد الباطل، فرفضت محكمة التمييز الفرنسية هذا الدفع، وقررت أن اتفاق التحكيم سواءً ورد مستقلاً أو مندمجاً في تصرف قانوني، له استقلال قانوني كامل، يستبعد تأثره بما قد يطرأ على التصرف من بطلان، وذلك فيما عدا أي ظرف استثنائي، وهذا ما أقرته كذلك عام في قضايا شركة (Impex) ثم شركة (Hechet)). وهو ما قضت به هيئة تحكيمية انعقدت في باريس عام في مركز غرفة التجارة الدولية، في نزاع بشأن عقد بين فرنسيين وشركة فرنسية ادعت بطلان اتفاق التحكيم نتيجة لبطلان عقد العمل الذي تضمن شروط التحكيم.

من جهتها، فإن اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ لم تتعرض لمبدأ استقلال شرط التحكيم والسبب أنها معاهدة للإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، وإذا كانت قد تعرّضت في مادتها الثانية لاتفاق التحكيم، وإلزام الدول المنضمة بالإعتراف به؛ ومنع محاكمتها من نظر المنازعات التي اتفق الأطراف على حلها بالتحكيم، فإنها لم تشر بأية إشارة إلى أن ذلك يمكن أن يتحقق في حالة بطلان الإتفاق الأصلي بين الأطراف المعنية. وبرأي البعض ، فإن المادة الثانية من اتفاقية نيويورك وإن لم تكن قد عرضت صراحة لمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم، ومختلف نتائجه القانونية إلا أنها أعطت له قوة لم تكن له من قبل. وذهب هذا البعض للقول كذلك، أن مبدأ استقلال شرط التحكيم من القواعد الموضوعية للقانون الدولي الخاص.

ز - عائق أهلية الدولة للتحكيم:

من حيث المبدأ، لقد أكدت اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ قاعدة إخضاع أهلية أطراف اتفاق التحكيم لقانونهم الشخصي وعبرت عن ذلك بالقول أن القانون الواجب التطبيق عليهم The law applicable to them حينما تطلبت اكتمال أهلية أطراف اتفاق التحكيم، وفقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من الإتفاقية؛ وإذا كان أحد أطراف اتفاق التحكيم دولة، أو مؤسسة عامة تابعة للدر فإن قانون هذه الدولة هو الذي يسري في شأن أهليتها للتعاقد أن الملفت هنا عدم تقيد بعض الدول بهذا المبدأ، إذ نرى ملائمته في المادة العامة بالقانون السويسري تعرض لهذه المسألة عدم جواز تمسك الدولة أو إحدى مؤسساتها للمنازعة في أهليتها للتحكيم أو في قابلية النزاع للحل بالتحكيم وهنا يبرز معوق هام على هذا الصعيد يتمثل بالسؤال الأثر هل يتأثر اتفاق التحكيم الذي عقدته الدولة أو إحد مؤسساتها العامة بما يطرأ على قانونها الوطني من تعديلات تقبيل أهليتها في هذا الشأن؟

لقد أثير النزاع حول هذا الأمر في قضية تحكيم تتعلق باتفاق هيئة الطاقة الذرية الإيرانية مع بعض الشركات الفرنسية على إنشاء مفاعل نووي، ثم لجأت هذه الشركات للتحكيم للمطالبة بمستحقاتها المقررة حسب الاتفاق فدفعت الهيئة الإيرانية ببطلال الاتفاق بالإستناد إلى عدة أسباب من بينها، أن الدستور الإيراني - بعد تعديله - أصبح يتطلب الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء عند لجوء المؤسسات العامة لطريق التحكيم، وهذا لم يتم لعدم تطلب الدستور الإيراني ذلك عند إبرام اتفاق التحكيم؛ كما استندت إلى عدم حصول رئيس هيئة الطاقة الذرية على إذن مسبق من مجلس المنظمة، فضلاً عن تفويض سلطته في التوقيع لمدير عام في المنظمة المذكورة، الأمر الذي يترتب عليه بطلان التعاقد.

