الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / كيفية المداولة وسريتها / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / الجلسات المنعقدة للتحكيم وتنظيم طرق الدفاع

  • الاسم

    هشام سعيد اسماعيل
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    408
  • رقم الصفحة

    224

التفاصيل طباعة نسخ

الجلسات المنعقدة للتحكيم وتنظيم طرق الدفاع

    الجلسة هي ظرف مكان وزمان تجتمع وتجلس فيه هيئة التحكيم... أطراف الخصومة وممثليهم لفحص موضوع النزاع واستجلاء مختلف جوانبه بسماع أقوالهم ومرافعاتهم الشفوية حول ادعاءاتهم، وذلك في المكان والزمان التي تحدده هيئة التحكيم . وللمرافعة أهميتها في أنها تعد التطبيق الحقيقي لمبدأ المواجهة؛ إذ يتمكن عن طريقها كل خصم من مواجهة خصمه بما لديه من ادعاءات وأدلة الإثبات، وهو ما يؤدي في النهاية إلى المساعدة على كشف الحقيقة واضحة أمام هيئة التحكيم. ولهذا يكون طبيعياً أن يحرص كل مشرع على كفالة الحق في المرافعة، من ذلك ما تنص عليه المادة 33 من قانون التحكيم المصري "(1) تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته. ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك. (2) ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف"  .

   وما يستنتج من نص المادة 1/33 أنه على خلاف قضاء محاكم الدولة، لا يلزم عقد جلسة مرافعة للتحكيم. 

 

  ونجد أن نص المادة 1/33 قد ميز بين فرضين:

 

الفرض الأول: اتفاق الأطراف على عقد جلسات مرافعة أو الاكتفاء بتقديم المذكرات :

   عندما يتفق الأطراف . سواء في شرط أو مشارطة التحكيم - علي عقد جلسات مرافعة أو على الاكتفاء بتقديم المذكرات، فإن هذا الاتفاق يكون ملزماً لهم وللمحكمين. فالمحكم يستمد سلطاته من إرادة الطرفين، ومن ثم لا يستطيع تجاوز الحدود المرسومة له بمقتضى الإرادة المشتركة للمتعاقدين. فالأفراد هم الأجدر على تحديد الأسلوب المناسب للفصل في دعواهم، حيث قد يرون أنه من الضروري عقد جلسة أو جلسات مرافعة لتمكين كل منهم من إبداء دفاعه وشرح بعض الأمور الفنية الدقيقة التي قد تعجز هيئة التحكيم عن الإلمام بها دون عقد هذه الجلسات. وقد يرون على العكس أن مجرد الاطلاع على المذكرات والوثائق المكتوبة يعد كافياً بذاته لاستجلاء حقيقة النزاع.

 

الفرض الآخر: غياب اتفاق الأطراف:

    إذا لم يتطرق المحتكمون لأي اتفاق بشأن عقد جلسات المرافعة أو الاكتفاء بتقديم المذكرات، فإن النص يتيح لهيئة التحكيم إما "عقد جلسات مرافعة... ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة". فعدم تطرق الأطراف لهذه المسألة في اتفاق التحكيم يعطي للهيئة الحرية في الاختيار بين أمرين: عقد جلسات مرافعة أو الاكتفاء بالمذكرات المقدمة من الطرفين. ويساعد على هذا الفهم أن نص المادة ١/٢٤ من القانون النموذجي . الذي جاء النص المصري نقلا عنه ـ يقضي بأن "تقرر هيئة التحكيم ما إذا كانت ستعقد جلسات مرافعة شفهية لتقديم البيانات أو لتقديم الحجج الشفهية، أو أنها تسير في الإجراءات على أساس المستندات وغيرها من الأدلة المادية مع مراعاة أي اتفاق مخالف لذلك بين الطرفين" .

    وإذا تقرر عقد جلسات مرافعة، سواء باتفاق الأطراف أو بناء على قرار من هيئة التحكيم، فإنه يتعين على الهيئة إخطار طرفي التحكيم بهذا القرار قبل انعقاد الجلسات بوقت كاف حتى يتسنى لكل طرف تجهيز دفاعه والاستعداد للمرافعة بالشكل المناسب.

    ويثير فرض إقرار هيئة التحكيم الاكتفاء بالمستندات المقدمة من الأطراف حال عدم اتفاق الأطراف على عقد جلسات مرافعة التساؤل عما إذا كان يستطيع أحد الأطراف التقدم للهيئة بطلب لعقد جلسة أو جلسات مرافعة؟

وهل تلتزم الهيئة بطلبه؟

    ونحن نرى أن القول ببطلان حكم التحكيم إذا رفضت الهيئة طلب أحدهما بعقد جلسات المرافعة يحمل النص أكثر من طياته. فعدم اتفاق الأطراف على عقد هذه الجلسات يعد تفويضاً منهم لهيئة التحكيم في مباشرة الدعوى بالأسلوب الذي تراه مناسبا، فإذا رأت الهيئة أن هذا الأسلوب يتحقق بالاستناد إلى المذكرات المكتوبة، فلا يلومن الطرف الذي فوضها في ذلك إلا نفسه. يضاف إلى ذلك أن أسباب بطلان حكم التحكيم قد ورد تعدادها على سبيل الحصر في المادة 53 من قانون التحكيم وليس من بينها هذا السبب .

