الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / اجراءات التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد19 / هذا الحكم يكرس التحكيم كمرجعية في القضايا الكبرى

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد19
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    570

التفاصيل طباعة نسخ

ان القضايا الكبرى لم تعد حكراً على القضاء الرسمي، بل باتت مطروحة بشكل متزايد يوماً بعد يوم امام المحكم. ان القرار التحكيمي الصادر بتاريخ 22/3/2013 ،موضوع التعليق، يعطي مثلا واضحا على ان التحكيم اصبح مرجعية يلجأ اليها كبار المحتكمين من أجل الفصل في النزاعات المهمة. صحيح انه لا يمكن الاستغناء عن القضاء لا في المرحلة السابقة لصدور القرار 1 التحكيمي 2 ولا في المرحلة اللاحقة له لكن الصحيح ايضاً ان التحكيم اصبح جزءا من عملية استثمار رؤوس الاموال، وذلك لأن معظم الاتفاقيات الاستثمارية الدولية، ان لم نقل كلها، تتضمن بنداً تحكيمياً على اعتبار ان هذا البند يشكل عامل اطمئنان للفرقاء. ان القرار التحكيمي المشار اليه يتضمن حلولاً قانونية عديدة تتميز بمستواها العلمي وببعديها النظري والعملي. لن نتطرق الى كل هذه الحلول، انما سنتوقف عند مسألة مهمة مرتبطة بقانون التحكيم، وليـس بالقانـون المطبق على الموضوع، وهي مسألة القيام بمساعٍ ودية قبل اللجوء الى التحكيم. 1 -كما هو الحال عندما يتدخل القضاء من أجل المؤازرة في عملية تعيين المحكم اذا قامت عقبة في سبيل هذا التعيين (المادة 764 من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني). 2 - كما هو الحال عندما يستعان بالقضاء من أجل ابطال القرار التحكيمي (المادة 800 من القانون المذكور) او من أجل اعطائه الصيغة التنفيذية (المادة 795 من القانون المذكور). تضمنت المادة /29 /من العقد موضوع النزاع شرطاً تحكيمياً جاء فيه ما يلي: "في حال نشوء اي نزاع بين الطرفين يتعلق بتفسير نصوص هذا العقد او تنفيذها اثناء سريانه يتم تسويته ودياً، واذا تعذر ذلك يحال النزاع الى التحكيم وفقاً لاحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية الصادرة بتاريخ 26/النوار ( نوفمبر) 1980 مسيحي." يستفاد مما تقدم ان السعي الى ايجاد تسوية حبية قبل احالة النزاع الى التحكيم، يشكل جزءا من الشرط التحكيمي الذي التزم به الفريقان. يتبين من القرار موضوع التعليق ان الفريقين لم يختلفا على مبدأ السعي لايجاد تسوية ودية ، انما اختلفا على تحديد الفريق الذي يتحمل مسؤولية عدم نجاحها. فالجهة المدعية أدلت بأن الجهة المدعى عليها هي التي اقفلت باب التسوية الودية والجهة المدعى عليها إدعت العكس. استعرض القرار، موضوع التعليق، بصورة مفصلة، ادلاءات الفريقين المتعلقة بهذه المسألة والمدعومة بمستندات، واعتبر ان المساعي الودية قد بذلها الطرفان، قبل تقديم الدعوى التحكيمية ، ولكن دون الاسفار عن نتيجة. ان اهتمام القرار، موضوع التعليق، بواقعة حصول المساعي الودية، دليل على انه تقيد بمضمون الشرط التحكيمي الذي نص على ضرورة القيام بها قبل احالة القضية الى التحكيم. ان هذا الامر يستدعي ابداء الملاحظات الآتية: الملاحظة الاولى: من المسلم به ان الشرط التحكيمي