الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / صورة إتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / صور اتفاق التحكيم

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    139

التفاصيل طباعة نسخ

 ويقصد بذلك أن تتضمن ورقة حكم التحكيم نص إتفاق التحكيم الوارد في العقد أساس العلاقة القانونية التي تربط بين الطرفين أو مشارطة التحكيم المبرمة بعد نشوء النزاع. والغاية التي إستهدفها المشرع أن يكون الحكم دالاً بذاته على إستكمال شروط صحته، وذلك حتي تتمكن محكمة البطلان في حدود سلطتها من التحقق من صدور حكم المحكمين في حدود ولايتهم وسلطاتهم المستمدة من إتفاق التحكيم رعاية لصالح

الخصوم .

وقد إستقر قضاء محكمة النقض في ظل قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994، علي ما كان عليه في ظل مواد التحكيم الملغاة من قانون المرافعات، من وجوب أن يتضمن الحكم النص علي صورة من إتفاق التحكيم بإعتباره بيانا جوهرياً لا غني عنه يترتب علي خلو الحكم منه بطلانه، ويستند هذا القضاء على مبدأ الكفاية الذاتية للأحكام، الذي يقوم علي قاعدة أساسية مناطها وجوب أن يكون الحكم بذاته دالاً علي إستكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من بيانات جوهرية بأي طريق آخر.

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 43 من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية- يدل على أن المشرع قد هدف من وجوب إثبات هذا البيان - صورة اتفاق التحكيم- في الحكم هو التحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطتهم المستمدة من إتفاق التحكيم, رعاية لصالح الخصوم فهو بذلك بيان جوهري لازم لصحة الحكم, يترتب على تخلفه عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباته بالحكم بما يؤدي إلى البطلان, ولا يغير من ذلك أن يكون إتفاق التحكيم مرفقاً بأوراق الدعوى التحكيمية, ذلك بأنه يلزم أن يكون الحكم بذاته دالاً على إستكمال شروط صحته وفقاً لمبدأ الكفاية الذاتية للأحكام, بحيث لا يقبل تكملة ما نقص منها من البيانات الجوهرية بأي طريق آخر .

وقد شايعت أحكام محكمة إستئناف القاهرة قضاء محكمة النقض المار ذكره، فأبطلت أحكام التحكيم التي جاءت خلواً من صورة من نص إتفاق التحكيم بإعتباره بياناً جوهرياً لازماً لصحة الحكم، تطبيقاً لمبدأ الكفاية الذاتية للأحكام، التي لا تقبل تكملة ما نقص منها من بيانات جوهرية بأي طريق آخر.

فقضت محكمـة إسـتئناف القاهرة، أن المشـرع قـد أوجـب إشـتمال حكم التحكيم على صورة من وثيقة التحكيم وذلك يتحقق بأن يكون الحكم دالاً بذاته علـى إستكمال شـروط صحته وحتـى تستطيع محكمـة الـبطلان أن تراقـب حكم التحكيم من حيث مدى الإلتزام بحدود ما ورد بإتفاق التحكيم،...، وكان هذا الذي آورده حكم المحكمـيـن ضـمن تحصيله لطلبـات الشركة المحتكمـة لا تتحقـق بـه الصورة التي تطلبها المشرع من ضرورة اشتمال حكم التحكيم على وثيقة التحكيم لأن ما يعرضه الخصوم في صحيفة دعواهم ما هي إلا مزاعم تحتمل الصدق وغيره ويكون على المحكمة أو الهيئة التحكيمية أن تذكر اتفاق التحكـم مـن خـلال تحصيلها ومطالعتها للستند الذي تضمنه وتذكر نصوصه وعباراته كما وردت حتى يستكمل حكم التحكيم أركانه الشكلية التي تدلل بذاتها على كل ما تحتاجه محكمة البطلان عند مراجعتها للحكم لتحديد نطاق ولاية هيئة التحكيم بين الشرط أو المشارطة وما فصلت فيه دون حاجة إلى إستكمال عناصر الحكم من خلال مطالعة أوراق أخرى خارج الحكم ذاته.

