حكم التحكيم / قفل باب المرافعة وحجز الدعوى التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / مفترضات إصدار حكم التحكيم وكيفيه إصداره
تضمن قانون التحكيم النص علي كيفية إجراء المرافعة أمام هيئة التحكيم، ولكنه لم يتضمن النص علي كيفية إنهائها، علي خلاف ما جرت به قواعد التحكيم في بعض منظمات ومراكز التحكيم الدائمة ، حيث تولت بالتنظيم كيفية قفل باب المرافعة، متضمنة بيان الإجراءات التي تقوم بها هيئة التحكيم قبل قفل باب المرافعة.
وفي تقديرنا، أن سلطة هيئة التحكيم بشأن قفل باب المرافعة أمامها ترتبط بحدود سلطتها بالفصل في النزاع خلال المدة المتفق عليها أو تلك التي ورد النص عليها في المادة 45 من قانون التحكيم عند عدم الإتفاق، وما يتعلق بها من وجوب مراعاة الضمانات الأساسية في التقاضي ومنها مبدأ حضورية الأدلة والمواجهة وحق الدفاع. كما أن قرار هيئة التحكيم بقفل باب المرافعة لا يعد حكماً، وإنما هو قرارتصدره بما لها من سلطة ولائية في تنظيم إجراءات الخصومة التحكيمية، لا يقيدها في أن تلتزم بحدود ميعاد إصدار حكم التحكيم الذي إتفق عليه الطرفان أو حدده القانون في حالة عدم الإتفاق علي النحو السالف بيانه.
ويترتب على قفل باب المرافعة دخول الدعوي في مرحلة المداولة وإصدار الحكم، فلا يجوز لهيئة التحكيم الإستماع الي أحد الخصوم في غيبة الخصم الآخر، وفي تقديرنا، أن إلتزام هيئة التحكيم في هذه المرحلة يطابق ما تلتزم به المحكمة بموجب المادة 168 من قانون المرافعات، التي نصت علي أنه:" لا يجوز المحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً .
والمقرر في قضاء محكمة النقض، أن الأصل في إبداء الطلب أو الدفع أو وجه الدفاع أنه جائز في أي وقت ما لم ينص المشرع على غير ذلك، وأن الحظر الوارد بنص المادة 168 من قانون المرافعات وإن كان يستهدف تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم إلا أن ذلك لا يمنع من قبول شيء من ذلك طالما تحقق المبدأ أو كان من الميسور تحقيقه .
ومن ثم يجوز للخصوم في الدعوي التحكيمية التقدم إلي هيئة التحكيم بطلب فتح باب المرافعة لأسباب يتعين بيانها وتحديدها فيه، بحيث تكون تحت بصر هيئة التحكيم لتقدير مدي جديتها وما إذا كانت جديرة بالقبول، كما يكون للخصم أن يتقدم ينفع أو دفاع أو مستندات أو أوراق إستكمالاً لدفاعه الذي قدمه قبل قفل باب المرافعة أو خلال المدة التي صرحت فيها هيئة التحكيم للخصوم بتقديم أي مما سبق(م ۳۲ من قانون التحكيم).
ففي تقديرنا، أن سلطان إرادة طرفي التحكيم بشأن الإجراءات والقواعد التي تحكمها لا يمتد إلي مرحلة المداولة وإصدار حكم التحكيم، لأن هذه المرحلة وإن جاز التعبير - هي ملك خالص لهيئة التحكيم تمتلك فيها منفردة مطلق السلطة التقديرية في تقرير ما تراه بشأنها سواء بمد أجل الحكم أو فتح باب المرافعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء علي طلب أطراف الدعوي ولا يقيد هذه السلطة سوي وجوب إلتزام هيئة التحكيم بضمانات التقاضي الأساسية وما ورد النص عليه في المادة 168 من قانون المرافعات، والمادة ٢٦ من قانون التحكيم فلا يجوز لها أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها، وإلا كان عملها باطلا .