يتمتع بالقوة الالزامية مثل جميع العقود التي تخضع لقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين. 3 ان هذه القوة الالزامية تشمل الشرط التحكيمي بجميع مندرجاته وليست محصورة بنواته 3 -قد يتضمن الشرط التحكيمي مندرجات متعلقة بالمرحلة السابقة للمحاكمة التحكيمية، مثل السعي الى ايجاد حل ودي قبل احالة القضية الى المحكم، واو مندرجات متعلقة بالمرحلة اللاحقة لصدور القرار التحكيمي، مثل التنازل عن الطعن بهذا القرار بطريق الاستئناف. في جميع الاحوال يجب احترام هذه المندرجات ما لم تكن باطلة بشكل واضح، وذلك لان هذه المندرجات تشكل جزءا لا يتجزأ من  الصلبة dur Noyau التي هي ضرورة الاحالة الى التحكيم. إف ذا كان هذا الشرط ينص على وجوب السعي الى ايجاد تسوية حبية قبل اللجوء الى التحكيم إ ف، نه ينبغي احترام مشيئة الفريقين بالنسبة الى هذا السعي. الملاحظة الثانية: ان فعالية الشرط، الذي ينص على السعي الى ايجاد تسوية حبية قبل اللجوء الى التحكيم، مستمدة من نية الفريقين فلا بد من الوقوف عند هذه النية وهذا ما فعله القرار موضوع التعليق. جاء في القرار موضوع التعليق ما يلي: "وحيث ان البادي من عبارات هذا النص ان الطرفين وان اتفقا على التسوية لما قد ينشأ بينهما من نزاع، وعلى ان يحال النزاع الى التحكيم في حال تعذر تسويته ودياً، الاّ انهما لم يحددا طريقة ما لاجراء هذه التسوية الودية، ولم يرسما اية خطوات اجرائية يجب سلوكها لإدراك تلك التسوية، فضلاً عن انهما لم يحددا كذلك ميعاداً تجري خلاله تلك التسوية، ولم يشترطا اجراء التسوية بمشاركة اشخاص بعينهم، ولما كان النص في المادة 29 المذكورة على ان تتم تسوية النزاع ودياً، قد خلا من بيان شروط اعماله، بحيث انه لا يمكن فهمه الاّ اذا كان مقصوده هو مجرد التعبير المبدئي عن نية الطرفين في بذل الجهد لتحقيق تسوية ودية قبل بدء التحكيم، ومن ثم لا يجوز الزامهما بدخول مفاوضات غير منتجة من شأنها تأخير الفصل في النزاع بطريقة منظمة ". الملاحظة الثالثة: ان الأهمية التي اعطاها القرار موضوع التعليق لنية الفريقين منسجمة مع القاعدة التي تنص 4 على ان الرضى يجب ان يكون فعلياً . ولا يكون كذلك الاّ اذا انطوى على نية حقيقية بالالتزام .Animus contrahendi انطلاقاً من هذه النية يفرق علماء القانون و ، لا سيما في لبنان وفرنسا، بين الإعلان الإرادي 4 -شدد المشترع اللبناني على ضرورة ان يكون الرضى فعلياً، وذلك في المادة 177 فقرة اولى من قانون الموجبات والعقود التي تنص على ان لا مندوحة عن وجود الرضى فعلاً "وفي المادة 182 من القانون المذكور التي تنص على انه لا يكون القبول فعلياً منشئاً للعقد الا اذا كان مطابقاً كل المطابقة للرضى اذ انه جواب له". التعليقـــات مجلة التحكيم العالمية 2013 – العدد التاسع عشر 572 volonté de manifestation الذي ينطوي على النية بالالتزام، وبين الاعلان الارادي الذي لا ينطوي على مثل هذه النية. ففي الحالة الاولى، يصار الى اعمال مبدأ الزامية العقود، اما في الحالة الثانية فلا يترتب على الاعلان الارادي اي اثر قانوني. يراجع بهذا المعنى: Malaurie - Aynès, Stoffel – Munck – Défrénois – 4ème édition – n° 435 pages 220 et s. Aussi, parce