ويعنـي بالأسباب الواقعـة بيـان الوقـائع، ووسـائل الـدفاع، - والأدلة، التي يستند إليهـا الحـكـم فـي تقـريـر وجـود، أو عـدم وجـود الواقعـة الأساسية، ويعنـي بالأسباب القانونيـة، الحجـج والأسانيد القانونية، التي يبني عليها الحكم.
وتقضى المادة ٢/43 من قـانون التحكيم المصـري فـي هـذا المقام (والمقابلـة للمـادة ٢/٣١ مـن قـانون اليونسيترال النموذجي) بوجوب تسبيب أحكام التحكيم، إلا إذا اتجهت إرادة الأطـراف إلـى عـدم تسبيب الحكم، وكـان القـانون الواجـب التطبيـق علـى الإجـراءات، لا | يستلزم ذكر أسباب حكم التحكيم.
ويشير سيادته أيضا إلـى أن "الاستثناء مـن وجـوب هو الخاص بصدور الحكـم فـي دولـة، لا يوجـب قانونهـا الإجرائـي تسبيب الحكم. فهو أيضاً موضع تساؤل: فالفرض أن الطرفين قد اتفقـا على التحكيم في الخارج مع إخضاعه لأحكـام القـانون المصري طبقـاً لنص المادة 1 من القانون الجديـد. وهنـا يثـور التساؤل عـن جـدوى اتفاقهما على إخضاع التحكيم لقـانون التحكيم المصـري وهـو أساساً قانون إجرائي إذا رجح جانب الأخذ بحكـم القـانون الإجرائـي الأجنبـي الذي لا يوجب تسبيب الحكم؟ ألا يعتبر الاتفـاق علـى إخضـاع التحكــم الذي جرى في الخارج لأحكام قـانون التحكيم المصـري اتفاقـاً علـى وجوب تسبيب الحكم؟ يبدو أن واضـعي القـانون الجديـد قـد اسـتهدفوا بذلك الاستثناء الثاني من وجوب التسـبيب الحفـاظ علـى سـلامة الحكـم غير المسبب الذي صدر صحيحاً طبقـاً لقـانون مكـان التحكيم. وهـذا هدف طيب لكنه لا يتحقق إلا بتغليب حكم القـانون الأجنبـي علـى حـكـم القانون المصري رغم اتفاق الطرفين علـى إخضاع تحكيمهمـا الـذي جرى في الخارج لقانون التحكيم المصري. ولعـل فـي هـذا مـا يؤكـد صحة انتقادنا لنص المادة 1 مـن القـانون الجديـد علـى جـواز انطبـاق القانون الجديد على التحكيم الذي يجرى خارج إقليم الدولة".
وبناء على ما تقدم فإذا جاء الحكم خاليـاً مـن التسـبيب، ترتـب عليه بطلانه والخلو من التسبيب قـد يـكـون كـاملاً مثـال ذلـك: إذا لـ يضع المحكم أية أسباب للحكم. كمـا يمكـن أن الطلبات، ويغفل تسبيب البعض الآخر. فهنا الخلو مـن التسـبيب يعتـرى يـسـبب المحكم بعـض فقط الطلبات التي لم تسبب.
وقد قضت محكمة استئناف القاهرة في النـزاع بـيـن شـركة زد إس إيه التشيكية وهيئة كهربـاء الريـف – الـذي صـدر بصـدده حكـم تحكيم من مركز القاهرة الإقليمـي للتحكيم التجـاري الـدولي قامـت الشركة التشيكية بالطعن علـى الحكـم بـالبطلان أمـام الـدائرة الثامنة بمحكمة استئناف القاهرة واستنت فيها إلـى خلـو الحكـ مـن الأسـباب وردت محكمة استئناف القاهرة على هـذا الـدفع قائلـة بأنـه لمـا كـان المقرر قانوناً وفقاً لنص الفقـرة الثانيـة مـن المـادة 43 مـن القـانون ٩٤/٢٧ بشأن التحكيم فـي المـواد المدنيـة والتجاريـة، أنـه يـجـب ان يكون حكم التحكيم مسبباً، إلا إذا اتفقا طرفا التحكــم علـى غيـر ذلـك، أو كان القانون الواجب التطبيـق علـ إجـراءات التحكيم، لا يشترط ذكر أسباب الحكم.