ويكون لها سلطة تقديرية بشأن الطلب المقدم من الطرفين معا لفتح باب المرافعة، فلها متي قدرت عدم جديته الإلتفات عنه، وتفصل في الموضوع متي رأت في عناصر الدعوي ما يكفي لتكوين عقيدتها .
وقد تضمن قانون التحكيم النص بالمادة ٣٢ منه علي حق كل من طرفي التحكيم في تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو إستكمالها خلال إجراءات التحكيم، ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعاً من تعطيل الفصل في النزاع .
وفي تقديرنا، أن سلطة هيئة التحكيم بشأن قبول طلب فتح باب المرافعة أو المستندات أو المنكرات من أحد الأطراف يجب أن تلتزم حدود الضمانات الأساسية في التقاضي، فلا يجوز لها الإخلال بمبدأ المواجهة وحضورية الأدلة وحق الخصم في الدفاع، فإذا قبلت دفاع أو مستندات أو دفوع من أحد الأطراف ولم تقرر فتح باب المرافعة ليتمكن الطرف الآخر من الإطلاع علي المستندات أو المذكرات بمما تضمنته من دفاع أو دفوع، فإنها تكون قد أخلت بحق الخصم في الدفاع، وخالفت ما جري به نص المادة ٢٦ من قانون التحكيم بشأن معاملة الأطراف معاملة متساوية ومنح كل منهم فرصة متكافئة لعرض دعواه، ويكون حكمها الصادر في الدعوى محلاً للطعن فيه بالبطلان وفقاً للمادة 1/53/ج من قانون التحكيم.
ويجب علي هيئة التحكيم أن تلتزم بفتح باب المرافعة، متي كان الطلب المقدم لها والمستندات المرفقة به تدل علي جديته وقد تضمنت دفاعاً جوهرياً لو صح لتغير به وجه الرأى في الدعوي،وإعادة فتح باب المرافعة في الدعوى تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، وإلا تكون قد أخلت بحق الدفاع المعتبر أصلاً هاماً من أصول المرافعات والذي يمتد إلى كل العناصر التي تشكل تأثيراً على ضمير القاضي، ويؤدي إلى حسن سير العدالة .
وجدير بالإشارة أن تمكين هيئة التحكيم لطرفي الدعوي والسماح لهما بتقديم مذكرات ومستندات بطريق الإيداع خلال أجل تحدده لذلك وأثناء فترة حجز الدعوي للحكم، لا يجيز لها وهي القوامة علي الدعوي المساس بالقواعد الأساسية في التقاضي، فليس لها أن تغير قواعد أساسية وضعت كفالة لحق التقاضي وعدم تجهيل الخصومة علي من كان طرفاً فيها ، فيجب عليها والحال كذلك أن تحدد طريقة وميعاد تبادل المنكرات والمستندات ولا تقتصر علي مجرد الإذن بتقديم المذكرات لمن يشاء خلال الأجل الذي تحدده، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 171 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٢.
وتطبيقاً لتلك قضت محكمة استئناف القاهرة، مؤدى نص المادة 168 من قانون المرافعات لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله الاحضور خصمه, أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً يدل على أن الشارع رأى حماية لحق المحكمة من الإستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبة خصمه، ومن قبول مستندات أو منكرات من أحدهم دون إطلاع الخصم الآخر عليها, ورتب على مخالفة ذلك البطلان وتعتبر القاعدة التي أوردتها المادة 168 من قانون المرافعات هي أصلاً من أصول المرافعات الذي يعتبر أنه تطبيقاً لحق الدفاع ومن ثم يترتب على ذلك أنه إذا بني الحكم على ما قدم الخصم بعد حجز الدعوى الحكم من أوراق دون إطلاع الخصم عليها فإنه يكون باطلاً بتحقق الإخلال بحق الدفاع الذي وضع كفالة لعدالة التقاضي .