حكم التحكيم / قفل باب المرافعة وحجز الدعوى التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / قفل باب المرافعة في الدعوى
يقصد بانتهاء نظر الدعوى قفل باب المرافعة فيها حيث يتم قفل باب المرافعة عندما يقدم كل خصم ما لديه من دفاع وملاحظات ومستندات كما يتم قفل باب المرافعة عندما ترى هيئة التحكيم أن الخصوم لم يعد لديهم ما يقدمونه فتقرر من تلقاء نفسها قفل باب المرافعة منعاً لإطالة أمد النزاع وغالباً ما تقرر هيئة التحكيم قفل باب المرافعة عندما ينتهي الخصوم من تقديم ما لديهم أو عندما ينتهي المدعي من تقديم ما لديه، ويستمر الخصم الآخر في تقديم دفوع أو مستندات ليست لها إنتاجية في الدعوى، وإنما الهدف منها إطالة أمد الفصل بالنزاع لكسب الوقت أو للمماطلة بالخصم الآخر. ويكون ذلك بقرار يصدر من المحكم أو من هيئة التحكيم بذلك.
وقد نصت المادة الثامنة والثلاثون من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم على أنه " متى تهيأت الدعوى للفصل فيها، تقرر هيئة التحكيم قفل باب المرافعة ورفع القضية للتدقيق والمداولة وتتم المداولة سراً لا يحضرها سوي هيئة التحكيم التي سمعت المرافعة مجتمعة، وتحدد الهيئة عند قفل باب المرافعة موعداً لإصدار القرار أو في جلسة أخرى مع مراعاة أحكام المواد (۹) ، (۱۳)، (١٤) ، (١٥) من نظام التحكيم ".
وبناء عليه يجب على هيئة التحكيم أن تحدد عند قفلها لباب المرافعة موعداً لإصدار القرار أو فى جلسة أخرى ونرى أن المقصود بذلك هو أن هيئة التحكيم يجب أن تحدد في قراراتها موعداً محدداً لإصدار الحكم، أو أن تحدد في هذا القرار موعد جلسة أخرى يتم فيها تحديد موعد إصدار الحكم.
وعند تحديد موعد إصدار الحكم يجب على هيئة التحكيم، أن تتقيد بالمواعيد النظامية التي حددها نظام التحكيم التي تضمنتها المواد المشار إليها أعلاه من النظام. وبناء عليه يجب أن يتم إصدار الحكم في الميعاد المحدد في وثيقة التحكيم لإصداره وفي حالة تمديد هذا الميعاد يتم إصدار الحكم في الميعاد الجديد. كذلك يجب أن يتم إصدار الحكم في حالة عدم تحديد الخصوم موعداً لإصداره في وثيقة التحكيم خلال تسعينيوما من تاريخ صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيم ويجب أن تأخذ هيئة التحكيم في الاعتبار ما قد يطرأ على هذه المواعيد التي حددها النظام لإصدار الحكم من تمديد قد يطرأ عليها بسبب وفاة أحد الخصوم أو بسبب عزل أو اعتزال المحكم أو بسبب تمديد هيئة التحكيم من تلقاء نفسها لهذه المواعيد نتيجة لظروف تتعلق بطبيعة موضوع النزاع.
وبعد أن يتم قفل باب المرافعة تبدأ عملية المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم بقصد تكوين الرأي النهائي الذي يصلون إليه. وبطبيعة الحال إذا كان النزاع ينظر من قبل محكم ،واحد، فإن المحكم يصدر حكمه في هذه الحالة دون مداولة مع أحد . فالمحكم في هذه الحالة لا يملك إشراك غيره معه في تكوين رأيه في موضوع النزاع ، فليس له أن يستشير شخصاً معيناً أو أشخاصاً آخرين أو حتى يأخذ رأيهم؛ وذلك لأن مهمته لها طابع شخصي بحت، تتمثل في اختياره وحده من قبل الخصوم للفصل في النزاع الحاصل بينهم. وإذا ما حدث وأن تجاوز المحكم هذه القاعدة، فإن حكمه يعد باطلاً ويتحمل وحده مسئولية الضرر الذي يسببه هذا البطلان بالنسبة للخصم أو الخصوم المتضررين من جراء هذا البطلان.
ولا يشترط أن تتم المداولة في المكان الذي تمت فيه جلسات المرافعة فمن الممكن أن تتم في أي مكان تراه هيئة التحكيم. وما تجدر ملاحظته أنه لا يتم تسجيل ما يحدث في اجتماعات المداولة في محاضر مثل جلسات المرافعة، كما لا يجب أن يحضرها سكرتير التحكيم. فالمداولة يجب أن تتم سراً ولا يحضرها إلا هيئة التحكيم التي سمعت المرافعة مجتمعة وذلك تطبيقاً لما نصت عليه المادة الثامنة والثلاثون من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم التي اعتمدت في ذلك على ما هو متبع بخصوص إصدار الأحكام القضائية.
