الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / كيفية المداولة وسريتها / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / المداولة لإصدار حكم التحكيم

  • الاسم

    هشام سعيد اسماعيل
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    408
  • رقم الصفحة

    272

التفاصيل طباعة نسخ

المداولة لإصدار حكم التحكيم

   تنص المادة 40 من قانون التحكيم المصري على أنه حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد على هذا النوع من المؤتمرات "نظام المؤتمر الإلكتروني" أو "نظام المؤتمر الآلي" إذ يلزم لانعقاده ضرورة استخدام الآلات التكنولوجية الحديثة في مجال الاتصالات مقارنة بنظام المؤتمر العادي التقليدي الذي يجمع الأفراد بذواتهم ساحة واحدة .

   ويلاحظ أعضاء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية . من ناحية أخرى . استخدام نظام الفيديو كونفرانس يعد من أفضل الوسائل لاحترام مبدأ المواجهة في التحكيم الإلكتروني. فإذا لم يكن لدى الأطراف الفرصة أو الوقت للانتقال لمقر التحكيم، فإنه يمكن التغلب على هذه الصعوبة باللجوء إلى هذا النظام. ورغم ذلك يجب أن يتوافر لدى الطرفين تقنية تكنولوجية متساوية للاتصال التليفزيوني حتى يمكن تحقيق النتائج المرجوة من استخدامه.

   ما أكد عليه المشرع السوري بالمادة (٢/٤١) من القانون رقم 4 لسنة ٢٠٠٨ بشأن التحكيم التي تقضي بأنه "إذا لم تكن هناك أكثرية في الآراء فإن رئيس هيئة التحكيم يصدر الحكم منفرداً وفق رأيه، ويكتفي في هذه الحالة بتوقيعه منفرداً على الحكم،..." ." لذا نرى ضرورة النظر مرة أخرى من قبل المشرع المصري لنص المادة 40 من قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ لیجاری موقف المشرع السوري في هذا الشأن.

ثانيا: اتفاق الأطراف على طريقة محددة للمداولة:

    لا تقتصر سلطة الأطراف على اتفاق على أسلوب المداولة فقط، وإنما تمتد أيضاً لتشمل الاتفاق على الأغلبية اللازمة لصدور الحكم.

- يجب احترام رغبة الأطراف. ولا يبدو استنتاج هذه الأحكام صعباً بعد إعادة مطالعة نص المادة 40 تحكيم؛ فهذه المادة بعد أن قضت بأن "يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم"، عادت وقيدت طرفا التحكيم على غير ذلك، "أي ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك" أي ما لم يتفق طرفا التحكيم على مواصفات مخالفة في الأغلبية اللازمة لصدور الحكم أو على طريقة محددة لإجراء المداولة.

    ويثار تساؤل مهم هنا في هذا المقام وهو: إذا كان القانون قد كفل للأطراف حرية الاتفاق على الأغلبية اللازمة لصدور الحكم، فهل يجوز لهم . حالة تشعب هيئة التحكيم إلى ثلاثة آراء . الاتفاق على صدور الحكم استناداً لرأي الرئيس وحده؟  

 

2- التحكيم نظام مستقل يتأسس على الحرية الفردية؛ فالمحكم يستمد سلطاته ومداها من اتفاق الأطراف، وما دام الأطراف قد اتفقوا على إمكان صدور الحكم بالاستناد لرأي الرئيس وحده، فإن هيئة التحكيم لا تملك خيرة من أمرها، وإنما تلتزم بإصدار الحكم بالكيفية التي أرادها الأطراف و وهي تغليب رأی الرئيس في حالتي عدم الوصول إلى إجماع أو أغلبية.

3- يضاف للحجة السابقة أن تغليب رأي الرئيس يعد أفضل الأوضاع؛ لأن من شأنه تجنب النتائج المأساوية التي تترتب على إنهاء إجراءات التحكيم بسبب عدم جدواه أو استحالته طبقاً للمادة 1/48/ج.

4- لا يعد هذا الحل غريبا عن الذهن القانوني المصري، فقد كان المشروع المقدم من الحكومة للمادة 40 ينص كما ذكرنا على أنه إذا "لم تتوافر الأغلبية رأى الرئيس ويصدر بمقتضاه ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير رجح ذلك".

5- يتفق هذا الرأي مع الاتجاهات الحديثة التي تقضي بها قوانين ونظم بعض الدول وهيئات التحكيم المؤسسي مثل القانون الدولي الخاص السويسري ، ونظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس ، وقواعد محكمة التحكيم  بلندن بل إن مختلف هذه القوانين والنظم لا تقصر أحوال تغليب رأي الرئيس على اتفاق الأطراف فحسب، وإنما تقضي بذلك أيضاً في الفروض الأخرى التي لا يتطرق فيها الأطراف للاتفاق على هذه المسألة من حيث المبدا. وبهذه المثابة يبدو تغليب رأي رئيس هيئة التحكيم . في حالتي تعذر الوصول لإجماع أو أغلبية ـ هو الوضع العادي والأمر الطبيعي في مفهوم هذه القوانين لإمكان الفصل في الدعوى بحكم نهائي، بدلاً من تحمل النتائج المأساوية التي تترتب على ابتسار النزاع التحكيمي وإهدار الجهد والوقت والمال دون طائل، وما ينتج عن ذلك أيضاً من إلزام الأطراف من ولوج طريق القضاء العادي من جديد، وهو الطريق الذي لم يحز قبولهم منذ البداية.

