حكم التحكيم / قفل باب المرافعة وحجز الدعوى التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / قفل باب المرافعة
يقصد بمصطلح قفل باب المرافعة الإعلان عن انتهاء مرحلة الترافع؛ وهي الفترة الزمنية التي يحق للأطراف خلالها تقديم المستندات والأدلة المتعلقة بالدعوى، لتبدأ مرحلة جديدة وأخيرة قوامها التحضير لإصدار الحكم النهائي الفاصل في الخصومة، فبعد فحص جميع المستندات المقدمة من الأطراف، وبعد أن تمكن المحكمون من الاستماع للشهود ومناقشة تقارير الخبراء، وبعد أن عومل "طرف التحكيم على قدم المساواة وتهيا لكل منهما فرصة متكافئة وكاملة لعرض دعواه" ، فإن الدعوى تكاد تكون صالحة للفصل فيها، وهو ما يعد إيذاناً بحجزها للحكم، وهنا تنقطع صلة الخصوم بالقضية، ولا يكون لهم اتصال بها إلا بالقدر الذي تصرح به الهيئة، ولهذا ليس لأي منهم تقديم مذكرات أو إبداع مستندات.
وباستطلاع موقف قواعد التحكيم لليونسترال نجد أن المادة 1/30 تنص على أنه "يجوز لهيئة التحكيم أن تستفسر من الأطراف عما إذا كانت لديهم أدلة أخرى لتقديمها أو شهود آخرون لسماعهم أو أقوال أخرى للإدلاء بها، فإذا لم يكن لديهم شئ من ذلك، جاز لهيئة التحكيم أن تعلن اختتام جلسات الاستماع"، وهو ما يعني انقطاع صلة الخصوم بالدعوى كما ذكرنا. وقد لا تسير الأمور في جميع الأحوال على هذا النحو، وإنما يستجد بعد قفل باب المرافعة من الأدلة والبراهين ما يؤثر بحق على إثبات موضوع النزاع لصالح أي من الطرفين، ولهذا تقرر الفقرة الثانية من النص المذكور أنه "يجوز لهيئة التحكيم أن تقرر، بمبادرة منها أو بناء على طلب أحد الأطراف، إعادة فتح جلسات الاستماع في أي وقت قبل صدور قرار التحكيم، إذا رأت ضرورة لذلك بسبب وجود ظروف استثنائية".
وببحث مسألة قفل باب المرافعة الإلكترونية نجد أن تنظيم محكمة الفضاء قد ألقت على هيئة التحكيم الإلكتروني التزامين:
الالتزام الأول: هو "الالتزام بدعوة الأطراف قبل قفل باب المرافعة لإبداء ملاحظاتهم النهائية" ويعد هذا الإجراء ضرورياً في مفهوم تنظيم المحكمة. فقد يكون من بين هذه الملاحظات ما هو منتج ومفيد في إثبات بعض عناصر النزاع. كما يهدف هذا الإجراء من ناحية أخرى، إلى إشعار الأطراف بشروع هيئة التحكيم الإلكتروني في قفل باب المرافعة، ومن ثم تهيئة الذهن القانوني للخصوم بانقطاع صلتهم بالدعوى، حتى لا يفاجئووا مرة واحدة دون سابق إنذار بعدم استطاعتهم تقديم أية أدلة أو مستندات جديدة.
الالتزام الآخر: هو "الالتزام بقفل باب المرافعة عندما تقدر هيئة التحكيم أن الأطراف قد أتيحت لهم فرصة كافية وعادلة لإبداء دفاعهم".
وهو الأمر نفسه الذي تضمنته قواعد التحكيم التجاري السارية لدى جمعية التحكيم الأمريكية في شأن التحكيم التقليدي الذي يسد النقص الكائن في الإجراءات التكميلية بشأن التحكيم الإلكتروني وذلك في مجال الأحكام المتعلقة بقفل باب المرافعة، حيث تقضي المادة 24 من هذه القواعد بأنه "(1) بعد سؤال الأطراف عما إذا كان لديهم المزيد من الشهادات أو الإدلاءات المتعلقة بالإثبات وعند استلام أجوبة سلبية أو إذا اقتنعت هيئة التحكيم بأن الملف أصبح كاملا، فيمكنها الإعلان عن قفل باب المرافعة. (2) لهيئة التحكيم، بحسب تقديرها، من تلقاء نفسها أو بطلب من أي طرف، إعادة فتح باب المرافعة في أي وقت كان قبل إصدار حكم التحكيم".
وتمشياً مع القواعد العامة، وعلى عكس تنظيم محكمة الفضاء الذي سكت عن بيان أي حكم متعلق بإعادة فتح باب المرافعة بعد قفلها، فقد أجازت قواعد جمعية التحكيم الأمريكية إمكان الحكم بإعادة فتح باب المرافعة من جديد سواء بناء على تقديم طلب من أحد الأطراف أو بمبادرة ذاتية من تلقاء المحكم نفسه، وذلك إذا استجدت من الظروف والمبررات ما يدفع المحكم إلى تقدير جدية إعادة اللجوء إلى الترافع.