ح - بعض المعوقات الإجرائية: يثار في هذا المجال مسألة رد المحكم وما يمكن أن ينتج عن من معوّق اختيار البديل إلى جانب تأخير العملية التحكيمية إن صوابية موقع المحكم – وهو موقع أشد حساسية من موقع قاضي الدولة - يتوقف على تمييزه بين كونه مختاراً من قبل أحد الطرفين وبين تكريس استقلاليته ونزاهته وحياده عن الطرف الذي عينه، إذ أن صفته كمحكم تحتم عليه الحرص على الفصل بين الموقعين لمصلحة الموقع الأول بالطبع، كي لا يصبح – شاء أم أبى - محامياً أو عسكرياً أو رجل أحد الطرفين؛ ليصار عندها إلى إبعاده عن التحكيم وهو أمر يعطل أو يعلق العمل التحكيمي ويؤخر في إجراءاته، ومن هنا - وحؤولا دون ذلك - وضعت بعض أنظمة المراكز التحكيمية حلاً للمسألة المذكورة، كما فعلت غرفة التجارة الدولية .L.C.C في باريس عندما نصت في نظامها التحكيمي (الفقرة المادة السابعة) بالإجازة للأطراف المتنازعة استعمال تمهم في ردّ المحكم وتوجب الفقرة الثامنة طلب الرد كتابة إلى الأمين العام للمحكمة التحكيمية في غرفة باريس، استناداً إلى انتفاء استقلالية المحكم؛ وذلك في مهلة ثلاثين يوماً التالية لإبلاغ الطلب بتعيين المحكم أو التالية لتاريخ علمه بالظروف والوقائع التي يقوم عليها الطلب إذا كان لاحقاً لإبلاغه وإلا رُفض الطلب، ويكون القرار في هذا الشأن نهائياً، مع إمكانية الطعن به وذلك وفقاً لقانون الدولة التي صدر فيها هذا القرار)، ولأهمية الرد مكانة واضحة فى القضاء (ومنه القضاء السويسري الذي اعتبر في القضية المذكورة في الهامش السابق). إن ردّ المحكمين يُعتبر متعلقاً بالنظام العام؛ كونه من المسائل الأساسية التي يقوم عليها نظام التقاضي في سويسرا.

إن دلالة هذا الحكم القضائي الفيدرالي السويسري تكمن في الأهمية الكبيرة التي يمكن أن يحظى بها قانون مكان التحكيم، فتطبيق أنظمة التحكيم، وفقا للمحكمة المذكورة، أمر ممكن شرط عدم تعارض ذلك التطبيق مع القواعد المتعلقة بالنظام العام في القانون السويسري.

وفي المعوقات الإجرائية يثار كذلك مبدأ احترام الوجاهية أمام اللجنة التحكيمية وهو من أهم المبادىء التي يجب أن المحكم عند تسييره للإجراءات التحكيمية كما يحصل الأمر عينه مع القاضي الرسمي، إذ لا يجوز سماع طرف إلا بمواجهة خصمه، بمعنى أن يكون هذا الخصم مبلغاً بما أدلى به خصمه كي يتمكن من اتخاذ موقف لمصلحته فيما يثيره.

وحتى لا يكون هذا المبدأ معوقاً للعملية التحكيمية يجب يتعارض مع الحرص على السرعة لحل المنازعة، إذ أن استمرارية الإجراءات يجب ألا تكون على حساب صحة الإجراءات وشرعيتها وانتظامها، ما يعني وجوب التوفيق بين مبدأ الوجاهية ومبدأ الاستمرارية...

ذلك أنه، إذا كان مبدأ الوجاهية يقضي حضور الأطراف أمام لجنة التحكيم، فيجب ألا يمكن طرف من الأطراف من إعاقة أو تأخير إجراءات التحكيم بالمماطلة أو بالتسويف أو بعدم المثول أمام المحكمين، فإذا أصرّ أحد الأطراف على عدم الحضور رغم دعوته أكثر من مرة، فيجب - برأينا - أن تستمر الإجراءات بغيابه باعتباره قد تنازل عن ضمانة هامة أعطاه إياها القانون أو حتى الإتفاقية.

التحكيمية أو نظام المؤسسة التحكيمية، علماً أن هذا المبدأ وضع عن التمسك به مسبقاً. لمصلحة الأطراف ولا يتعلق بالنظام العام ما يعني إمكانيتهم بالتنازل

وكمثال على ما تقدم، فقد وفقت الأنظمة الإجرائية للتحكيم التابعة للـ .I.C.C بين مبدأ الوجاهية ومبدأ الاستمرارية، عن طريق اشتراط سماع أقوال الأطراف في مواجهة بعضهم بعضاً، مع الإكتفاء بالتأكد من دعوة الأطراف إلى الحضور في حالة تخلفهم عن الحضور رغم عدم وجود عذر مقبول والاستمرار في الإجراءات التجارة الدولية في باريس) باعتبارها وجاهية (الفقرة الأولى من المادة ١٤ من نظام غرفة


 - مرحلة صدور الحكم التحكيمي والطعن به وتنفيذه

(الحكم التحكيمي المؤقت، والحكم التحكيمي النهائي) قد يتخذ المحكّم أثناء سير إجراءات التحكيم بعض القرارات التي تعالج بعض الأمور المتعلقة بالتحكيم وهي قرارات لا تحسم النزاع نهائياً بل تتعلق بأمور تمهيدية وأمور جزئية وما يُسمّى بالقرارات الإعدادية.

