حكم التحكيم / أسماء المحكمين والخصوم وألقابهم وصفاتهم وأسماء وكلائهم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / اشتمال الحكم على أسماء الخصوم والمحكمين وأوصافهم:
"يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم، وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً" (المادة 3/43) . وقد استعمل النص عبارة الوجوب، بما يعني أن تخلف هذه البيانات يوجب بطلان الحكم، وهو ما قضت به فعلاً محكمة استئناف القاهرة حين قررت "وحيث إنه من بين ما تنعاه الشركة رافعة الدعوى على الحكم الطعين عدم اشتماله على البيانات الواردة بالفقرة الثالثة من المادة 43 من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ وهي أسماء الخصوم وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، وإذ جرى نص تلك الفقرة على أنه: "يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم، وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً". وإذا خلا الحكم الطعين من ذكر معظم تلك البيانات، إذ خلا من ذكر عناوين الخصوم وجنسياتهم وصورة من اتفاق التحكيم، ومن ثم فقد جاء باطلاً وهو ما تقضي به هذه المحكمة دون حاجة لبحث باقي أسباب البطلان أياً كان وجه الرأي فيها" .
وتتباری مختلف قوانين ونظم التحكيم في تحديد شكل الحكم وبياناته . وهذه القوانين وإن اختلفت فيما بينها في تعداد هذه البيانات سواء بالنقص أو الزيادة، فإنها تكاد تجمع على أن يكون حكم التحكيم مكتوباً وموقعاً من هيئة التحكيم، بل ومن هذه القوانين ما يشترط بالإضافة إلى التوقيع أن يكون الحكم مختوماً بخاتم هيئة التحكيم كقانون التحكيم الصيني .
ونحن نرى أن مفهوم الكتابة والتوقيع هنا يتسع ليشمل الكتابة والتوقيع الإلكتروني، حيث أن الاتجاه المعاصر في دول العالم ومن بينها مصر يتأسس على الاعتراف بالكتابة الإلكترونية كالكتابة التقليدية سواء بسواء، ومن ثم يستوفي شرط الكتابة ويكون حكم التحكيم صحيحاً سواء ورد في شكل كتابة تقليدية أم إلكترونية. وبالنسبة للتوقيع الإلكتروني فقد عرفه المشرع المصري بأنه "ما يوضع على محرر الكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره" وكذلك تعرض لحجيته مقرراً أنه "للتوقيع الإلكتروني، في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، ذات الحجية المقررة للتوقيعات في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، إذا روعي في إنشائه وإتمامه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون والضوابط الفنية والتقنية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" .
ويعضد هذا الموقف في القانون المقارن أن قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي ذاته قد اعتد مؤخراً بالتوقيع الإلكتروني في مجال التحكيم التقليدي بواسطة مادته الثالثة والثلاثين التي لاقت قبولاً من مختلف الولايات الأمريكية. ويضاف إلى ذلك أيضاً أنه إذا كان القانون المدني لمقاطعة كيبك يشترط الكتابة، فإن استطلاع نية المشرع من خلال صياغة أحكام هذا القانون . وبالتحديد المواد من 1837 إلى 1839 - توصي بشمول مصطلح الكتابة للوثائق التقليدية والإلكترونية دون تفرقة، سواء بالنسبة لكتابة الحكم أو توقيعه.
وبالنسبة لشكل حكم التحكيم الإلكتروني نجد أن المادة ٢٥ من تنظيم محكمة الفضاء قد وضحت الإطار العام لشكل حكم التحكيم الإلكتروني حين قضت بأنه "(1) يعد أن حكم التحكيم قد صدر في دولة مقر التحكيم. (2) يجب تسبيب حكم التحكيم. (3) يتعين توقيع حكم التحكيم كما يجب أن يتضمن التاريخ الذي صدر فيه" . وقد سبق لنا بيان الأحكام المتعلقة بتحديد مقر التحكيم الإلكتروني، وعلمنا أن هذا المقر يكتسب مفهوماً قانونياً قوامه اعتبار الحكم وكأنه قد صدر في دولة المقر ولو لم يكن كذلك فعلاً . وتعيد المادة ١/٢٥ التأكيد على هذا المفهوم بنصها على اعتبار الحكم صادراً في دولة المقر ولو كان النطق به لم يتقرر في هذه الدولة فعلا. فمحكمة الفضاء تستقر في كندا، بيد أن المحكمين المعتمدين لديها ينتشرون في كل أنحاء العالم؛ ولذلك فإذا تم اختيار دولة كمصر مقراً للتحكيم، فإنه لا يشترط أن ينتقل المحكم إليها لينطق بالحكم فيها.
