الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / كيفية المداولة وسريتها / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / المداوله

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    123

التفاصيل طباعة نسخ

نصت المادة 40 من قانون التحكيم علي أن: يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم, ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك .

ومؤدي هذه المادة أن المشرع يشترط لصدور حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد، أن يصدر بعد مداولة إلا أنه ناط بهيئة التحكيم تحديد الكيفية التي تجري بها المداولة، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك .

وهي لازمة لصحة إصدار الأحكام، فلا يجوز لطرفا التحكيم الإتفاق علي إعفاء هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد من المداولة لإصدار حكم التحكيم.

وقد جاء قانون التحكيم خلوا من بيان كيفية إجراء المداولة، وترك الأمرلقاعدة عامة تجعل إجراؤها وفقا لما تقرره هيئة التحكيم أو طرفي التحكيم مناسباً في إجرائها(م 40 من قانون التحكيم) .

والمداولة إجراء لازم بين المحكمين لصحة إصدار حكم التحكيم، والقول بغير ذلك يخالف صريح نص المادة 40 من قانون التحكيم، وهي قاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام، وهي من القواعد الأساسية في التقاضي.

ولهيئة التحكيم تحديد الكيفية التي تتم بها المداولة بين أعضائها، فقد تتداول مجتمعة، وقد يتداول رئيس هيئة التحكيم مع كل عضو علي حده ، فلا تتقيد هيئة التحكيم بالقواعد الواردة في قانون المرافعات .

كما أن عدم إشترط العلنية في جلسات التحكيم لا يعني عدم إستخدام وسائل الإتصالات الإلكترونية الحديثة في إرسال الأوراق والمستندات والمكاتبات الذي لا يعتبر مساساً بالسرية الواجبة في المداولة ، لا سيما وأن ذلك من صميم ما إتفقت عليه قواعد إجراءات التحكيم بالمراكز الدولية للتحكيم ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (م ٢ من قواعد التحكيم بالمركز).

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة إستئناف القاهرة، بأنه من المقرر أن التحكيم وإن كان قضاء خاصاً يتميز عن القضاء العادي، إلا أن المحكمين يخضعون فيه لما يخضع له القاضي من قيود تتعلق بأن تتم المداولة بينهم شأن القضاة سراً .

وتجري غالبية قواعد التحكيم في مراكز ومنظمات التحكيم الدولية علي النص علي سرية المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم، ومن ذلك المادة ٢/٤٠ من قواعد مركز

القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي  .

والسرية هي شرط لصحة المداولة فلا يحضرها غير المحكمين، ويجب أن يشترك في المداولة المحكمين الذين سمعوا المرافعة وتمت إجراءات التحكيم أمامهم، وأن تحصل بينهم بأشخاصهم دون أن يسمعها غيرهم ، فلا يجوز أن يحضرها مندوباً ممثلاً للمحكم أو الكاتب الذي حضر جلسات التحكيم أو خبير إنتدبته هيئة التحكيم .

ولا يترتب علي إفشاء سرية المداولة بطلان حكم التحكيم، ولكن من شأن ذلك إثارة مسئولية المحكم تجاه طرفي التحكيم متي توافرت شروطها قانونا .

تنص المادة 7/40 من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي علي: ۱..... ۲. تكون مداولات هيئة التحكيم سرية بإستثناء وفي حدود ما قد يكون مطلوباً الإفصاح عنه بموجب قرار من سلطة قضائية.

د/ محمود سمير الشرقاوي- التحكيم التجاري الداخلي والدولي مرجع سابق – بند ۳۰۲ ص

ولا يجوز أن يشترك في المداولة وفي إصدار الحكم من لم يسمع المرافعة ولو كان محكماً تم تعيينه بطريقة صحيحة، وهذه القاعدة وإن لم يكن قد ورد النص عليها في قانون التحكيم إلا أنها من القواعد التي تعد أصلاً من أصول التقاضي التي يلتزم المحكمون بإحترامها، لذلك فإن هيئة التحكيم قد تجد نفسها مضطرة إلي فتح باب المرافعة نتيجة وفاة أحد أعضائها وتعيين آخر مكانه، حيث يلزم في هذه الحالة إعادة فتح باب المرافعة لإعادتها أمام من إنضم الي هيئة التحكيم. د/ عبد محمد القصاص - قانون التحكيم- مرجع سابق - بند 144 ص 401.

نقض مدلي - الطعن رقم ٢٤٠ لسنة 74 القضائية – جلسة 9 من فبراير سنة ٢٠١٠ –منة المكتب الفني 61 - ص ۰۲۱۲

ويري بعض الفقه- علي خلاف ذلك القضاء- بطلان حكم التحكيم إذا أفشيت سرية المداولة لإبتنائه على مخالفة إجرائية تتعلق بالنظام العام في التقاضي .