تبنى محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة لمعيار تحقق الغاية بشأن بطلان حكم التحكيم لخلوه من صورة من نص اتفاق التحكيم

تبنت محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة إعمال مقتضي حكم المادة ٢٠ من قانون المرافعات بشأن تحقق الغاية من الإجراء ولو نص القانون علي بطلانه، في قضاء آخر حديث لهما وقضيا برفض دعوي بطلان حكم التحكيم الذي لم يشتمل علي نص إتفاق التحكيم، علي الرغم من إستقرار قضاؤهما علي بطلان حكم التحكيم لمجرد عدم النص فيه نص اتفاق التحكيم.

فقضت محكمة النقض بأنه، وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن غاية المشرع من إيجاب إثبات صورة من إتفاق التحكيم في حكم التحكيم وفقاً للمادة 3/43 من القانون رقم ٢٧ لسنة 1994 هي التحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطاتهم المستمدة من إتفاق التحكيم رعاية لصالح الخصوم، إلا أن هذه الغاية يمكن أن تتحقق بفرض خلو الحكم من صورة وثيقة التحكيم ما دام أن إغفال هذا البيان، لم يؤد إلى عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباته بالحكم؛ بأن يكون الحكم دالاً بذاته على إستكمال شروط صحته، وذلك حتى تتمكن محكمة البطلان من مراقبة حكم التحكيم من حيث مدى الإلتزام بحدود ما ورد في إتفاق التحكيم، كما أن قانون التحكيم قد خلا من النص على البطلان لعدم إشتمال الحكم على صورة من إتفاق التحكيم، بما لازمه أنه يشترط للقضاء ببطلانه وفقاً للمادة 53 (ز) من قانون التحكيم، أن يؤثر بطلان الإجراء على الحكم ذاته، بأن لا تتحقق الغاية التي قصدها القانون من الشكل أو البيان المعيب أو الناقص، فإذا تحققت رغم البيان الناقص فلا يحكم بالبطلان إعمالاً للمادة ٢٠ من قانون المرافعات، ويقع على عاتق المتمسك بالبطلان عبء إثبات وجود العيب، وإثبات عدم تحقق هذه الغاية بسبب ما شاب العمل الإجرائي من عيب .

وقضت محكمة استئناف القاهرة، برفض دعوي بطلان حكم التحكيم الذي لم يشتمل علي صورة المشارطة ما دام قد صدر في نطاق المنازعات التي حددتها المشارطة، كما أن قانون التحكيم قد خلا من النص علي البطلان جزاء لعدم إشتمال الحكم علي صورة من اتفاق التحكيم ووفقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات، إذا لم ينص القانون صراحة علي البطلان فلا يحكم به إلا إذا أثبت المتمسك بالبطلان عدم تحقق الغاية منه ولم يثبت المدعي عدم تحقق الغاية فإن الحكم لا يكون باطلا . ورفضت في حكم حديث لها، تبني تفسير شكلي ضيق لنص المادة 3/43 من قانون التحكيم بضرورة أن يتضمن الحكم التحكيمي صورة من إتفاق التحكيم الوارد بعقد المقاولة بلغته الأصلية وهي اللغة الإنجليزية، فقررت أنه يكفي ما خلص إليه الحكم التحكيمي في هذا الشأن، حيث لا يبطل لمجرد أنه لم يورد في أسبابه شرط التحكيم-حسب ترجمته العربية- إذ يكفي ما ورد في أوراق الخصومة التحكيمية من بيان كمحاضر الجلسات أو بيان دعوي التحكيم، فتلك الإشارة تغني عن إثبات ذلك الإتفاق بأكمله في ورقة الحكم، فلا يكون الحكم معيباً إذا لم يتضمن إتفاق التحكيم بنصه وصياغته وعباراته، طالما تبين لهذا الإتفاق أصل ثابت في أوراق الدعوي التحكيمية، وأن المحكم لم يغفل ذكر مضمونه ودلالته في أسباب حكمه ولو بشكل موجز أو بأي صيغة يراها مناسبة لتحقيق غرض المشرع في هذا الخصوص.