كما تم تأكيد وجوب أن يكون حكم التحكيم الإلكتروني مسبباً ومتضمناً للتاريخ الذي صدر فيه. ويكون حكم التحكيم مسبباً إذا تضمن من الأسانيد والحجج ما يكفي لتبرير قرار هيئة التحكيم الإلكتروني. كما يتعين أيضاً أن يكون الحكم موقعاً من الهيئة سواء أكانت أحادية التشكيل أم ثلاثية التشكيل، وفي الفرض الأخير يتضمن الحكم بصفة أساسية ثلاثة توقيعات أو على الأقل توقيعي عضوي الأغلبية. ورغم أن النص لم يتطلب أن يكون حكم التحكيم الإلكتروني مكتوبا، فإن شرط توقيعه يتطلب بالضرورة وبحكم اللزوم أن يكون مكتوباً على اعتبار أن التوقيع لا يرد إلا على الكتابة.
ونوضح هنا أنه في حالة تشعب آراء هيئة التحكيم إلى ثلاثة آراء فإنه يكفي توقيع رئيس هيئة التحكيم بمفرده لصحة حكم التحكيم الإلكتروني. حيث بمطالعة نص المادة ٢٤ السابق بيان أحكامه الذي يواجه فرض تشعب آراء هيئة التحكيم إلى ثلاثة آراء مختلفة نجد أنه يقضي بأنه "... إذا تعذر الوصول إلى أغلبية تولى رئيس الهيئة الفصل في الدعوى بمفرده"، كما أن نص المادة ٣/٢٥ بقولها "يتعين توقيع حكم التحكيم"، لم يتطلب إلا مطلق التوقيع، دون أن يتطلب توقيع مختلف أعضائها. ولكن نؤكد أنه يشترط أن يذكر في الحكم الظروف التي صاحبت إلى عدم توصل هيئة التحكيم إلى إجماع أو أغلبية.
وقد قضت محكمة استئناف القاهرة في هذا الخصوص بأنه "إذا كان الثابت من الأوراق أن محكم المدعي قد رفض التوقيع على ورقة الجلسة على الحكم المطعون فيه، وبالتالي لم يوقع مسودة هذا الحكم فضلاً . أسباب الحكم المطعون فيه لم يبين سبب امتناع المحكم المذكور عن التوقيع على الحكم، فإن المحكمة تستخلص من ذلك أنه يناقش رأيه ولم تجر مداولة على نحو قانوني سليم عن كامل أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم؛ ومن ثم يكون نعى المدعي ببطلان الحكم لهذا السبب في محله" .
ويتعين أن نلقي الضوء على الكيفية المتطلبة لتوقيع هذا الحكم: هل يجب . في جميع الأحوال ـ كتابة الحكم على أوراق مع التزام المحكمين بتوقيعه باليد ؟ خاصة وأنه في النهاية سيتم تنفيذه في دولة محددة.
في البداية نشير إلى أنه يتعين أن يصدر حكم التحكيم الإلكتروني كحكم التحكيم التقليدي في شكل يستوفي المتطلبات التي تقضي بها القوانين بشأن الكتابة والتوقيع، خاصة وأن هناك بعض الدول لا توجد فيها حتى الآن قوانين تعترف بالكتابة الإلكترونية أو بالتوقيع الإلكتروني، وهو ما يثير العديد من العوائق التي قد تنتج عن التفسيرات المختلفة التي قد تبديها المحاكم لشرطي الكتابة والتوقيع؛ ولهذا يتعين الاحتياط قدر الإمكان بشأن هذه المسألة حتى لا يرفض تنفيذ الحكم من قبل قضاء بعض الدول.
وقد لا يخرج الأمر عن أحد فرضين: إما أن يتم كتابة الحكم على أوراق عادية مع توقيعه بواسطة المحكمين باليد، وإما أن ينشر على موقع الدعوى تذيله بالتوقيع الإلكتروني لأعضاء الهيئة.
وبالنظر إلى مجمل أحكام تنظيم محكمة الفضاء نجد أنها قد قررت عدم الاكتفاء بنشر تطورات الدعوى على موقعها الإلكتروني، وإنما أوجبت على السكرتارية علاوة على ذلك أن تقوم بإخطار الأطراف بكل مستندات الدعوى بالبريد بما في ذلك حكم التحكيم ذاته . ولا ريب أن الإخطار بالبريد يعني منح الخصوم نسخة من حكم التحكيم الإلكتروني على ورق عادى ممهوراً بتوقيع هيئة التحكيم.
