الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مكان وتاريخ إصدار الحكم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / تاريخ الحكم

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    216
  • رقم الصفحة

    408

التفاصيل طباعة نسخ

 

تاريخ الحكم

كما تقدم، تتفق القوانين موضوع البحث على وجوب ذكر تاريخ صدور الحكم في ذات الحكم. وذكر هذا التاريخ له أهمية من جانبين على الأقل الأول : تنتهي مهمة المحكم، مبدئيا، من تاريخ صدور حكم التحكيم. وبعد ذلك، ليس له، كمبدأ عام، فتح ملف القضية ثانية، للنظر في أي مسألة قانونية أو واقعية تتعلق بالنزاع، إلا حين ينص القانون على ذلك صراحة ، وهو استثناء من الأصل. وبناءً عليه، عندما يدون المحكم في حكمه تاريخ صدور الحكم، ثم يتبين أنه اتخذ أي إجراء تحكيمي بعد ذلك التاريخ، فإن مثل هذا الإجراء يكون باطلاً، ويعرّض الحكم ذاته للطعن به. 

الثاني: أن مهمة المحكم محددة زمنياً بالمدة المتفق عليها بين الأطراف، أو التي حددها القانون في حال عدم الاتفاق. لذلك، فإن ذكر تاريخ الحكم يبين فيما إذا كان المحكم قد تجاوز تلك المدة، حيث يكون هذا سبباً للطعن به أم لم يتجاوزها حيث يكون الحكم سليماً من هذه الناحية.

وعادة ما يرد تاريخ الحكم في مقدمة الحكم وعلى الصفحة الأولى منه التي يذكر فيها أسماء الخصوم وممثليهم وأسماء المحكمين ومكان التحكيم وتاريخ صدوره. ولكن يجوز للهيئة ذكر تاريخ الحكم في أي مكان داخل الحكم، حتى آخـر صـفـحـة منـه ومـن المألوف أيضاً في التحكيم، أن كل محكم يذكر التاريخ عند توقيعه على الحكم، حتى لو سبق وورد هذا التاريخ في مقدمة الحكم. وأبعد من ذلك، لا يشترط أن تذكر عبارة "تاريخ الحكم" في الحكم ذاته، ولا أن يرد التاريخ على الحكم بعنوان مستقل، وإنما يكفي أن يذكر أحد المحكمين التاريخ بجانب توقيعه  ، ليعتبر شرط وجوب ذكر تاريخ الحكم قد تحقق حتى لو لم يذكر المحكمون الآخرون التاريخ بجانب تواقيعهم، أو كان الذي ذكر التاريخ بجانب توقيعه ليس رئيس هيئة التحكيم، وإنما أحد أعضائها.

والأصل أن يكون تاريخ توقيع كل محكم على الحكم، هو ذات التاريخ بالنسبة للمحكمين الآخرين ولكن استثناء، قد تختلف هذه التواريخ لأسباب تحدث في الحياة العملية. فقد يوقع محكمان على الحكم، ولكن قبل لحظة توقيع الثالث عليه، يصاب بوعكة صحية تستمر معه ليوم، فيضطر للتوقيع في اليوم التالي. أو يوقع أحد المحكمين على الحكم قبل منتصف الليل بثوان، وبعد توقيعه ولكن قبل توقيع الآخرين، يكون اليوم التالي قد دخل فيوقع الاثنان على الحكم في اليوم الجديد. ونرى في هذه الفروض وغيرها، حيث تختلف تواريخ توقيع الحكم، أن العبرة في تاريخ الحكم، هو التاريخ الذي تتحقق الأغلبية فيه، إذا كان يعتد بالحكم بتوقيع الأغلبية. وإذا كان لا بد من صدور الحكم بالإجماع، نتيجة اتفاق مثلاً، أو لأن القانون يفرض الإجماع في أحوال معينة، كما هو الحال في التحكيم بالصلح بالنسبة للقانون السعودي ، تكون العبرة بتاريخ توقيع آخر محكم على الحكم. كما تكون العبرة بتاريخ ووقت مكان صدور الحكم، وليس لأي مكان آخر، في حال إرتباط التحكيم في أكثر من مكان، وكانت أوقات وتواريخ هذه الأمكنة مختلفة عن بعضها. ومثال ذلك أن يبرم اتفاق التحكيم في الإمارات، وتعقد بعض جلسات التحكيم في قطر، في حين تعقد جلسات أخرى بما فيها جلسة توقيع الحكم في سوريا. في هذا المثال، يعتد بسوريا لتحديد وقت وتاريخ صدور الحكم، وليس للإمارات أو قطر، بافتراض اختلاف الوقت والتاريخ في هذه الأمكنة.

وفي بعض القوانين مثل القانون الإماراتي، يعتبر الحكم صادراً من تاريخ توقيع المحكم عليه بعد كتابته . ونرى حصر تطبيق هذه القاعدة، على الوضع الذي يتم فيه توقيع الحكم وتسليمه للجهة المعنية من أطراف أو مؤسسة تحكيم أو محكمة، دون النطق به في جلسة خاصة تعقد لذلك بعد دعوة الأطراف لحضور هذه الجلسة. ولكن يحصل في الحياة العملية أن يصدر المحكم حكمه وينطق به أثناء مدة التحكيم، بحضور الأطراف، ولا تتم طباعته بصيغته النهائية وتوقيعه عملياً إلا بعد هذه المدة. وفي هذه الحالة، نرى أن العبرة تكون لتاريخ النطق بالحكم  وتدوين ذلك فيه ذاته مع ذكر تاريخ النطق به وليس للتاريخ الفعلي لتوقيعه. والعكس أيضاً، لو تم التوقيع على الحكم في تاريخ معين وتم النطق به في تاريخ لاحق فالعبرة، كما نرى للتاريخ الأول وليس الثاني. وبمعنى آخر يعتد بتاريخ الحكم، بتاريخ توقيعه أو النطق به أيهما يقع أولاً. وإذا لم يتم النطق بالحكم، وإنما تم توقيعه من المحكم الذي سلمه للأطراف فيما بعد ، أو لمؤسسة التحكيم في التحكيم المؤسسي، أو تم إيداعه لدى المحكمة أصولاً وفق ما ينص عليه القانون، فالعبرة تكون عندئني لتاريخ توقيع الحكم وليس لتاريخ تسليمه أو إيداعه .