المبدأ العام : هو أن الحكم التحكيمي لا أثر له مها كان على الغيرة الذي لم يكن طرفاً في التحكيم ولا يمكن لهذا التحكيم أن يسبغ عليه حقوقاً أو يفرض عليها التزاما.
الأصل ألا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون (م ۲ مرافعات) فإذا كان ذلك هو المبدأ العام في التحكيم، فإن هذا المبدأ مقيد بعدة قيود :
ـ أولا : أن من المعلوم أن معظم اتفاقيات التحكيم تنص على أنه في حالة عدم وجود اتفاق مخالف فإن حكم التحكيم الصادر يكون نهائياً وملزماً لأطرافه وللأشخاص الذين يدعون من خلالهم حيث يعتبرون شركاء في الحكم التحكيمي .
وفي وفي العقد الموضوعي الذي يكمن خلف تلك الاتفاقية، ويحدث أحياناً أن توجه الدعوى من أو ضد شخص لم يكن مذكوراً في الأصل كطرف من أطراف التحكيم ولذا تبرز صعوبة مدى اعتبار هذه الدعوى موضوعاً للتحكيم مما يتطلب بيان الحالات التي يكون فيها المدعي أو المدعى عليه ليس طرفاً أصيلا في اتفاقية التحكيم .
- الحالة التي لا يكون فيها المدعى مذكوراً في اتفاقية التحكيم :
1 ـ المدعى يعتبر طرفاً في العقد دوماً رغم عدم ذكره فيه :
وفي هذه الحالة يكون المدعى شخصاً تم ابرام العقد لصالحه أو لحسابه كأن يكون موكلا ظاهراً أو غير ظاهر، وفي هذه الحالة يكون الطرف المذكور في العقد وكيلا، وهنا يكون الموقف واضحاً حيث أن المدعى يعتبر طرفاً في العقد والإحالة للتحكيم التي يتضمنها العقد منذ البداية، وعلى ذلك له أن ينفذ اتفاقية التحكيم باحالتها الى التحكيم باسمه الخاص وزيادة على ذلك فإذا سعى إلى تنفيذ دعواه عن طريق اجراء قانوني فإن للمدعى عليه حق طلب وقف الخصومة لأن المدعى يعمل من خلال الشخص المذكور في العقد المبرم بين الطرفين .
٢ - المدعى خلف قانوني للطرف المذكور في العقد :
وفي هذه الحالة يخلف المدعي بحكم القانون الطرف المذكور في العقد بماله من حقوق كأن يكون ممثلاً شخصياً للطرف المذكور في العقد أو حيث يكون مصف في تفليسة الطرف المذكور في العقد وهنا يجب على المدعي أن يستمر في السير باجراءات التحكيم .
وفي هذه الحالة يحل المدعي محل الشخص المذكور أصلا في العقد والذي لم تعد حقوقه وواجباته العقدية قائمة، وهذه الحالة تنشأ عن نص تشريعي أو عما يسمى بتجديد الالتزام وابداله الذي ينجم عن اتفاق بين الطرفين الأصليين، وبالتالي يلتزم الطرف الجديد بتنفيذ شرط التحكيم لأن وضعه هو نفس وضع الطرف الآخر منذ البداية .
ويترتب على هذا الوضع الجديد أن الطرف الأصلي لا يمكنه الإحالة للتحكيم لأنه لم يعد له أي صفة في العلاقة العقدية .
٤- الإحالة : Assignment
وفي هذه الحالة يكون المدعي محالاً إليه بالاستفادة من العقد المبرم بين الأطراف الأصلية وهذه الاحالة إما أن تكون تشريعية أو قانونية حسب قواعد الإحالة المدنية وبموجب هذه الإحالة يتوجب على المدعي تنفيذ دعواه عن طريق التحكيم مالم يتضح من صياغة شرط التحكيم أنه يلزم الأطراف الأصلية بالإحالة للتحكيم فقط .
أما حيث تكون الإحالة قانونية وتتم وفق قانون معين، فإن المحال إليه يمكنه اللجوء إلى التحكيم باسمه الشخصي وحده لكنه لا يسترجع شيئاً أما مجرد ارتباط الدعوى بالعقد لا يعطي المحال إليه حق اللجوء للتحكيم بل أن ذلك يتقرر له إذا أراد تنفيذ أو تطبيق العقد .
