الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / أسباب الحكم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / تسبيب حكم التحكيم و أهميته

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    150

التفاصيل طباعة نسخ

نصت المادة ٢/٤٣ من قانون علي وجوب أن يكون حكم التحكيم مسبباً، ما لم يتفق طرفا التحكيم علي غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق لا يشترط ذكرأسباب الحكم.

وهو ما يعني خلو حكم التحكيم من التسبيب لا بعد متصلا بالنظام العام ، ومن ثم فلا يدخل ضمن القواعد الإجرائية الآمرة المتعلقة بالنظام العام الواردة في قانون التحكيم التي يترتب على مخالفتها بطلان حكم التحكيم، ولا يجوزإثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

كما أنه يعني- في تقديرنا - أن المشرع وتأكيداً لذاتية التنظيم القانوني للتحكيم لم يخضع حكم التحكيم لذات القواعد الواردة في المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن يشتمل الحكم القضائي علي الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، ونطبق حكم المادة 176 من قانون المرافعات علي حكم التحكيم في الحالة التي يكون فيها التسبيب واجباً.

ويشترك قانون التحكيم المصري مع غالبية التشريعات وأنظمة التحكيم المقارنة في إشتراط تسبيب حكم التحكيم، لكونه الضمانة الأعظم لحسن قيام المحكمين بمهمتهم وهو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التي يعلنونها فيما فصلوا فيه .

ومما لا شك فيه أن الضوابط القانونية التي يدور التحكيم في فلكها إنما تستمد من فكرة التحكيم بحسبانه وسيلة إتفاقية لتسوية المنازعات ذات خصائص ومعايير متميزة عن القضاء، وهو ما يستتبع تميز هذه الضوابط عن مثيلتها التي تحكم العمل القضائي، لأن التحكيم له ضوابطه وقناعاته التي تتسق مع أهدافه ومناخه والمبادئ اللصيقة به، لذلك فإن للتحكيم معاييره التي تمليها الأسس التي يقوم عليها والتي تكون مختلفة ولو قليلاً في دلالاتها ومعانيها عن تلك المطبقة في مجال الدعوي

القضائية .

وفي تقديرنا، أن هذا التميز الذي يتمتع بها التحكيم كوسيلة إتفاقية، ينأي بحكم التحكيم عن ضوابط تسبيب الأحكام القضائية فلا يؤاخذ في نطاق التسبيب بما تؤاخذ به أحكام القضاء، فصحة أسباب حكم التحكيم لا تقاس بالمعايير التي يقاس بها تسبيب الحكم القضائي، والواقع أنه يجب أن ينظر في مجال ضوابط تسبيب أحكام التحكيم من زاوية التحكيم ومنظاره، ومن ثم فلا مجال لإخضاع أحكام التحكيم لمعايير كفاية الأسباب المطبقة في أحكام القضاء، بل يجب تطبيق معايير أكثر يسراً، بمعني أن يكتفي لسلامة حكم التحكيم أن يكون تسبيبه سائغاً في عمومه  وألا يهبط إلى مستوي الإنعدام أو تناقض الأسباب .

وقد قضت محكمة إستئناف القاهرة، بأنه يتعين علي المحكم إحترام الشكل الخاص لحكم التحكيم وبياناته وتعليله المبسط، وتضمينه المبررات الكافية لحمل منطوقه، وذلك على نحو ما يتسق ونظام التحكيم ذاته، وليس وفقاً للمعمول به في مجال تسبيب الأحكام القضائية التي يخضع فيها عمل القاضي لمراقبة المحاكم الأعلي في الكثير من الأمور كثبوت وفهم واقع الدعوي أو مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وغير ذلك من أسباب حسب طرق الطعن المسموح بها في الشأن القضائي، وحتي يمكن لمحكمة الطعن من بسط رقابتها علي الحكم القضائي .

وجدير بالإشارة، أن إتباع هيئة التحكيم لطريق منطقي لتكوين رأيها في النزاع التحكيمي وإحترامها للقواعد الاجرائية المتفق عليها، أياً كان وجه إستخلاص النتيجة النهائية التي توصل إليها الحكم مني إشتمل بذاته علي ما يتيح للخصوم التحقق من الإلمام بطلبات الأطراف وإطلاعهم علي المستندات والأدلة المقدمة وتمكين الأطراف من مناقشتها، وهذا كله يؤدي غرض القانون من تسبيب حكم التحكيم حتي لو شاب هذا التسبيب شئ من النقص أو عدم التنظيم .