إن هذه المسألة يفصل فيها عن طريق الحسم المتتابع، أي بجزء من الموضوع المطروح بالنظر إلى الطبيعة المؤقتة لتلك المسألة المثارة وعلى هامش الموضوع الأساسي إلا أنه لا يمكن هذا الموضوع بدون حل ما طرأ على هامشه؛ فيبقى التحكيم حسم معلقا حتى حل المشكلة العارضة.

هذا المسلك يحتاج إلى الإيضاح، كونه يعتبر معوّقاً لسير العملية التحكيمية، كما قد يثير نوعاً من التوفيق بين الأطراف حول النقاط المتنازع فيها والتي تبقى معلقة.

مثل هذا الحكم يمكن أن يكون دائماً محلاً للطعن المباشر من حيث المبدأ وأمام المراجع القضائية الرسمية، ... ولكن في أي إطار يمكن للمحكم الإستمرار في إجراءات التحكيم بالنسبة لأوجه الطلب التي لم يتم الفصل فيها؟؟ وللإجابة عن هذا التساؤل، يجب المحكمين المطعون فيه خال تماماً من ما إذا كان حكم التمييز بين كل اختلاط  إن الفرض الأكثر بساطة أن هو حكم التحكيم خال من كل الحالة وهي التي يفصل فيها المحكم، على سبيل المثال، في بعض أوجه الطلب، ويحتفظ بالفصل فيما بعد بالأوجه الأخرى والتي تقتضي إجراء التحقيق.

إن الإجابة هنا بسيطة، إذ أن الطعن الذي يُمارس ضد أوجه الطلب التي تم الفصل فيها لا يحول دون استمرار الإجراءات التحكيمية حول الطلبات الأخرى المطروحة والتي بقيت معلقة، وسير الإجراءات بها لا يشكل في الواقع تنفيذ حكم المحكمين المطعون فيه، وعليه فإن الأثر الواقف المترتب أو المرتبط بالطعن ليس له أثر . على أن هذا الحل يمكن التسليم به إلا مع مراعاة ملاحظتين:

- الأولى، إنه من المفضل الاحتفاظ بالفرض الذي يكون فيه حكم المحكمين موضوع للطعن بالإبطال المؤسس على عدم وجود اتفاق التحكيم أو على عدم صحة تشكيل محكمة التحكيم، فلا شيء بدون شك يتعارض مع استمرار محكمة التحكيم في نظر أوجه الطلب التي لم يفصل فيها، لأنه لا يمكن القول بأن إجراءه نوع من تنفيذ الحكم السابق للمحكمين، إنما إذا كان الدفع جدي، فإنه يُخشى أن يكون السير في الإجراءات مضيعة للوقت وازدياد النفقات؛ كما يُخشى أن تثار مشكلة دقيقة عندما يكون الطلب الذي لم يفصل فيه بعد متوقفاً على تلك التي فصل فيها بمقتضى حكم المحكمين الجزئي أو المؤقت؛ وهذه الحالة على سبيل المثال، عندما يكون الحكم التحكيمي المؤقت المطعون فيه قد قضى بفسخ الإتفاق، فإن المحكمين ينظرون الفصل فيما بعد بناء على النتائج التي يستخرجونها، فهل بإمكانهم الاستمرار في إجراءات التحكيم في الأوجه المتبقية من المسألة المطروحة للفصل؟ الموقف هنا يجب أن يكون إيجابياً، لأنه لا يمكن القول بأن يعني بوضوح اتباع هذه الإيجابية يمكن للمحكمين تنفيذ الحكم السابق، وهذا أن المشكلة ليس لها موضع بالمعنى الدقيق على صعيد القوة التنفيذية التي يمكن أن تكون معلقة على ممارسة الطعن، كما لا ينبغي إلغاء أو إبطال حكم المحكمين لأنه يُخشى أن يؤدي إلى إبطال الإجراءات اللاحقة وحكم المحكمين الذي يصدر في أعقابها.

الملاحظة الثانية؛ أنه في غالب الأوقات، إن أحكام المحكمين التي تفصل جزئياً في الموضوع تعد أحكام محكمين مختلطة "mixed Sentencies" والمثال التقليدي هو الحكم

ج - الحكم الفرعي الذي يفصل بمسألة إجرائية أخرى، ومن ذلك الحكم الصاد الخصومة التحكيم.

