الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أثار حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 4 / التحكيم في قضاء المحكمة الدستورية العليا.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 4
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    528

التفاصيل طباعة نسخ

قضية رقم 84 لسنة 19 قضائية المحكمة الدستورية العليا" دستورية 6 نوفمبر سنة 1999 النص المطعون فيه: نص المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 والتي تنص على أن: 1 - يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبينا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يومـا مـن تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتتح المحكم المطلوب رده فصلت هيئة التحكيم في الطلب. 2- ولا يقبل الرد ممن سبق له تقديم طلب المحكم نفسه في ذات التحكيم، 3- لطالب الرد أن يطعن في الحكم برفض طلبه خلال ثلاثين يومـاً مـن تـاريخ إعلانه به أمام المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، ويكون حكمها غير قابل للطعن بأي طريق. 4- لا يترتب على تقديم طلب الرد أو على الطعن في حكم التحكيم الـصـادر برفضه وقف إجراءات التحكيم. وإذا حكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم أو من المحكمة عند نظر الطعن، ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلـك حـكـم المحكمين، كأن لم يكن".

 

المبادئ المستقاة:

 

- رضائية التحكيم - الرد وثيق الصلة بحق التقاضي

 

- ينافي قيم العدل ومبادئه وينتهك الحيدة أن يكون لهيئة التحكيم الفصل فـي طـلـب ردهـا

 

بالمخالفة لأحكام المواد 40 و65 و67 و 68 و69) من الدستور.

 

1 - الأصل في التحكيم - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة هو عرض نزاع معـين بين طرفين علي محكم من الأعيار يعين باختيارهما أو بتقويض منهما أو على ضوء شروط يحدداتها، ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائبا عن شبهة الممالأة، مجـرد مـن التحامل، وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلي كـل منهــا بوجهة نظره تفصيلياً من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية. ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجبارياً يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذاً لقاعدة قانونية أمرة لا يجوز الاتفاق على خلافهـا، وذلـك سواء كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً أو محتملاً، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق، إذ يحـدد طرفاه- وفقا لأحكامه- نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما، أو المسائل الخلافية التي يمكـن أن تعرض لهما، وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون عند البت فيها وهما يستمدان من اتفاقهما على التحكيم، التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه، وتنفيذه تنفيذاً كاملاً وفقاً لفحواه، ليؤول التحكيم إلى وسيلة فنية لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطانهم، ولا يتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة، وبهذه المثابة فإن التحكيم يعتبر نظاما بديلا عن القضاء، فلا يجتمعان، ذلك أن مقتضاء عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي انصب عليها استثناء من أصل خضوعها لولايتها.

 

2- إن المادة 18 من قانون التحكيم المشار إليه قد عنيت ببيان أسباب رد المحكم فنصت في فقرتها الأولى على أنه "لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكا جدية حول حيدته أو استقلاله" وكان ذلك توكيدا على أن ضمانة الحيدة في خصومة رد المحكم هي من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عنها بالنسبة إلى كل عمل قضائي، ليغدو الحق في رد المحكـم

 

قرين الحق في رد القاضي. 3- ضمانة الفصل إنصافا في المنازعات على اختلافها وفق نص المادة 67 من الدستور، تمتد بالضرورة إلى كل خصومة قضائية، أيا كانت طبيعة موضوعها جنائيا كـان أو مدنيا أو تأديبيا إذ أن التحقيق في هذه الخصومات وحسمها إنما يتعين إسناده إلى جهـة قضاء أو هيئـة قضائية منحها القانون اختصاص الفصل فيها بعد أن كفل استقلالها وحيدتها وأحاط الحكم الصادر فيها بضمانات التقاضي التي يندرج تحتها حق كل خصم في عرض دعواه وطرح أدلتها، والـرد على ما يعارضها على ضوء فرص يتكافؤ أطرافها، ليكون تشكيلها وقواعد تنظيمها وطبيعة النظم المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها عملاء محدداً للعدالة مفهوما تقـدميا يلتــم مـع المقاييس

 

المعاصرة للدول المتحضرة.

