يتضح من المادة (16) من النظام السعودي، بأنه إذا كان التحكيم بالقانون، فيجب أن يصدر حكم المحكمين بالإجماع أو بالأغلبية، وإذا كان المحكمون مفوضين بالصلح وجب صدور الحكم بالإجماع. ونرى بالنسبة للتحكيم بالصلح، أن يكون المحكمون قد أصدروا حكمهم على أساس الصلح ، وعندئذ يشترط الإجماع في الحكم. أما إذا كانوا مفوضين بالحكم بالقانون أو بالصلح، واختاروا الحكم بالقانون، فتكفي الأغلبية في الحكم. وغالبية القوانين العربية تتفق على عدم التفرقة بين التحكيم بالقانون وبالصلح من هذه الناحية.
ففي كلا النوعين من التحكيم، يجوز أن يصدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية ولا فرق في ذلك.
ويطبق هذا الشرط على هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم. فلو فرضنا أن الهيئة مكونة من ثلاثة محكمين، وهذه هي الحالة الغالبة، يجب أن يصدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية من محكمين اثنين. ولو كان عدد المحكمين خمسة، فإن الحكم يجب أن يصدر عن أغلبية ثلاثة منهم على الأقل، وهكذا. وبخلاف ذلك لا يكون هناك حكم. ولكن، كما نرى، يجوز لأطراف النزاع الاتفاق على غير ذلك، ويكون اتفاقهم ملزماً. ففي التحكيم بثلاثة محكمين مثلاً، يجوز للأطراف الاتفاق على أنه في حال عدم توفر الأغلبية، أي حيث يكون لكل محكم رأي مخالف لرأي كل من المحكمين الآخرين يصدر الحكم من رئيس هيئة التحكيم منفرداً. ولو كان عدد المحكمين خمسة، يجوز الاتفاق على صدور الحكم من اثنين فقط في حال عدم توفر الأغلبية، أو من محكمين اثنين على أن يكون رئيس الهيئة أحدهما.
وقد تتوفر الأغلبية المطلوبة أو يتوفر الإجماع في جزء من الحكم، ولا تتوفر في الجزء الآخر. ومثال ذلك أن يكون عدد المحكمين ثلاثة، ويطالب البائع المشتري بالثمن مع الفوائد. فتقضي له الهيئة بالإجماع بالثمن. وبالنسبة للفوائد، يرى أحد المحكمين عدم الحكم بالفوائد مطلقاً، ويرى محكم آخر الحكم بالفوائد بنسبة 10% من تاريخ المطالبة ، في حين يرى المحكم الثالث الحكم بالفوائد بنسبة 5% من تاريخ الحكم. في هذه الحالة، نرى تجزئة الحكم إلى شق صحيح وآخر معيب، بحيث يكون الحكم بالثمن صحيحاً، والشق الخاص بالفوائد معيباً ، وذلك قياساً على القاعدة العامة في العقود، التي تقضي بأنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً وفي شق صحيحاً، وكان بالإمكان تجزئة العقد ، بطل في الشق الباطل وكان صحيحاً في الشق الآخر.
وما دام الحكم صدر بالإجماع أو الأغلبية، وتم توقيعه على هذا الأساس، فلا يعيبه النطق به من أحدهم في جلسة الحكم بغيبة المحكمين الآخرين، ما دام أذنوا له بذلك صراحة أو ضمناً ، بصرف النظر عن سبب غيابهم أو غياب بعضهم، مثل المرض أو السفر أو الانشغال بأمر آخر.