إن حكم المحكمين وإن كان قضاء يفصل في خصومة . وهذه حقيقة مسلم بها وله حجيته المانعة من إعادة طرح النزاع الذي حسمه على وجهة التحكيم مرة أخرى إلا أنه عمل قضائي ذو طبيعة خاصة أساسها أن المحكم لا يستمد ولايته من القانون كما هو الحال بالنسبة لقضاء المحاكم وإنما يستمدها من اتفاق الخصوم على تحكيمة، وهذا أمر مسلم به سواء في القانون الوضعي المصري والكويتي) أو في الفقه الإسلامي.
وعلى الرغم من أن إصطلاح "حجية الحكم " برز كفكرة مع تطور النظام القضائي في العصور الإسلامية، منذ عصر النبوة وحتى العصر العباسي وظهور المدارس والمذاهب الفقهية، مرتكزاً على أسس شرعية، لعل أهمها أن القاضي أو المحكم يحكم بالعدل بكتاب الله وسنة رسوله، وهو يهدف إلى إظهار الحكم الشرعي على حسب ما يتبين له، بعد معرفته بالدليل الشرعي الثابت بالكتاب والسنة أو القياس وغيرها من مصادر التشريع، فإذا ما أصدر حكمه في موضوع يتنازعه خصمان، فلا يصح إعادة رفع الخصومة الموضوعية مرة أخرى.
حجية الشيء المقضي على حكم المحكم، يجعل للحكم حجية تضفي عليه إحتراما، وهذه الحجية مصدرها فعل المتخاصمان المتنازعات إذا ما قام بتنفيذ الحكم طواعية واختياراً، أو فعل القاضي المنفذ، لأن التنفيذ يعتبر إثباتاً لحكم المحكم وله حجية بالنسبة لقبول البينة عند الشافعية، كما إنه يعتبر عملاً بالحكم المنفذ وإجازة له (كتنفيذ الوارث للوصية عند الحنابلة.