 

4- إن الحق في رد قاض بعينه عن نظر نزاع محدد وثيق الصلة بحق التقاضي المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور ذلك أن مؤداه أن لكل خصومة- في نهاية مطافيا- حلا منصفا يمثل الترضية القضائية التي يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بـهـا، وتفترض هذه الترضية أن يكون مضمونها موافقا لأحكام الدستور، وهي لا تكون كذلك إذا كان تقريرها عائـداً إلى جهة أو هيئة تفتقر إلى استقلالها أو حيدتها أو هما معاً، ذلك أن هاتين الـضمانتين- وقد فرضهما الدستور على ما تقدم - تعتبران قيدا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال

 

تنظيم الحقوق، ومن ثم يلحق البطلان كل تنظيم تشريعي للخصومة القضائية على خلافهما. 5- إن ضمان الدستور - بنص مادته التاسعة والستين- لحق الدفاع، قد تقرر باعتباره احد الأركان الجوهرية لسيادة القانون، كافلا للخصومة القضائية عدالتها، وبمـا يصون قيمهـا، ويندرج تحتها ألا يكون الفصل فيها بعيداً عن أدلتها، أو نابذا الحق في إجهاضها مـن خـلال مقابلتها بما يهدمها من الأوراق وأقوال الشهود؛ فلا يكون بنيان الخصومة متحيفا حقوق أحـد من الخصوم؛ بل مكافنا بين فرصهم في مجال إثباتها أو نفيها؛ استظهارا لحقائقهـا، واتـصـالا بكل عناصرها.

 

6- إن البين من نص البند (1) من المادة 19- المطعون على عجزه- أنه قضى بأنه إذا لم يتنج المحكم المطلوب رده فصلت هيئة التحكيم في الطلب، فدلت بذلك على أنها ناطت الفصل في خصومة رد المحكم، بهذا المحكم نفسه طالما أنه لم يتنح وظل متمسكا بنظر النزاع الأصلي، إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة منه وحده، أما إذا كانت تلك الهيئة مشكلة من أكثر من محكـم وكـان طلب الرد يتناول بعضهم أو يشملهم جميعا اختصوا بالفصل في هذا الطلب. وقد كشفت الأعمـال التحضيرية لنص البند المطعون عليه، عن أن المشرع قد اعتبر حكمه يظـاهر استقلال هيئـة التحكيم باعتباره من المبادئ الأصولية التي تقوم عليها الأنظمة المتقدمة في التحكيم. وحيـث إن استقلال هيئة التحكيم فيما يصدر عنها من أعمال قضائية ليس استقلالاً دائراً في فراغ، بل يتحدد مضمونه- في نطاق الطعن الراهن - بمفهوم استقلال السلطة القضائية باعتبارها المنوط بها أصلا

 

مهمة القضاء.... 7- جرى قضاء هذه المحكمة على أن استقلال السلطة القضائية وحيدتها ضمانتان تنصبان معاً على إدارة العدالة بما يكفل فعاليتها، وهما بذلك متلازمتان، وإذا جاز القول - وهو صحيح بان الخصومة القضائية لا يستقيم الفصل فيها حقا وعدلا إذا خالطتها عوامل تؤثر في موضوعية القرار الصادر بشأنها، فقد صار أمراً مقضياً أن تتعادل ضمانتا استقلال السلطة القضائية وحيدتها في مجال اتصالها بالفصل في الحقوق انتصافاً لتكون لهما معا القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلـو إحداهما على الأخرى أو تجبها بل تتضاممان تكاملا وتتكافأن قدراً.