que les parties n’ont pas l’intention de se lier, existe-t-il des accords de volonté, et par conséquent, des conventions qui ne sont pas des contrats, ne font pas naître d’obligations et n’ont, en droit, aucun effet. تحققت الهيئة التحكيمية، في القضية الحاضرة، من ان بند السعي المسبق الى ايجاد تسوية ودية جاء خالياً من الايضاحات التي من شأنها ان تعطي دليلاً على وجود النية الحقيقية بالالتزام مثل تحديد "طريقة اجراء التسوية" "والخطوات الاجرائية الواجب سلوكها ." "والميعاد الذي تجرى خلاله تلك التسوية" او "اشتراط اجراء التسوية بمـشاركة اشـخاص بعينهم". انطلاقاً مما ورد اعلاه وصف القرار موضوع التعليق بند "السعي المسبق الى التسوية الودية ،" بأنه مجرد "التعبير المبدئي عن نية الطرفين في بذل تسوية ودية"، واعتبر بأنه "لا يجوز في هذه الحالة الزام الطرفين بدخول مفاوضات غير منتجة من شأنها تأخير الفصل في النزاع". ان القرار، موضوع التعليق، وصل الى هذه النتيجة بعد ان تحقق من ان الحل الحبي قد اصبح متعذراً ولا طائل من ورائه."ان هذه النتيجة تستند ليس فقط الى مضمون شرط السعي المسبق الى التسوية الودية (خلوه او عدم خلوه من البيانات المتعلقة بطريقة اجرائه ....الخ) بل ايضاً الى وقائع القضية وظروفها، وخاصة تصرفات الفريقين التي يستدل منها رفض الحل الحبي، وبالتالي عدم جدوى محاولات الوصول اليه. حول ضرورة الاخذ بعين الاعتبار ارادة الفريقين والظروف المحيطة بالقضية، يراجع: الدكتور حمزة حداد ـ التحكيم في القوانين العربية ـ الجزء الاول. الطبعة الثانية 2008 46و 45 صفحة 5 . 5 - جاء في المرجع المذكور أعلاه:ما في الحالة التي تكون فيها نية الالتزام contrahendi Animus متوافرة، فإن شرط السعي المسبق الى ايجاد تسوية ودية يكون متمتعا بالقوة الالزامية مما يستدعي التقيد به ليس فقط من قبل الفريقين، بل ايضاً من قبل المحكم الذي يتوجب عليه ان يتوقف عن النظر في القضية لحين التأكد من استنفاذ المساعي المنصوص عليها في الشرط التحكيمي. مما لا شك فيه ان مسألة السعي المسبق المشار اليه أعلاه تطرح بطريق الدفع voie par exception’d من قبل المحتكم ضده. وهنا لا بد من طرح السؤالين الآتيين: - ما هي الطبيعة القانونية لهذا الدفع؟ - ما هو الجزاء المترتب على تجاهل هذا الدفع؟ اولاً: في طبيعة الدفع المستمد من وجوب اجراء السعي المسبق للوصول الى تسوية ودية: ان هذا الدفع هو اجراء يرمي الى التوقف عن السير بالمحاكمة التحكيمية، يدلي به المحتكم بوجهه لاجل افساح المجال امام الفريقين لايجاد حل ودي ينهي النزاع. إف ذا كان هذا هو الهدف الذي يسعى اليه الفريقان، فان هذا الدفع يمكن اعطاؤه وصف الدفع الاجرائي بمعنى المادة 52 من قانون اصول المحاكمات اللبناني التي تنص على ما يلي: "على اية حال، يمكن القول بأن المسألة في الأمثلة السابقة، هي مسألة تفسير لإرادة الطرفين، كما ان الفصل فيها يخضع للظروف المحيطة بالقضية. ففي ظروف معينة، قد تقضي هيئة التحكيم باختصاصها في تسوية النزاع، في حين تقضي الهيئة ذاتها بعدم اختصاصها في نزاع مماثل في ظروف اخرى، وقد يكون كلاهما مبرراً. ففي مثالنا السابق الخاص بعقد مقاولة الفيديك، قد