- الحالة التي لا يكون المدعي عليه مذكوراً في اتفاقية التحكيم
وتتميز هذه الحالة بأن المدعى عليه هو الذي لم يذكر في العقد، وذلك بأن يكون المدعى عليه في الواقع طرفاً في العقد دوماً رغم عدم ذكر اسمه في العقد كما يكون خلفاً قانونياً لالتزامات أحد أطراف العقد الأصليين، وينطبق على هاتين الحالتين ما ينطبق في حالات عدم ذكر المدعي حيث أن الطرف المستفيد يصر على التحكيم لأنه في الواقع طرف في اتفاقية التحكيم فالممثل الشخصي لأحد أطراف اتفاقية التحكيم أو أمين التفليسة يتمتع بنفس الوضع الذي يتمتع به الطرف الأصلي في العقد.
وهناك حالة يتميز بها المدعى عليه في هذا الشأن وهي أن المدعى عليه يتحمل بالتزامات تعتبر تبعية للالتزامات الأولية التي يتضمنها العقد، وهذه الحالة تحدث عملا إذا قام المدعى عليه بضمان التزامات أحد أطراف العقد، ويعتمد وضع المدعى عليه على ما إذا كان التزام الضامن قد تم التعبير عنه على أنه احتمالي عند تقدير الالتزام بموجب العقد الأولى وكذا بموجب شروط التحكيم في العقد الأولى .
ففي أبسط حالة حيث يكون الضمان وشروط التحكيم بالشكل العادي فإن التزام الضامن يثور في نفس الوقت مع التزام المدين الأصلي، فلا يحتاج الدائن إلى التحكيم في مواجهة المدين الأصلي بل يلجأ للتحكيم مباشرة في مواجهة الضامن. فإذا فعل ذلك فإن قضيته ترفع للمحكمة لأن الضامن ليس طرفاً في شرط التحكيم كما أنه ليس شخصاً يدعى من خلال المدين الأصلي" أما إذا كان شرط التحكيم يوجب على المدعى اللجوء للتحكيم والحصول على حكم منه، فإن على المدعى أن يحصل على حكم في مواجهة المدين الأصلي قبل أن يتخذ اجراء ضد الضامن، لأن الحصول على حكم تحكيمي ضد المدين الأصلي هو شرط مسبق لمسئولية المدين الأصلي، ولا يصبح الضامن مسئولاً مالم تتقرر مسئولية المدين الأصلي .
وأخيراً إذا كان الضامن يعبر صراحة بأن الحصول على حكم ضد المدين الأصلي هو شرط مسبق لمسئولية الضامن، فإنه من الطبيعي أن الدائن عليه أن يحتكم ضد المدين الأصلي ومن ثم يرفع دعوى ضد الضامن .
- ثانياً : أن الغير الذي له مصلحة في موضوع الإحالة ويحضر المرافعة يعتبر قابلا صراحة أو ضمناً لإحالة التحكيم ومن ثم يلتزم بالحكم التحكيمي وحتى لو لم يحضر المرافعة بل أخذ علماً بالإحالة للتحكيم وأن حقوقه يمكن أن تتأثر بها ومن ثم فقد يلتزم بالحكم التحكيمي إذا سمح باستمرار الاحالة فإذا ثار شك حول حق الموضوع فإن الغير يجب أن يتخذ خطوات من شأنها أن توضح أنه غير ملزم بنتيجة التحكيم .
ـ ثالثاً : قد يوافق الغير على الالتزام بنتيجة التحكيم، وهذه الموافقة لا تحمل معنى القبول بدفع مصاريف التحكيم إذا كان الحكم التحكيمي ليس الصالحه .
- رابعاً : إن الحكم التحكيمي يسري مفعوله فيها بين أطرافه والأشخاص الذين يدعون من خلالهم ولا يعتد به كوسيلة اثبات في مواجهة الغير.
ومع ذلك فإنه في ظروف معينة فإن الحكم التحكيمي يمكن أن يكون وسيلة أثبات لصالح الغير وليس ضده .
ومن ذلك تتضح الحالات المختلفة لأثر الحكم النافذ على الأطراف المختلفة في عملية التحكيم وعلى الغير كذلك بالقدر الذي يحقق العدالة وينسجم مع الفكرة الأساسية من اعتبار التحكيم قضاءاً خاصاً يقوم بفض المنازعات بين المتخاصمين إلى جانب القضاء الرسمي .