التحكيمي القاضي بمسؤولية المدعي مثلاً أو تعيين خبير فني الأطراف؛ وطبقاً للقيام   بالإجراءات فإن في مثل هذه الحالة يمكن الطعن بالم بالبطلان بالنسبة للشكل مثلاً ، ولأجل ذلك فإن المشكلة تثار ونظر المسألة التالية: هل يمكن للهيئة التحكيمية أن تستمر في الإجراء بالنسبة لما تبقى من الطلب الذي لم يفصل بأوجهه بعد؟ في مثل هذه الحالة فإن وقف إجراءات التحكيم من فم المتصور تجنبها فمن ناحية إن الخبرة المجراة لا يمكن أن نظر إجراءاتها، طالما أن الطعن لم يفصل فيه كنتيجة الأثر الواقم المترتب على الطعن ؛

ومن جهة أخرى إن إجراءات التحكيم هي في حد ذاتي ستثقف تلقائياً لسبب أنها تتوقف على كل من نتائج الخبرة والقران الصادر في الموضوع والمتجسد في الحكم التحكيمي المطعون في وعليه فإن إجراءات التحكيم التي تظل قائمة تشكل تنفيذا لله موقع الأثر الواقف للطعن. المقرر بواسطة هذا الحكم المحال إلى المحكم، ويصبح عندها في وكل ما تقدم يشكل بالواقع معوقاً لسير العملية التحكيمية. ويمكن القول أن المشترع لم يفكر في هذه المشكلة، فضلا عن ذلك، فإنه يوجد محلاً للتفكير لاحتواء هذه المعوقات في منظمة أو مقررة لحلول متفاوتة، فالمشترع لا يمكن أن يكون لديه طموح في الإجابة فوراً على التفاوت اللانهائي للمشاكل التي يثيرها الممارسين.

وهنا يثار سؤال هام:

إنه في غفلة أو سكوت النصوص المتعلقة بإجراءات التحكيم في عدد من النقاط، فأي مبادىء يمكن الإستناد إليها الفكرة السائدة في هذا المجال هي الإستناد على إرادة الخصوم نظراً لأن العدالة التحكيمية هي أساساً عدالة اتفاقية، ومن الأخذ بعين الإعتبار بعض التوجهات في بعض قوانين أصول المحاكمات التحكيمية، نرى أن الأطراف يمكنهم بكل بساطة أن يقرروا استمرار الإجراءات بدون أن يكونوا ملتزمين ، ومطابقتها بالقواعد التي تجري عليها المحاكم الرسمية. ومن الواجب هنا البحث عما يقصد

الأطراف من وقف الإجراءات.... وفي الحقيقة، فإن هذا المبدأ لا يحل المشكلة أمام الصعوبات الإجرائية الملموسة، فإذا لم يتفق الفرقاء على شيء أو اتفقوا على بعض شيء وإذا لم يضع منذ البداية قواعد إجرائية محددة فليس من سبيل سوى الاستناد عند الضرورة إلى تشريع وطني لحسم هذه المشاكل المعترضة لعملية المحكم الصادر بحجية الشيء المقضي به أو بأهلية المتقاضين، إذ مثل هذه الأحكام لا تضع حداً التحكيم، أخذين بالاعتبار خصوصية «عالم التحكيم»، الرقابة على الحكم التحكيمي قبل صدوره بشكل نهائي: معوق آخر يثار أمام صدور الحكم التحكيمي بشكله النهائي وفي مرحلة ما قبل طلب تنفيذه أمام المراجع القضائية الرسمية المختصة؛ وهي مرحلة فحص حكم المحكمين بواسطة الهيئة التحكيمية المشرفة على العملية التحكيمية، وبعد ذلك أحد مظاهر تدخل الهيئات المنظمة للتحكيم في الخصومة المطروحة)، والرقابة هنا تبدو مستهجنة وغير مبررة لأنها موجهة في نتيجتها إلى قرار المحكمين بكلام ،أوضح فإن هيئة التحكيم لا يقتصر نشاطها على تنظيم التحكيم، وإنما تمد رقابتها على نتائج هذه الإجراءات، ألا وهو حكم المحكمين نفسه.

إن الرقابة المسبقة على حكم المحكمين يعهد بها في جميع الحالات إلى هيئة دائمة مشكلة من أعضاء معينين بواسطة هيئة التحكيم وبصفة عامة، يقع على كامل هذه «الهيئة عبء إدارة التحكيم ولكن واقع الحال أن يكون دورها الوحيد هو رقابة مضمون أحكام المحكمين الصادرة في داخل الغرفة أو المركز». وإعادة فحص القضية في ثاني درجة يعهد به أيضاً إلى هيئة منبثقة من مركز التحكيم أو غرفة التحكيم، إنما تبعاً لنماذج مختلفة، وهنا لا يكون الخصوم أحراراً في اختيار المحكمين الذين يقومون بإعادة فحص القضية المتنازع حولها، وكل ما يملكونه (وفقاً لنص المادة ١٠٤٥٥ من قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسي) أنه يمكنهم طلب استبدال أحد هؤلاء المحكمين المعينين.

