الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / كيفية المداولة وسريتها / الكتب / قضاء التحكيم - الكتاب الثاني / المداولة

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    مكتبة القانون والاقتصاد
  • عدد الصفحات

    692
  • رقم الصفحة

    32

التفاصيل طباعة نسخ

المداولة

    إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم واحد فإنه يجب إجراء مداولة بين أعضاء الهيئة المذكورة قبل إصدار حكم التحكيم. والمقصود بالمداولة هو تبادل الرأى بشأن جميع نقاط النزاع الواجب الفصل فيها، فيعطى كل محكم مكنة التعبير عن وجهات نظره وأسانيده بخصوص تلك النقاط والحكم على آراء زملائه بشأنها قبل إصدار الحكم في النزاع. وعلى الرغم من أهمية المداولة وضرورتها فإنه نادرا ما تعنى تشريعات التحكيم بتنظيمها أو حتى النص عليها. وهكذا لم يتناولها القانون النموذجي لليونسترال، وسكت عنها القانون الألماني والقانون الهولندى وفى فرنسا نص عليها قانون المرافعات الجديد دون بيان كيفية ممارستها. وفى مصر نص عليها قانون التحكيم في المادة (٤٠) وترك لهيئة التحكيم تحديد طريقة إتمامها ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.

   وفي حكم حديث للدائرة (۹۱) بمحكمة استئناف القاهرة قضى بأن العبارات التي استعملها المحكم(صاحب الرأى المخالف) والنصوص الواردة فى مذكرته تكفى للدلالة على إجراء المداولة (المطلوبة) بين أعضاء هيئة التحكيم، وأن (المحكم المذكور) الذى رفض التوقيع على الحكم الطعين كان على دراية بمجريات هذه المداولة وأنه قد أبدى لزميليه المحكمين وجهات نظره بشأن الحكم في موضوع النزاع ومعارضته لهما فيما انتهى إليه قضاؤهما فيه وكذا الأسباب التي تحمله، وكل ذلك مما تتحقق به المداولة التي اشترطها القانون قبل إصدار حكم التحكيم.... .

    وإجراء المداولة شرط جوهرى لصحة إجراءات اصدار حكــم التحكيم وهي إجراء واجب حتى ولو لم يكن هناك نص قانونى يقضى بذلك صراحة. فالمداولة حق لأطراف النزاع يتعلق بحقهم في سماع دفاعهم كما يتعلق بضمانات التقاضي، وهي قاعدة أساسية في إصدار الأحكام وكل ذلك مما يتعلق بالنظام العام، وفضلاً عن كل ذلك فإن الاشتراك في المداولة حق لكل محكم وفي نفس الوقت واجب عليه، ولذا فإن عدم إجراء المداولة قبل صدور حكم التحكيم يبطله كما أن بطلان إجراءات المداولة يؤثر فى الحكم فيكون سبباً في بطلانه كذلك.

    وفى رأينا أنه لا توجد طريقة مثل للمداولة تصلح لكل قضية، بل أن لهيئة التحكيم أن تتفق مقدماً على اختيار أسلوب المداولة الذى يناسب ظروف النزاع المعروض، مع ضرورة ملاحظة أن إدارة المداولة فن (art) يتطلب من رئيس هيئة التحكيم التحلى بالفطنة واللباقة والحزم في آن واحد، هذا إلى جانب الثقة المتبادلة الواجب توافرها بين المحكمين.

    ولم يفرض القانون المصرى أو الفرنسي - كغيرهما من التشريعات الحديثة - شكلاً معينا لإجراء المداولة وما لم يتفق طرفا التحكيم طريقة معينة لإجراء المداولة فإن لهيئة التحكيم تحديد شكل أو طريقة المداولة، فلها أن تقرر إجراء المداولة بحضور جميع الأعضاء أو عن طريق تبادل استمارات الاستبيان questionnaires أو المذكرات أو مشروعات الحكم، أو إجراء المداولة عن طريق التليفون أو الفاكس أو الـ . E-mail أو التليكونفرانس أو الفيديو كونفرانس.

     وإذا كان القانون لم يفرض شكلاً معيناً لإجراء المداولة إلا أنه يجب إشتراك جميع  المحكمين الذين يشكلون هيئة التحكيم في إجراءات المداولة وإلا كانت باطلة بطلاناً يؤثر في الحكم.

    وفي حالة إجراء المداولة التي يتطلبها القانون فإنه يفضل إثبات حصولها في مدونات حكم التحكيم، ذلك أنه فى مثل هذه الحالة لا يجوز إثبات عدم حصول المداولة إلا باتخاذ طريق الطعن بتزوير الحكم المذكور - أما إذا أغفل الحكم بيـــان حصول المداولة. فإنه لما كان الأصل فى الإجراءات أنها قد روعيت ومن ثم يكون عبء اثبات ما يخالف ذلك على عاتق مدعيه، وله أن يقيم الدليل على ذلك بكافة طرق الإثبات مع ملاحظة ما في ذلك من صعوبات.

     يلتزم المحكمون بمراعاة السرية فى إجراءات المداولة فيما بينهم، وسرية المداولة قاعدة مستقرة وملزمة دون حاجة إلى نص خاص، وبذلك يلتزم تلك المحكمون بعدم إفشاء الآراء التى تبادلوها أثناء المداولة، بحيث أنه إذا خالف أحدهم هذه القاعدة فإنه يكون عرضة للمسئولية المدنية، دون أن تعتبر تلك المخالفة سبباً لطلب بطلان حكم التحكيم.