يصدر القرار بعد المداولة إذا كان هناك أكثر من محكم، أما في حالة وجود محكم منفرد فلا يوجد مبرر منطقي لها، إذ يعمل المحكم هنا على إصدار القرار بعد ختم باب المرافعة، وتقديم كافة الأوراق والمستندات من قبل الأطراف، وبعد المواجهة واستنفاد الفرص كافة لإبداء الطلبات والدفوع من قبل الأطراف، يقوم المحكم بتدقيق الوثائق ودراسة الموضوع، وبعد تطبيقه للقانون واجب التطبيق على الوقائع والإجراءات عليه أن يصدر قرار التحكيم .
إذاً فالمداولة لا تتم إلا في حالة وجود أكثر من محكم على أن يكون عددهم وتراً، أما الغاية منها فهي تحقيق القناعة الداخلية لدى المحكمين كمرحلة سابقة لصدور القرار على أن تتم هذه المداولات بطريقة سرية، وذهب جانب من الفقه المصري إلى أن البطلان سيكون نتيجة منطقية للقرار التحكيمي إذا ما صدر عن مداولة علنية، فعلى الرغم من خلو القانون المصري وكذلك أغلب القوانين العربية والدولية على وجوب كون المداولات التي تتم بين المحكمين يجب أن تكون سرية، إلا أن هناك اتجاهاً يرتب البطلان على تخلف السرية .
إلا أن المشرع الفرنسي نص وبصورة صريحة على وجوب أن تكون المداولات سرية وذلك في المادة (1496) من قانون الإجراءات الفرنسي لسنة 1986.
والاتفاقيات الدولية على وجوب عمل المداولة بين المحكمين قبل إصدار القرار التحكيمي ، كما هو الحال في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 وذلك في الفقرة (1) من المادة (270) والتي تنص على: (يصدر المحكمون قرارهم بالاتفاق أو بأكثرية الآراء بعد المداولة القانونية فيما بينهم مجتمعين وطبقاً لما هو مبين في هذا القانون...)، وقانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 في المادة (40) ، وقانون المرافعات المدنية والتجارية القطري في المادة (202) ، وقانون التحكيم السوري رقم 4 لسنة 2008 في المادة (36).