الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / كيفية المداولة وسريتها / الكتب / الوجيز في شرح نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية / كيفية إصدار حكم التحكيم

  • الاسم

    المحامي الدكتور ناصر بن غنيم الزيد
  • تاريخ النشر

    2017-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الملك فهد الوطنية
  • عدد الصفحات

    496
  • رقم الصفحة

    276

التفاصيل طباعة نسخ

كيفية إصدار حكم التحكيم

تنص المادة التاسعة والثلاثون: "1) يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محگم واحد بأغلبية أعضائها بعد مداولة سرية"، 2) "إذا تشعبت آراء هيئة التحكيم ولم يكن ممكناً حصول الأغلبية، فلهيئة التحكيم اختيار محگم مرجح خلال (15) يوماً من قرارها بعد إمكان حصول الأغلبية، وإلا عينت المحكمة المختصة محگما مرجځا، 3) يجوز أن تنص القرارات في المسائل الإجرائية من المحكم الذي يرأس الهيئة إذا صرح طرفا التحكيم بذلك كتابة، أو أذن له جميع أعضاء هيئة التحكيم، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك "، 4 ) إن كانت هيئة التحكيم مفوضة بالصلح، وجب أن يصدر الحكم به بالإجماع، 5 ) لهيئة التحكيم أن تصدر أحكاماً وقتية أو في جزء من الطلبات، وذلك قبل إصدار الحكم المهني للخصومة كلها، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك .

- وهذا النص يقرر وجوب حصول مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم قبل إصدار الحكم، فإذا كانت الهيئة مشكلة من محگم فرد، فلا تتصور المداولة. أما إذا تعددت هيئة التحكيم، فيجب أن يحصل التداول فيما بينهم، ويتبادلوا الآراء بالنسبة للوقائع والقواعد النظامية الواجبة التطبيق، والمنطوق الذي سينطقون به تعبيراً عن الاقتناع الداخلي لهيئة التحكيم.

وبرغم عدم نص النظام على أن المداولة يجب أن تتم بين جميع أعضاء هيئة التحكيم، إلا أنه يمكن فهم ذلك من عبارة "بأغلبية أعضائها بعد مداولة سرية"، فإذا كانت الهيئة ثلاثية التشكيل، وصدر الحكم بالأغلبية، فهذا يعني مشاركة الموافقين، وهم اثنان، بالإضافة إلى مشاركة المعارض، وهو واحد، بمعنى مشاركة جميع أعضاء هيئة التحكيم.

والمداولة من المبادئ الأساسية للتقاضي، وبالتالي فهي متعلقة بالنظام العام، والحكم يكون معرضاً للبطلان إذا استند على "إجراءات تحکیم باطلة أثرت فيه" (م/50/ز)، ولا يجوز للأطراف الاتفاق على أن يصدر الحكم دون مداولة.

ويقع على الطرف الذي يدعي عدم حصول مداولة عبء إثبات ذلك.

ولم يحدد النظام كيفية حصول المداولة، فيمكن أن تتم في أي مكان، وفي أي يوم، وفي أي وقت، كما يمكن أن تكون بأي وسيلة، كأن تكون باجتماع أو بالهاتف، كما يمكن أن تكون شفوية أو كتابة.

 

سرية المداولة

ولا يجوز لأعضاء هيئة التحكيم إفشاء سرية المداولة، كما أن الإشارة إلى أن الحكم صدر بالأغلبية أو بالإجماع لا تعتبر إفشاء لسرية المداولة.

 

ولهذا الرأي عدة شواهد؛ منها ما تم النص عليه في أسباب بطلان حكم التحكيم فقرة (د) من أنه: "إذا لم تراع هيئة التحكيم الشروط الواجب توافرها في الحكم على نحو أثر في مضمونه ..."؛ فقد يحصل أن يفشي أحد المحكمين توجه هيئة التحكيم قبل صدور الحكم، فيبدأ الضغط على هيئة التحكيم لتغير رأيها، أو تكوين رأي عام في وسائل الإعلام ضد الهيئة، فهذا قد يؤثر على مضمون الحكم.

ومما قد يؤيد هذا الرأي ما ورد في المادة الثالثة والأربعين (فقرة 2 من أنه: "لا يجوز نشر الحكم التحكيم أو جزء منه إلا بموافقة طرفي التحكيم كتابة ...".

وبرغم ابتعادي عن المقارنة في هذا البحث، فإن هناك بعض الأحكام تفرض نفسها على واقع البحث، ومن ذلك ما قضت به محكمة استئناف القاهرة في ظل قانون التحكيم المصري الأحدث (1994)، الذي لم ينص على سرية المداولة، إلا أنها اعتبرت أنها مسألة تتعلق بالمبادئ الأساسية للتقاضي؛ لتعلقها بالنظام العام، فقالت بأنه: "من المقرر أن التحكيم وإن كان قضاء خالها يتميز عن القضاء العادي؛ إلا أن المحكمين يخضعون فيه لما يخضع له القاضي من قيود تتعلق بأن تتم المداولة بينهم شأن القضاة ؛ حفظا طيبة الأحكام في نفوس المتقاضين من ناحية، وضماناً - من ناحية أخرى - لحرية أعضاء هيئة التحكيم في إبداء - الرأي، ورفعاً للحرج عنهم أمام أطراف النزاع الذين اختاروهم ودفعوا لهم أتعابهم، وطمع كل طرف أن يناصره - على الأقل - الحكم الذي اختاره؛ إذ يؤكد الواقع رغم ذلك تعاطفه معه، ويزداد حرج هذا المحگم إن لم تكن المداولة سرية، فسردية المداولات لهذه الاعتبارات ألزم في التحكيم منها في القضاء الذي يتمتع بكامل الاستقلال عن الخصوم".

فإذا أفشيت سرية المداولات كان ذلك سببا لبطلان الحكم؛ لابتنائه على مخالفة إجرائية تتعلق بالنظام العام في التقاضي.