حكم محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 50 تجاري)- في الدعوي رقم 41 لسنة 115 القضائية و11 لسنة 116 القضائية – جلسة ١٩٩٩/٥/٢٦، مشار إليه د/ فتحي والي - قانون التحكيم – مرجع سابق - هامش 5 ص 438. وقضت ذات المحكمة، برفض دعوي بطلان حكم التحكيم لعدم إرفاق صورة من إتفاق التحكيم بالحكم وإستندت إلي أن شرط التحكيم سبق النص عليه في حكم تمهيدي أصدرته المحكمة في ذات الدعوي، كما تناولته هيئة التحكيم في الحكم الذي أصدرته برفض الدفع ببطلان شرط التحكيم، ولا نزاع في أن الأحكام التمهيدية أو القاضية في شق من النزاع تكمل الحكم المنهي للنزاع كله، وأضاف الحكم أنه فضلاً عما سبق فإن الشركة لم تنازع في مضمون شرط التحكيم المنصوص عليه في العقد ولم تدع أن الحكم الطعين قد خالف هذا المضمون أو تجاوزه. حكم محكمة إستئناف القاهرة(الدائرة ٩١ تجاري)-الدعوي رقم 69 لسنة 119 القضائية تحكيم- جلسة ۲۰۰۳/٦/٢٩ .

رأى الباحث في المسألة :

إن ما إستقر عليه قضاء محكمة النقض ومحكمة إستئناف القاهرة بشأن تقرير بطلان حكم التحكيم الذي تخلو ورقته من صورة لنص إتفاق التحكيم إعمالاً لمبدأ الكفاية الذاتية للأحكام، علي النحو السالف بيانه، وما تلي ذلك من تبني كل منهما إتجاهاً مغايراً مناطه إعمال فكرة تحقق الغاية من الإجراء، وأنه ليس بلازم أن يرد في أسباب حكم التحكيم نص إتفاق التحكيم، ويكفي لتحقق الغاية من إثباته أن يرد في أوراق الدعوي ومستنداتها التي كانت مطروحة علي هيئة التحكيم في الدعوي، وأن المحكم لم يغفل ذكر مضمونه ودلالته في أسباب حكمه ولو بشكل موجز أو بأي صيغة يراها مناسبة لتحقيق غرض المشرع في هذا الخصوص.

فقضاء كل من محكمة النقض ومحكمة إستئناف القاهرة الذي تمسك في بعض أحكامه، بحرفية نص المادة 3/43 من قانون التحكيم، فقضي ببطلان حكم التحكيم لعدم تحقق الغاية من هذا البيان لمجرد عدم ذكره في ورقة الحكم حتي ولو كان إتفاق التحكيم مرفقاً بأوراق الدعوي التحكيمية أو أشار الحكم إلي إتفاق التحكيم فيما جاء في صحيفة الدعوي.

بينما عمدتا في قضاء آخر إلي إعتماد معيار تحقق الغاية من الإجراء الباطل أو المعيب أو الناقص حتي ولو خلا حكم التحكيم من صورة إتفاق التحكيم التي أوجب القانون أن يشتمل عليها الحكم، طالما تضمن الحكم البيانات الجوهرية في إتفاق التحكيم ،أو أشار الحكم إلي ما ورد في أوراق الخصومة التحكيمية من بيان كمحاضر الجلسات أو بيان دعوي التحكيم، وقضت برفض دعوي البطلان لهذا السبب لتحقق الغاية من الإجراء إعمالاً للمادة ٢٠ من قانون المرافعات .

