يقصد بالمداولة أن يتسني لجميع أعضاء هيئة التحكيم مناقشة كل ظروف القضية، وأخذ فسحة من الوقت للتشاور بشأن ما انتهوا إليه من رأي قبل إصدار الحكم. وتدخل الخصومة مرحلة المداولة حينما تصبح مهيأة للحكم فيها بتمام تحقيقها وانتهاء المرافعة فيها وإبداء الخصوم طلباتهم الختامية. أو هي التشاور في الحكم بين أعضاء هيئة التحكيم إذا تعددوا، أو التفكير في الحكم وتكوين الرأي فيه إذا كان المحكم واحداً .
وترجع أهمية المداولة إلى أنها هي التي تسمح للمحكمين بفحص القضية ومناقشة مختلف جوانبها مناقشة شفهية وتبادل الرأي حولها بين المحكمين حتى يستطيع كل محكم تكوين رأي معين بشأنها والوصول إلى الإجماع أو الأغلبية اللازمة لصدور الحكم بعد مواجهة آراء المحكمين بعضها ببعض بما يضمن احترام حقوق الدفاع حتى نهاية الخصومة بصدور الحكم لا فرق في ذلك بين التحكيم والقضاء .
غير أنه لا تدخل الدعوى مرحلة المداولة إلا بعد الانتهاء من تحقيقها، وتقديم الخصوم منكراتهم الختامية، وإعلان الهيئة قفل باب المرافعة فيها، وتحديد جلسة للنطق بالحكم. وهذا ما تنص عليه المادة ۲۹ من قواعد اليونستيرال على أن الهيئة التحكيم أن تعلن عن قفل باب المرافعة، ولها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم إعادة فتح باب المرافعة في أي وقت قبل صدور قرار التحكيم إذا رأت ضرورة ذلك الظروف استثنائية.
لم تحدد القوانين الوطنية طريقة معينة لإجراء المداولة، فالأصل أن تتم المداولة باتفاق الأطراف، فإذا الم يوجد اتفاق فيترك لهيئة التحكيم تحديد الوجه الذي تتم عليه المداولة. فقد تتم المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم في صورة اجتماع سواء كان شفويا أو كتابة أو عن طريق أي وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة مثل التليفون أو الفاكسأو البريد العادي أو الإلكتروني . كما يجوز أن يعقد الاجتماع ليلا ًأو يوم عطلة رسمية أو في مكان للعبادة. كما أن هيئة التحكيم قد تتداول مجتمعة إذا تعددت، وقد يتداول رئيس هيئة التحكيم مع كل عضو على حدة وذلك ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك . وقد يتفق الأطراف أنا تجري المداولة في مكان معين، كاشتراط المداولة في مقر مركز التحكيم. فإذا لم يتفق الأطراف كان لهيئة التحكيم تحديد كيفية إجراء المداولة ..