تجد هيئة التحكيم من ضمن المستندات المقدمة لها، ان المهندس الاستشاري، سبق له وبين رأيه صراحة بعدم احقية المطالبة التي قدمها المقاول مثلاً. في هذه الحالة، قد تخلص الهيئة الى القول بأن لجوء المقاول للمهندس فيما يتعلق بذات المطالبة، أصبح لا فائدة منه، وبالتالي فإن اللجوء الى التحكيم صحيح، بالرغم من عدم تقديم المطالبة للمهندس بصورة اصولية. لذلك، لا يجوز القول هنا ان عدم توافر الشرط المسبق للاحالة الى التحكيم يؤدي دوماً وبصورة مطلقة الى ان يصبح حكم التحكيم معيباً دون الأخذ بعين الاعتبار كافة الظروف الاخرى ذات الشأن. كما انه بالنسبة لشرط المفاوضات السابقة على اللجوء للتحكيم، قد يتبين لهيئة التحكيم من الظروف، ان الطرف الآخر غير معني باي تسوية ودية، لو عرضت عليه قبل اللجوء الى التحكيم. وان ذلك الطرف، بالرغم من اثارته الدفع الخاص بالمفاوضات، لم يبدِ اي مبادرة منه للمفاوضات والتسوية الودية طيلة اجراءات التحكيم. لذلك، قد تخلص هيئة التحكيم الى القول، بأن شرط المفاوضات السابقة على اللجوء الى التحكيم، لا جدوى منه في ظل الظروف المحيطة وتقضي باختصاصها في الفصل في النزاع". "الدفع الاجرائي هو كل سبب يرمي به الخصم الى اعلان عدم قانونية المحاكمة او سقوطها او وقف سيرها." تقابل هذا النص المادة 73 من قانون اصول المحاكمات المدنية الفرنسي التي تنص على ما يلي: « Constitue une exception de procédure tout moyen qui tend soit à faire déclarer la procédure irrégulière ou éteinte, soit en suspendre le cours ». على هذا الوصف تترتب نتيجة عملية هامة مفادها انه يجب الادلاء بهذا الدفع الاجرائي في بدء المحاكمة التحكيمية، وقبل المناقشة في الموضوع او الادلاء بدفوع عدم القبول. ان هذه المادة تقابل المادة 74 من قانون المحاكمات المدنية الفرنسي التي تنص على ما يلي: « Les exceptions doivent à peine d’irrecevabilité être soulevées simultanément et avant toute défense au fond ou fin de non-recevoir ». ان قصد المشترع من هذا النص هو منع الفرقاء من استعمال الدفوع الاجرائية كوسيلة من وسائل التسويف والمماطلة، وهذا ما شدد عليه القرار موضوع التعليق، عندما قضى بأن شرط السعي المسبق الى الحل الحبي لا يمكن ان يكون وسيلة "لتأخير الفصل في النزاع ." نصت المادة 52 فقرة 2 اصول مدنية على ما يلي: "يعتبر من الدفوع الاجرائية الدفع بعدم الاختصاص او بسبق الادعاء او بالتلازم او ببطلان الاستحضار او الاعمال الاجرائية الاخرى، وطلب نقل الدعوى للارتياب المشروع او المصاهرة ودفوع الاستمهال". يستفاد مما تقدم ان الدفع بالسعي المسبق الى الوصول الى تسوية حبية ليس مشمولا بهذا التعداد، فهل هذا يعني انه لا يمكن وصف هذا السعي بالدفع الاجرائي؟ بعبارة اخرى، هل ان التعداد الوارد في الفقرة 2 من المادة 52 المذكورة وارد على سبيل المثال ام على سبيل الحصر؟ 6 نعتقد انه وارد على سبيل المثال ، وذلك لأن الفقرة الاولى من المادة 52 المذكورة تعرف 6 -بهذا المعنى: ادوار عيد ـ موسوعة المحاكمات والاثبات والتنفيذ ـ الجزء الاول ـ مجلد 2 ـ فقرة 111 صفحة 16 ـ جاء في هذا المرجع ان الفقرة الثانية من المادة 52 من قانون اصول المحاكمات المدنية " تورد امثلة على الدفوع الاجرائية".