يجمع هذين الإجراءين قاسم مشترك، وهو توقع مشروع حكم المحكمين في المرحلة الأولى؛ وهذا المشروع هو الذي يخضع للرقابة المسبقة للهيئة المشرفة على التحكيم، ولا يتحول حكماً تحكيمياً إلا إذا صدقت عليه وأقرته الهيئة المذكورة المكلفة بالرقابة.

وبالرغم من هذا التشابه بين كل من الرقابة السابقة، وإعادة فحص القضية بدرجة ثانية يظهر بعض الفوارق، فعلي حين أن الرقابة السابقة لحكم المحكمين تعد التزاماً أو شرطاً ضرورياً الإصدار حكم المحكمين، فإن فحص المحكم في درجة ثانية رخصة مخوّلة للخصوم، ولكن هذه الرخصة لا تفترض لإعمالها اتفاق الخصوم، فيكفي أن أحد الأطراف يقدم على إعمال هذه الرخصة حتى تصير حقا، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن كل من الإجراءين يتم إعمالهما في أوقات مختلفة لسير العملية التحكيمية ، فالرقابة المسبقة تتم قبل النطق بحكم المحكمين وإعلانه للخصوم، فهي عنصر مداولة بالحكم التحكيمي؛ أما إعادة فحص النزاع، فيتم على العكس ،طلبه، بعد توقيع مشروع الحكم وإعلانه إلى أطرافه، مع الإشارة إلى أن الغاية من الإجرائين مختلفة، فالرقابة السابقة على مشروع حكم المحكمين القصد منها ضمان صحة قرار المحكمين، وضمان فعاليته القانونية بتنقيته - إذا لزم الأمر - من العيوب التي تشوب عدم صحته تلك.

بالرغم من الإيجابية الظاهرة لكل من هذين الإجرائين المذكورين يبقى التساؤل مطروحاً حول مدى جديتها أو اعتبارها معوّقاً للتحكيم : فمن ناحية، إن تكييفهما مثير للجدل، إذ أحياناً تم تكييفهما بأنهما طرق طعن داخلية في هيئة التحكيم المختارة من الطرفين المتنازعين، وقد قضت محكمة زوريخ السويسرية بأن الرقابة المسبقة على مضمون حكم المحكمين يجب التسليم بها، أي قبولها بنفس قدر إمكانية الطعن بالإستئناف أمام هيئة التحكيم المراقبة؛ علماً أن الغالبية من التحليلات تفرّق بين الآليتين أو صورتي الرقابة، إذ ان الرقابة المسبقة لحكم المحكمين تعد نوعاً من الرقابة الإدارية تتم من قبل هيئة التحكيم في إطار مهمتها التعاقدية في إدارة التحكيم، في حين أن إعادة فحص النزاع في الدرجة الثانية يعتبر طريق طعن داخلي (الغرفة التحكيم). ومن ناحية أخرى نازع بعض الفقه «مشروعية» هذه الرقابة المسبقة، وعارض هذا الإجراء كما هو منصوص عليه في نظام غرفة باريس، حتى أن البعض قال بانعدام حكم المحكمين الصادر وفقاً لهذه الشروط الرقابية، لأن ذلك يخالف النظام العام الدولي؛ وذهب بعض أحكام القضاء المقارن إلى نفس هذا المعنى.

والآن، ماذا عن معوقات الطعن بالبطلان؟! قد يتراءى للبعض بأن الطعن الموجه إلى القرار التحكيمي النهائي والصادر عن الهيئة التحكيمية المُراقبة أمر جيد لزيادة حسن الرقابة على هذا القرار لأسباب متعددة، إلا أن الممارسة العملية لعملية الطعن هذه قد تستخدم - أو أنها تستخدم فعلاً – كمعوّق للتحكيم التجاري الدولي لا بل إضعافه والخروج بالتالي عن الغايات التي وضعت له كبديل عن اللجوء إلى القضاء الرسمي، ولعل ذلك يبرز واضحاً خلال أسباب الطعن المكرسة في من القوانين الوطنية أو المتفق عليها في اتفاقية نيويورك لتنفيذ الأحكام التحكيمية والصادرة عام ١٩٥٨ .