وفي حكم المحكمة إستئناف القاهرة، أوضحت المحكمة ضرورة تسبيب أحكام المحكمين وضوابطه، فقررت بأنه يجب أن يشتمل الحكم علي أسباب تبين الأدلة التي كونت الهيئة منها عقيدتها وفحواها، وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليه تقديرها ويكون مؤدياً للنتيجة التي خلصت إليها، وذلك حتي يتأتي مراقبة سداد الحكم وأن الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتأدي الأوراق مع النتيجة التي خلص إليها حتي يقتنع المطلع علي الحكم بعدالته ويمكن المحكمة في دعوي البطلان من مراقبة صحة الحكم وخلوه من العوار المبطل له، ولذلك كله فإن خلو الحكم من الأسباب هو عيب شكلي يؤدي إلي بطلانه، ويعتبر الحكم معدوم الأسباب إذا كان التسبيب مشوهاً أو غامضاً أو مبهماً أو عاماً مجملاً يصلح لكل طلب كقول المحكمة مجملاً أن المدعي أثبت ما يدعيه من ملكية العين المتنازع عليها دون أن تبين الأدلة التي إستندت إليها وكيف أنها تفيد الملكية، كذلك يعتبر خلوا من الأسباب إذا كان التسبيب خاطئاً أو غير جدي وناقص .

ولا يشترط أن يلتزم المحكم بإفراغ أسباب حكمه في شكل معين أو وفق ترتيب حتمي يقيده طالما كانت هذه الأسباب الصريحة أو الضمنية كافية في مجموعها وبحسب الظاهر لتحقيق الغرض منها .

ويجب بيان أسباب حكم التحكيم، ولو كان التحكيم مع التفويض بالصلح وفقاً للمادة 4/39 من قانون التحكيم .

ويرجع ذلك لعموم النص في المادة ٢/43 من قانون التحكيم، فلم تفرق بين التحكيم بالقانون والتحكيم مع التفويض بالصلح .إلا أنه يتعين- في تقديرنا -ألا يؤاخذ حكم التحكيم بالصلح في نطاق التسبيب كما يؤاخذ الحكم المبني على القانون فلكل منهما الأسباب الملائمة له، فالتحكيم مع التفويض بالصلح لا ينفي أن هيئة

التحكيم تملك رخصة الإرتكان إلي قواعد قانونية إذا رأت أن الحل العادل يكمن في

تطبيقها، فتفويض المحكمين بالصلح وبالحكم وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف لا يعني إستبعاد حكم القانون، إذ لو تحقق المحكمون من أن حكم القانون يحقق العدالة ويراعي المصالح المشروعة للطرفين فلا تثريب عليهم.

ضوبط تسبيب أحكام التحكيم 

ولا يكفي لإعتبار حكم التحكيم مسبباً أن يذكر في تأييده أية أسباب، ولكن يجب أن يراعي عدة ضوابط عند تسبيب حكم التحكيم، وفقاً لما إستقر عليه الفقه والقضاء .

1- يجب أن يشتمل الحكم علي أسباب كافية لقضاء الحكم بالنسبة لكل طلب علي حده .

2- لا يلتزم المحكم بتعقب جميع الأقوال والمستندات والحجج التي قدمها الأطراف .

3- يجب أن يتضمن الحكم ما يفيد تطبيقه القواعد القانونية الواجبة التطبيق علي الموضوع التي إتفق عليها الطرفان، إذ يترتب علي إستبعاد الحكم تطبيق هذه القواعد بطلانه (م 1/53 د من قانون التحكيم)، فيجب أن يكون تسبيب الحكم مقنعاً لمن يطلع عليه بعدالته لا مجرد إستيفاء شكل الحكم لأن القصور المخل ينحدر به إلى درجة عدم التسبيب ، كما يجب ألا يصل خطأ حكم التحكيم في تطبيق القاعدة القانونية الواجبة التطبيق علي الموضوع لدرجة المسخ، والمسخ يعني- في أحد وجوهه- تجريد القاعدة القانونية الواضحة الدلالة والمستعصية علي الجدل والتي لا مهرب منها من مضمونها وإفراغها من محتواها بإعمال ما يناقضها أو التحلل منها ومحو كل تأثير لها أو طمسها وتجريدها من كل قيمة .