 

8 من المقرر أن مبدأ خضوع الدولة للقانون" محدداً على ضوء مفهوم ديمقراطي - مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق والضمانات التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية، مفترضـاً أوليا لقيام الدولة القانونية، وكان لا يجوز أن يكون العمل القضائي موطناً لشبهة تداخل تجـرده وتثير ظلالاً قائمة حول حيدته، فلا يطمئن إليه متقاضون استرابوا فيه بعد أن صار نائيـا عـن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية، وكان النص الطعين، قد خول هيئة التحكيم الفصل في طلب ردها لتقول كلمتها في شأن يتعلق بذاتها وينصب على حيادها، وكان ذلك مما ينافي قيم العدل ومبادئـه وينقض مبدأ خضوع الدولة للقانون وينتهك ضمانة الحيدة التي يقتضيها العمل القضائي بالنسبة إلى فريق من المتقاضين، بينما هي مكفولة لغيرهم، فإنه بذلك يكون قد خالف أحكام المواد 40 و 65 و 67 و 68 و 69) من الدستور.

 

9- ان الرقابة القضائية على دستورية التشريع التي تباشرها هذه المحكمة- علـى مـا

 

جری به قضاؤها - مناطها تعارض النصوص القانونية المطعون عليها، مـع الأحكـام التـي

 

تضمنها الدستور، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التـي تقرهـا الـسلطة

 

التشريعية أو تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها

 

التي ناطها الدستور بها، ومن ثم تمتد تلك الرقابة إلى النص المطعون فيـه بعـد أن أقرتـه السلطة التشريعية ولو كان قد استعار قواعده أو بعضها مـن القـانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي. 10 - لا ينال من ذلك أيضاً أن يكون المشرع قد جعل التقاضي في خصومة رد المحكم على درجتين، ذلك أن الحقوق والضمانات التي كفلتها النصوص الدستورية السالف الإشارة إليها تعتبر حجر الزاوية والركن الركين في النظام القضائي ومن ثم يقع الإخلال بها فـي حمـاة المخالفـة

 

الدستورية ولو اقتصر على إحدى الدرجتين. منطوق الحكم: حكمت المحكمة بعدم دستورية العبارة الواردة بالبند (1) من المادة 19 مـن قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، والتـي تـنص على أن فصلت هيئة التحكيم في الطلب"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابـل

 

أتعاب المحاماة.

 

- قضية رقم 114 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا" دستورية 2 نوفمبر سنة 2003 المادة 19 (لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات خصومة التحكيم) - التحكيم وسيلة فنية لها طبيعة قضائية ترتكز على الاتفاق وهو عمل اختياري حر ويقـوم الوقف بالنسبة للتقاضي طبقا للقواعد العامة في أن التحكيم أسلوب أختياري وليس إجباري، ومن ناحية ثانية فأن مقتضيات السرعة في الفصل في قضايا التحكيم والمصلحة العامة والثقة الواجـة

 

النص المطعون فيه: مادة 19 "(3) لا يترتب على تقديـم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حكـم بـرد المحكـم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم

 

يكن."

 

المبادئ المستقاة:

 

على الحيدة والاستقلال.

 

- خصومة الرد خصومة قضائية تثير ادعاء فرعياً عند نظر الخصومة الأصلية ولا شـان للرد بنطاق الخصومة الأصلية ولا بإثباتها أو نفيها.

 

- الحماية الكاملة لحق التقاضي تتطلب كفالة حق الدفاع أصالة أو وكالة. - للموازنة باعتبارات عملية متصلة بمنظومة التحكيم وبـيـن احـتـرام ضمانات أساسية للتقاضي جعل المشرع إجراءات الخصومة لا تتوقف بطلب الرد، حتى إذا قضى به زالت مع ما يترتب عليها من إصدار حكم في التحكيم واعتباره كأنه لم يكن، فلا تكون له حجية. - وقف الخصومة الأصلية ليس فيه تمييز ضد طرف معين أو عدم مساواة لأنه يختلف عن

في المعاملات مع المحافظة على مقتضيات حق الدفاع هي التي أملت استمرار التحكــم رعـم الطعن بالرد.