   وبهذا ننتهي إلى أن المبدأ هو صدور حكم التحكيم إما بالإجماع أو الأغلبية أو الاستناد إلى رأي الرئيس وحده على حسب التفصيل السابق.

    أما عن المداولة الإلكترونية وبالرجوع إلى تنظيم محكمة الفضاء علمنا فيما سبق أن الأصل هو تشكيل هيئة التحكيم الإلكتروني من محكم واحد ما لم يتفق الأطراف على تشكيلها من ثلاثة محكمين مع تحمل فارق المصروفات. ونظراً لأن التحكيم الإلكتروني لا يختلف في طبيعته عن التحكيم التقليدي، فإنه يفرق بين حالتي تشكيل الهيئة الإلكترونية من محكم واحد أو من ثلاثة محكمين وتسري الأحكام السابقة في شأن تشكيل الهيئة من محكم واحد حيث يخلو هذا الأخير لإجراء المداولة الإلكترونية بمفرده تمهيداً لإصدار الحكم النهائي. أما إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، فإن الأمر لا يخرج - كسابقة عن فروض إجماع المحكمين أو الوصول لأغلبية أو تفرقهم إلى آراء ثلاثة.

   وقد واجهت هذه الفروض المادة 24 من تنظيم محكمة الفضاء التي قررت أن "يصدر حكم التحكيم بالأغلبية في حالة تعدد المحكمين. فإذا تعذر الوصول إلى أغلبية تولى رئيس الهيئة الفصل في الدعوى بمفرده". وإذا كان النص لم يذكر شيئاً عن حالة إجماع المحكمين، فمرد ذلك أن سريان هذا الإجماع يعد منطقياً ولا يحتاج إلى نص خاص يقرره. ويلاحظ أعضاء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أنه يمكن الإفادة لدى إجراء المداولة الإلكترونية بالوسائل التكنولوجية الحديثة منها والقديمة في مجال الاتصالات مثل التليفون والفاكس، والاميل، أو حتى اللجوء إلى نظامي مؤتمرات الفيديو ومؤتمرات التليفون .

   وفيما يتعلق بجمعية التحكيم الأمريكية فنجد أنه قد خلت الإجراءات التكميلية من بيان أحكام المداولة المتعلقة بالحكم الإلكتروني. ولكن بالرجوع إلى القواعد المعتمدة لدى الجمعية بشأن التحكيم التقليدي نجد أن المادة 26 قد نصت على أنه "1 - في حالة وجود أكثر من محكم، فأي حكم تحكيم أو قرار يصدر عن هيئة التحكيم يجب أتخاذه من قبل أغلبية المحكمين. أما إذا عجز أي محكم عن توقيع حكم التحكيم، يجب عليه أن يرفق ذلك بتصريح عن سبب غياب هذا التوقيع. 2 . في حالة سماح الأطراف أو هيئة التحكيم بذلك، يمكن لرئيس هيئة التحكيم اتخاذ قرارات أو إصدار أحكام متعلقة بمسائل إجرائية. على أن يعود لهيئة التحكيم الحق بمراجعتها".

   ويتضح من هذا النص أنه عندما تكون هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم، فإنه يجب ترجيح رأي الأغلبية بشأن حكم التحكيم وجميع القرارات، وعلى المحكم الرافض لتوقيع الحكم، أن يرفق أسباب غياب توقيعه على حكم التحكيم. ويمكن لرئيس الهيئة بعد موافقة الأطراف أو هيئة التحكيم، اتخاذ قرارات أو إصدار أحكام متعلقة بمسائل إجرائية فقط، مع ملاحظة أنه يمكن لباقي الهيئة الاعتراض على هذه القرارات والأحكام الإجرائية.

    والملاحظ هنا أن المادة المذكورة وقد خلت من مواجهة الفرض الذي تتشعب فيه هيئة التحكيم الإلكتروني إلى ثلاثة آراء، حيث سكتت تماماً عن بيان الحكم المقرر لهذه الحالة. ولا يعد من المناسب . في مفهوم قواعد الجمعية . القول بترجيح رأى الرئيس؛ لأنها قد اشترطت أنه "يجب ترجيح رأى الأغلبية بشأن حكم التحكيم". بالتالي لا مناص من الرجوع للجمعية ذاتها لتقرير ما تراه مناسبا، كإتاحة فرصة أخرى للمحكمين لإعادة المداولة أو تعيين هيئة تحكيم جديدة. وعلى أية حال فإنه يمكن اللجوء لمختلف وسائل الاتصال الحديثة لإجراء المداولة مثل التليفون والفاكس ومؤتمرات الفيديو ومؤتمرات التليفون، ودون حاجة لاجتماع المحكمين بذواتهم في مكان واحد. فكما يبدو التحكيم الإلكتروني مميكنا، فليس هناك ما يمنع من ميكنة المداولة أيضا.

   وبهذه المثابة ننتهي إلى أن تنظيم محكمة الفضاء يعد أفضل وأدق وأكمل من القواعد المعتمدة لدى جمعية التحكيم الأمريكية بشأن المداولة الإلكترونية، فالتنظيم الأول يقرر أحكاماً صريحة لمواجهة مختلف الفروض التي يمكن أن تنتهي إليها المداولة، في حين أن قواعد الجمعية تقرر سريان رأى الأغلبية لإصدار الحكم النهائي، وذلك دون الاهتمام ببيان حكم الفرض الذي تتشتت فيه هيئة التحكيم الإلكتروني إلى آراء بعدد المحكمين المكونين لها، وهو ما قد يؤدي إلى تعيين هيئة تحكيم جديدة تستغرق من الزمن والنفقات ما قد يلحق الضرر الجسيم بالأطراف.