4 - ويجب ألا تكون أسباب حكم التحكيم متناقضة فيما بينها، فتناقض الأسباب أو تعارضها مع المنطوق يبطل الحكم، وقد عرفت محكمة النقض التناقض الذي يفسد الأحكام، بأنه الذي تتماحي به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، ولا يمكن أن يفهم منه على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به .

هل يعتبر تناقض أسباب حكم التحكيم الواقعية سبباً لبطلان حكم التحكيم في مفهوم المادة 53 من قانون التحكيم؟

يثير تناقض الأسباب في تقديرنا التساؤل حول ما اذا كان التناقض في أسباب الحكم الواقعية يعد سبباً لبطلان حكم التحكيم؟

إستقر قضاء محكمة إستئناف القاهرة علي أن التناقض في أسباب الحكم الواقعية أو القانونية ليس سبباً لبطلان حكم التحكيم في مفهوم المادة 53 من قانون التحكيم . معللة ذلك بأن هذا التناقض لا يعتبر من أحوال بطلان حكم التحكيم، ذلك أنه يكفي لصحة هذا الحكم أن يكون مسبباً ما لم يتفق على غير ذلك. أما مضمون هذه الأسباب أو صحتها فإنها مسألة تخرج عن رقابة قاضي البطلان  ، وبعبارة أخرى أنه يكفي أن يتضمن حكم التحكيم رداً على إدعاءات الخصوم وأوجه دفاعهم الجوهرية ولا يهم بعد ذلك مضمون هذا الرد أو مدى سلامته من الناحيتين القانونية والواقعية إعتباراً بأن دعوى البطلان ليست طعناً بالإستئناف على حكم التحكيم كما أنه لا محل للقول بأن تناقض الأسباب بشبه عدم ذكرها في الحكم، ذلك أن خلو حكم التحكيم من ذكر الأسباب هو عيب شكلي Vice de Form بينما تناقض الأسباب عيب موضوعيVice de Fond والبحث فيما إذا كان هناك تناقض في أسباب الحكم يفرض إبداء الرأي في موضوع النزاع وهو ما يخرج عن نطاق دعوى البطلان،...، ومن ثم فإن تناقض الأسباب (واقعية كانت أم قانونية) لا يعجزها عن القيام بدورها في الرقابة التي ترمي إلى التأكد من أن المحكمين قد تناولوا بالرد على إدعاءات الخصوم وما أبداه كل منهم من دفاع جوهري بقطع النظر عن مدى صواب أو خطأ هذا الرد لأن ذلك يتعلق بموضوع النزاع  .

رأى الباحث في المسألة:

في تقديرنا أن قضاء محكمة إستئناف القاهرة سالف البيان محل نظر، فقد خلطت المحكمة بين كفاية أسباب حكم التحكيم في كافة جوانبه علي النحو الذي يحقق الربط المنطقي بين حيثيات الحكم ومنطوقه الذي تضمن النتيجة التي إنتهي إليها في قضائه دون أن تحمل في طياتها تناقضاً ، يمس قضاء الحكم أو تعارضاً مع المنطوق. وبين التناقض أو التعارض بين الأسباب التي بني عليها حكم التحكيم قضاؤه في موضوع النزاع، الذي تتماحي به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه علي النحو الذي لا يعرف معه الأساس الذي قضت هيئة التحكيم بما قضت به.

فلا يقبل في مجال الأحكام وما يتوجب لها من إحترام وما تستهدفه من بعث الطمأنينة في نفس المتحاكمين بأن هيئة التحكيم قد ألمت بوقائع الدعوي وعناصرها ودفاع ودفوع الأطراف وما قدموه من مستندات أمامها لها أصلها الثابت بالأوراق، ويحقق للحكم وظيفته، القول بأن التناقض في أسباب الحكم ليس سبباً لبطلان حكم التحكيم بمحجة أن ذلك من شأنه أن يجعل محكمة دعوي البطلان تراجع موضوع حكم التحكيم لأنه يخرج عن نطاق دورها الرقابي، لأن ذلك من وجهة نظرنا غير دقيق وينطوي علي تخلي من محكمة البطلان عن دورها في مراقبة مدي إتفاق حكم التحكيم مع النموذج القانوني الذي نص عليه إتفاق الطرفين ونص القانون.