الدفع الاجرائي بأنه كل سبب (والنص الفرنسي يقول moyen Tout (يرمي به الخصم الى وقف سير المحاكمة. ان كلمة "كل" واضحة وتعني ان التعداد المذكور وارد على سبيل المثال، مما يعني انه من الممكن ان يكون هذا الدفع ناشئاً عن مصدر آخر غير القانون لاو ، سيما اتفاق الفريقين. وهذا ما يسمح بالقول ان الدفع بالسعي المسبق لايجاد تسوية ودية هو دفع اجرائي .Exception de procédure d’origine conventionnelle الفريقين اتفاق عن ناشىء 7 تجـدر الاشارة الى ان الاجتهاد الفرنسي اصدر عدة قرارات متعلقة بشرط التوفيق conciliation de clause السابق على اللجوء الى القضاء (وليس التحكيم). على سبيل المثال نذكر: 8 القرار الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الثانية، تاريخ 6 تموز 2000 الذي قضى بصحة والزامية بند التوفيق واعتبر ان عدم التقيد به يؤدي الى عدم قبول الدعوى : irrecevabilité Ayant relevé que les conventions contenaient une clause de conciliation par laquelle les parties s’étaient engagées à soumettre leur différend à deux conciliateurs avant toute action contentieuse, un arrêt d’appel retient, à bon droit, que l’action en justice introduite par une partie sans observation de la procédure prévue par cette clause, est irrecevable. القـرار الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الاولى، تـاريخ 23 كـانون الثاني 2001 الذي قض ــى بــأن شــرط التوفيق الوارد فـي عقـد"التمـرين المهنـي" professionnel exercice لا يعتبر دفعاً بعدم القبول، وبالتالي لا يترتب علـى مخالفتـه اي 9 جزاء . La clause d’un contrat d’exercice professionnel subordonnant une action judiciaire à une conciliation des parties par l’autorité ordinale, qui ne constitue par une fin de non-recevoir, n’est pas d’ordre public et ne se trouve assortie d’aucune sanction (2e espèce). 7 -حول شرط التوفيق السابق على اللجوء الى المحاكم الرسمية، يراجع مقالتنا conciliation de clause La مجلة "العدل" سنة 1997 صفحة 14 . Revue de l’arbitrage 2001 – n° 4 pages 749 et s. obs. Jarrosson فرنسا في الصادرة" التحكيم "مجلة في منشور- 8 9 -المرجع المذكور Ibid .  القرار الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الاولى، الذي قضى بأن لمحكمة الاستئناف سلطة تقدير ما اذا كان شرط التوفيق المسبق يشكل او لا يشكل دفعاً بعدم القبول 10 واعتبر انه في الحالة الثانية لا يكون شرط التوفيق المسبق الزامياً. La cour d’appel qui a retenu par une interprétation souveraine de la volonté des parties lors de la signature de la convention que l’inobservation de la clause prévoyant un préalable de conciliation avant toute procédure ne constituait pas une fin de non –recevoir à l’action en justice, ce qui impliquait que ce préalable n’était pas obligatoire, a ainsi justifié sa décision sur ce point (3e espèce.) في الجزاء المترتب على الدفع "بالسعي المسبق الى الوصول الى تسوية ودية": ما هو الجزاء المترتب على مخالفة هذا الدفع؟ يجب تطبيق الجزاء الذي يلحظه الشرط التحكيمي. إف ذا كان هذا الشرط ينص، مثلاً، على وجوب اجراء المحاولة المسبقة ضمن مهلة معينة تحت طائلة رد الدعوى التحكيمية في حال تم تقديمها قبل انقضاء هذه المهلة، فإنه ينبغي تطبيق هذا الجزاء، اما اذا كان هذا الشرط لا يلحظ جزاء فإنه ينبغي الرجوع الى القواعد العامة. وهنا يطرح السؤال على الوجه الآتي: ما هو مصير القرار التحكيمي الصادر عن المحكم دون ان يكون هذا الاخير قد تقيد بهذا الدفع؟ هل يمكن الطعن فيه؟ يمكن الطعن في القرار التحكيمي بطريق الاستئناف اذا كان هذا الطريق سالكاً، اي اذا كان الفرقاء لم يعدلوا عنه او لم يحتفظوا صراحة بحق الاستئناف في حالة التحكيم المطلق. هل يمكن الطعن في مثل هذا القرار بطريق الابطال؟ يمكن سلوك هذا الطريق بصورة مباشرة، اذا كان يوجد نص في الاتفاقية او في القانون ، التي او الذي يرعى التحكيم، يجعل من تجاوز هذا الدفع سبباً من أسباب البطلان قائماً بذاته. اما اذا كان مثل هذا النص غير موجود فإنه لا يمكن الطعن في القرار التحكيمي بصورة 10 -المرجع المذكور Ibid. التعليقـــات مجلة التحكيم العالمية 2013 – العدد التاسع عشر 577 مباشرة لأ، ن حالات الابطال منصوص عليها، عادة، بصورة حصرية ولا يجوز اضافة حالة 11 زائدة إلى التعداد الوارد في النص، كما هو الحال في القانون اللبناني . لكن يمكن سلوك طريق الابطال بصورة غير مباشرة اذا كان بالامكان ادخال تجاوز هذا الدفع ضمن حالة من الحالات الملحوظة في النص. إف ذا انطلقنا مثلاً من أسباب البطلان المنصوص عليها في المادة 800 من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني يمكن دراسة ثلاثة احتمالات هي الآتية: الاحتمال الاول: التذرع بالفقرة 3 من المادة 800 المذكورة التي تنص على ابطال القرار التحكيمي في حالة "خروج القرار عن حدود المهمة المعينة للمحكم او المحكمين". هل يمكن اعتبار القرار التحكيمي الصادر دون المرور بصورة مسبقة بمرحلة السعي الى ايجاد حل حبي، قراراً صادراً قبل الاوان؟ بعبارة اخرى، هل يعتبر مثل هذا القرار خروجاً عن الحدود المعينة لمهمة المحكم؟ ما هو المقصود بحدود المهمة المنصوص عليها في هذه الفقرة؟ هل هي الحدود بالمعنى الموضوعي اي بالنسبة لمضمون المنازعات الخاضعة لسلطة المحكم materiae Rationae. ام المقصود ايضاً فيها الحدود بالمعنى الزمني؟ ان المادة 773 من قانون اصول المحاكمات اللبناني لحظت الحالة التي يكون فيها القرار التحكيمي قد صدر بعد انقضاء مهلة التحكيم، والمادة 800 فقرة اولى من القانون المذكور فيها لحظت الحالة التي يكون فيها القرار التحكيمي صادراً بناء على "اتفاق تحكيمي ساقط"، لكن القانون اللبناني لم يلحظ الحالة التي يكون فيها هذا القرار صادراً قبل استنفا د المحاولات الرامية الى ايجاد التسوية الحبية التي نص عليها الشرط التحكيمي. تقضي ب نأ "من استعجل الشيء 12 نصت المادة 99 من مجلة الاحكام العدلية على قاعدة كلية 11 -بهذا المعنى: ادوار عيد ـ موسوعة اصول المحاكمات والاثبات والتنفيذ ـ الجزء الحادي عشر ـ التحكيم (2 (ـ فقرة رقم 237 ـ صفحة 441 . 