الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / الأغلبية المطلوبة للحكم / الكتب / التحكيم التجاري والبحري / المداولة واصدار القرار

  • الاسم

    د. علي طاهر البياني
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    264
  • رقم الصفحة

    151

التفاصيل طباعة نسخ

المداولة واصدار القرار

فإذا استمعت الهيئة إلى دفوع ومطالب الطرفين واستنفذت الإجراءات واجبة التطبيق على النزاع، يختلي المحكم الوحيد للمراجعة وتدقيق الأوراق والمستندات وتجتمع هيئة المحكمين المؤلفة من أكثر من محكم للمداولة أي لمناقشة الدفوع والطلبات المطروحة من قبل كلا الطرفين للوصول إلى رأي موحد أو غالب حول موضوع النزاع وبعد الانتهاء من هذه المناقشات والمراجعات من قبل المحكمين يصدر قرارهم. ولكن هل هناك نصاب معين لإصدار القرار؟ وهل يشترط اتفاق المحكمين على راي واحد وكانهم محکم وحيد؟. 

 النص في التشريع المصري قضى بأن القرار في حالة تعدد المحكمين يصدر بأغلبية آرائهم بعد أن يتداولوا في موضوع التحكيم بالطريقة التي تحددها هيئة التحكيم) فالأصل و‘ن كان اجتماعهم في مكان واحد إلا أنه لا مانع يمنع من وجودهم في أماكن متفرقة لأنه لا تشترط شكلية معينة ولا قواعد معينة لهذه المداولة سوى أن تكون سرية.

فيكفي إذن أن يعد رئيس هيئة التحكيم مشروع القرار وترسل منه نسخة إلى كل محکم في المكان الذي يتواجد فيه ثم يعيد المشروع مع إبداء ملاحظاته ورأيه فيه) وكذلك يكفي في المداولة حضور أغلبية المحكمين أو مشاركتهم ولكن هذه المشاركة لا تعني التعديل في عدد المحكمين في الهيئة الكلي الذي يصدر القرار بأكثرية الآراء على أساسه. أي أننا لو فرضنا أن عدد المحكمين كان خمسة ورفض اثنان منهم المشاركة في المداولة ولم يتفق الثلاثة الباقون بعد المداولة على حكم واحد بل اتفق اثنان منهم على حكم معين وهما يعتبران أغلبية بالنسبة لعدد المتداولين فهل تعتبر بالأغلبية في عدد المتداولين أم في العدد الأصلي؟

الجواب بالتأكيد الأغلبية تؤخد على العدد الأصلي لأن الغياب كما قلنا لا يعني التعديل في عدد المحكمين ولأن هؤلاء بجماعتهم عينوا من قبل الأطراف. والحكم بقبول المداولة بأغلبيتهم حكم ورد لسد باب التسويف والمماطلة وعدم فض النزاع.

غير أن صدور القرار بالاغلبية قد يخالفه اتفاق الأطراف لاشتراطها مثلاً صدور الحكم بالاتفاق بين المحكمين وهو ما اجازه المشرع المصري) وهو نص منتقد من وجهة أن ترکه امر النصاب للطرفين قد لايحسم النزاع بسهولة فإذا اتفقت الأطراف كما فرضنا ولم يتفق المحكمون على حكم معين فهناك احتمالان، أولهما أن يتمسك كل مخالف برأيه ولا نصل في هذا الاحتمال إلى نتيجة مرضية ولن يحسم النزاع. وثانيهما أن يتنازل المحكم المخالف عن كل رأيه أو جزء منه لكي يصل إلى الحد الذي يتفق فيه مع باقي الأراء وهو أمر يمس حسن أداء مهمة المحكم مساساً جوهرياً فقد اختارته الأطراف ليحكم بما يراه عادة فإذا توصل إلى هذه النتيجة وتنازل عن رأيه دون أن يقتنع بذلك لا يعتبر قد قام بما عليه.

أما المشرع العراقي فقد جاء بنص مشابه أي أنه جوز إصدار قرار المحكمين بالاتفاق أو بأكثرية الأراء بعد أن يتداولوا فيما بينهم") ولم يشذ المشرع الفرنسي عن هذه القاعدة غير أنه نص صراحة على أن تكون المداولة سرية بين المحكمين ويؤخذ القرار بأغلبية الأصوات ونرى أخيراً وجوب منع الاتفاق بين الطرفين على صدور القرار بالاتفاق لأن ذلك - إضافة لما سبق - يقضي على مزية تعدد المحكمين فالتعدد يعني تعدد الآراء والأفكار والخبرات الأمر الذي يجعل من حكم التحكيم عصارة وحصيلة لالتقاء هذه الخبرات في نقطة واحدة هي حكم التحكيم.