وهو ما يبدو معه -في تقديرنا- تردد من كل منهما في تبني معيار محدد لتقدير بطلان حكم التحكيم من عدمه، بالنسبة لبيان جوهري نص القانون علي وجوب أن يشتمل عليه الحكم ولم ينص القانون علي البطلان جزاء على مخالفته، ومن شأن ذلك التردد التأثير علي فاعلية نظام التحكيم كوسيلة ودية لتسوية المنازعات.

ومما لا شك فيه أن صدور أحكام من قضاء الرقابة ببطلان أحكام التحكيم لعدم إشتمالها على صورة من إتفاق التحكيم إعمالاً لحرفية نص المادة 3/43 من قانون التحكيم تارة، وصدور أخري برفض دعوي بطلان حكم التحكيم لتحقق الغاية من هذا البيان إعمالاً للقواعد العامة في قانون المرافعات (م ۲۰ مرافعات) تارة أخري، يؤدي إلي عدم إستقرار المعاملات بين المتعاملين في مجال التجارة علي وجه الخصوص، وهو ما قد يفقد نظام التحكيم التميز الذاتي له كنظام إجرائي إتفاقي لحسم المنازعات بين الأشخاص.

ونعتقد، في ضرورة أن يؤخذ بعين الإعتبار إختلاف فكرة التحكيم عن فكرة القضاء، فليست الحلول التي يضعها التحكيم تقليداً محضاً للحلول المتبعة في الشأن القضائي، فقد تكون القاعدة التحكيمية مشابهة أو مماثلة لقاعدة من قواعد قانون المرافعات ومع ذلك يكون لها مضموناً مستقلاً أو فهماً مختلفاً أو مدلولاً مغايراً، ومن ثم يتعين أن ينظر إلي خصوصية التحكيم بحسبانه نظاماً قانونياً مغايراً للقضاء، فالمشرع كان حريصاً أن يعامل حكم التحكيم معاملة مغايرة للمعاملة التي يعامل بها الحكم القضائي، لأن الحكم الذي يصدره المحكم هو حكم تحكيمي خالص له خصائصه الذاتية، وإن تشابه بالحكم القضائي، فهما غير متساويان، فحكم التحكيم لا يصدر في دعوي أو خصومة قضائية بل في قضية أو خصومة تحكيمية عن هيئة تم إختيارها بالشكل وبالطريقة التي حددها طرفا التحكيم ونص القانون، فلا يصدر حكم التحكيم عن محاكم الدولة ولا بإسمها، كما أنه يصدر وفقاً لإجراءات تحكيمية إتفاقية وليس إعمالاً لإجراءات قضائية، ودون إخلال بالقواعد المتعلقة بالنظام العام. ومن ثم فهو أي حكم التحكيم" نوع من الأحكام قائم بذاته له خصوصيته يخضع في ذلك لنظامه التحكيمي الإجرائي الذي يتلائم مع طبيعته الخاصة.

ومما لا شك فيه، أن إستقرار المبادئ القضائية الصادرة من المحكمة المنوط بها القيام ببسط سياج الرقابة القانونية علي أحكام التحكيم في إطار من القواعد القانونية التي نص عليها قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994، مع التزامها بحدود هذه الرقابة التي تقتصر علي التحقق من إتفاق الحكم التحكيمي مع النموذج القانوني، ومدي استيفائه للبيانات والشكل التي إتفق عليه طرفا التحكيم أو نص القانون، ما لم يكن إتفاق الطرفين يخالف القواعد الإجرائية الأمرة التي نص عليها القانون، فيكون لهذه المحكمة بوصفها الأمينة علي الدعوي وعلي حماية مقتضيات النظام العام أن تقضي بطلان الحكم من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به المدعي في الدعوي.

وفي تقديرنا، أن من شأن توحيد قضاء الرقابة علي أحكام التحكيم زيادة الثقة في فاعلية الدور الرقابي الذي يضطلع به القضاء تجاه التحكيم.