 

1- الأصل في التحكيم – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أنه وسيلة فنيـة لـهـا طبيعة قضائية، غايتها الفصل في نزاع محدد مبناه علاقة محل اهتمام من طرفيها، وركيزته اتفاق خاص بين متنازعين لعرض ما بينهما من خلافات على محكم من الأغيار يعين باختيارهما، أو بتقويض منهما، أو على ضوء شروط يحددانها، ويستمد المحكم سلطته من هذا الاتفاق ليفصل في ذلك النزاع بقرار يكون ثانياً عن شبهة الممالأة، مجرداً من التحامل، وقاطعاً لدابر الخصومة التي أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلاً من خلال ضمانات التقاضـي الرئيسية.

 

2- التحكيم عمل اختياري حر، وبإرادة أطرافه يعتبر نظاماً بديلاً عن القضاء فلا يجتمعان؛ إذ أن مقتضاء عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي أنصب عليها استثناء من أصل خضوعها لولايتها وإن كان ذلك ينبغي أن لا ينال من الضمانات الأساسية في التقاضي، ومنها كفالة الحق في رد المحكم، والتي أوردها المشرع بنص المادة (18) من القانون رقم 27 لسنة 1994 حين قضى بأنه "لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكا جدية حول حيدته واستقلاله"، مؤكداً بذلك أن ضمانتي الحيدة والاستقلال في خصومة رد المحكم تعتبران من ضمانات التقاضي الأساسية التي لا غنى عن توافرها في هيئات التحكيم على نحو ما يلزم توافرها في جهات القضاء. وهذا بعينه هو ما تستلزمه كفالة الحق في التقاضي طبقاً لنص المادة 68 من الدستور - من أن يكون لكل خصومة في نهاية مطافها حل منصف يرد العدوان على الحقوق المدعى بها فيها، من خلال ترضية قضائية متوافقة في مضمونها وأحكام الدستور؛ بما لازمه أن تضطلع بتقريره هذه الترضية جهة تتوافر في شأنها ضمانتا الحيدة والاستقلال. ومن هذا المنطلق، كان منطقياً أن تمتد ضمانة الفصل إنصافاً في المنازعات على اختلافها - طبقاً لنص المادة 67 من الدستور - إلى كل خصومة قضائية أو تحكيمية أيا كانت طبيعة موضوعها، من خلال إسناد مباشرة هذه الخصومات إلى الجهة المعتبرة قاضياً طبيعياً لهان والتي يكفل المشرع حيدتها واستقلالها، ويحيط الحكم الصادر عنها بضمانات التقاضي الأساسية، وهي ضمانات تكفل للأطراف عرض دعواهم وأدلتهم ودفاعهم على ضوء فرص متكافئة، وفي إطار منظومة متكاملة لمباشرة العدالة في المجتمع، ووفقاً لنهج تقدمي يلتئم والمقاييس المعاصرة المتعارف عليها في الأمم المتحضرة.3 - توفير الضمانات القضائية، وأهمها ضمانتا الحيدة والاستقلال، بعد أمراً واجباً في كل خصومة قضائية أو تحكيمية، وهما ضمانتان متلازمتان ومتعادلتان في مجال مباشرة العدالة وتحقيق فاعليتها، ولكل منهما القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلو إحداهما على الأخرى أو تجيها، بل تتضاممان تكاملاً، وتتكافأن قدراً.

 