إن هذا يقودنا بداية إلى استعراض أوجه الطعن بالبطلان، ذلك أن التشريعات تختلف في بيان أوجه هذا الطعن، ففي بعض التشريعات كالتشريع البريطاني مثلاً، لا يحدد أسباباً محددة لذلك، وقد تأثرت بعض التشريعات العربية جزئياً بهذا المفهوم ولا سيما قانون أصول المحاكمات المدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وذلك في حالة التحكيم الذي يتم خارج المحكمة ) وهذه النظم تعطي القاضي الرسمي سلطة تقديرية واسعة، ويكون البطلان مبنياً على اعتبارات شخصية مستمدة من السلوك الخاطىء للمحكم وربما من جانب الخصوم، ولا سيما إذا كان هناك مخالفة للقانون:

Where arbitrator has misconducted himself or the proceedings where the arbitrator was guilty of any misbehaviour.

ويفسر البعض هذه الظاهرة، بالروح الخاصة للنظام الإنجليزي، ومضمونها أن نزاهة النظام القانوني لا تتشكل فقط بمعايير قانونية وموضوعية، وإجراءات معدة مسبقاً بواسطة القاضي ولكن من باب أولى النزاهة الشخصية لهؤلاء القيمين على إدارة العدالة.

ولكن في أنظمة أخرى ربطت بين أسس النظام القانوني ورقابة نزاهة المحكم كما عدّدت حالات البطلان وهي مشابهة إلى حد كبير من حيث مضمون الحلول التي تنتهي إليها وهي إلى حد كبير أيضاً منسجمة ما مع ورد في المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك الصادرة عام ١٩٥٨ ونكتفي هنا بما ورد في المادة ١٤٨٤ من قانون أصول المحاكمات الفرنسي الجديد والتي أوردت الحالات الآيلة بالحكم التحكيمي النهائي إلى احتمال البطلان وهذه الحالات هي:

١ - إذا فصل المحكم النزاع من دون اتفاق تحكيمي مسبق أو بناء على اتفاق باطل أو موضوع نقض.

۲ - إذا صدر من هيئة تحكيمية مشكلة تشكيلاً غير صحيح أو من محكم واحد لم يعين بطريقة صحيحة. 

3- إذا تجاوز المحكم حدود المهمة الموكلة إليه والمنصوص عنها بصراحة ووضوح في اتفاقية التحكيم المسبقة.

4- إذا لم تحترم مبادىء الوجاهية في إجراءات التحكيم. المنصوص عليها في المادة ١٤٨

ه - في كل حالات البطلان المنصوص . وهي إذا كان الحكم التحكيمي غير معلل وجاء خلواً من الاسماء المحكمين ومن تاريخ الحكم وإذا صدر من دون توقيع جميع المحكمين.

1 - إذا خالف الحكم التحكيمي قاعدة من قواعد النظام العام 

وإذا ربطنا هذه الأسباب الواردة في القانون الفرنسي عن قوانين أخرى مشابهة له وطبيعة التحكيم نجد أن الكثير من ه الأسباب ترتبط في الأساس الاتفاقي للتحكيم وبعضها الآخر. أسباب البطلان يعود إلى الطبيعة القضائية لحكم المحكمين المراجع أشبعتها درساً وتعليلاً وتعليقاً ويكفي الرجوع إليها. ولا نرى ضرورة لعرض تفاصيل هذه الأسباب إذ أن الكثير

 م - مدى إنسجام نظرية البطلان مع اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي؟!

في ختام هذا العرض لا بد من أن يطرح السؤال حول مدي انسجام نظرية البطلان بكل المعطيات التي سبق العرض لها من اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي؟ سيما وأن غاية هذا اللجوء كما بات معروفاً - التعجيل في مسألة حل النزاع حول منازع تجارية لا تحتمل التأخير بين تجار هاجسهم الوحيد تدوير رؤوس أموالهم واستثمارها، ومن بينها بالطبع ما ينتج عن العملية التحكيمي من مردود تجاري نقدي أو أرزاق مختلفة يحكم بها لأحد الطرفين ومن المعروف - قانوناً - أن دعوى البطلان تقام أما المحكمة الابتدائية المختصة أصلاً بنظر النزاع الذي كان موضوع يسقط الحق في إقامتها إلا للتحكيم ويترتب على ذلك أنه ليس لها ميعاد معين تُرفع فيه، فلا التقادم الطويل، ويسقط الحق في رفع دعوى البطلان بنشوء الحق فيه بالتنازل عن البطلان صراحة أو ضمناً كما لو أقدم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم التحكيمي باختياره مباشرة، وهو خيار لا يتعلق بالنظام العام بحيث لا يحق للمحكمة الابتدائية المطلوب منها التنفيذ إثارته عفواً. وهنا يطرح السؤال المكمّل للسؤال السابق حول مدى سلطة محكمة البداية في الفصل بأساس موضوع النزاع في حالة بطلان حكم المحكمين؟

لقد حسم القانون الفرنسي الجواب بالإيجاب وبنص واضح في المادة ١٤٨٥ من قانون أصول المحاكمات الجديد، وهو يرمي إلى الإسراع بالإجراءات في حالة إبطال الحكم التحكيمي، بإعفاء الأطراف من العودة مرة ثانية أمام هيئة تحكيمية جديدة مع كل لاجراءات المؤخرة بالضرورة للحكم الجديد، ومثل هذا النص كان ولا يزال محل جدال بين الفقهاء بصورة عامة، فالبعض يأسف على أن تكون محكمة الاستئناف ملزمة أحياناً بالفصل في الموضوع في ظروف تتطلب سرعة فائقة وحول منازعات لم يعرض مثلها أمامها .