ونعتقد أنه  يجب علي محكمة الرقابة ومع عدم الإخلال بالطبيعة الخاصة للتنظيم القانوني للتحكيم كوسيلة إتفاقية لتسوية المنازعات، أن تبحث دون أن ينطوي عملها علي مراجعة لقضاء حكم التحكيم في الموضوع، وبما تستظهره من الحكم ذاته وما تضمنه من أسباب صريحة أو ضمنية كافية في مجموعها وبحسب الظاهرلتحقيق الغرض منها، وما إذا كان هناك تناقضاً بين هذه الأسباب بعضها البعض أو بينها وبين المنطوق من شأنه أن يؤثر في أسباب الحكم وقضاؤه .

كما أنه يتعين التفرقة بين القصور في أسباب الحكم الواقعية وبين القصورفي أسبابه القانونية ، فالأول يبطل الحكم والثاني لا يؤدي إلي بطلانه ما لم يكن مخلاً ويصل بالتسبيب لدرجة الإنعدام، فيتساوي مع خلو الحكم من الأسباب.

ولقد استقرت أحكام محكمة إستئناف باريس في قضائها بشأن منطقية أسباب حكم التحكيم وما إذا كانت تؤدي إلي النتيجة التي إنتهي إليها قضاء هيئة التحكيم، علي الإكتفاء بمجرد تسبيب الحكم دون النظر إلى ما إذا كانت هذه الأسباب مقنعة أو غير مقنعة أو صحيحة أو غير صحيحة، إلا أنها وبالرغم من ذلك تمسكت في قضائها بوجوب ألا تكون هذه الأسباب متعارضة مع أسباب أخري .

 وقضاء محكمة استئناف باريس في هذا الخصوص يخالف قضاء محكمة إستئناف القاهرة المار ذكره، فهما وإن إتفقا في مسألة الإكتفاء بمجرد تسبيب الحكم دون النظر إلي ما إذا كانت هذه الأسباب مقنعة أو غير مقنعة أو صحيحة أو غير صحيحة، إلا أنهما إختلفا بشأن مسألة تناقض الأسباب من الناحيتين القانونية والواقعية .

ونري أن ما إنتهي إليه قضاء محكمة استئناف القاهرة من شأنه التقليل من دور محكمة دعوي البطلان، فإقتصار دورها علي مجرد مراقبة الوجود المادي لأسباب الحكم دون النظر إلي صحتها يؤديكما يري بعض الفقه- وبحق إلي إفرغ هذه الرقابة من مضمونها ويجعلها فارغة المحتوي .

كما أن النعي علي حكم التحكيم بعدم التسبيب - وقعاً لما ذهبت إليه محكمة إستئناف القاهرة- غالباً ما سيكون وهماً لا قيمة له.

ويتعين _ في تقديرنا التفرقة في هذا الخصوص بين حالتين:

الحالة الأولي: التي يكون فيها تسبيب حكم التحكيم واجباً، ففي هذه الحالة يجب أن يستوفي حكم التحكيم ما يقرره القانون الواجب التطبيق بشأن تسبيب قضاؤه، ويجب أن يوجد الرابط المنطقي بين حيثيات الحكم ومنطوقه، فتكون الأسباب التي بني عليها الحكم قضاؤه مؤدية إلى النتيجة التي إنتهي إليها في منطوقه، وفي هذه الحالة يكون المنطق أو الإستدلال القانوني للمحكم وتناقض أسباب الحكم الواقعية والقانونية محلاً لرقابة محكمة البطلان وفقاً للمادة (1/53 ز) من قانون التحكيم.

الحالة الثانية: عندما لا يكون تسبيب حكم التحكيم واجباً إذا إتفق الطرفان علي ذلك، أو كان القانون الواجب التطبيق علي الاجراءات لا يشترط التسبيب، فإنه لا يكون في هذه الحالة محلاً للقول بوجوب مراعاة قواعد التسبيب ويكفي أن يبني الحكم علي أية أسباب تقررها هيئة التحكيم أو بدون أسباب، لأنها في هذه الحالة إنما تنفذ إرادة طرفي التحكيم، أو تطبق القانون الواجب التطبيق علي الاجراءات، ولا تثريب عليها حينئذ إن جاء الحكم خلواً من الأسباب أو تناقضت أسبابه أو تماحت، فلا فرق عند الأطراف بين تسبيب الحكم وعدم تسبيبه في هذه الحالة.