12 -حول القواعد الكلية في مجلة الاحكام العدلية يراجع "االقواعد الكلية في النظام اللبناني والمقارن (مع بحث في نظرية رقابة التناسب في مادة العقود)ـ اطروحة للدكتور خليل عمر غص . قبل أوانه عوقب بحرمانه". هل يمكن اعتبار هذه القاعدة مكملة للفقرة 3 المذكورة، بحيث يمكن تفسير مفهوم "حدود المهمة المحددة للمحكم ،" بأنها الحدود بالمعنى الزمني وليس فقط بالمعنى الموضوعي؟ يعتبر القضاء الفرنسي ان القرار التحكيمي يكون باطلاً لعلة خروج المحكم عن حدود المهمة المعينة له اذا لم يتقيد بالقواعد الاجرائية الملحوظة. L’arbitre qui ne se conforme pas aux règles de procédure prévues sort de la mission qui lui a été conférée. Paris 23 mai 1986, Gaz Pal – 1987. 68. Tables, V° Arbitrage, p. 68, n° 17 cité in code Procédure civile – Dalloz 2012 – Ancien article 1484 note 30 page 1072. اذا ادخلنا "السعي المسبق لاجل ايجاد تسوية حبية ،" ضمن فئة القواعد الاجرائية المشار اليها أعلاه فإنه يمكن، في هذه الحالة، ابطال القرار التحكيمي لعلة خروج المحكم عن حدود المهمة المحددة له. الاحتمال الثاني: التذرع بالفقرة 5 من المادة 800 المذكورة التي تنص على ابطال القرار التحكيمي لعلة عدم اشتماله "على جميع بياناته الالزامية المتعلقة بمطالب الخصوم والأسباب والوسائل المؤيدة لها". يمكن، مثلاً، ابطال القرار التحكيمي عملاً بالفقرة 5 المشار اليها، اذا كان قد اغفل البيان المتعلق بطلب الخصم الرامي الى وقف المحاكمة التحكيمية لحين استنفاد وسائل الوصول الى تسوية حبية، او اذا اغفل الاسباب والوسائل المؤيدة لهذا الطلب (حول هذا الموضوع يراجع : ادوار عيد المرجع المذكور صفحة 426 و 427 .( كما يمكن التذرع بفقدان التعليل لأجل طلب ابطال القرار التحكيمي الذي يكون قد قضى برد هذا الدفع (حول انعدام التعليل يراجع لطفا ادوار عيد ـ المرجع المذكور صفحة 428 (. تجدر الاشارة الى ان القانون الفرنسي الجديد الصادر عام 2011 نص في المادة 1492 فقرة 6 على ان عدم تعليل القرار التحكيمي يشكل، بحد ذاته، سبباً من أسباب بطلان القرار التحكيمي في التحكيم الداخلي.  من المادة 800 المذكورة التي تنص على ابطال القرار التحكيمي لعلة مخالفته "لقاعدة تتعلق بالنظام العام". ما لم يوجد نص في القانون او في الاتفاقية الذي يطبق او التي تطبق على التحكيم لا يمكن اعطاء هذا الوصف الى الدفع بالسعي الى الوصول الى حل حبي. سبق وذكرنا ان هذا الدفع هو procédure de exception ،كما سبق وذكرنا بأنه يجب الادلاء به في بدء 13 دفع اجرائي 14 المناقشة litis limine in تحت طائلة رده . إف ذا كان الامر كذلك إ ف، ن هذا الدفع لا يكون متعلقاً بالنظام العام، ولو كان العكس صحيحاً لكان بالامكان الادلاء به في جميع اطوار المحاكمة، على اعتبار انه يمكن الادلاء بالدفوع المتعلقة بالنظام العام في جميع مراحل المحاكمة. تجدر الاشارة الى ان القرار التحكيمي الذي يكون قد رد الدفع "بالسعي المسبق" دون تعليل لا يكون مخالفاً للنظام العام اذا كان صادراً في النطاق الدولي، وذلك لأن عدم تعليل القرار التحكيمي في هذا النطاق ليس بحد ذاته مخالفاً للنظام العام الدولي، كما هو مفهوم في القانون الدولي الخاص اللبناني (بهذا المعنى ادوار عيد: المرجع المذكور صفحة 225 .