وحيـث أنـه بمطالعـة العقـد رقـم ۸۷/۲ موضـوع التحكــم والمرفق ترجمته باللغة العربية بملف التحكيم المنضـم، فقد أورد فـي بنده الحادي عشر نصاً على فض النزاع الناشئ عنـه بمعرفـة التحكــم التجاري، على أن يطبـق القـانون المصـري، فـي حالـة عـدم اتفـاق الطرفين على تطبيق قانون آخـر. كمـا يـجـب ذكـر مبـررات الحكـم كتابة، وهو ما يتفق وأحكام المـادة ٢/٤٣ مـن قـانون التحكــم المشـار إليه، والذي طبق على واقعات النزاع. وكان الثابـت مـن مطالعـة حـكـم التحكيم، أنه قد خلا من أي أسباب استند إليها، فيما قضى بـه مـن الـزام الشركة المحتكم ضدها، بأن تدفع للشركة المحتكمـة مبلـغ ثلاثـة مـلايـين دولار، أو ما يعادله بالجنيه المصري لجبر مـا لـحـق بـهـا مـن خـسـارة وما فاتها من كسب، إذ خلى ذلـك القضـاء مـن أسـبـاب تـوافر أركـان المسئولية الموجبة للتعويض، سواء من خطأ يمكـن نسـبته إلـى الشـركة المحتكم ضدها أم ضرر لحق بالشركة المحتها، وما إذا كـان التعويض المقضى به مادياً أم أدبياً.
وحيث كان ذلك، وكان المقرر قانوناً وفقاً لسلس الفقرة الأولـى من المادة ٥٣ من القانون رقم ۱۹۹٤/٢٧ انه لا تقبل دعوى بطلـلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الأنيـة... ذ إذا وقـع بـلـان فـي حـكـم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم.
وحيث كان ذلك. وقد انتهت هذه المحكمـة علـى النحـو السالف البيان، إلى أن حكم التحكيم، لم يتبـع الإجراءات المنصوص عليهـا بالمادتين 30، 31 من القانون ٩٤/٢٧ بما أثر في الحكـم فضلاً عـن عدم إيراده الأسباب التي استند إليها فيما قضى بـه مـن الـزام للشـركة المحتكم ضـدها، بـان تـرد للشركة المحتكمـة المبلغ المقضـي بـه بالمخالفة لشروط العقد رقم ٨٧/٢ ولأحكـام الفقـرة الثانيـة مـن المـادة 43 من قانون التحكيم الأمـر الـذي يصيب حكـم التحكــم بـعـوار البطلان، وهو ما تقضي به هذه المحكمـة ببطلان حكـم التحكــم رقـم ١٩٩٥/٥٩ الصادر مـن مـركـز القاهرة الإقليمـي للتحكيم التجـاري الدولي بتاريخ ١٩٩٦/٤/١١.
ويجب أن يكون حكم التحكيم خالياً مـن عيـوب يكون سليما من الناحية القانونية.