وبالتعرض على الجانب الآخر لأوصاف حكم التحكيم الإلكتروني في مفهوم جمعية التحكيم الأمريكية نجد أن المادة 10 من الإجراءات التكميلية بشأن التحكيم الإلكتروني تنص على أنه "لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان الحكم، مع ذكر المحكم لهذا المكان في الحكم. وفي حالة غياب مثل هذا الاتفاق، يتعين على المحكم تحديد مكان الحكم مع ذكره في الحكم". ولم يعبأ النص إلا بذكر مقر التحكيم الإلكتروني في الحكم فقط. ومن غير المتصور أن يصدر الحكم دون توقيع الهيئة أو دون أن يكون مسببا. وبالرجوع إلى قواعد التحكيم التجاري السارية لدى الجمعية في شأن التحكيم التقليدي، نجد أن المادة ۲۷ تحمل عنوان "شكل حكم التحكيم وأثره" وتقرر أنه:
1 - تصدر الأحكام التحكيمية عن هيئة التحكيم كتابياً وبدون تأخير ويكون حكم التحكيم نهائياً وملزماً لجميع الأطراف. ويلتزم الأطراف بتنفيذ حكم التحكيم بدون تأخير.
2 ـ على هيئة التحكيم أن تذكر الأسباب التي استندت إليها في حكم التحكيم، ما لم يتفق الأطراف على عدم حاجة ذكر الأسباب.
3 - يجب أن يتضمن حكم التحكيم تاريخ ومكان إصداره، ويجب أن يكون المكان المحدد بالاستناد إلى المادة 13 من هذه القواعد.
4 ـ يمكن أن يصبح حكم التحكيم علنياً وذلك حصراً بموافقة جميع الأطراف أو بحسب ما يقتضيه القانون.
5 ـ ترسل نسخاً من حكم التحكيم إلى الأطراف بواسطة المسؤول الإداري.
6 ـ إذا اقتضى قانون التحكيم في البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم أن يتم إيداعه أو تسجيله. على هيئة التحكيم التقيد بذلك المقتضى.
7 ـ بالإضافة إلى إصدار حكم تحكيم نهائي، يمكن لهيئة التحكيم اتخاذ قرارات أو أحكام تحكيمية مؤقتة، إعدادية أو جزئية.
8 ـ ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، يمكن للمسؤول الإداري أن ينشر أو بوجه آخر أن يجعل أحكام تحكيمية وقرارات وأحكام مختارة علنية، تمت إعادة تحريرها لإخفاء أسماء الأطراف وغير ذلك من تفاصيل الهوية أو تلك التي أصبحت علنية خلال عملية التنفيذ أو غير ذلك".
وبالتأمل في هذا النص الأخير نجد أنه يقضي على الكثير من المشاكل المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم الإلكتروني، لاسيما تلك المتعلقة بشرطي الكتابة والتوقيع . فلاشك أن مساواة حكم التحكيم الإلكتروني بحكم التحكيم التقليدي، بإخضاعهما لنص واحد يتطلب كتابة الحكم على ورق وتوقيعه بيد المحكمين يستجيب لشروط تنفيذ الأحكام التي تتطلبها قوانين مختلف الدول. يضاف إلى ذلك أنه إذا كانت أحكام التحكيم الإلكتروني سيتم نشرها على الموقع الإلكتروني للدعوى ممهورة بتوقيعات المحكمين، فليس هناك على الإطلاق ما يمنع من استلام نسخة ورقية من الجمعية للإسهام في تنفيذ الحكم على نحو ميسر.
وأيا ما كان الأمر، فإن التنسيق بين نص المادة 10 ونص المادة 27 وكذلك نص المادة ١/٢٦ يوصي بأن حكم التحكيم الإلكتروني يجب أن يصدر . في مفهوم جمعية التحكيم الأمريكية ـ كتابة، ومشتملاً على البيانات الآتية:
1- بيان أسباب الحكم.
2- تاريخ ومكان إصدار حكم التحكيم.
3- توقيع أغلبية المحكمين.
وبهذه المثابة لا نكاد نجد أية اختلافات جوهرية بين قوانين التحكيم التقليدي ونظم التحكيم الإلكتروني بشأن شكل حكم التحكيم، ولاسيما بشأن شرطي الكتابة والتوقيع، حيث يتعاظم الاتجاه المنادي بالاعتراف بكل من الكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ومساواتهما بالكتابة التقليدية والتوقيع التقليدي، مما يساعد على التئام الفجوة القائمة بين هذه النظم. كما تتجه هيئات التحكيم الإلكتروني ذاتها، إلى منح الخصوم مستندات عادية بأحكام التحكيم الإلكتروني وذلك إلى جانب المستندات الإلكترونية المثبتة لهذه الأحكام، حتى تستجيب لشروط التنفيذ المقررة في مختلف الدول، ولتكون بمنأى عن تعسف التفسيرات التي قد يبديها القضاء الوطني لبعض النصوص المقررة في القوانين الداخلية.