يقصد بأسباب الحكم حيثياته والسند الذي يقوم عليه... ويشمل ذلك الردود التي يجب أن يبينها الحكم على طلبات، وحجج الخصوم، ودفوعهم، ومستنداتهم. ويعتبر التسبيب من أهم عناصر حكم التحكيم إن لم يكن الأساس لمضمون الحكم.
ولذلك قُضي بأن "أي جزء في الحكم غير مبني على أسباب واضحة تعيب مضمون حكم التحكيم. وإغفال مناقشة الأدلة المقدمة من الأطراف ومستندات الدفاع الجوهرية يشوب الحكم بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه".
أوجب قانون التحكيم النموذجي بأن يبيّن في قرار التحكيم الأسباب التي بني عليها القرار، ما لم يكن الطرفان قد اتفقا على عدم بيان الأسباب. وفي اتجاه الإلزام بتسبيب الأحكام التحكيمية ذهبت قوانين التحكيم العربية محل البحث التي نصت على وجوب أن يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا أتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم.
هذه القوانين منحت الأطراف حرية الاتفاق في فرض تسبيب حكم التحكيم أو عدم تسببه. الحكم، فإن مؤدي ذلك هو أن إرادة الأطراف قد اتجهت إلى إلزام هيئة التحكيم بالتسبيب. ولذلك قضي على أنه " إذا لم يتفق الطرفان على عدم التسبيب وخلا الحكم من التسبيب فهو باطل ".
نظام م التحكيم السعودي أوجب بأن يكون حكم التحكيم مُسيّباً. وبذلك فإن المشرع السعودي كان موفقاً وعملياً عندما لم يخضع هذه المسألة لرغبة الأطراف، بل جعل تسبيب حكم التحكيم ضرورة مسلماً بها، لأن ذلك يضمن للأطراف معرفة واضحة للطريق الذي سلكته هيئة التحكيم للوصول إلى النتائج التي وصلت إليها. فعلى سبيل المثال لا يكفي أن تحكم هيئة التحكيم برد الدعوى أو عدم قبولها دون أن تبين أسباب ذلك أو أن تقضي في حكمها بالفائدة أو بالتعويض دون أن تبين أسباباً واضحة لذلك.
وهيئة التحكيم تسبب حكمها بالأسباب التي تراها مناسبة، دون أن تتبنى ما يدعيه الأطراف من أسباب أو يُطرح عليها من قبلهم... فالهيئة تبني تسبيبها للحكم على الوقائع الثابتة التي يحتويها ملف القضية أو التي قامت باستخلاصها من الملف أو توجبها أحكام القانون المطبق على النزاع، بحيث يؤدي التسبيب إلى النتائج التي توصلت إليها هيئة التحكيم في حكمها المنهي للنزاع.
وبمعنى أوضح يجب أن يتضمن حكم التحكيم أسباباً محددة وواضحة ... ويجب توافر أسباب لكل طلب على حدة. لأن " التعليل الذي يأتي ملائماً وكافياً للحل لا يدخل أمر مراقبته أمام قضاء الإبطال والتعليل الخاطئ ليس سببا للإبطال ". أما إذا خلا الحكم من الأسباب التي قام عليها فإنه يكون باطلاً. ذلك أن " أحد العناصر التي تضفي على المستند وصف الحكم ".
كما أن التناقض في التسبيب للحكم يعتبر في الاجتهاد القضائي سبباً للإبطال. حيث قضت الدائرة التجارية الأولى بالمحكمة العليا بأن الاضطراب في أسباب الحكم وفساد الاستدلال والخطاء في تأويل المواد القانون يوجب نقض الحكم. وفي حكم اخر لنفس الدائرة قضت بأن تعارض أسباب الحكم مع منطوقه يلحق به البطلان وقالت الدائرة التجارية في حكمها هذا " حيث إن العبرة بمنطوق الحكم، فإنه متى كانت الأسباب متعارضة معه فإن الحكم يصبح والحالة هذه غير محمول على الأسباب التي أوردها في حيثياته وبالتالي فإنه يكون قائماً على غير أساس للتهاتر والتماحي بين أسبابه ومنطوقه وبين فقرات منطوقه فيما بينها مما يجعل الحكم مخالفاً للنظام العام.
وهكذا يبقى التسبيب ضماناً لرصيد الثقة بالتحكيم والرقابة على عمل المحكمين وعلى الطريقة التي توصلوا بها إلى النتائج في حسم النزاع التحكيمي.