4 - أن الخصومة في رد المحكم، وفقاً للتنظيم التشريعي القائم، لا تعدو في حقيقة الأمر أن تكون خصومة قضائية، ترتبط سلامة تنظيمها - من منظور دستوري - باستيفاتها ما يلزم توافره في الخصومة القضائية بصفة عامة من ضمانات أساسية يقررها الدستور، فخصومة الرد - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - تثير إدعاءاً فرعياً عند نظر الخصومة الأصلية، مداره أن قاضيها أو بعض قضاتها الذين يتولون الفصل فيها، قد زايلتهم الحيدة التي يقتضيها العمل القضائي، ومن ثم، كان لخصومة الرد خطرها ودقتها، سواء بالنظر إلى موضوعها أو الآثار التي تنجم عنها، ولا شأن لها بالتالي بنطاق الخصومة الأصلية المرددة بين أطرافها، ولا بالحقوق التي يطلبونها فيها، ولا بإثباتها أو نفيها، بل تستقل تماماً عن موضوعها، فلا يكون لها من صلة بما هو مطروح فيها، ولا يشق من جوانبها، ولا بالمسائل المتفرعة عنها أو العارضة عليها، بل تعتصم خصومة الرد بذاتيتها، لتكون لها مقوماتها الخاصة بها، بما مؤداه استقلال خصومة الرد عن الخصومة الأصلية في موضوعها، وإن ظل للحكم الصادر في أولاهما أثره وانعكاسه على ثانيتهما، ولو بعد الفصل فيها بحكم نهائي، ومتى كان ذلك، ومع استقلال خصومة الرد عن الخصومة الأصلية على هذا النحو، واكتسابها لذاتيتها الخاصة، فإن التزامها بالضمانات الأساسية في التقاضي، ومنها ضمانتي الحيدة والاستقلال، يظل أمراً لازماً.

 

5 - إن الحماية المتكاملة لحق التقاضي تتطلب كذلك كفالة حق الدفاع - أصالة أو وكالة -

 

على نحو ما قرره نص المادة 69 من الدستور، والذي نظم هذا الحق كضمانة مبدئية لا يمكن

 

فصلها أو عزلها عن حق التقاضي، بحيث أصبحت تتكامل معه ليعملا سوياً في دائرة الترضية القضائية التي يعتبر اجتناؤها الغاية النهائية للخصومة القضائية، وكذلك التحكيمية 6- وحيث إن البين من استعراض حكم النص الطعين أن المشرع لم يتجه فيه إلى حرمان المتحاكمين من الضمانات الأساسية في التقاضي، أو الانتقاص منها بالنسبة إليهم. ذلك أن الثابت من مراجعة هذا النص أن الحق في رد المحكم مكفول، إلا أن المشرع - ولاعتبارات قدرها – لم يرتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات خصومة التحكيم، والتي افترض استمرارها حتى صدور الحكم فيها، ومع ذلك، فقد رسم المشرع معالجة من شأنها أنه في حالة نجاح خصومة الرد وصدور حكم فيها برد المحكم، أن يتم اعتبار ما تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين ذاته إذا كان قد صدر بالفعل، كأن لم يكن. وبهذا يكون المشرع قد وازن بين ما تمليه الاعتبارات العملية المتصلة بمنظومة التحكيم كوسيلة فنية لفض المنازعات خارج دائرة المحاكم، وبين احترام ما هو مقرر من ضمانات أساسية في مجال التقاضي، وفي إطار هذه الموازنة، يكون المشرع قد حافظ على أساس وجود نظام التحكيم، بأن كفل سرعة الفصل في المنازعات التحكيمية، وفقاً لإرادات أطرافها، ودون تقيد بالأوضاع التقليدية في التقاضي، تمشياً مع ما تمليه الطبيعة الخاصة لهذا النظام، ومنعاً لاستخدام طلب الرد كوسيلة لتعطيل الإجراءات، وإشعال اللدد في الخصومة، وإجراء الفصل فيها، وإلى جانب ذلك، فإن المشرع لم يتغافل عما هو مقرر من ضمانات دستورية لطالب الرد في مجال مباشرته لحق التقاضي، وحق الدفاع، وحصوله على الترضية القضائية المنصفة. إذ أن مقتضى اعتبار ما تم من إجراءات في خصومة التحكيم، بما في ذلك الحكم الصادر فيها، كأن لم يكن، في حالة صدور حكم برد المحكم في خصومة الرد، أن تزول حينئذ حجية حكم التحكيم ليكون هو والعدم سواء؛ وهو ما يكفل -الضرورة – لطالب الرد تحقيق مبتغاه، ورد المحكم، إعمال الآثار المترتبة على صدور حكم بالرد، بعد أن ثبت بالفعل تخلف الضمانات الدستورية المقررة في شأن من صدر الحكم القضائي بردهم، وفي ذلك ما يسمح، في الوقت ذاته، باستمرارية التحكيم، وسرعة الفصل في النزاع، دون افتئات على حقوق الأطراف المتنازعة، ولا الضمانات المقررة لهم في سبيل اقتضائها.