 

    ويمكن لهيئة التحكيم أن تعقد جلساتها أو إجتماعاتها دون الاستعانة بكاتب ولكن يجب . في جميع الأحوال . تدوين "خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك" ، ويوقع على الجلسة عادة من رئيس الهيئة وأعضائها وأمين السر . إن وجد . كما يوقع عليها الأطراف على أنه يكفي لصحة المحضر التوقيع عليه ممن كتبه بالإضافة إلى رئيس الهيئة ..

    ولأن محضر الجلسة يوقعه المحكم وهو شخص مكلف بخدمة عامة، فإنه يعد ورقة رسمية، ولهذا فإنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت به إلا بسلوك طريق الطعن بالتزوير.

   وبشأن تنظيم جلسات المرافعة الإلكترونية نجد أن تنظيم محكمة الفضاء قد أوردها بنص المادة ٢١ بأنه "(1) لهيئة التحكيم، بعد فحص المستندات المقدمة من الأطراف، أن تقرر سماع الشهود والخبراء وكذلك أي شخص آخر، مع حضور الأطراف أو أثناء غيابهم. (2) ويجب على هيئة التحكيم أن تبحث في إثبات وقائع الدعوى في أسرع وقت ممكن وبكل الوسائل المناسبة. وللهيئة في سبيل ذلك أن تلجأ إلى كل الوسائل المعقولة التي تسمح بتحقيق الاتصال السريع بين الأطراف .

   ولا يختلف عمل هيئة التحكيم الإلكتروني عن عمل هيئة التحكيم التقليدي؛ إذ يلتزم المحكم الإلكتروني بما يلي : 

- فحص المستندات والمذكرات المقدمة من جميع الأطراف بما تشمله من ادعاءات ودفوع. 

- سماع أي شخص آخر يكون القيام بهذا الإجراء في مواجهته ضرورياً للفصل في الدعوى. 

- للهيئة في جميع الأحوال حرية مباشرة الخطوات السابقة إما في حضور الأطراف وإما أثناء غيابهم، وقد تقرر الترخيص لهم بحضور بعض الجلسات مع منعهم من حضور بعضها الآخر حسبما تتطلب الظروف. 

- يجب على هيئة التحكيم أن تفصل في أدلة الإثبات في أقصر وقت ممكن، ولها في سبيل ذلك أيضاً أن تقرر اللجوء إلى كل الوسائل التي تراها مناسبة.

- يسير تنظيم محكمة الفضاء في اتجاه عدم إلزام هيئة التحكيم الإلكتروني بعقد جلسات مرافعة، ويبدو ذلك صريحاً من عبارة النص " لهيئة التحكيم... أن تقرر سماع الشهود والخبراء... مع حضور الأطراف أو أثناء غيابهم".

    وعلى الجانب الآخر نجد أنه قد ورد بالإجراءات التكميلية لجمعية التحكيم الأمريكية بشأن التحكيم الإلكتروني تنظيم مسألة جلسات المرافعة الإلكترونية بنصها بالمادة 9/أ على أنه "للمحكم أن يصدر الحكم استناداً إلى المستندات المقدمة من الأطراف، ما لم يطلب أحدهم إجراء المرافعة مع موافقة المحكم على ذلك" . ومصطلح المرافعة، فردية كانت أم جماعية، الوارد بالإجراءات التكميلية، يعنى "أي جلسة أو جلسات للأطراف أمام المحكم، سواء تم إجراء هذه الجلسة بصفة شخصية أو بالتليفون أو وفقاً لنظام مؤتمرات الفيديو أو حتى بأي وسيلة أخرى" .

    وبالنظر لمفهوم نص المادة 9/أ نجد أن الأصل هو إصدار الحكم دون مرافعة، اكتفاء بالمذكرات المقدمة من الطرفين بما تتضمنه من دفوع وحجج وأسانيد تعضد موقف كل منهما. وربما يبرر هذا الحكم في ضوء الرغبة في تقديم عدالة سريعة تتفق مع طبيعة التحكيم بصفة عامة وطبيعة التحكيم الإلكتروني بصفة خاصة.

   وقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان ضرورة توضيح بعض الأمور الفنية أو إبراز بعض الوقائع من خلال المرافعة. لذلك أجاز النص للمتضرر طلب عقد جلسة أو جلسات مرافعة، ولكنه . للأسف . أخضع هذا الطلب للسلطة التقديرية للمحكم، الذي يكون له رفضه أو الموافقة عليه. والفرض الذي يعالجه هذا النص هو حال عدم وجود اتفاق من قبل الأطراف على إجراء المرافعة من حيث الأصل. فالمادة المذكورة بنصها على أنه "للمحكم أن يصدر الحكم استناداً إلى المستندات المقدمة من الأطراف، ما لم يطلب أحدهم إجراء المرافعة مع موافقة المحكم على ذلك"، تعني أنها تواجه الفرض الذي لا يوجد فيه اتفاق مسبق بين الطرفين على إجراء المرافعة، ومن ثم فقد أراد النص ألا يغلق الباب كلية مجيزاً لأي من الطرفين أن يطلب ولو عقد جلسة مرافعة إلكترونية واحدة مع خضوع هذا الطلب للسلطة التقديرية للمحكم. أما حال اتفاق الطرفين على إجراء المرافعة، سواء أكان هذا الاتفاق سابقاً على حدوث النزاع أم بعد حدوثه أم حتى أثناء انعقاد التحكيم، نرى أن المحكم يلتزم باتفاق الأطراف في هذه الحالة؛ لأنه يستمد سلطته ومداها من اتفاق الطرفين، ومن ثم فإذا اتجهت هذه الإرادة إلى ضرورة عقد جلسات مرافعة أصبحت هذه الرغبة ملزمة ملزمة للمحكم.

    ولا يمنع النص المحكم من أن يقرر إجراء المرافعة من تلقاء نفسه. فلهذا أن يقرر بمبادرة من جانبه عقد جلسة أو عدة جلسات للمرافعة. فإصدار حكم التحكيم الإلكتروني بالاستناد إلى المستندات والمذكرات المقدمة من الأخير الطرفين ما هي إلا رخصة يباشرها المحكم في ضوء الظروف والملابسات المحيطة بكل دعوى على حدة. وإذا تقرر عقد جلسات مرافعة، فيثار التساؤل عن مكان انعقادها. لقد ورد . في شأن الإجابة عن هذا التساؤل . في مقدمة قواعد التحكيم التجاري الدولي التي تطبقها الجمعية في شأن التحكيم التقليدي بأنه على الرغم من أن "خدمات الجمعية تقدم من كل مكاتبها الممتدة عبر معظم الولايات الأمريكية وعلى رأسها مركز الإدارة في نيويورك، فإن المرافعة من الممكن أن تعقد في المكان المناسب للأطراف دون تقيد بالمدن التي توجد فيها مكاتب الجمعية" .

   ورغم هذا التيسير فقد تشكك مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في إمكان عقد جلسات المرافعة الإلكترونية لارتفاع ثمنها، فإذا كان لجوء الأطراف المتزايد إلى التحكيم الإلكتروني يتأسس على انخفاض مصروفاته ، فإن هذه الميزة سوف يتم إجهاضها بعقد جلسات مرافعة عالية التكلفة خاصة إذا تمت الاستعانة بنظامي مؤتمرات الفيديو ومؤتمرات التليفون . في حين يرى البعض الآخر أنه لا أهمية لهذه المآخذ موجها الشكر للإنترنت لانخفاض تكلفته في السنوات الأخيرة بشكل مذهل ، وأهمها :

    1 ـ تمكن المرافعة جميع الأطراف من تقديم أوجه الدفاع بطريقة شفوية، وهو ما يسمح بالوصول للفهم الصحيح لأسانيد كل طرف، فالمرافعة وسيلة يتمكن بمقتضاها كل طرف من تفصيل حججه بالبيان الساطع للوصول إلى أقصى درجات التفاعل مع المحكم الإلكتروني.

  2- يترتب على انعقاد التحكيم دون مرافعة إلغاء جميع الفوائد المترتبة على سماع الشهود واستجوابهم بطريقة شفهية، كما يترتب على ذلك أيضاً عدم الإفادة من المناقشات التي قد يراد تبادلها مع الخبراء لاستجلاء بعض الأمور الفنية المرتبطة ببعض عناصر النزاع مما يؤدي إلى الانتهاك من حقوق الدفاع.

 

 3- من المخاطر الرئيسية المرتبطة بإلغاء نظام المرافعة ترك المحكم الإلكتروني مستغرقاً شريداً مع مجموعة من المستندات الصماء التي قد يكون بعض ما تتضمنه محلاً لتأويلات شتى، وهو ما يلقي عليه بأعباء إضافية مضمونها الكشف عن القصد الحقيقي لأسانيد كل طرف وأدلته. 

وكل هذه المخاطر وغيرها تؤكد أهمية المرافعة باعتبارها نظاماً الهدف منه تيسير الفصل في الدعوى.