 وهو ما يجعلنا نري بضرورة تطبيق القواعد القانونية الإجرائية العامة الواردة في المادة ٢٠ من قانون المرافعات بشأن تحقق الغاية من الإجراء حتي ولو نص القانون على بطلانه، وخاصة أن المشرع لم ينص علي جزاء البطلان عند خلو الحكم من بيان صورة إتفاق التحكيم، ونري عدم التمييز بشأن تطبيق هذه القاعدة بين شرط التحكيم ومشارطته.

وقد عرفت محكمة إستئناف القاهرة في حكم مهم لها في مجال تطبيق أحكام المادة 3/43 من قانون التحكيم من شرط التحكيم ومشارطة التحكيم، فقررت وحيث أنه وعما تنعاه الشركة المدعية من بطلان حكم التحكيم لخلوه من صورة وثيقة التحكيم فإن تلك النعي في غير محله لأنه من المقرر قانونا أن مفاد نص الفقرة الأولى والثانية من المادة (١٠) من القانون رقم ٢٧ لسنة 1994 بإصدار قانون في شـأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه يقصد بالتحكيم اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية على أن يتم الفصل في المنازعة التي ثارت بينهما بالفعل أو التي يتحمل أن تثور عن طريق أشخاص يتم إختيارهم كمحكمين. ويتضح من هذا التعريف أن الأطراف قد يتفقوا 

على التحكيم قبل حدوث أي خلافات بينهم فيرد اتفاقهم في هذه الحالة في شكل شرط أو بند من بنود العقد أو الإتفاق الذي ينظم علاقاتهم الأصلية وقد يحررون وثيقة أو إتفاقاً مستقلاً يضمنونه إتفاقهم على إحالة ما قد يثور بينهم من منازعات بمناسبة العقد الأصلي إلى التحكيم والقاسم المشترك بين الصورتين أن الاتفاق على التحكيم له طابع التحسب للمستقبل ويسمى مثل هذا الاتفاق بشرط التحكيم ويجوز للأطراف الانتظار فإذا ما شجر نزاع بينهم قاموا بإبرام اتفاق على إحالته للتحكيم ويسمى هذا الاتفاق بمشارطه أو وثيقة التحكيم وفي الحالة الأولي وهي حالة اتفاق التحكيم شرطا يلزم أن يتضمن بيان المدعى تحديد مسائل النزاع وطلباته ويتم إعلان الأطراف والمحكمين بها ولم يشترط القانون المصري بيانات خاصة في اتفاق التحكيم إلا بالنسبة للحالة الثانية وهي مشارطه التحكيم إذ قضت الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر يوجب أن تشمل المشارطة على بيان المسائل محل النزاع التي يشمل التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا- وأنه وإن أوجب المشرع بالفقرة الثالثة من المادة (43) من قانون التحكيم سالفة الذكر اشتمال حكم التحكيم على صورة من اتفاق التحكيم فإن هدفه من ذلك هو التحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطاتهم المستمدة من اتفاق التحكيم فهو على هذا النحو بيان جوهري يترتب على إغفاله عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباته بالحكم بما يؤدي إلى البطلان. وتتحقق الغاية من وجوب اشتمال الحكم على صورة من اتفاق التحكيم بأن يكون الحكم دالا بذاته على استكمال شروط صحته وذلك حتى تستطيع محكمة البطلان أن تراقب حكم التحكيم من حيث مدى الالتزام بحدود ما ورد باتفاق التحكيم- لما كان ما تقدم وكان البين للمحكمة من مطالعتها بحكم التحكيم محل الطعن أن هيئة التحكيم قد ذكرت شرط التحكيم الوارد بالمادة التاسعة من العقد المؤرخ ٢٠٠٤/3/30 المحرر بين طرفي التحكيم بأسباب حكمها وسطرت أن هذا التحكيم قد أسس على ذلك الشرط- لما كان ما تقدم وكان القانون المصري لم يتطلب بيانات خاصة في إتفاق التحكيم إلا بالنسبة المشارطه للتحكيم على النحو سالف البيان فإن حكم التحكيم فيما أورده بحكمه بإطلاعه على المادة التاسعة الخاصة بشرط التحكيم يدل بذاته على كل ما تحتاجه هذه المحكمة وهي محكمة البطلان عند مراجعتها للحكم لتحديد نطاق ولاية هيئة التحكيم بين الشرط وما فصلت فيه دون حاجة إلى استكمال عناصر الحكم من خلال مطالعة أوراق أخرى خارج الحكم ذاته ولاسيما وأن الشركة المدعى عليها وهي المحتكمة قد قامت بتحديد مسائل النزاع وطلباتها- ومن لم فقد تحقق الغاية التي هدف إليها المشرع من وجوب أن يشتمل حكم التحكيم على صورة من اتفاق التحكيم ويكون النعي ببطلان حكم التحكيم لخلوه من صورة من وثيقة التحكيم عملا بالفترة الثالثة من المادة (43) من قانون التحكيم سالف البيان في غير محله والمحكمة ترفضه, حكم محكمة إستناف القاهرة (الدائرة 8 تجاري)- الدعوي رقم 49 لسنة ١٢٥ القضائية تحكيم - جلسة ٢۰۰٩/٥/١٨.