وفي هذا الصدد قضت محكمـة الـنقض، بـأن إغفـال الحكـم الرد على ما تمسكت به الطاعنـة مـن أن القانون الإنجليـزي، يحـول دون عرض النزاع على هيئة الحكيم في لندن، يعيبه بالقصور. وتقول في هذا الحكم "وحيث أن ما تنعـاه الطاعنـة علـى الحـكـم المطعون فيـه مخالفـة القـانون والخطـا فـي تطبيقـه والقصـور فـي التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمـة الاستئناف بـأن القضاء بعدم قبول الدعوى لوجـود شـرط التحكــم إنكـاراً للعدالـة وحرمانا للطاعنة من الحماية القانونية إذ يصبح حقهـا ولـيـس لـه جهـة يمكن الالتجاء إليها للمطالبة به، سواء كانـت قضـائية أم هيئـة تحكــم، ذلك أنه وإن كان الحكم بعدم القبول يلزم الطاعنـة بالالتجـاء إلـى هيئـة التحكيم فـي لنـدن، إلا أن القضـاء الإنجليـزي وعلـ ى رأسـه مجـلـس اللوردات قد استقر على أن الإحالـة المعمـاة فـي سـند الشـحـن علـى مشارطة إيجار السفينة لا تجعـل الاتفـاق علـى التحكيم المنصـوص عليها فيها مندمجاً في سند الشحن، ومؤدى هـذا تعـذر عـرض النـزاع على هيئة التحكيم لعدم اختصاصها بنظره، قالـت الطاعنـة أنهـا قـدمت لمحكمة الاستئناف ترجمة رسمية لحكـم صـادر مـن مـجلـس اللـوردات في نزاع مماثل، وأن الحكم المطعون فيه أغفـل الـرد علـى هـذا الـدفع الجوهري وقضى بتأييد الحكم المستأنف فخـالف القـانون وأخطـا فـي تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيـث أن الثابـت مـن مـذكرة الطاعنـة المقدمـة لجلسـة ۱۹۷۱/۱/۳ رقم 6 دوسيه الملف الاستئنافي أنها تمسكت أمـام محكمـة الاستئناف بدفاعها المبين في وجـه النعـي والـذي يتضمن أن القـانون الإنجليزي يحول مطلقاً دون عـرض النـزاع علـى هيئـة التحكــم إذا وردت الإحالة في سند الشحن بصيغة عامة على شـرط التحكــم الـوارد بمشارطة الإيجار كما قدمت ترجمة لحكم صادر مـن مجلـس اللـوردات في هذا الصدد.
ولما كان هذا الدفاع جوهريـاً، قـد يتغيـر بـه إن صـح وجـه الرأي في الدعوى، حتى لا تحرم الطاعنة من جهة تلجأ إليهـا للمطالبـة بحقوقها، وإذا أغفل الحكم المطعون فيه الـرد علـى هـذا الـدفاع، ولـم يعرض للمستند المقـدم مـن الطاعنـة تأييـداً لـه، فإنـه يـكـون معيبـاً بالقصور، بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وقد أكدت محكمة النقض المصـرية فـي أحـد أحكامهـا هـذا أيضاً، حيث أشارت إلى أنه يجب على الحكـم، أن يستظهر فـى أسـباب العناصر الواقعية المثبتة لقبول الشاحن سـند الشـحن، الـذي يخلـو مـن توقيعه وإلا كان معيبا بالقصور".
وفي هـذا الصـدد تقـول "وحيـث أن مـا أثـاره الـدفاع عـن المستأنف من أن حجية سند الشـحن لا تكـون إلا للسـند الـذي تـوافرت فيه شروط المادتين ۹۹، ۱۰۰ بـحـري فـإن الأصـل أنـه يمتنـع علـى الناقل أن يتمسك قبل الشاحن بوجه خاص بمـا يـرد فيـه مـن شـروط استثنائية كشرط التحكيم أو شرط الإعفاء مـن المسئولية إلا إذا ثبـت أن الشاحن يعلم شروط سند الشحن ففي هذه الحالـة يجـوز الاحتجـاج غليـه بتلك الشروط كما لو ثبت من الظروف والملابسات علمـه بـهـا وقبولـه إياها ولما كان المرسل إليه شأنه فـى ذلـك شـأن الشاحن وتبـيـن مـن الظروف والملابسات علمه بسند الشحن وما ورد فيـه مـن شـروط فإنـه يحتج به عليه رغم خلوه مـن توقيـع الشـاحن وإذ كـان المستأنف قـد ركن في دعواه إلى سند الشحن وعول عليه في إثبـات عقـد النقـل فـإن ذلك يقطع بعلمه بشروطه.... فإن هذا الذي أورده الحكـم يكـون مشـوباً الخطأ عن في تطبيق القـانون ذلـك أنـه وإن كـان قـد استهل أسبابه ببيـان القاعـدة القانونيـة السـليمة القائمـة علـى جـواز الاحتجاج على الشاحن بشروط سند الشـحن العاديـة والاستثنائية رغـم خلوه من توقيعه إذا ثبت من الظروف علمـه بـهـا وقبولـه إياهـا إلا أنـه بالقصور فضلاً قصر عن تطبيق هذه القاعدة علـى واقـع الـدعوى فلـم يـسـتظهر في أسبابه- بجانب القاعدة القانونيـة المجـردة- العناصـر الواقعيـة المثبتـة لقبول الشاحن لهذه الشروط ومنهـا شـرط التحكــم مكتفيـا باستخلاص علم المرسل إليه بهذه الشروط في حين أن المعـول عليـه كـمـا سـلف البيان هو قبول الشاحن باعتباره الطـرف الـذي أبـرم عقـد النقـل مـع الناقل وأن ارتباط المرسل إليه بسند الشحن والتزامـه بشـروطه لا يقـوم إلا بقيام ارتباط الشاحن بهـذا السـنـد منـذ ارتبـاط الأخيـر بـه سـواء بتوقيعه على سـند الشـحن أم ثبـوت قبولـه لشـروطه مـن الظـروف والملابسات لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيـه قـد خـالف هـذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فـي تطبيـق القـانون وشـابه القصـور فـي التسبيب بما نقضـه والإحالـة دون حاجـة لبحـث بـاقي أسـباب يوجب أوجه الطعن".
