في القضايا المدنية أمام المحاكم قد يكون هناك أكثر من مدعي واحد وكذلك قد يكون هناك أكثر من مدعي عليه واحد، وفي كل الأحوال، تبدأ إجراءات القضية أمام المحكمة المختصة مهما كان عدد الأطراف وليس لأي طرف في الدعوي سلطة في تعيين القاضي الذي ينظر هذه الدعوي. بالنسبة للتحكيم، فالوضع فيه اختلاف لأن أطراف الدعوي لهم كل الحق في اختيار المحكم أو هيئة التحكيم وذلك انطلاقا من القاعدة الأساسية (التحكيم إرادة الأطراف).
وكقاعدة عامة، يقوم الأطراف بتعيين المحكم أو هيئة التحكيم، ولكن قد يتعدد الأطراف ويكون هناك أكثر من محتكم أو محتكم ضده.
وهنا قد تطرأ مشكلة لأن الأطراف قد لا يتفقون وتعدد الآراء بالنسبة للمحكم المختار.
في قضية التحكيم الشهيرة الخاصة ب (سيمنس الألمانية ضد شركة دوتكو للإنشاءات) تعدد الأطراف المحتكمون من الناحيتين وفشلوا في الاتفاق على اختيار هيئة التحكيم بالرغم من المحاولات العديدة والمتابعة اللصيقة من محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس، حيث لجأ الأطراف للتحكيم. وبعد تفاقم الاختلاف بين الأطراف المحكمة حول اختيار هيئة التحكيم، تدخلت محكمة التحكيم وقامت بتعيين هيئة التحكيم وتم السير في الإجراءات حتى إصدار القرار النهائي من هيئة التحكيم.
بعد ذلك تقدم أحد الأطراف بالطعن النقض الحكم، وأصدرت محكمة التمييز الفرنسية قرارها بنقض حكم هيئة التحكيم وبذا اعتباره كأن لم يكن. وفي أسبابها قالت محكمة التمييز الفرنسية أن تعيين هيئة التحكيم لم تتم فيه مراعاة (المساواة) بين الأطراف المحكمة لأن تعيين (هيئة التحكيم) لم يتم بنفس الطريقة التي توفر المساواة في حق الاختيار لجميع الأطراف المحكمة بدرجة واحدة، ولذا فقرار التعيين يعارض مبادئ القانون العام الفرنسي وبالتالي يتم نقض الحكم المترتب عليه.
وتم إضافة فقرة جديدة في نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية لمعالجة الوضع خاصة بعد صدور حكم محكمة التمييز الفرنسية، في قضية (دونکو). وبموجب هذه الاضافة الجديدة وفي حالة عدم اتفاق الأطراف المتعددون، فإنه يجوز لمحكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية القيام بتعيين كل عضو من أعضاء (هيئة التحكيم) ولاحقاً تقوم بتعيين رئيس الهيئة من ضمنهم.
وهذا الموقف الذي انتهجه نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية سارت على نهجه، الأحق، العديد من مراكز التحكيم المؤسسية حيث قامت محكمة لندن للتحكيم الدولي (ال سي آية اي) ومنظمة الوايبو وأل (أي أي أي) للتحكيم بتعديل أنظمتها المنح (السلطة المختصة) لديها، والتي تعمل وفق أنظمتها، الحق في اختيار هيئة التحكيم عندما لا يتفق الأطراف المتعددون على اختيار المحكم الفرد أو هيئة التحكيم.
وبالنسبة لممارسة غرفة التجارة الدولية عند اختيار هيئة التحكيم، في مثل هذه الحالات، علمت أنهم في بعض الأوقات وسعياً للبحث عن الأفضل فإنهم قاد يستأنسون برأي اللجان الوطنية التابعة لغرف التجارة والمرتبطة بغرفة التجارة العالمية وذلك عند اختيار (هيئة التحكيم). ويطلب من اللجان الوطنية تقديم بعض الأفكار والآراء من الأسماء المطروحة لعضوية هيئة التحكيم، وبالطبع يطرح على اللجنة الوطنية اسم مواطنيها لأنهم ألصق بهم ويعرفون عنهم المزيد من التفاصيل.