( من العودة الى القرار موضوع التعليق يتبين انه تم احترام مشيئة الفريقين بالنسبة لمحاولة الوصول الى تسوية ودية، وذلك لأنه تحقق من فشل هذه المحاولة، انطلاقاً من المستندات التي قدمها الفريقان ومن تصرفاتهما التي تدل على اغلاق الباب بوجه اية تسوية. خلاصة: ان التحكيم في القضايا الكبرى يجب ان لا يخضع فقط للاعتبارات النظرية و مل قتضيات القانون من الناحيتين المنطقية والتقنية، بل ايضاً ل لاعتبارات العملية، شرط الا تتناقض مع ارادة الفريقين ومقتضيات النظام العام والاحكام الالزامية. والمقصود بالاعتبارات العملية هي تلك التي يفرضها الحس السليمsens Bon وضرورات التيسير. .Supra آنفاً- 13 14 -آنفاً Supra .في القانون الفرنسي، يجب الادلاء بالدفع الاجرائي في بدء المحاكمة حتى ولو كان يتناول موضوعاً متعلقاً بالنظام العام (المادة 74 من قانون اصول المحاكمات المدنية الفرنسي). التعليقـــات مجلة التحكيم العالمية 2013 – العدد التاسع عشر 580 لذلك نتبنى بالنسبة "للسعي المسبق" الحل الذي اقترحه الدكتور حمزة حداد في كتابه 15 المذكور أ علاه والذي جاء فيه ما يلي: "ولكن حتى في الحالة التي يتقدم بها احد الطرفين بدعوى تحكيم مباشرة، قبل تحقق الشرط المسبق للجوء الى التحكيم، فإننا نرى حل المسألة حلاً عملياً. فمقتضيات العدالة وطبيعة التحكيم، . اذا اعترض الطرف الآخر عليها 16 تتطلبان وقف السير في الدعوى التحكيمية، وليس ردها شكلاً بسبب تقديمها قبل اوانها، بحجة عدم اللجوء للمفاوضات قبل رفع الدعوى. في هذا الفرض، يمكن لمؤسسة التحكيم المقدمة لها الدعوى التحكيمية، او لهيئة التحكيم حسب الاحوال، ان تقرر تعليق اجراءات التحكيم، واعطاء الطرفين فرصة للمفاوضات لفترة معينة، يتفقان على مدتها، او تكون هي الفترة المنصوص عليها في اتفاقهم الاصلي، فاذا انقضت الفترة دون توصل الطرفين لاتفاق تسوية، او اتفقا خلالها على استنفاد فرصة التسوية، وبالتالي فشل المفاوضات، تستمر اجراءات التحكيم بناء على طلب احد الطرفين، الذي غالبا ما يكون المحتكم. واذا نجحت المفاوضات، تقرر الهيئة انهاء الاجراءات واغلاق ملف الدعوى التحكيمية." بات من المسلم به ان القانون اللبناني والفرنسي يكرسان في التحكيم الدولي قاعدة استقلالية وصحة الشرط التحكيمي، بحيث يبقى البند التحكيمي صححياً وملزماً، حتى ولو كان العقد الذي يحمل هذا الشرط باطلا. ان مصير الشرط التحكيمي ليس مرتبطا بمصير العقد. ان هذه القاعدة تنتمي الى فئة قواعد القانون الدولي الخاص المادية privé international droit de Règle 17 matériel ،بحيث تطبق بصورة مباشرة دون المرور بقاعدة النزاع . في الحالة التي يكون فيها شرط السعي المسبق الى الوصول الى تسوية حبية ينطوي على نية الالتزام Contrahendi Animus يستحسن اخضاع هذا الشرط في التحكيم الدولي لقاعدة من هذا النوع لأ، ن هذا الشرط مكمل للشرط التحكيمي ويعتبر جزءا لا يتجزأ منه، وما يطبق على الشرط الاول ينبغي ان يطبق على الشرط الثاني. اما مضمون هذه القاعدة فهو وقف السير بالمحاكمة التحكيمية لحين استنفاد وسائل الحل الحبي ضمن المهلة المحددة في اتفاق الفريقين او المهلة التي يحددها المحكم بحسب احوال القضية.