وتجدر الإشارة إلى أن هيئـة التحكيم، إذا اكتفـت بـالرد علـى أكثر من ادعاء بسبب واحد، يكفـى لحملهـا جميعـاً، فـإن ذلـك لا يعـد قصوراً في التسبيب.
كما يجب علـى هيئـة التحكيم أن تتلافى تجهيـل وعموميـة أسباب حكم التحكيم، بحيث تكون الأسباب كاشـفة بذاتها عـن اتجاههـا من حيث القبول أو الرفض ناحية الأدلة والوقائع، وبنـاء علـى ذلـك إذا اكتفت هيئة التحكيم بالقول بثبـوت أو عـدم ثبـوت واقعـة مـا دون أن تبين كيفية اقتناعها أو عدم اقتناعها بذلك، فـإن حكمهـا يكـون موصـوما بالقصور في التسبيب. كما يكون موصـوما بالقصـور فـي التسبيب، إذا قالت بأن أحد الأطراف أثبت مزاعمه في مسـألة مـا دون أن تبـين مـا عضدد به ما يدعيـه أو أن تقـول بأنـه ثبـت لـديها أن مزاعم أحـد الأطراف، لا تقوم على أي أساس دون أن تحلل هذه المزاعم.
2- ويجب ألا تكـون الأسباب متناقضـة مع منطـوق حكـم التحكيم، أو مع بعضها البعض بما يؤدي إلى أن تتمـاحـى بـه الأسـباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليـه، وبحيـث لا يمكـن مـعـه أن يفهم على أي أساس قضى المحكم، بما قضى به في منطوقه.
3- كما يجب ألا يحيل حكـم التحكــم إلـى أسـباب وردت فـي حكم آخر، سواء كان حكماً تحكيمياً، أم قضـائياً، ولـو كـان بـيـن نفـس الخصوم – أي أن حكم التحكيم يجب أن يتمتع بالكفايـة الذاتيـة- إلا إذا تم ضم هذه الأحكام، إلى ملف التحكيم. ولكـن يمكـن لهيئـة التحكــم أن تحيل إلى الأسباب التي وردت فـي تقرير الخبيـر فـي نـفـس قضـية التحكيم المنظور أمامها. كما يجب أن يسـتند حكـم التحكــم إلـى أدلـة الإثبات المقدمة من الأطـراف، ولا يعـول علـى أدلـة إثبـات أخـرى وردت في قضايا أخرى ولو بين نفس الأطـراف، مـا دامـت لـم تـقـدم إلى هيئة التحكيم، ولم تكن ضمن مفردات القضية أمامهـا. كمـا يجـب ألا يقضى المحكم بعلمه الشخصي – مثله فـى ذلـك مثـل القاضـى - إلا أنه يلاحظ أن الأطراف قد يختارون محكمـا مـا نـظـراً لمعرفتـه بأبعـاد وخبايا النزاع.
يجب أن تؤدي الأسباب منطقيـا إلـى النتيجـة، التـي تـم التوصل إليها في الحكم، حيث لا تكون هنـاك فجـوة تفصـلهما، حتـى لا يكون الحكم موصوما بالخطأ، أو الفسـاد فـي الاستدلال ممـا يـسـتتبع بطلانه.