ومن جانينا نؤيد ما إنتهي إليه قضاء محكمة النقض سالف الإشارة، ونري علي خلاف الرأي الفقهي السابق، انه يتعين في هذا الخصوص التفرقة بين المداولة كإجراء أصيل من أصول التقاضي لا يجوز لطرفي التحكيم الإتفاق علي عدم الإلتزام بها كونها من أصل التقاضي، إذا كان التحكيم وطني أو دوني وإتفق الطرفان علي خضوعه لأحكام القانون المصري، لتعلقه بقاعدة قانونية آمرة ورد النص عليها في المادة 40 من قانون التحكيم ولا يجوز أن يصدر حكم التحكيم بدونها، ما لم يكن القانون الواجب التطبيق علي الاجراءات لا يشترط المداولة لاصدار الحكم، وبين سرية المداولة الذي يبقي واجباً يقع علي عاتق المحكمين ويخضع في ذلك للعلاقة القانونية التي تربطه بطرفي التحكيم، فالسرية بمقتضي هذا الواجب إلتزام يترتب على الإخلال به مسئولية المحكم الذي  أخل به وجواز مساءلته المدنية عن تعويض الطرف الذي لحقه ضرر جراء هذا الإخلال متي قامت عناصر تلك المسئولية من الناحية القانونية، ويشمل هذا الإلتزام كل ما يدور بالمداولة بين المحكمين من حيث إنشاء الآراء والإتجاهات المختلفة وغيرها، وبالتالي لا يترتب علي الإخلال بالتزام السرية بطلان حكم التحكيم كونها لا تؤثر في الحكم ذاته، فالذي يبطل حكم التحكيم صدوره بغير مداولة وليس إفشاء سريتها.

والمقرر أنه يكفي لحصول الإشتراك في المداولة بين من أصدروا الحكم التوقيع علي نسخة الحكم الأصلية من المحكمين جميعاً أو من الأغلبية(313) (م1/43 من قانون التحكيم).

وتنص هذه المادة علي أن:"1. يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية..."، ومؤدي ذلك أن حكم التحكيم يصح متى وقعته أغلبية المحكمين، ولا يترتب على عدم ذكر أسباب الإمتناع عن التوقيع بطلان الحكم ما لم يثبت المتمسك بالبطلان عدم تحقق الغاية من إثبات سبب الإمتناع وهي التحقق من حدوث مداولة قبل إصدار الحكم .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، مناط حصول الإشتراك في المداولة بين من أصدروا الحكم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو توقيعهم على مسودته التي أوجب المشرع على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات إيداعها عند النطق بالحكم ضماناً لأن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه وإكتفى بذلك لإثبات أن الإجراءات قد روعيت دون حاجة لإثبات أي بيان آخر .

والمقرر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلي من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل عليه، فيعتبر توقيع جميع أعضاء هيئة التحكيم علي الحكم دليلاً قاطعاً علي حصول المداولة وإشتراكهم فيها إلا أنه إذا لم يوقع الحكم من أي محكم فمعني ذلك أن المداولة لم تحدث .

وإذا ذكر المحكمون أن حكم التحكيم صدر بعد مداولة فإن هذا يعد حجة لا يجوز دحضها إلا بطريق الطعن علي الحكم بالتزوير .

فيكفي أن يذكر في حكم التحكيم أنه قد صدر بعد مداولة، فإذا تمسك أحد الخصوم بمخالفة هذا البيان للحقيقة، فلا سبيل لإطراحه سوي إتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير عليه، ويرجع ذلك- في تقديرنا إلي أن حكم التحكيم يعد ورقة رسمية في تطبيق نص المادتين ۱/۱۰، ۱۱ من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨، وهو حجة علي الكافة بما دون فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته التي يقرها القانون.

ويترتب علي عدم إتمام المداولة قانوناً بطلان حكم التحكيم لوقوع عيب في الإجراءات أثر في الحكم، فضلاً عن مخالفته لقاعدة قانونية آمرة في قانون التحكيم أوجبت صدور حكم التحكيم بعد مداولة (م 40 من قانون التحكيم) .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة إستئناف القاهرة، بأنه إذا كان الثابت من الأوراق أن محكم المدعي قد رفض التوقيع علي ورقة الجلسة المنطوية علي الحكم المطعون فيه، وبالتالي لم يوقع مسودة هذا الحكم فضلاً عن أن أسباب الحكم المطعون فيه لم تبين سبب إمتناع المحكم المذكور عن التوقيع علي الحكم، فإن المحكمة تستخلص من ذلك أنه لم يناقش رأيه ولم تجر مداولة علي نحو قانوني سليم من كامل أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم ومن ثم يكون نعي المدعي ببطلان الحكم لهذا السبب في محله .