في حين أن نفس المحكمة بهيئة أخرى اعتبرت أن الإدعاء صحة شرط التحكيم لا يشكل عقبة تحول دون التصدي بعدم وفقاً لنص المادة ١٤٨٥ فرنسي، أياً كان للموضوع سبب الإبطال وأنه يجب عليها التدخل لإعمال هذه المادة، وأن تفصل في الموضوع وفي حدود مهمة المحكم.

الأنسب برأينا يمكن أن يكون في تكريس الاستقلال للتحكيم القضائي وبالتالي إعفاء محكمة الاستئناف من القواعد المقررة في المحاكم العادية، ويتم ذلك بإخضاع الدعوى لمجموعة المبادىء المنصوص عنها مثلاً في المادة ١٤٦٠ أصول محاكمات جديد) فرنسي واجبة التطبيق على خصومة التحكيم، الأمر الذي يكفل الإحترام للإرادة المبدئية للخصوم، وبإخضاع النزاع لإجراءات التحكيم وليس للإجراءات القضائية، وكل ذلك لتجنّب البطء الموجود أمام هيئة تحكيم جديدة.

تجاه هذه الصعوبات، إن الآراء تبدو متجهة ضد بلورة النزاع الذي ينتج من الأخذ بالاعتبار اتفاق التحكيم، ما يعني أنه يتوجب الإنتباه إلى تطور النزاع منذ أن يعهد بالمهمة للمحكم، ما يعني أيضاً أن محكمة الإستئناف (أي المحكمة المختصة) عليها أن تفصل في تم مناقشته أمام المحكم، وبصورة عامة أيضاً، يمكن لمحكمة الاستئناف الفصل في الطلبات والدفوع المطروحة أمامها بواسطة الخصوم، وبالسرعة الممكنة.

وما نقترحه هنا هو إمكانية الحدّ من حالة الطعن بالبطلان المبني على تجاوز المحكّم حدود مهمته؛ إذ يخشى أن يؤدي استخدامه إلى أن يجاوز القضاء الرسمي حدود سلطته ويعيد النظر في موضوع الحكم التحكيمي في أساسه كما ويراقب مدى احترام المحكم للقانون بالمعنى الحصري والضيق.

وهو أمر كانت قد تنبهت له محكمة استئناف باريس بقولها: إن جحود إرادة الأطراف ليس وجهاً للطعن لمن يريد الإحتجاج به لأن عدم احترام المحكمين للإشتراطات الإجرائية لا تحرمه من إمكانية التمسك بحقوقه ومن إخباره بأوجه دفاع الخصم وهذا ما هناك ما يمنع كذلك محكمة التمييز الفرنسية حيث قضت بأنه ليس المحكمين من أن يطبقوا على الدفع بالبطلان المثار القاعدة الواردة في المادة ١١٤ أصول مدنية فرنسي) والتي تنص الضرر الناجم عن عدم المشروعية . على أن البطلان لا يمكن النطق به إلا بعد تكليف الخصم بإثبات

- هذا بالمطلق، فماذا عن الأسباب الرئيسية التي تعرض القرار التحكيمي للبطلان أمام المحاكم الوطنية؟ وهل بالإمكان إزالة أو التخفيف من وطأة هذه الاسباب لتمرير العملية التحكيمية التي نظمها وقبل بها المشترع الوطني بالذات؟!

لن يكون سهلاً الدخول في تفاصيل كل الأسباب وكذلك في طرح محاولات جريئة تقرّب العمل التحكيمي من السلطة القضائية، كما لن يكون سهلاً إقناع الحكومات المعنية» بما نحاول أن نقرأه أو نشرحه في ضوء معطيات أصبحت بديهية لا بل تشكل الأمر الواقع الذي لا يمكن إنكاره والذي أصبح قائماً بوضوح علي ظاهرة دولية كاسحة ألا وهي ظاهرة العولمة، والتي أخذت وتبعاً لعناصر تكوينها الإقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي في الدخول ببساطة وبمنطق علمي هام عالم صياغة العمل التشريعي وبالطبع التأثير في القرارات القضائية الرسمية وبوضوح أكثر في تنامي وتعاظم أهمية القرارات التحكيمية الدولية في المجال التجاري!

