فإذا قضت المحكمة الطفل بالنفقة فهو إقرار بصحة نسبه إلى المحكوم عليه، واذا قضت المحكمة في موضوع الادعاء فإنها تكون فصلت في ذات الوقت باختصاص المحكمة، وبقبول هذا الادعاء، وإذا قضت المحكمة لشخص بحصته في ميراث فهو يعني أن هذا الشخص له صفة الوارث، وإذا قضت المحكمة بإخلاء العين المؤجرة فإنه حكم بفسخ عقد الإيجار؛ لأن - الإخلاء أثر من أثار الفسخ.
د – التناسق بين أسباب ومنطوقه :
متى تضمن الحكم ألفاظ و عبارات تفصح عن مقصودة بغرض رفع اللبس والغموض فإنه يتعين عند تفسيره مراعاة التناسق فيما بينها، على نحو يوجب أن لا يفسر نص بمعزل عن آخر، وتفسير الحكم يعتمد على تقريب عناصره الموضوعية بعضها من بعض نظرا لارتباط كل عنصر بغيره فكل منها يفسر الأخر إذ إن عبارات الحكم يكمل بعضها البعض.
وعلي ذلك فإن القضاء الصادر برفض الدعوي يكون في حقيقته قضاء بعدم القبول إذا كان مبناه بحسب ما تكشف عن أسباب الحكم هو تخلف شروط نظر الدعوي والفصل فيها. .
ثانيا: حالة الحكم الغامض:
متى شاب عبارة الحكم غموض أو لبس واحتملت أكثر من معنی مقبول، أو كان المعنى الظاهر للنص يجافي العقل، كان على القاضي أن يسعى للتعرف على الحكم الصحيح من خلال الربط بين منطوق الحكم وأسبابه، وأن يستهدي بأحكام محكمة النقض ، كما تعین لإزالة هذا الغموض و لرفع اللبس، اللجوء إلى الحكمة التي أدت إلي صدور الحكم.. ا و غموض النص يشمل عيوب ثلاثة، هي الخطأ والغموض والتعارض.
1- الخطأ في صياغة الحكم قد يتخذ إحدى صورتين:.
الأولى: أن يذكر فيه لفظ أخر، والثانية: أن يغفل وضع لفظ كان يجب أن يوجد..
ومثال ذلك إذا صدر منطوق الحكم: بإلزام المدعي عليهم الخصوم المدخلين بالتعويض، مما يفيد أن الخصوم المدخلين هم ذاتهم المدعي عليهم، ولكن حرف الواو السابق على كلمة الخصوم المدخلين سقط، ومن ثم يقرأ النص كالآتي: بالزام المدعي عليهم والخصوم المدخلين بالتعويض.
2- أما الغموض:
فيتأتى حين يحتمل لفظ أو عبارة في النص معنيين أو أكثر يجب الوقوف عند واحد منها، وفي بعض الأحيان يكون في جملته هو الذي يحتمل المعنيين فيقال أيضا: إنه نص غامض .
كما إذا أصدرت المحكمة حكما برفض الدعوي، حال قيام المدعي بطلب الجمع بين الأجر والمعونة المالية، فحكم رفض الدعوي ينطوي علي احتمالين: الأول: رفض الجمع بين الأجر والمعونة المالية، والثاني: ينسحب علي حرمان المدعي من كافة حقوقه القانونية فيما خصم من مرتبة.
وإذا أصدرت المحكمة حكما برفض الدعوي صحة ونفاذ عقد، تأسيسا على عدم اتخاذ إجراءات سجل عيني، فهل معني حكم الرفض ذات حجية؟ أم أنه في حقيقته حكم بعدم القبول يجوز رفع الدعوي من جديد ؟. . .
وإذا كان المدعي قد طلب تسليمه العين محل النزاع، وكانت المحكمة أخذت بتقرير الخبير الذي انتهى في تقريره أن الحجز انضب على ثلاث حجرات وصالة، وأن المدعي أوفي بالتزامه قبل المدعي عليه الذي أخل بالتزامه بعدم تمام تنفيذ العقد، ومن ثم فللمحكمة تفسير الحكم بتسلم إحدى الشقق المكونة من ثلاث حجرات وصالة.
وسائل تفسير الحكم المعيب: -
إذا شاب الحكم عيب أو أكثر من العيوب السابق ذكرها وجب تفسيره وبيان مقصود الحقيقي من وضعه، وفي سبيل هذا التفسير يسلك المفسر وسائل متعددة حتى يمكن رفع العيب، وقد يحدث أن يكفي سلوك واحد منها، كما وقد يحدث أن تسلك جميعها..
ونعرض فيما يلى لهذه الوسائل الواحدة تلو الأخرى.
أ- تقريب الألفاظ والنصوص بعضها من بعض واعتبار النص جزءا من كل .
ذلك أن الألفاظ في النص الواحد تكمل بعضها، كما أن النصوص في الحكم الواحد تكمل بعضها أيضاً، بل إن أجزاء الحكم كله تكمل بعضها.
ب- فإذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم جزئيا فيما تجاوز مساحة العشرين قيراط وضع يد المدعي فإنه يجب علي المحكمة أن تأخذ من سياق الحكم أن هذه المساحة هي وضع يد المدعي ولا يجوز طرده منها.
وإذا قضت المحكمة في أسباب حكمها برفض الطلب الأصلي وفي المنطوق بإجابة الطلب الاحتياطي فلا يجوز اعتبار الحكم متناقض، فيجب تقريب النصوص من بعضها.
معرفة السند القانوني للحكم الصادر:
يجب على الهيئة أن تعمل على الكشف عن القرار الذي يتضمنه الحكم فلا تتخذ من التفسير وسيلة لتعديل حكمها أو للحذف منه أو الإضافة إليه ، إذ يهدف كل حكم إلى تحقيق مصلحة وعدالة معينة، وتطبيق نص قانوني معين، فإدراك هذه العدالة في حكم معين هي الحكمة التي من أجلها صدر الحكم، و يستهدي القاضي والمحكم بها لمعرفة حقيقة المراد به، فإن لم تسعفه كان عليه أن يبحث عن الحكمة التي كانت سبا للنص، والوقوف على هذه الحكمة، قد يساعد في إزالة العيب عن النص.
الحالة الثانية: حالة عدم وجود نص علي حكم في المنطوق أو الأسباب:
فإذا بحث القاضي فلم يجد في الحكم لا في الأسباب أو المنطوق حكم صريح في طلب مطروح علي المحكمة، تعين عليه الاستعانة بطرق الاستنتاج المقررة، والبحث عن الحكم الضمني الضمني فإن دلت على حكم، تعين تطبيقه على النزاع، وإلا فإنه يكون أمام حالة إغفال للطلبات.