وبناء عليه إذا لم يحضر أحد أعضاء هيئة التحكيم جلسات المداولة وتغيب عنها لأي سبب من الأسباب فيجب أن يتم إيقاف المداولة وتأجيلها إلى أن يتم حضور جميع الأعضاء. وإذا كان سبب الغياب من الأسباب التي لا يرجى معها حضور العضو الغائب كوفاته أو عزله أو رده أو اعتزاله فإنه يجب هذه الحالة فتح باب المرافعة مرة أخرى بعد تعيين من يخلفه.
ولا يعني إعادة فتح باب المرافعة ضرورة إعادة عملية الفصل في النزاع من جديد واتخاذ جميع الإجراءات التي سبق وأن تم اتخاذها في المرافعة السابقة كاستجواب الخصوم أو سماع الشهود أو الإحالة إلى الخبرة أو غير ذلك. ويكفي في هذه الحالة أن تقتصر المرافعة على تقديم الخصوم خلاصة لمطالباتهم التي أبدوها في الجلسة أو الجلسات الختامية للمرافعة السابقة فقط مع بقاء القرارات التي اتخذتها هيئة التحكيم بتشكيلها السابق صحيحة ونافذة ومنتجة لآثارها. وبناء عليه يتم إعادة استجواب الخصوم أو الشهود أو إعادة ندب الخبير أو الانتقال للمعاينة إذا كانت هيئة التحكيم السابقة قد قررت مثل هذه الإجراءات أو غيرها وتم تنفيذ ما قررته. والقول بغير ذلك غير صحيح، لأنه يجعل اللجوء إلى التحكيم مخاطرة غير محسوبة العواقب وينهي فاعليته، ويجعل من وجود نظام للتحكيم مجرد لغو لا فائدة منه، وإتباع ما ذكرناه يتناسب مع ما تطلبه نص المادة الثامنة والثلاثين، الذي اشترط حضور جميع أعضاء هيئة التحكيم التي استمعت إلى المرافعة، ومن ثم لا يؤثر في صحة التحكيم.
ومتى ما تم قفل باب المرافعة ورفعت الدعوى للتدقيق والمداولة فقد نصت المادة الأربعون من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم على أنه " لا يجوز لهيئة التحكيم أثناء رفع الدعوى للتدقيق والمداولة أن تسمع إيضاحات من أحد المحتكمين أو وكيله إلا بحضور الطرف الآخر، وليس لها أن تقبل مذكرات أو مستندات دون اطلاع الطرف الآخر عليها، وإذا رأت أنها منتجة فلها مد أجل النطق بالقرار وفتح باب المرافعة بقرار تدون فيه الأسباب والمبررات، وإخطار المحتكمين بالميعاد المحدد للنظر في القضية ".
وتفسير هذه القواعد التي نصت عليها المادة الأربعون رغبة المنظم في تطبيق القواعد التي يجري عليها العمل في القضاء الرسمي، ولا شك أن ذلك يؤدى إلى دعم التحكيم وزيادة ضماناته وتشجيع الثقة فيه لدى المتنازعين.
وبناء عليه فإنه متى ما تقرر رفع الدعوى للتدقيق والمداولة فليس لهيئة التحكيم أن تسمع من أحد الخصوم أو وكيله أية إيضاحات أو تسمح له بتقديم أية مستندات أو أوجه دفاع وسواء كان ذلك شفهياً أو كتابياً. ولكن إذا رأت هيئة التحكيم بأن تسمح لأحد الخصوم أن يقدم ما لديه فيجب عليها في هذه الحالة أن يكون مثل هذا التقديم بحضور الخصم أو الخصوم الآخرين. وأن تقوم باطلاعهم على ما يتم تقديمه من مستندات أو مذكرات. وإذا رأت الهيئة أن ما تم تقديمه في هذه الحالة منتجاً في الدعوى، فلها أن تقوم بفتح باب المرافعة مرة أخرى، وتمديد الأجل المحدد للنطق بالحكم ويكون ذلك بموجب قرار تصدره الهيئة يتضمن الأسباب والمبررات التي جعلتها تفتح باب المرافعة من جديد كما يجب عليها أن تخطر الخصم بالميعاد المحدد للنظر في القضية، ويمكن للخصوم في هذه الحالة أن يقوموا بالترافع من جديد، وتقديم ما لديهم من مذكرات ومستندات وفقا للقواعد التي رأيناها سابقا.
وما تجدر الإشارة إليه أن إعادة فتح باب المرافعة من جديد في هذه الحالة هو حق قرره النظام لهيئة التحكيم ولها في استخدام هذا الحق سلطة تقديرية واسعة مما يعني أنه ليست مجبرة على إجابة طلب الخصم في نظر ما لديه من دفوع أو مستندات أثناء فترة المداولة، وفتح باب المرافعة من جديد فلها أن ترفض ذلك إذا اقتنعت بعدم جدية الأسباب التي يبديها الخصم.
وتنتهي مرحلة التدقيق والمداولة في الموعد المحدد لها ويكون انتهاؤها بصدور حكم المحكمين والنطق به في الجلسة التي تحدد لهذا الغرض.