تبين لنا من خلال البحث أن أحكام التحكيم بمجرد صدورها ترتب آثاراً إجرائية مماثلة لتلك التي يرتبها الحكم القضائي، فمن جهة أولى يكون لحكم التحكيم حجية الأمر المقضي التي تمنع من عرض النزاع الذي فصل فيه على القضاء مرة أخرى، وقد توصلنا إلى نتيجة أن الحجية التي يتمتع بها حكم التحكيم هي من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على عكسها ويجب على المحكمة أو هيئة التحكيم التي يعرض عليها نزاع فصلت فيه من قبل هيئة تحكيم أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى به، ومن جهة ثانية فإنه بصدور حكم التحكيم تستنفذ هيئة التحكيم ولايتها بشأن النزاع الذي عرض عليها بحيث لا تملك أن تعاود النظر فيه من جديد. بيـد أنه لا يتعارض كما بينا مع مبدأ استنفاذ هيئة التحكيم لولايتها وما أسنده المشرع الأردني إليها من اختصاص بتفسير حكمها وتصحيح ما وقع بـه مـن أخطاء مادية والفصل فيما أغفلت الفصل فيه من طلبات قدمت لها. .
وفيما يتعلق بمسألة تنفيذ الحكم الدولي الذي لا يخضع إلى قانون التحكيم الأردني ولا تحقق فيه شروط معاملته وفقاً لاتفاقية نيويورك، لا يكون أمامنا إلا تنفيذه بحسب قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية، وقد توصلت إلى نتيجة مفادها أن توزيع الطرق والأسباب والأحكام الواجبة التطبيق على تنفيذ أحكام التحكيم على قانون التحكيم وقانون تنفيذ الأحكام الأجنبية. هو مسلك منتقد ، إذ كان حرياً بالمشرع أن يوحد أحكام معاملة التحكيم الوطنية والأجنبية وإلا كان عائقاً أمام التحكيم التجاري الدولي، فليس من المعقول تقديم طلب تنفيذ الحكم الصادر في تحكيم وطني وفقاً لقانون التحكيم الأردني إلى محكمة استئناف، وتقديم طلب تنفيذ حكم تجاري دولي أجنبي صادر في الخارج وفقاً لقانون تنفيذ الأحكام الأجنبية إلى محكمة البداية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون الحكم الصادر في تحكيم دولي أجنبي الصادر في الخارج والمقدم طلب تنفيذه إلى محكمة البداية قابلاً للاستئناف والتمييز، بينما يكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في تحكيم وطني داخلي والقاضي بتنفيذ الحكم باتاً وقطعياً، وكل ذلك مرجعه كما ذكرنا إلى عدم تمييز المشرع الأردني بين حكم التحكيم الداخلي وحكم التحكيم الخارجي. ومن جهة أخرى بخصوص تنفيذ حكم التحكيم الأجنبـي نجـد أنـه وفقـاً لمعاهدة نيويورك والإجراءات المتبعة في ذلك، أنه لا مناص من العودة بالنسبة للإجراءات وتنفيذ الحكم إلى قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية، وقد بين القانون إجراءات التنفيذ، حيث يكون عن طريق استدعاء يقدم إلى محكمة البداية، ويكون قرار محكمة البداية هذا قابلاً للاستئناف والتمييز، وهنا يظهر مدى الخلل الجسيم والنقص الذي يعيب قانون التحكيم الأردني.