خاتمة

لا يوجد - برأينا - أية شكوك حول الإنقسام الحاد، بين من يناصر تسهيل وتشجيع العمل التحكيمي وعدم عرقلته في مبدئه وإجراءاته وأحكامه، ومن يتشدد في ذلك، وللفريقين أسبابه وتعليلاته ولا نجد مبرراً لتكرار ما قلناه وقاله البعض قبلنا حول ذلك.

ولعله من المفيد لا بل من المنطقي أن نذهب مذهباً وسطاً بحيث لا نرى مبرراً لتعقيد عمل الهيئات التحكيمية بحجج تتمحور في معظمها حول مبدأ سلطان وسيادة القضاء في الدولة المعنية تجاه صلاحيات أعطاها القانون الوطني بالذات من خلال مواد قانون تجارة أو حتى بتشريع خاص للأعمال التحكيمية واعتراف واضح بأحكام المحكّمين بحيث أن جلب الشاهد مثلاً (بالنسبة إلينا) أمام هيئة تحكيم وعن طريق الجهات الرسمية المختصة، لا يعني انتقاصاً من هيبة السلطة القضائية؛ إذ أن خطوة كهذه تفعل عمل المحكم وتعجل بإنهاء العمل التحكيمي؛ وإلا نكون قد وصلنا إلى ما يناقض مبور وجود التحكيم سواء من الناحية العملية أم التشريعية... وإذا أردنا إيضاح وجهة نظرنا، فإن منطلقها هو في تحديد سلطات المحكم. 

ذلك أن تلك السلطات لا تخرج عن كونها تتعاطى في إجراءات التحكيم.

- سير اجراءات التحكيم

- سلطة الإثبات وتقدير الأدلة والقرائن موضوع النزاع. 

- اختيار القانون واجب التطبيق.

- بالنسبة إلى إجراءات التحكيم يجب أن تتوافر للمحكم السلطات الكافية للبدء بالإجراءات التمهيدية في كل المجالات غير المخالفة للقانون أو للنظام العام والآداب العامة، إضافة بالطبع إلى إدارة الجلسات وتحديد المواعيد وسبلها ووسائلها ومضاعفاتها. مع إعطائه الإمكانية المعقولة لاتخاذ تدابير مؤقتة وإجراءات تحفظية وبالتعاون - أحياناً . مع السلطات القضائية المختصة. - وبالنسبة إلى سلطة المحكم في مجال الإثبات، يجب منحه الإمكانية للإطلاع على مختلف القيود والوثائق والمستندات في أصلها أو بنسخ عنها، مع سماع الشهود وما يترتب من جزاءات على عدم حضورهم مثلاً المادة ۱/۷۷۹) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني كذلك الاستعانة بالخبراء دون التقيد بجدولهم الرسمي.

- أما بالنسبة إلى سلطة المحكّم في اختيار القانون واجب التطبيق، فيجب التفريق بين حالة القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم وذلك الواجب التطبيق على موضوع النزاع. ففي الحالة الأولى، يجب مراعاة الطابع الإتفاقي للمحكمين، بالنظر إلى القواعد التي تحكم سير المنازعة في تحكيم الحالات الخاصة. وللمحكم هنا سلطته في اختيار أو إكمال القواعد الإجرائية لسير المنازعة بما يتناسب مع إنهائها.

وفي الحالة الثانية؛ يجب مراعاة الطابع الإتفاقي للمحكمين في تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع ومنح المحكم السلطة الإستنسابية الأوسع في ذلك بالنظر لمعرفته بخبايا النزاع، خاصة إذا لم يتم اتفاق الأطراف على القانون أو أنه تم في ضوء قانون غير ملائم وغير منتج لحل النزاع، ولا شيء يمنع أن يتم هذا الإختيار

في ظل نصوص الإتفاقيات الدولية وقواعد التحكيم الدولي... من كل ما صار عرضه يلاحظ أن معظم قوانين واتفاقيات منح المحكم التحكيم سواء الوطنية أو المؤسساتية أو الدولية تكاد تجمع على سلطات معينة وواسعة في بعض الأحيان، وتوجب عليه التزامات وتقيده بإجراءات مشابهة وموحدة وإن كانت تختلف في صياغة أحكامها، وهذا التقارب بين أنظمة التحكيم المختلفة يدل دلالة واضحة على مدى أهمية التحكيم في عالمنا المعاصر مما بأن يوحي ن توحيد تلك القواعد بات قريبا وخاصة في ظل إجراء العولمة التي أخذت تتطور تطوراً واضحاً نحو مثل هذا التوحيد وسواء كان الوصول إليه عفواً أو إلزامياً....