لأنه ولئن كان المشرع أوجب أن تتضمن مشارطة التحكيم بيان المنازعات الخاضعة للتحكيم وإلا كان إتفاق التحكيم باطلاً (م ٢/١٠ من قانون التحكيم)، فإن إستخلاص هذه المنازعات من أوراق الدعوي من مشارطة التحكيم أوغيرها من مذكرات ودفاع ومستندات الخصوم أو من الحكم ذاته إذا تضمن البيانات الجوهرية الواردة في إتفاق التحكيم أيا كان شكله، ولم يعترض طرفا التحكيم عليه، وكان هذا الإستخلاص سائغاً له ما يسانده من الأوراق في ملف التحكيم، وكان من شأنه أن يحقق الغاية من إيراد صورة نص إتفاق التحكيم، وهي التحقق من نطاق ولاية هيئة التحكيم وحدود سلطتها فيما فصلت فيه من موضوعات، ومن ثم تمكين محكمة البطلان من إعمال رقابتها علي حكم التحكيم.

 كما أن الهدف الذي قصد منه إيراد صورة من نص إتفاق التحكيم يبتغي تحقيق صالح الخصوم وفقاً لم قررته محكمة النقض في غير موضع من قضائها ، فإن خلو حكم التحكيم من بيان صورة إتفاق التحكيم وهو بيان جوهري لازم لصحة الحكم يجعله عيباً جوهرياً إذا لم تتحقق بسببه المصلحة التي قصد القانون إلي حمايتها وصيانتها بما أوجبه وحصلت المخالفة به.

وجدير بالإشارة أن الغاية من الشكل أو البيان أو التعرف عليها وتحديدها من مسائل القانون التي يتعين على القاضي أن يبين في قضائه الأسباب السائغة التي بني عليها قضاؤه بتحققها ورفض طلب بطلان الإجراء وتكفي لحمله، ويخضع عمل القاضي في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض. ونري أن يتم إعمال قاعدة تحقق الغاية من الإجراء وفقاً للقواعد العامة الواردة بالمادة ٢٠ من قانون المرافعات وفقاً لظروف كل دعوي علي حده، لأنه وفقاً لتلك القواعد فإن إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه كله أو بعضه لا يرتب في حد ذاته البطلان وذلك طالما أمكن تكملة النقص أو تصحيح الخطأ الذي شابها من باقي أوراق الدعوي الصادر فيها الحكم.