ويترتب علي خلو حكم التحكيم من الأسباب حال وجوبه بطلان حكم التحكيم إعمالاً لحكم المادة 1/53 ز من قانون التحكيم فهو يفقده الشروط القانونية اللازمة لصحته .

وفي بيان ماهية خلو حكم التحكيم من الأسباب قررت محكمة إستئناف القاهرة، أن المقصود بخلو الحكم من الأسباب الذي يترتب عليه بطلانه، هو أن يكون الحكم خالياً من الأسباب أو كانت أسبابه لا تصلح للحكم في أي طلب لكونها مجهلة ومبهمة .

ومن المقرر في قضاء محكمة النقض، أن إغفال الحكم دفاعاً جوهرياً لأحد الأطراف ومؤثراً في النتيجة التي إنتهي إليها الحكم قصور في أسباب الحكم الواقعية يؤدي إلي بطلان حكم التحكيم ، بإعتباره عيباً ذاتياً في الحكم وفقاً للمادة 1/53 ز من قانون التحكيم ، أما القصور في أسباب الحكم القانونية فلا يؤدي من حيث الأصل إلي بطلان حكم التحكيم طالما كان الذي أقام الحكم قضاؤه عليه كافياً ومؤدياً للنتيجة التي إنتهي إليها وفقاً للرباط المنطقي الواجب بين المنطوق وأسبابه، فإذا إنتفى ذلك الرباط بحيث أصبح الحكم خالياً  من الأسباب التي تبرره، فإنه يكون باطلا .

والمقرر أن رقابة محكمة البطلان تقف عند حد بحث مدي إتفاق الحكم مع النموذج القانوني المقرر وفقاً لما إتفق عليه الطرفان وما نص عليه القانون من قواعد قانونية إجرائية أمرة متعلقة بالنظام العام، فلا تمتد إلي بحث تعييب قضاء الحكم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهم هيئة التحكيم لحقيقة الواقع في الدعوي.

فلا يتسع نطاق دعوي بطلان حكم التحكيم لذلك، فهي ليست طعناً بالإستئناف علي حكم التحكيم ، فخطأ المحكم في تكييفه للعقد علي فرض وقوعه لا ينهض سبباً لإبطال حكمه لأن دعوي البطلان تختلف عن دعوي الإستئناف .

ويترتب علي ذلك وعلي ما قررته محكمة النقض، أن القصور في تسبيب حكم التحكيم غير المخل،أو الفساد في الإستدلال، أو إيراد تقديرات قانونية خاطئة، لا يبطل حكم التحكيم طالما صدر وفق إجراءات القانون، لكونها لا تندرج تحت مسوغ رفع دعوي بطلان حكم التحكيم المحدد بنص المادة 53 من قانون التحكيم .

ويعتبر الخطا في تطبيق القانون الذي يصل لحد المسخ الذي تكشف عنه أسباب حكم التحكيم سبباً لبطلان حكم التحكيم وفقاً لحكم المادة (١/٥3 د ) من قانون التحكيم، ويشترط أن يكون للمسخ الذي يدخل في مدلوله إستبعاد القانون المتفق علي تطبيقه، أثره الواضح علي الحل الذي خلص إليه المحكم في حكمه .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة إستئناف القاهرة، أن الخطأ في تطبيق القانون إلي حد المسخ مقصود به في شأن أحكام التحكيم، أن لا تكون أسباب الحكم- بشكل ظاهر ملموس ولافت للنظر - قائمة علي أسباب مبهمة بحيث لا يستبين معالمها، أو مشوبة بالغموض أو كانت عبثية، أو أن ما جاء بالأسباب يعاكس ما هو ثابت بوضوح في الأوراق، أو أن الدليل الذي إعتمدت عليه الأسباب غير معتبر قانوناً، أو أن النتيجة التي إنتهي إليها المحكم تتعارض مع ما ساقه من مقدمات، في مثل هذه الحالات لا تكون بصدد تكييف الواقع أو خطأ في تطبيق قاعدة قانونية أو فهمها وإنما الخطأ هنا إلي مرتبة عدم وجود قانون بالمرة .

ويخضع تقدير محكمة البطلان لإستيفاء حكم التحكيم للأسباب التي بني عليها قضاؤه لرقابة محكمة النقض بما لها من سلطة تقدير أسباب الطعن ورقابة .