وقد أوضح قضاؤنا الوطني أهمية التسبيب في حكم المحكمين بشكل مفصل حيث ورد فيه أن المادة ٢٦١ مرافعات قديم (م) ۱۸۳ مرافعات جدید) توجب على المحكمين كتابة الأسباب التي يستندون إليها في حكمهم كما تنص م ٤/٢٦٥ مرافعات قديم (م ٤/١٨٦ مرافعات جديد) على بطلان التحكيم إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، إلا أنه من المقرر أن صحة حكم المحكمين لا تقاس بالمقاييس ذاتها التي تقاس بها أحكام القضاء إذ يكفي لحمل حكم المحكمين على محمل الصحة أن يرد بأسبابه ملخص الوقائع التي استخلصها من المساجلة الدائرة بين الطرفين في النزاع محل التحكيم وأن يصيب في توقيع ما يحكمها من القواعد القانونية، فلا يعيبه إيراده لأسباب الحكم التحكيمي بصيغة عامة أو بطريقة مجملة ما دام لم يقع في موضوعها مخالفة للقانون .
وقد جاء هذا الحكم امتداداً لأحكام سابقة سارت في نفس الاتجاه" بأنه لا يؤخذ حكم المحكمين بما يأخذ به القضاء بصدد الدقة المقررة في التسبيب ومن ثم فعدم كفاية التسبيب أو إبرازه في صورة عامة لا يؤدي إلى البطلان .
يتضح من ذلك أن تسبيب الحكم التحكيمي أمر لازم لنفاذ الحكم وإلا كان باطلا، حيث أن رقابة المحاكم على أحكام التحكيم تظهر من الأسباب التي تقال بشأن تبرير صدور الحكم ومن ثم إذا وجد أن ما أورده الحكم هو تقريرات موضوعية سائغة لا مخالفة فيها للثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وقد استظهرها الحكم المطعون فيه وفي نطاق سلطاته وبأسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى ومستنداتها فإن حكم المحكمين قد خلص صحيحاً إلى ما انتهى إليه من قضاء وأنه لم يلحقه سبب من أسباب البطلان بعد أن بين الحقيقة التي اقتنع بها وتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم وحججهم وطلباتهم ورد استقلالاً على كل طلب أو حجة .
يعتبر تسبيب الأحكام من المبادىء الأساسية في تحقيق العدالة، فهو يضمن لأطراف التقاضي حق الاطلاع على عدالة الحكم التي تظهر من عدالة الأسباب التي تكمن خلفه ومن ثم فمهما قيل في جواز إصدارها بشكل مختصر إلا أنها يجب أن لا تتعارض مع الحكم التحكيمي بل تؤدي منطقياً إلى صدوره.
وعادة ما تتبع أحكام التحكيم ذات النهج المتبع بالنسبة للأحكام القضائية من حيث التسبيب والتشريعات في هذا الصدد نوعان : نوع يشترط التسبيب وهو النوع الغالب في التشريعات الوطنية والدولية ونوع لا يشترط تسبيب الحكم التحكيمي بل يترك ذلك لرغبة أطراف التحكيم.