 

ومتى كان ذلك، إن المشرع، إعمالا لما يملكه من سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق، يكون قد

 

وضع تنظيما لخصومة الرد، غلب فيه المقتضيات التي تفرضها ضمانتا الحيدة والاستقلال في المحكم، على اعتبارات نهائية حكم المحكمين وحجيته، وبما ليس فيه اعتداء على الحق في التقاضي والدفاع وضمانة الفصل إنصافاً في المنازعات؛ الأمر الذي يكون معه النعي بخروج هذا التنظيم على أحكام المواد 67، 68، 69 من الدستور لا أساس له. 7 - وحيث إنه عن نعي المدعيتين على النص الطعين مخالفته لمبدأ المساواة أمام القانون. لما أحدثه من تفرقة في المعاملة بين المتقاضين أمام هيئات التحكيم من جهة، وغيرهم من المتقاضين أمام جهات القضاء من جهة أخرى، بخصوص وقف الخصومة الأصلية كأثر التقديم طلب الرد، مردود من عدة وجوه: أولهما - أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعني أن تعامل فئات المواطنين على ما بينها من تباين في المراكز القانونية معاملة متكافئة، ومتى كان ذلك، وكان المتحاكمون- أخذا بالأصل في التحكيم - يتجهون بملء إرادتهم، ومحض اختيارهم، إلى اعتماد نظام خاص لفض ما بينهم من نزاعات خارج دائرة المحاكم، ووفقاً لشروط تكون محلاً لاتفاقهم، فإن مركزهم القانوني يضحى بالتالي مختلفا عمن يلجأون إلى المحاكم لفض منازعاتهم طبقاً للقواعد العامة، وخارج دائرة التحكيم، وفي ظل وجود هذا الاختلاف في المراكز القانونية، فإن المماثلة في المعاملة بين المتحاكمين وغيرهم من المتناقضين، لا تعد ضرورة لازمة؛ ولا تشكل في حد ذاتها إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون، ومردود ثانياً – بأنه لا مجال لمقارنة التنظيم الذي رسمه النص الطعين بما هو مقرر في قانون المرافعات المدنية والتجارية من وقف الخصومة الأصلية كأثر لتقديم طلب رد الفاضي، ذلك أنه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، فإن التنظيم التشريعي لحق التقاضي - وكلما كان لا يناقض وجود هذا الحق أو يخل بمحتواه يفترض فيه أن لا يتقيد بأشكال جامدة لا يريم المشرع عنها لتفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز أن يغابر المشرع فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي باشر الحق عملاً في نطاقها، ليظل هذا التنظيم رئاً، لا يطلق الحقوق محله من عقالها، انحرافاً بها عن أهدافها، ولا يعتبر كذلك تفريطاً مجافيا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قواماً، حتى تظل الحماية القضائية للحقوق في صورتها الأكثر اعتدالاً، وتبعاً لذلك، فإنه يجوز للمشرع أن يغاير في تنظيمه لحق التقاضي، وتبنى ما يراه مناسباً من تنظیمات بالنسبة لصنوف بعينها من المنازعات، وفقاً لما تتطلبه طبيعتها، دون أن يكن في ذلك إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، طالما التزم المشرع بالضوابط الدستورية لمباشرة الحق في التقاضي. ومردود ثالثاً - بأن مبدأ المساواة أمام القانون - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا يقوم على معارضة جميع صور التمييز بين المواطنين؛ إذ أن من بينها من يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (4 من الدستورة بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ما يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل تحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها فإذا كان النص التشريعي - بما أنطوى عليه من تمييز - مصادماً لهذه الأغراض، مجافياً لهان بما يحول دون ربطه بها، أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن هذا النص يكون مستندا إلى أسس غير موضوعية، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور، وإذ كان ذلك، فإن قاعدة استمرارية إجراءات التحكيم في حالة رد لمحكم التي تبناها النص الطعين لم تأت من فراغ، وإنما يرتد اعتمادها - على ما سلفت الإشارة – إلى اعتبارات موضوعية تتعلق بدعم التحكيم كنظام لفض المنازعات خارج دائرة المحاكم، وما تفرضه طبيعة هذا النظام الخاص من ضرورة مراعاة السرعة في حسم المنازعات، ومجابهة وسائل تعطيل الفصل فيها أو تنفيذ ما يصدر فيها من أحكام، تحقيقاً للمصلحة العامة، والثقة الواجبة في المعاملات، بل وصالح المحتكمين أنفسهم، وذلك بمراعاة ضرورة التقيد بالضمانات الأساسية في التقاضي، وبما لا يخل بحق الدفاع؛ باعتبار أن الطبيعة الخاصة للتحكيم لا تنال من أصل تقيده بهذه الضمانات، بحسبانه نظاماً بديلاً عن القضاء، فلا ينهض سوياً إلا إذا اكتملت في شأنه الضمانات التي وفرها القضاء لمن يلوذون به. فإذا كان ذلك جميعه، وكان النص الطلعين يرتبط في تقريره باعتبارات موضوعية تقدم مبرراً منطقياً لاختلاف بعض جوانب المعاملة التشريعية لخصومة رد المحكم عما هو متبع في خصومة رد القاضي، وهي مغايرة اقتضتها المصلحة العامة في التقاضي، وليس في تنظيمها إهدار للضمانات الدستورية المقررة للمتحاكمين، ولا انتهاك لمبدأ المساواة أمام القانون. كله منطوق الحكم: حكمت المحكمة برفض الدعويين، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعيتين

 

المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة عن كل دعوى.

 

القضية رقم 15 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا" دستورية 9 مايو سنة 2004 المادة المطعون فيها: المادة 54 (2) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشـأن التحكــم فـي المواد المدنية والتجارية، والتي تنص على أنه تختص بدعوى البطلان فـي التحكيم التجـاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع".

 

المبادئ المستقاة: - أجاز المشرع احتراماً للضمانات الأساسية للتقاضي، أقامة دعوى بطلان أصلية إذا كـان الحكم يفتقر إلى المقومات الأساسية في التقاضي.المقصود بالمساواة في المادة (40) من الدستور هو عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة

 

الذين تتماثل مراكزهم القانونية. 1- اللجوء إلى التحكيم الاتفاقي يتأسس في نشأته، وإجراءاته، وما يتولد عنه من قضاء على إرادة أطرافه، التي تتراضي بحرياتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم، بدلاً من اللجوء إلى الفضاء، واحتراماً لهذه الإرادات، واعترافاً بحجية أحكام التحكيم ووجوب نفاذها من جهـة ومواجهة الحالات التي يصاب فيها حكم التحكيم بعوار ينال من مقوماته الأساسية، ويدفعه إلـى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة أخرى، أقام المشرع توازناً دقيقاً بين هذين الأمرين من خلال سماحه بإقامة دعوى البطلان الأصلية، بشروط محددة، في شأن حكم التحكيم، مستصحباً الطبيعة القضائية لهذا الحكم، ليسوى بينه وبين أحكام المحاكم القضائية بصفة عامة، مـن حيـث جواز إقامة دعوى بطلان أصلية في شأنها، احتراماً للضمانات الأساسية في التقاضي، وبما يؤدي

 

