. أوجبت المادة الثانية والأربعون أن يكون حكم التحكيم مسبباً.
والمقصود بأسباب الحكم هي الوقائع، والأسانيد الشرعية والنظامية التي بني عليها الحكم، فهي دعائمه وركائزه، والتي لا يقوم بدونها، ومسوغات قبوله، و ضوابط صحته .
فمن خلال هذه الأسباب يتحقق الأطراف والمحكمة المختصة من أن هيئة التحكيم حملت حكمها على أسباب سائغة تدل على أن الدعوى قد بحثت بحثاً كافياً.
وأوجب النظام أن يكون حكم التحكيم مسبباً، ولم يمنح الأطراف حق الاتفاق على خلاف ذلك، الأمر الذي يدل على أهمية التسبيب في نظر المنظم، معتبراً إياه من ضمانات التقاضي الأساسية في التحكيم؛ حيث إن خلو حكم التحكيم من الأسباب التي قام عليها عیب جوهري، وهو ما أكدت عليه هيئة التدقيق ضمن الأسباب التي أوردتها لنقض حکم صدر ولم يتضمن الأسباب التي قام عليها؛ حيث قالت: "خلا قرار هيئة التحكيم بداءة من تضمينه الأسباب التي قام عليها، وهذا عيب جوهري يستوجب نقضه، ولا يكفي في هذا المجال أن تقوم الهيئة بإعداد مذكرة لاحقة تبين فيها الأسباب التي أقامت عليها قرارها".
والتسبيب له ضوابط نكاد نتبينها من حكم المحكمة استئناف القاهرة قالت فيه: "يجب أن يشتمل الحكم على أسباب بين الأدلة التي كونت (الهيئة) منها عقيدتها وفحواها، وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق، ثم تنزل عليها تقديرها، ويكون مؤدياً للنتيجة التي خلصت إليها، وذلك حتى تتأتی مراقبة سداد الحكم، وأن الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة، ولها أصلها الثابت بالأوراق، وتتأدى الأوراق مع النتيجة التي خلصت إليها؛ حتى يقتنع المطل على الحكم بعدالته، ويمكن المحكمة في دعوى البطلان من مراقبة صحة الحكم وخلوه من العوار المبطل له ..." .
كما نلاحظ أن التسبيب يكون واجباً ولو كانت الهيئة مفوضة بالصلح، فلم يستثن النظام هذا النوع من التحكيم من التسبيب.
ولكن يثور التساؤل حول مدى التسبيب المطلوب في أحكام التحكيم، وهل يكون بنفس مستوى تسبيب الأحكام القضائية؟
لا يمكن أن ننكر أن المحكم قد لا يكون بنفس مستوى ثقافة القاضي النظامية والشرعية، فقد يكون مهنياً، أو تاجراً، أو صاحب خبرة لا تجاری، ولكن كون أحد الأطراف قد اختاره لا يعني أنه أصبح بنفس كفاءة القضاة في كتابة الأحكام.
ولذلك ليس من العدالة أن يتم مساواتهم من حيث تطلب التسبيب في أحكام التحكيم كأحكام القضاة.
- وقد قضت محكمة التمييز الكويتية بأن: "صحة حكم المحكم لا تقاس بذات الأقيسة التي تقاس بها أحكام القضاء، فيكفي لحمل حكم المحكم على الصحة أن يرد بأسبابه ملخص للوقائع التي استخلصها من المساجلة الدائرة بين طرفي النزاع محل التحكيم، وأن يصيب في توقع ما يحكمها من القواعد القانونية، فلا يعيب الحكم أن إيراده للأسباب جاء بصفة عامة، أو بطريقة مجملة، ما دام لم يقع في موضوعها مخالفة للقانون".
- 2 ) أن يتم ذکر ملخص لوقائع الدعوى ضمن الأسباب، وبيان ما تم تقديمه من الأطراف من مستندات أو دفاع جوهري، وأن تكون الأسباب متعلقة بموضوع النزاع وكافية لحمل منطوقه؛ بأن تتوافر صلة منطقية بينها وبين منطوق الحكم .
3) يكفي لصحة (حكم التحكيم) أن يكون مسبباً. أما مضمون هذه الأسباب أو صحتها، فإنها مسألة تخرج عن رقابة قاضي البطلان، وبعبارة أخرى: يكفي أن يتضمن حكم التحكيم رداً على ادعاءات الخصوم وأوجه دفاعهم الجوهرية، ولا يهم بعد ذلك مضمون هذا الرد، أو مدى سلامته من الناحيتين القانونية والواقعية، اعتباراً بأن دعوى البطلان ليست طعناً بالاستئناف على حكم المحكمين".
4) لا يؤدي القصور في أسباب حكم التحكيم القانونية (النظامية) إلى بطلان الحكم، ويتوافر القصور في الأسباب القانونية إذا كانت الأسانيد القانونية التي استند إليها الحكم مخالفة للقانون أو غير كافية.
5) لا يلزم المحكم بتعقب جميع الأقوال والمستندات التي يقدمها الخصوم. 6) يجب أن تكون الأسباب غير متناقضة فيما بينها، أو متناقضة مع المنطوق