الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / الأغلبية المطلوبة للحكم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / الأغلبيه المطلوبه للحكم

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    130

التفاصيل طباعة نسخ

ويجب أن يصدر حكم التحكيم من هيئة التحكيم بكامل تشكيلها، فلا يجوز أن يصدر من الأغلبية في غياب الأقلية أو دون أخذ رأيهم.

وقد اعتمد المشرع في قانون التحكيم قاعدة الأغلبية في إصدار حكم التحكيم، حيث نص بالمادة 40 منه علي أن:" يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم علي الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم، ما لم يتفق طرفا التحكيم علي غير ذلك".

كما إعتمد ذات القاعدة بشأن توقيع المحكمين علي الحكم، فنص بالمادة 1/43 من ذات القانون علي: "1.يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون. وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية".

وتطبيق قاعدة الأغلبية في صدور حكم التحكيم أصبح أمراً يسيراً بعد أخذ المشرع المصري بمبدأ وترية عدد المحكمين عند تعددهم (م ٢/١٥ من قانون التحكيم) فهي التي تسمح في كل الحالات بإستخلاص الأغلبية أياً كان عدد المحكمين، لأن الأغلبية المطلوبة  هي الأغلبية البسيطة للآراء .

وفي تقديرنا، أن مخالفة المحكمين لقاعدة الأغلبية يترتب عليه إنعدام حكم التحكيم وليس بطلانه لفقدانه لركن من أركانه الأساسية يفقده القدرة علي أداء وظيفته، فضلاً عن مخالفته قاعدة قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام من القواعد الأساسية في التقاضي التي لا يجوز لطرفا التحكيم الإتفاق علي ما يخالفها.

عدم توافر الأغلبية المطلوبة لاصدار حكم التحكيم والحل المقترح

لم يأخذ المشرع في قانون التحكيم بحكم مشابه لما أورده بالمادة 169 من قانون المرافعات، التي تنص علي أنه في حالة عدم توافر الأغلبية وتشعبت الآراء لأكثر من رأيين وجب أن ينضم الفريق الأقل عدداً أو الفريق الذي يضم أحدث القضاة لأحد الرأيين الصادرين من الفريق الأكثر عدداً وذلك بعد أخذ الرأي مرة ثانية.ولم يضع المشرع حلا قانونياً - عند حدوث هذا الفرض في الواقع العملي.

وفي تقديرنا، فإن نص المادة 169 سالف الاشارة لا يصلح للتطبيق في مجال التحكيم، حيث أنها تضع معياراً لصدور القرار يعتمد علي وجوب إنضمام الفريق الأقل عدداً أو الفريق الذي يضم أحدث القضاة إلي الفريق الأكثر عدداً، وهو مغاير لما عليه الأمر في هيئات التحكيم، فالمركز القانوني للقاضي يختلف عن المحكم، فالأول تحكمه قواعد وإعتبارات التدرج الوظيفي في السلك القضائي التي ينظمها قانون السلطة القضائية يمكن من خلالها تحديد العضو الأحدث في تشكيل المحكمة ومن ثم إمكانية تطبيق حكم هذه المادة، فضلاً عن أن الواقع العملي عند المداولة بين قضاة المحكمة من شأنه تحقيق إمكانية إنضمام الفريق الأقل إلي الفريق الأكثر وعلي وجه الخصوص إن كان منه رئيس المحكمة الذي نظر الدعوي.

وهو ما لا يمكن تحققه في شأن هيئة التحكيم، فجميع أعضاؤها لهم نفس المركز القانوني الذي يتساوي مع غيره، ويكون من الصعوبة بمكان أن الخلاف في الرأي بإنضمام الفريق الذي يضم أحدث الأعضاء للفريق الأكثر عدداً، لعدم خضوع أعضاء الهيئة إلي تدرج وظيفي كما هو الحال بالنسبة للقضاء، فالمحكمين يتم إختيارهم من قبل الخصوم دونما إعتبار لمسألة أعمارهم أو حداثتهم.

وإزاء عدم قابلية تطبيق المادة 169 من قانون المرافعات علي النحو سالف البيان، فإن الواقع العملي يثير فرضية عدم تحقق الأغلبية اللازمة لإصدار حكم التحكيم، وهو ما قد يحدث عندما يتبني كل محكم رأي مخالف عن المحكمين الآخرين أو عندما يكون رأي المحكمين الأكثر عدداً لا يحقق الأغلبية المطلوبة لإصدار الحكم إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من ثلاثة محكمين، ولم يتضمن قانون التحكيم النص علي حل يمكن الإعتصام بحكمه عند تحقق مثل هذا القرض.

ونعتقد، أن هيئة التحكيم لا تملك أمام ذلك إلا إعادة المداولة مرة بعد أخرى حتي التوصل إلي أغلبية لإصدار الحكم، ويجب عليها أن تتنبه وهي تجرى المداولة علي هذا النحو إلي وجوب الإلتزام بالميعاد المحدد لإصدار الحكم سواء من الأطراف أو القانون الواجب التطبيق علي التحكيم بحسب الأحوال.

فإن لم تنجح هيئة التحكيم في الوصول إلي قرار قبل إنتهاء الموعد المحدد لإصدار الحكم، وجب عليها إنهاء إجراءات التحكيم وفقاً لحكم الفقرة (ج) من المادة 48 من قانون التحكيم لإستحالة إتمام المداولة بين أعضائها أو لعدم جدوي إستمرار إجراءات التحكيم.

ومثل هذه الفرضية التي لم يضع المشرع حلاً لها، من شأنها أن تنال من أهمية التحكيم كوسيلة ودية لتسوية المنازعات، وتفقده ميزته الأساسية وهي السرعة والفاعلية في القرار الصادر من هيئة التحكيم، وهو ما يجعلنا نتوجه بالدعوة للمشرع بالتدخل والنص علي حل قانوني من شـأنه أن يضع مصلحه طرفا التحكيم نصب عينيه، وأن يستصحب ما جرت به بعض القوانين المقارنة من معالجة لهذه الفرضية، ومنها المادة 1513 من قانون المرافعات المدنية الفرنسي المعدل بالمرسوم رقم 48 لسنة ٢٠١١(۳۲۳)، التي تنص علي أن:" يصدر الحكم بأغلبية الآراء, ما لم ينص اتفاق التحكيم على غير ذلك ويتم التوقيع عليه من قبل جميع المحكمين ومع ذلك، إذا رفضت أقلية منهم التوقيع, يشير إليهم الآخرون في الحكم عند عدم وجود أغلبية, يفصل رئيس هيئة التحكيم وحده في النزاع. في حالة رفض المحكمين الآخرين التوقيع, يشير الرئيس في الحكم أنه قد قام بالتوقيع على الحكم منفرداً.

الحكم الصادر وفقاً للشروط المنصوص عليها في فقرة أو أخرى من الفقرتان السابقتان يرتب نفس الآثار المترتبة إذا كان موقع عليه من قبل المحكمين أوصادر بأغلبية الأصوات ".

ونعتقد، أن ما ورد في المادة المشار إليها كاف لتحقيق مصلحة طرفي الخصومة التحكيمية، وحسم الخلاف في حالة تعذر التوصل إلي الأغلبية اللازمة لإصدار حكم التحكيم، ويحقق الفاعلية المنشودة لنظام التحكيم.