إلى إهدار أي حكم يفتقر في مصدره إلى المقومات الأساسية للأحكام القضائية. 2 - عهد المشرع، من خلال التنظيم السابق، بدعوى بطلان حكم المحكمين إلى محكمـة الدرجة الثانية، وليس إلى محكمة الدرجة الأولى، فإن ذلك لا يرتب في ذاته مساساً بالحق فـي التقاضي. ذلك أن تحديد اختصاصات الهيئات القضائية هو أمر متروك للمشرع طبقا لنص المادة (167) من الدستور فضلاً عما هو مقرر من أنه ليس ثمة تناقض بين الحق في التقاضي كحـق دستوري أصيل، وبين تنظيمه تشريعيا بشرط ألا يتخذ المشرع من هذا التنظيم وسيلة إلى حطـر ذلك الحق أو إهداره وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن قصر التقاضي في المسائل التـي بفصل فيها الحكم على درجة واحدة لا يناقض الدستور، وإنما يدخل في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي تحرره من التقيد بايـة أشكال محددة، أو بأنماط جامدة تستعصي على التغيير أو التعديل، بحيث يكون له أن يختار من الصور والإجراءات المناسبة لإنفاذ هذا الحق، ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقاً ، مع طبيعة المنازعـة التـي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، دون إخلال بالضمانات الأساسية في التقاضي لما كان ذلك، وكان المشرع قد أعمل سلطته التقديرية في النص العلعين، مستلهماً الطبيعة الخاصة لأحكام المحكمين، والتي تستهدف احترام إرادة أطرافه، وسرعة الفصل فـي النزاع، والبعد عن إطالة أمد التقاضي وتعقد الإجراءات، ومراعيا ما تستلزمه الضمانات الأساسية في التقاضي من وجوب إهدار أي حكم قضائي فاقد لمقوماته الأساسية وأركانـه، فأجـاز إقامـة دعوى البطلان الأصلية في شأن حكم التحكيم بشروط وضوابط محددة، وعقد الاختصاص بهـا لمحكمة الدرجة الثانية لتنظرها على درجة واحدة، لتكشف عن أي عوار عساه أصابها، تقديراً منه أن هذا المسلك هو الأنسب إلى طبيعة المنازعة التحكيمية، ومقتضيات سرعة حسمها، فإن هذا الأمر لا يكون فيه إخلال بالحق في التقاضي، وتنظيمه الدستوري.

 

منطوق الحكم: حكمت المحكمة برفض الدعوى

 

- قضية رقم 155 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا" دستورية "جلسة 13 يناير سنة 2002 الفقرة الأولى من المادة (13)

 

النص المطعون فيه: الفقرة الأولى من المادة (13) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، والتي تنص على أنه: "1- يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى".

 

المبادئ المستقاة: - التحكيم يتضمن عرض نزاع معين باختيار الأطراف أو بتفويض منهم للفصل فيه من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية، ومقتضى ذلك حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها اتفاق التحكيم استثناء من أصل خضوعها لولاية المحاكم. - ليس في نظام التحكيم أخلال بالمساواة التي تفرضها المادة (40) من الدستور إذ أن المساواة إنما تكون بين من تتماثل مراكزهم القانونية. 1- مؤدى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما وفقا لشروط يحدداتها ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومة، بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية، وبذلك يكون التحكيم عملاً إرادياً ركيزته اتفاق خاص. 2- مبنى التحكيم اتجاه إرادة المحتكمين إلى ولوج هذا الطريق لفض الخصومات بدلا من الفضاء العادي ومقتضاه حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها استثناء من أصل

 

خضوعها لولايتها.3- المقصود بالمساواة التي تعنيها المادة (40) من الدستور عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة الذين تتماثل مراكزهم القانونية، وإذا كان النص المطعون فيه يلزم المحكمة التي يرفع إليها نزاع يتضمن اتفاقاً على التحكيم أن تقضي بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع، إنما استهدف تغليب إرادة المحتكمين الذين يقفون إزاءه على قدم المساواة وارتضوا بإرادتهم التحكيم طريقاً لفض ما شجر بينهم من خلاف، فإن هذا النص يكون قد استند إلى أسس موضوعية ولم يتبين تمييزاً تحكمياً يخل بمبدأ المساواة، أو الحيلولة بين المواطنين واللجوء إلى القضاء العادي

 

منطوق الحكم: حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة.