تتولى هيئة التحكيم بموجب أوامر اجرائية تنظيم اجراءات التحكيم من اجل التحقيق في القضية المعروضة عليها ولاسيما لجهة كيفية تمكين الفرقاء من تقديم وسائل الاثبات المتوافرة لديهم لدعم ادلاءاتهم.
يتبين بأنه يوجد اختلاف الطريقة التي يعتمدها المحكمون بین لهذه الجهة، يعود الى النظام القانوني الذي ينتمون اليه ودرجوا على استخدامه، سواء كان النظام الانكلوساكسوني او نظام القانون المدني.
المنوه عنها أعلاه، في التحكيم الدولي، مستوحاة من قواعد مختلفه تعود الى النظامين اللانكلوساكسوني والمدني. الا أنه لا بد من القاء الضوء على الاختلاف في المنهجيا المتبعة من قبل المحكم الدولي وفقاً الى النظام القانوني الذي ينتمي اليه، مع المعرفة التامة من قبل المحكم بوجود قواعد اخرى، مطبقاً في انظمة قانونية اخرى تعطيه المرونة الكافية لتسيير اجراءات التحقيق الى جانب التمتع بالتجرد الثقافي القانوني المطلوب منه. سنعالج فيما يلي كل من الاثبات بواسطة المستندات الخطية
تنعكس الفوارق الأساسية هذه بين النظامين المذكورين في (أولاً)، والاثبات بواسطة الشهود (ثانياً)، والاثبات بواسطة الخبرة مرحلة التحقيق التي يتولاها المحكم الدولي والتي يعتمد خلالها (ثالثاً). على ما تنص عليه اتفاقية التحكيم او نظام التحكيم.
أولاً: الاثبات بواسطة المستندات الخطية:
ان المستندات الخطية تشكل في التحكيم وسيلة الاثبات الا انه وفي غياب اي نص في الاتفاقية يتعلق بمرحلة التحقيق، يعود للمحكم ان يطبق القواعد التي يراها مناسبة، مباشرة أو بامتياز، وهذا مرده الى وجود علاقة تعاقدية سابقة لنشوء النزاع باعتماده قانون معین او نظام تحكيم، هذا ما نصت عليه المادة ٨١١ وعدد من الرسائل والمستندات المتبادلة في اطار هذه العلاقة. من قانون اصول المحاكمات المدنية تقابلها المادة ١٤٩٤ أ. م. م. ووفقاً لعرف غالباً ما يتبع في الدول ذات النظام المدني، ان أما المادة ٢١٢ من قانون الاجراءات المدنية الاماراتي المستندات التي يملكها الفرقاء تقدم مع لوائحهم دونما انتظار موعد الجلسات امام الهيئة التحكيمية وان بعض انظمة التحكيم قننت هذا فرنسي. فتنص على أن:
نص عليه ذلك يصدر المحكم حكمه غير مقيد باجراءات المرافعات عدا ما العرف منها مثلاً نظام اليونسيترال (المادة (۱۸(۲))، ونظام الـ LCIA في هذا الباب والاجراءات الخاصة بدعوة الخصوم (المادة ١٥(٦)). وسماع اوجه دفاعهم وتمكينهم من تقديم مستنداتهم، ومع ان تبادل اللوائح الخطية، وهو المبدأ الأساسي للاثبات في يجوز للخصوم الاتفاق على اجراءات معينة يسير عليها المحكم». بلدان القانون المدني، هو ايضاً احد دعائم تحكيم غرفة التجارة والنصوص المقابلة لهذه المادة من القانون الاماراتي هي المادة الدولية ان الاثبات الخطي يشكل وسيلة اسناد اساسية في انظمة ٣٩ من النظام السعودي (مقاربة)، والمادة ٢٥ عماني (مقاربة)، القانون المدني بحيث يقوم الفرقاء بالتقدم بلوائحهم مرفقة بالمستندات الخطية المتوافرة لديهم التي تثبت مدعاهم والمادة ۱۹۸/۱ قطري (موافقة) والمادة ۱۸۲ كويتي (موافقة). وتجدر الاشارة الى أن اجراءات التحكيم هي ذات أهمية كبيرة كون ان المحكمة التحكيمية تسند قراراتها التحكيمية على مطالباتهم المدلى في لوائحهم او في ادلاءاتهم اللاحقة.
ويجدر التنويه انه لا يمكن للمحكم القاضي الخاص ان يلزم وسائل الاثبات المقدمة من فرقاء النزاع وتعطي الأولوية للمستندات طرفا بابراز مستند معين الا اذا اثبت بأن هذا المستند يلعب دورا الخطية من جهة اولى ولشهادة الشهود من جهة ثانية ولتقارير اساسيا في اثبات ادلاءات هذا الطرف.
الخبراء من جهة ثالثة فتكون الأوامر الاجرائية التي يصدرها المحكم والتي بموجبها يطلب من الفرقاء التقدم بوسائل الاثبات دكتورة في الحقوق - محام بالاستئناف - بيروت.
ولا بد ان نشير الى انه، وحتى في اطار الاجراءات المتبعة في الأنظمة الأنكلوساكسونية (حيث كان دائماً يترك المجال الأوسع للجلسات الوجاهية وللشهادات الشفهية ولاستجوابات الشهود ادلاءات كل من الفرقاء بواسطة لوائح خطية يأخذ اصبح الدفاع عن المنحى الأكثر اتباعا، وهذه الاهمية للتركيز على الادعاءات في اللوائح الخطية، تعكسها انظمة التحكيم المؤسساتي مثل الـ AAA والـ LCIA
ان القانون الانكلوساكسوني يطبق ما يسمى Disclosure of documents (مبدأ وجوب كشف المستندات) بحيث يكون الفرقاء ملزمين بتبادل كل المستندات المتعلقة بالقضية موضوع النزاع بما في ذلك المذكرات الداخلية محاضر الاجتماعات، التدوينات الشخصية الخ، قبل التقدم بطلباتهم بصورة دقيقة ومفصلة. يتبين على ضوء ما تقدم ان النظام المعتمد في بلدان القانون المدني، وخلافا للنظام الانكلوساكسوني، يلزم كل فريق بالادلاء بطلباته واثباتها بنفسه بحيث يخسر الفريق مدعاه اذا لم يتمكن من اثبات صحة مطالباته.
الا اننا نلاحظ اليوم بأن الاجتهاد التحكيمي الدولي قد كرس قاعدة مستوحاة من هذا النظام الأخير، مع تمكين كل فريق في النزاع وبصورة محصورة من الاستحصال على مستندات هي موجودة في حوزة الفريق الآخر أو اي شخص ثالث اعطت بعض القوانين للمحكم سلطة الامر بابراز هذه الادلة عندما تكون بحوزة طرف في النزاع. ان هذه القاعدة تكرس الاختصاص العام للمحكم في تنظيم اجراءات التحكيم (المادة ٧٨٠ أ. م. م. لبناني والمادة ١٤٦٠ أ. م. م. فرنسي والمادة 3 من قواعد نقابة المحامين الدولية لسنة ۱۹۹۹، والمادة ٢٤ من نظام اليونيسيترال والمادة (٢٠(٥) من نظام غرفة التجارة الدولية).
وبصورة عامة، يتقدم الفرقاء بطلباتهم في اللوائح التي يتم تبادلها ويصار الى توثيق هذه الطلبات بموجب مستندات خطية مرفقة ربطا، اما بطلب التحكيم المقدم اما في اللوائح التي يتم تقديمها لاحقا.
اما البلدان العربية فحسب بعض قوانين التحكيم فيها، (مادة بحريني والمادة ۲۰۰ قطري والمادة ٣٠ عماني والمادة ١٧٩ كويتي والمادة ۲۰۸ اماراتي والمادتان ۱۰ و ۱۷ من النظام السعودي)، يتوجب على المحكم ان يحدد للخصوم موعداً من اجل تقديم مستنداتهم وباقي اوجه دفاعهم وهذا مبدأ يطبق دائما في التحكيم دونما حاجة الى نص. وقد يتفق على الموعد من قبل الخصوم او يقدره المحكم من تلقاء نفسه عند عدم اتفاقهم، اذ ان هذه مسألة من اجراءات التحكيم يقررها المحكم في حال عدم الاتفاق عليها بموجب السلطة الممنوحة له. اما قانون التحكيم الاردني فهو جاء على ضوء القانون النموذجي لليونيسترال ونظم مسألة الاثبات بالوسائل والمستندات الخطية في المواد ۲۹ و ۳۰ و ۳۱ من قانون التحكيم رقم ٣١ لسنة ۲۰۰۱ ونص على ان يكون تبادل اللوائح والمستندات خلال الموعد المتفق عليه بين الطرفين او الذي تعينه هيئة التحكيم (المادة ۲۹) (أ-ب-ج) ونص في المادة ۲۹ (ج) على حق هيئة التحكيم في اي مرحلة من مراحل الدعوى الطلب بتقديم اصول المستندات او الوثائق التي يستند اليها اي من الطرفين.
تجدر الاشارة إلى أنه وفي اطار رحلة تبادل اللوائح بين فريقي التحكيم ، ولاسيما في المرحلة اللاحقة لقيام طالب التحكيم بالتقدم بطلب التحكيم ومن ثم الرد عليه من قبل مطلوب التحكيم بوجهه قد يقدم احد الفريقين طلبا الى المحكمة التحكيمية بشان ابراز مستندات يراها ضرورية وهذا ما نشاهده في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة لما يوفر من حسنات، فمن جهة أولى، يمنع حصول بسمی بال fishing expeditions اي قيام فريق في التحكيم بطلب مستندات يعتقد انها بحوزة خصمه قبل ان يكون هذا الفريق قد لخص وقائع القضية ومطالباته، اضف الى ما تقدم ان هذه الطريقة تسمح للمحكم بتقدير مدى أحقية الطلب المقدم اليه بحيث يكون قد اطلع على ادلاءات الفرقاء، كما هي واردة في لوائحهم المقدمة. ولا بد من الاشارة الى المادة (۲(٥) من قواعد نقابة المحامين الدولية لسنة ۱۹۹۹ التي تعطي الهيئة التحكيمية سلطة استنسابية في ادارة اجراءات ابراز الادلة، فارضة في الوقت ذاته المبادئ العامة الاثبات ان حدود هذه السلطة الاستنسابية هي النظام العام المفروض بموجب النظام الاجرائي المتبع في ميثاق التحكيم. ونحن نشهد اليوم توحيداً دولياً لمفهوم النظام العام في التحكيم التجاري الذي يتمحور بحسب رأي بعض الفقهاء حول ثلاثة مبادئ : حق الفرقاء بالادلاء بأوجه دفاعهم - احترام مبدأ الوجاهية - والمساواة في معاملة اطراف النزاع.
اما المادة 4 من قواعد نقابة المحامين الدولية لسنة ۱۹۹۹ فهي ترسم حدود سلطة المحكم الاستنسابية في موضوع الاثبات الخطي. وهذه الحدود هي اربعة ويمكن حصرها بان على المحكم ان يلغي اي مستند من الاثبات بناء على طلب احد الخصوم بسبب عائق قضائي او امتياز قانوني او وقفا للقواعد السلوكية المحددة من الهيئة التحكيمية لتطبق على النزاع او بداعي الحفاظ على السرية التقنية او التجارية او بسبب كلفة ابراز هذه المستندات المطلوبة او لنقص في الاثبات الذي توفره حتى اما نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية فقد نص في ۲۰(۱) على ان تحقق محكمة التحكيم في القضية خلال اقصر وقت ممكن وتحدد كافة وقائع القضية بكل الوسائل الملائمة. وجاء في الفقرتين ٥ و ٦ انه: يجوز لمحكمة التحكيم ان تطلب من الاطراف تقديم ادلة اضافية في اية مرحلة من مراحل التحكيم. ويجوز لمحكمة التحكيم ان تقرر الفصل في النزاع سندا فقط الى المستندات المقدمة من الاطراف الا اذا طلب احد الاطراف عقد جلسة».
قواعد نقابة المحامين الدولية لسنة ۱۹۹۹ ان المادة ٣ من Rules on the Taking of Evidence The 1999 IBA تعرض اجراءات تقديم المستندات الخطية.
في البداية ان هذه المستندات تقدم بارادة الخصوم بعد تقديم طلب التحكيم والجواب على الطلب ومن ثم الرد على هذه الاجابة بعد ذلك يكون لكل من الفرقاء الحق بأن يطلب من الفريق الآخر، وضمن الحدود المذكورة سابقا، تقديم المستندات المعتبرة ذات اهمية في مرحلة التحقيق وفي جميع الاحوال ان هيئة التحكيم تفصل بمدى وجوب تقديم تلك المستندات. حتى أن بامكان هيئة التحكيم تعيين خبير مستقل ومحايد لدراسة مستند ولاتخاذ القرار المناسب بشأن اهمية ابرازه وذلك لحساب الهيئة التحكيمية (المادة ٣ ) وان الهيئة التحكيمية تستطيع في اي وقت ان تطلب من فريق في الخصومة التحكيمية ابراز امام الفرقاء الآخرين كل مستند تعتبره وثيق الاتصال بالنزاع.
بالطبع، قد يطلب فريق في النزاع من الآخرين بأن يقدم مستندات ليست بحوزته في هذه الحالة على الهيئة التحكيمية ان تقدر مدى امكانية هذا الفريق تقديم المستندات المطلوبة وتتخذ القرار المناسب، فقد يكون لرفض ابرازها مجرد عذر شكلي احيانا ونشير ايضا الى الفقرة ٣ من المادة ٣ المذكورة اعلاه والتي تنص على بعض الشروط المفروضة في طلب تقديم المستندات
بحيث يفرض :
- تفصيل الطلب وتحديد المستند المطالب بابرازه اثبات مدى أهمية المستند في التوصل الى البت بالنزاع.
- التصريح بأن المستند المطالب به ليس بحوزة الطرف الذي يطالب به وابراز كل ما يثبت أو يرجح وجود هذا المستند بحوزة الشخص الذي يطلب منه ابراز هذا المستند.
لكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق هو، في حال رفض احد الفرقاء ابراز مستند طلب منه ما الخيارات المطروحة امام المحكم؟
هي في الواقع، يكون عندها للمحكم عدة احتمالات:
١ - فإما أن يصدر أمرا اجرائيا يلزم بموجبه الفريق المتخلف بابراز المستند مع التذكير بأنه في حال تعنت هذا الفريق عن ابراز المستند المطلوب، سيصار الى استخلاص النتائج المترتبة عن هذا الامتناع في القرار التحكيمي. وتجدر الإشارة أنه على المحكم أن يأخذ بعين الاعتبار النظام القانوني في البلد الذي ينتمي اليه الفريق المتخلف . عن ابراز المستند المطلوب. ففي الدول التي تطبق النظام الانكلوساكسوني، ان العادة الراسخة والناتجة عن قاعدة الـ الاكتشاف discovery تفرض او توجب حفظ كل المستندات سواء أكانت رسمية ام لا، وكذلك كتابتها بدقة، لاسيما وانه يكون لدى الأشخاص المنتمين الى هذه الأنظمة فكرة راسخة عن احتمال وجوب مثولهم امام القضاء كشهود، مما يدفعهم الى الاحتفاظ بكل أنواع المستندات كما وكتابتها بدقة وتفصيل.
ان الوضع يختلف في الدول التي تطبق نظام القانون المدني بحيث غالبا ما تكتب المستندات بصورة أكثر تساهلا، نظرا لغياب الفكرة المذكورة أعلاه الموجودة في الدول التي تتبع النظام الانكلوساكسوني. هذا ما ينعكس عمليا على قيمة المستند المقدم من الفرقاء، بحيث تختلف أهميته، فيعتبر مهماً اذا كان هذا الفريق ينتمي الى دول تتبع النظام الانكلوساكسوني، الأمر الغير متوافر في المستندات المقدمة من قبل فريق ينتمي الى الدول التي تطبق نظام القانون المدني.
فضلا عن التدابير التي ترمي الى ابراز المستندات تختلف باختلاف الانظمة القانونية، ففى اطار النظام المدني، ان هذه الى الحصول على مستند يطالب به فريق . بوجوده، إلا انه لا يملك سبيلا للاطلاع عليه، او انه لم يعد بإمكانه الاطلاع عليه. اما في البلدان الانكلوساكسونية، ان التدابير الرامية الی ابراز مستندات تدعم ادلاءات الخصوم تهدف ايضا الى جمع المستندات التي قد تكون على صلة نوعا ما وثيقة بالنزاع، واعداد ملف الدعوى، اي انها لا تكمل فقط نواقص الملف .. تتخذ وتنفذ في مرحلة اعدادية. ان قوانين بلدان القانون المدني تعتبر ان المدعي لا يمكنه مباشرة دعواه اذا لم يكن مقتنعاً بقانونيتها ومن ثم يطالب بابراز مستندات تدعم ادلاءاته. بالمقابل، في البلدان الانكلوساكسونية، قد تباشر عملية اكتشاف Discovery من أجل الاكتشاف وليس فقط للاثبات. من هذا المنطلق، ليست الـ Discovery وسيلة اثبات محددة بل انها مرحلة من اجراءات الادعاء
اما محكمي غرفة التجارة الدولية فهم غير مخولين سلطة الأمر بابراز مستندات لم تحدد بشكل جيد. فنظام التحكيم غرفة التجارة الدولية لا يمنح المحكمين الحق باجبار احد الخصوم على ابراز مستند ولا ينص على اية عقوبة في حال عدم تنفيذ أمر بابرازه الا أن قانون مكان التحكيم Lex arbitri قد يوفر مساعدة قضائية للمحكم مثال ذلك المادة ١٤٦٠ من قانون أ.م.م. فرنسي التي اعطت المحكم سلطة الأمر بابراز وسيلة اثبات موجودة بحوزة احد الخصوم. وهناك عدد من البلدان الانكلوساكسونية تسمح بعملية اكتشاف Discovery عدد من مستندات معينة، وتعاقب عدم تنفيذ هذا الاجراء. الا انه في الواقع، ان هذه الاجراءات نادراً ماتتبع ويميل المحكمون الى استخلاص النتائج من جراء رفض ابراز مستند معین كاملة في الواقع، يميل الفقه في التحكيم الدولي الى اعتبار اجراءات من الـ Discovery مصدر بطء ونفقات اضافية، وهي بالتالي ليست متوافقة مع ارادة الفرقاء المفترضة او المعتادة. وخلاصة القول ان التحكيم يحتفظ بطابعه الرضائي حتى فيما يخص ابراز المستندات.
٢ - تبقى أيضا أمام المحكم امكانية التقدم بطلب الى القضاء لالزام الفريق المتخلف على ابراز المستند المطلوب. الا ان الاجراء يكون فعالا اذا كان هذا الفريق المذكور مقيما في ذات الدولة حيث مركز التحكيم والا فسيؤدي الى اطالة أمد المحاكمة لما قد ينتج انابات قضائية. ثانياً: الاثبات بواسطة الشهود ان قرار الاستعانة بالشهود يعود الى الهيئة التحكيمية التي لها حرية رفض سماع الشهود المقترحين من طرف في النزاع اذا كانت تعتبر نفسها قد كونت فكرة كافية عن وقائع النزاع من خلال وسائل الاثبات الأخرى، ورفضها هذا لا يؤثر على صحة قرارها النهائي. ان هذه القاعدة معمول بها ايضا في الأنظمة التى اعتادت ان تأخذ بشكل واسع بشهادة الشهود كوسيلة للاثبات وهي الأنظمة الأنكلوساكسونية، وبالعكس، ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان احد الفرقاء، عفوا من تلقاء نفسها، تقديم شاهد تعتبر امتثاله اساسي لفهم القضية.
ان امكانية اللجوء الى الاثبات بالشهادة تختلف بحسب الأنظمة القانونية. فبالنسبة للقانونيين في الأنظمة الأنكلوساكسونية يعتبر الاثبات بواسطة شهادة الشهود عنصرا أساسيا من وسائل الاثبات بدونه لا يمكن للهيئة التحكيمية تقدير مدى دقة ادلاءات الخصوم، اما فقهاء أنظمة القانون المدني، فهم أكثر تحفظا بالنسبة لصحة الشهادات واهمية اللجوء اليها بصورة مطلقة، فالاثبات بالوسائل الخطية يبقى بنظرهم وسيلة الاثبات الأفضل. ان الاختلاف هنا بين النظامين هو جوهري مرده الى التباين في مفهوم «الشهود كما هو مكرس في كل منهما.
ففي حين ان حيادية الشاهد في الدول التي تطبق نظام القانون المدني هي التي تجعل منه وسيلة اثبات يمكن الركون عليها يختلف الأمر في الدول التي تطبق النظام الانكلوساكسوني والتي تعتبر بمثابة الشاهد كل شخص يمكن من خلال اقواله ان ينير المحكمة ويساهم في فهمها للقضية المعروضة عليها. قد ينتج عن هذا التباين نتائج ،عدة أولا لجهة اعتبار الفريق الماثل أمام المحكمة التحكيمية بعدم توافر الشهود الذين قد يؤيدون طلباته. هذا اذا كان هذا الفريق ينتمي الى الدول التي تطبق النظام المدني، في حين أن الفرقاء الذين ينتمون الى الدول المعتمدة للنظام الانكلوساكسوني، يعتبرون انفسهم محرومين من الضمانات القانونية الدنيا اذا لم يتمكنوا من الادلاء بطلباتهم من خلال شهادة الشهود. علماً أن الطريقة المعتمدة من المحكمين الدوليين هي تحدد الهيئة التحكيمية منذ بداية اجراءات التحكيم مهلة للمتداعين من اجل الافصاح عن اسماء الشهود الذين يرغبون بالاستماع الى شهاداتهم. وان الهيئة التحكيمية قد تدعو الفرقاء الى تقديم الشهادات بشكل خطي witness statement). هذه الشهادة الخطية لا تستبعد بالضرورة الاستماع اللاحق لهؤلاء الشهود بل هي تسمح للهيئة التحكيمية بان تقدر بشكل افضل مدى لزوم الاستماع اليهم وتختصر مدة جلسات الشهادة. وبالعكس، قد يتفق الفرقاء، بحسب الأنظمة الأنكلوساكسونية، على الا تؤخذ الشهادة الخطية بعين الاعتبار اذا ما تخلف صاحبها عن الحضور للادلاء بها. فضلا عن ذلك ان القوانين اللانكلوساكسونية تسمح للخصوم بتحضير» شهودهم، بينما تمنع قوانين اخرى ذلك متاثرة بالقواعد السلوكية في التحكيم، وتفرض عقوبات تأديبية على مخالفتها. الا إن المنحى المتبع في التحكيم الدولي هو دعوة الفرقاء إلى التقدم إلى الهيئة التحكيمية بلوائح بأسماء الشهود وإفاداتهم الخطية. وعلى الهيئة التحكيمية ان تحرص على ذلك لا سيما عندما ينتمي الخصوم الى انظمة قانونية مختلفة. أما بالنسبة لطريقة الاستماع إلى الشهود فتختلف ايضا بحسب الأنظمة القانونية، ففي حين المدني، تطرح الأسئلة الى الشهود من خلال القاضي او المحكم، سواء اكانت هذه الأسئلة مثارة من القاضي او المحكم بالذات أو من قبل فريق في النزاع، تختلف هذه الطريقة في ممارسة النظام الانكلوساكسوني حيث يمكن تلخيصها على الشكل التالي: يسأل الشاهد من قبل المحامي الذي يعرف عنه وهذا ما يسمی به direct examination - Cross examination
ثم يسأل الشاهد من المحامي الآخر وهذا ما يسمى بـ
٣- ثم يسأل الشاهد مجددا من قبل المحامي الذي قدمه وهذا ما يعرف بـ re-examination أو re-direct/re-cross) . وعلى المحكم ان يسهر خلال ادلاء الشاهد بشهادته الا يقدم المحامي الذي قوم الشاهد بالتأثير على هذا الأخير عن طريق منع الأسئلة التي تسمى به .leading questions. لقد استخرج الاجتهاد التحكيمي الدولي قواعد مشتركة درج على تطبيقها بمعزل عن النظام المطبق، وقد غلب مفهوم الـ "Witness" المتعارف عليه في النظام الانكلوساكسوني بحيث انه يمكن دعوة كل شخص الى الشهادة بمعزل عن صفته وحتى ولو كان هذا الشاهد وكيلا لفريق في النزاع المادة ۲۰٫۳) من قواعد الـ ICC) او عامل لديه. ان الاستماع الى الشهود لا يهدف الى الاستحصال على عناصر اثبات اضافية بقدر ما يهدف الى تفسير ادلاءات الفرقاء، مع الأخذ بعين الاعتبار وبالتأكيد مدى العلاقة التي تربط بین والفريق الذي يستند على شهادته. ويبقى للمحكم القرار النهائي للأخذ بالشهادة المدلى بها ام استبعادها.
عما يسمى الشاهد direct JI
تجدر الاشارة الى أن النظام الانكلوساكسوني يشكل اليوم الاطار العام المتبع، بحيث انه استعيض examination والتي وبحسب النظام المذكور تتم شفاهة امام المحكم، بشهادة خطية تبرز وغالبا ما ترفق بلوائح الفرقاء. بالتالي، يصار الى الاستماع الى الشاهد انطلاقا مما هو مكتوب، أي بالبدء
الـ cross-examination . بما يسمى وان دور المحكم هو أساسي ودقيق في هذه المرحلة، اذ يكون عليه الحرص على الحفاظ على المساواة بين الفرقاء عن طريق وقتا متساويا ليقوم شهود كل منهم : بالادلاء بشهادته. اعطاء كل منهم وقد جرت العادة ان يقسم المحكم جلسة الاستماع الى الشهود الى ٣ أقسام، بحيث يمنح طالب التحكيم في مرحلة اولى بوجهه مدة مماثلة، وتكون مدة معينة ويمنح مطلوب التحكيم المرحلة الثالثة مخصصة للمحكمة التحكيمية التي تقوم بطرح اسئلتها على الفرقاء كما والفصل بالنقاط الاجرائية التي قد تثار أثناء الجلسة.
تبقى مسألة تحليف اليمين للشهود. ان القوانين الداخلية منقسمة حيال سلطة الهيئة التحكيمية ازاء تحليف اليمين للشهود الذين يمتثلون امامها.
ان سلطة الهيئة التحكيمية هذه معترف بها في انكلترا وبلجيكا مثلا، لكنها مرفوضة في ألمانيا وفرنسا والسويد. في الواقع، ان اليمين قد تشكل سببا تشديديا لتجريم شهادة الزور وهذ الجرم قد يرتكب ايضا امام المحكمين ويعاقب بغض النظر عن وجود اليمين. اما في الدول العربية، فقد نصت المادة ٢١١ من القانون الاماراتي على وجوب قيام المحكم بتحليف اليمين للشهود، وهذا ما نصت عليه ايضا المادة ۳۱ من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي. كذلك، نصت المادة (۳۲(د) من القانون الاردني على ان يكون سماع الشهود بعد اداء اليمين وفق الصيغة التي تقررها هيئة التحكيم.
اما القانون القطري (المادة (۲۰۰(۳)) والقانون البحريني (المادة ٢٣٨(٤)) فيعتبران تحليف اليمين امر جوازي لهيئة التحكيم، بحيث ان في القانون البحريني يمكن لهيئة التحكيم ان تكتفي بان تطلب من الشاهد تعهداً بقول الصدق وذلك بشكل تصريح رسمي، قبل اداء شهادته وعلى العكس، نص القانون اللبناني (المادة ۷۷۹) أ.م.م. على ان يستمع المحكم لأي شخص ثالث دون تحليفه اليمين.
وهناك اتجاه الى القبول بالشهادة الخطية Affidavit المشفوعة بالقسم سواء امام القاضي او المحكم فطالما ان غالبية القوانين العربية لم تنص عليها، لا شيء يمنع جوازها. الأحوال، في اطار التحكيم التجاري الدولي، ان في جميع التباين بين النظام المدني والنظام الأنكلوساكسوني يميل الى الاعتدال فكثيرون من المحكمين في انظمة القانون المدني باتوا يقرون بالمنفعة التي قد يشكلها الاستماع الى الشهود. وبالعكس، نجد اتجاها من قبل المحكمين الانكليز والاميركيين الى الحد من عدد الشهود ومن امكانية استجوابهم من قبل الخصوم في اي وقت. ثالثاً: الاثبات بوساطة الخبرة ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان تأمر باجراء خبرة اما بناء على طلب احد الخصوم او عفوا من تلقاء نفسها. هذا ما اقرته غالبية انظمة التحكيم منها نظام غرفة التجارة الدولية (المادة ٤/٢٠) ونظام اليونسيترال (المادة (۲۷ ونظام جمعية التحكيم الدولية AAA) (المادة ۲۱ )
الا ان الهيئة التحكيمية لا تكون ملزمة بتلبية طلب احد الخصوم : تعيين خبير.
والخبير المعين يجب ان يكون مستقلا عن الفرقاء والا كان عرضة للرد. ولضمان حياده لا يجوز ان يكون الخبير من منافسي احد الخصوم.
وعلى الهيئة التحكيمية ان تحدد مهمة الخبير بدقة دونما تقييد الخبير من حيث امكانية ابداء رأيه حيال مسائل تقنية قد يكون مهما التطرق اليها. وعلى الخبير كما المحكم ان يحترم مبدأي الوجاهية والمساواة بين الخصوم. فكل مراسلة تصدر عنه يجب توجيهها الى جميع الخصوم وكل اجتماع ينظمه يجب ان يحضره ممثلو جميع الفرقاء ما لم يوجد اتفاق مخالف وكل اتصال بين هيئة التحكيم والخبير يجب ان يعلم به الفرقاء. ان الاثبات بواسطة الخبرة هو احد المواضيع حيث التباين بين بشكل واسع بشهادة الشهود كوسيلة للاثبات وهي الأنظمة الأنكلوساكسونية، وبالعكس، ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان احد الفرقاء، عفوا من تلقاء نفسها، تقديم شاهد تعتبر امتثاله اساسي لفهم القضية. ان امكانية اللجوء الى الاثبات بالشهادة تختلف بحسب الأنظمة القانونية. فبالنسبة للقانونيين في الأنظمة الأنكلوساكسونية يعتبر الاثبات بواسطة شهادة الشهود عنصرا أساسيا من وسائل الاثبات بدونه لا يمكن للهيئة التحكيمية تقدير مدى دقة ادلاءات الخصوم، اما فقهاء أنظمة القانون المدني، فهم أكثر تحفظا بالنسبة لصحة الشهادات واهمية اللجوء اليها بصورة مطلقة، فالاثبات بالوسائل الخطية يبقى بنظرهم وسيلة الاثبات الأفضل. ان الاختلاف هنا بين النظامين هو جوهري مرده الى التباين في مفهوم «الشهود كما هو مكرس في كل منهما.
ففي حين ان حيادية الشاهد في الدول التي تطبق نظام القانون المدني هي التي تجعل منه وسيلة اثبات يمكن الركون عليها يختلف الأمر في الدول التي تطبق النظام الانكلوساكسوني والتي تعتبر بمثابة الشاهد كل شخص يمكن من خلال اقواله ان ينير المحكمة ويساهم في فهمها للقضية المعروضة عليها. قد ينتج عن هذا التباين نتائج ،عدة أولا لجهة اعتبار الفريق الماثل أمام المحكمة التحكيمية بعدم توافر الشهود الذين قد يؤيدون طلباته. هذا اذا كان هذا الفريق ينتمي الى الدول التي تطبق النظام المدني، في حين أن الفرقاء الذين ينتمون الى الدول المعتمدة للنظام الانكلوساكسوني، يعتبرون انفسهم محرومين من الضمانات القانونية الدنيا اذا لم يتمكنوا من الادلاء بطلباتهم من خلال شهادة الشهود. علماً أن الطريقة المعتمدة من المحكمين الدوليين هي تحدد الهيئة التحكيمية منذ بداية اجراءات التحكيم مهلة للمتداعين من اجل الافصاح عن اسماء الشهود الذين يرغبون بالاستماع الى شهاداتهم. وان الهيئة التحكيمية قد تدعو الفرقاء الى تقديم الشهادات بشكل خطي witness statement). هذه الشهادة الخطية لا تستبعد بالضرورة الاستماع اللاحق لهؤلاء الشهود بل هي تسمح للهيئة التحكيمية بان تقدر بشكل افضل مدى لزوم الاستماع اليهم وتختصر مدة جلسات الشهادة. وبالعكس، قد يتفق الفرقاء، بحسب الأنظمة الأنكلوساكسونية، على الا تؤخذ الشهادة الخطية بعين الاعتبار اذا ما تخلف صاحبها عن الحضور للادلاء بها. فضلا عن ذلك ان القوانين اللانكلوساكسونية تسمح للخصوم بتحضير» شهودهم، بينما تمنع قوانين اخرى ذلك متاثرة بالقواعد السلوكية في التحكيم، وتفرض عقوبات تأديبية على مخالفتها. الا إن المنحى المتبع في التحكيم الدولي هو دعوة الفرقاء إلى التقدم إلى الهيئة التحكيمية بلوائح بأسماء الشهود وإفاداتهم الخطية. وعلى الهيئة التحكيمية ان تحرص على ذلك لا سيما عندما ينتمي الخصوم الى انظمة قانونية مختلفة. أما بالنسبة لطريقة الاستماع إلى الشهود فتختلف ايضا بحسب الأنظمة القانونية، ففي حين المدني، تطرح الأسئلة الى الشهود من خلال القاضي او المحكم، الأنظمة الانكلوساكسونية والمدنية واضح المعالم. فالأنظمة الانكلوساكسونية تحبّذ الخبرة الخاصة المحضرة من قبل خبراء يختارهم كل من الخصوم (Expert witness ) ومن المواجهة بينهم (Cross examination ينبثق حل المشكلة المتنازع عليها. اما في اطار الأنظمة المدنية، تعتمد الخبرة غالبا على رأي خير مستقل، معين من قبل المحكم القاضي الخاص) ومقيد بتعليمات المحكم.
ففي حين أن القاضي يلجأ في الدول التي تطبق النظام المدني عفوا اما بناء لطلب احد الفرقاء الى تعيين خبير وتحديد مهمته يختلف الأمر في الدول التي تتبع النظام الانكلوساكسوني، حيث يعتبر الخبير بمثابة الشاهد expert witness، دوره انارة المحكمة على المسائل التقنية او على مضمون قانون اجنبي ما. وبالتالي، تطبق من اجل سماعه الاجراءات نفسها المطبقة من اجل السماع الى الشهود والتي سبق وذكرناها. درج المحكمون على اعتماد أي من هذين المفهومين بالاستناد الى طبيعة المشاكل المطروحة، بحيث ان اللجوء الى الخبرة بمفهومها المعتمد في الدول الانكلوساسكونية من يوضح للمحكم ما يقتضيه من اعتماد الـ açon contradictoire للمسائل التقنية المطروحة امامه. الا انه غالبا ما يتواجد المحكم أمام خبيرين او أكثر يدلي كل منهم بآراء تقنية مختلفة، مما يدفع بالمحكم الى تعيين خبير حيادي للفصل بين تلك الآراء بتجرد. بالتأكيد، على المحكم هنا أيضا ان يسهر على المساواة بين الفرقاء عن طريق اعطاء كل منهما امكانية التعليق على تقرير الخبير المعين من قبله. ان الجمع بين طريقيتي الخبرة المذكورتين قد يكون مكلفا لذلك ان هذه الامكانية تنحصر في التحكيم الذي ترتفع فيه المصالح الاقتصادية.
اما اختيار اي من الاتجاهين من قبل الهيئة التحكيمية فمرتبط حصريا بملاءمته لوقائع النزاع وعدم تعارضه مع احكام القانون المطبق على النزاع والتي تنظم مسألة الخبرة. ان سلطة المحكم حيال هذا الموضوع مكرسة من خلال عدة احكام قانونية ونظامية المادة ٢٦ من القانون النموذجي والمادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية والمادة ١/٢٧ من نظام اليونسيترال والمادة (۱/۲۱ من نظام الـ LCIA)، حتى انه يعترف بسلطة المحكم هذه بغياب أي نص يدعمها (المادة ٢٦ النموذجي).
كما ان من حق هيئة التحكيم ان ترفض تعيين خبير مستقل غير ملائم. وحتى قبول تقرير او سماع خبراء خاصين اذا اعتبرت هذا الاجراء فيما ان الحق بالخبرة يتفرع عن حق كل فريق في النزاع بالتعبير عن رأيه وبالاستماع اليه ، فهو (الحق) بالخبرة) لا يتحقق الا اذا كانت لتحديد مصير النزاع. الخبرة ضرورية او على الاقل نافعة ، واذا كانت تثبت وقائع مقنعة وحق الفرقاء هذا يفرض على المحكمين واجب مراجعة قبل مباشرة الخبرة لتمكينهم من ابداء رأيهم حيال شخصه وهدف مهمته (المادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية). كذلك من حقهم الاطلاع على تقرير الخبير واستجوابه في جلسة علنية يرافقهم احيانا خبراؤهم الخاصون (المادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية والمادة ٢/٢١ من نظام الـ LCIA). في جميع الأحوال لا تكون الهيئة التحكيمية مقيدة بالخلاصة التي توصل اليها الخبير حتى لو كان مستقلا، وعندما تكون المسألة المطروحة بالخبرة ذات اهمية تقنية تكون الخبرة اساسية وحاسمة، لذلك، من الضروري اخضاع الخبير لواجبات مماثلة لتلك المفروضة على المحكم ومنها الاستقلالية والحياد، ان القانون الوحيد مبدئيا الذي نظم مسألة رد الخبير لنفس اسباب رد المحكم (المادة ١٠٤٩/٤ ZPO).
اما باقي قوانين التحكيم فلا تنص على قاعدة خاصة برد الخبراء ولو ان مبدأ او ضرورة هذا الرد هما واسعا القبول في . فمسألة رد الخبير تتعلق باجراءات التحكيم التي الاجتهاد التحيكمي. للهيئة التحكيمية حرية فصلها نظرا لسلطتها في تنظيم اجراءات مسألة التحكيم. وكما في المانيا، ان قرار الخبرة المغلوط فيها لا يمكن الطعن به او مراجعته مباشرة من قبل القاضي بل يمكن التعرض اليه اما في اطار الطعن بالقرار التحكيمي اما في مرحلة طلب الصيغة التنفيذية لاسيما عندما يرفض طلب رد الخبير بدون اي مبرر. بالنسبة لبعض القوانين العربية، نرى في القانون اللبناني (المادة ٧٧٩ أ.م.م.) بانه يحق للمحكم ان يستمع الى اقوال اشخاص ثالثين بدون تحليفهم اليمين والاشخاص الثالثون هم الشهود والخبراء وغيرهم. وجاء في القانون البحريني المادة) ٢٦ من المرسوم بقانون رقم 9 لسنة ١٩٩٤ الذي اصدر قانون التحكيم التجاري الدولي بالتوافق مع القانون النموذجي لعام ١٩٨٥) بانه يجوز لهيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، ان تعين خبيرا او اكثر من اجل مسألة معينة تحددها او ان تطلب من اي من الطرفين احاطة الخبير بمعلومات معينة او بمستندات ذات صلة بالموضوع. وجاء في الفقرة ٢ المادة ٢٦ انه: بعد ان يقدم الخبير تقريره الكتابي او الشفوي، يشترك، اذا طلب ذلك احد الطرفين او رأت هيئة التحكيم ضرورة ذلك في مرافعة تتاح فيها للطرفين فرصة توجيه اسئلة اليه وتقديم شهود من الخبراء ليدلوا بشهاداتهم في المسائل موضوع النزاع، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .. اما في السعودية ، فقد جاء في اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم (المادة (۳۳) بان: الهيئة التحكيم عند الاقتضاء الاستعانة بخبير او اكثر لتقديم تقرير فني بشان بعض المسائل او الوقائع الفنية والمادية المنتجة في الدعوى وعليها ان تذكر في منطوق قرارها بيانا دقيقا المأمورية الخبير (...) وللهيئة مناقشة الخبير في الجلسة عن نتيجة جلسة التقرير (...)) .
اما قانون التحكيم الاردني رقم ۳۱ لسنة ٢٠٠١ فقد نظم مسألة الاستعانة بالخبراء بنصه في المادة ۳۲ (د) على ان: يكون سماع الشهود والخبراء بعد اداء اليمين وفق الصيغة التي تقررها هيئة التحكيم.
ثم جاء في المادة ٣٤ (أ) ان لهيئة التحكيم تعيين خبير او اكثر لتقديم تقرير مكتبوب او شفوي بشان مسائل معينة تحددها وعلى كل من طرفي النزاع توفير المعلومات والوثائق للخبير وتمكينه من معاينة اي بضائع واموال متصلة بالنزاع كما ان لهيئة التحكيم بعد تقديم تقرير الخبير واحاطة الخصوم علما به:
ان تقرر من تلقاء نفسها او بناء على طلب احد طرفي التحكيم عقد جلسة لسماع اقوال الخبير مع اتاحة الفرصة للطرفين لسماعه ومناقشته بشأن ما ورد في تقريره ولكل من الطرفين ان يقدم في هذه الجلسة خبيرا او اكثر من طرفه لابداء الرأي في المسائل التي تناولها تقرير الخبير الذي عينته هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحيكم على غير ذلك».
الى جانب وسائل الاثبات التي تتطرقنا اليها ان الهيئة التحكيمية مؤهلة، سواء بناء على طلب احد الفرقاء او عفوا بمبادرتها، بان تعاين او تطلب المعاينة من قبل خبير كل موقع او عقار او آلیات او اموال وغيرها تعتبر الكشف عليها ضروريا ( وقد نصت المادة 7 من قواعد نقابة المحامين الدولية لسنة ۱۹۹۹ علي ذلك). وهذا الاجراء مقيد ايضا مثله مثل باقي اجراءات التحكيم، باحترام مبدأي الوجاهية والمساواة بين الخصوم. والمحكمون هم الوحيدون الذين يقدرون مدى الزامية هذا الاجراء وملائمته. يتبين على ضوء كل ما تقدم ذكره ان المحكمين قد توصلوا الى استبعاد المفاهيم المستوحاة من الأنظمة القانونية التي ينتمون اليها، توصلا الى تكريس قواعد خاصة بالتحكيم الدولي، مستوحاة بالطبع من الأنظمة القانونية المختلفة. فالمطلوب اذا اليوم . الاطلاع على ما تضمنته تلك الأنظمة من اجل التوصل الى امكانية تطبيق الاجراءات المعتمدة اليوم في التحكيم التجاري الدولي والتي تشكل مزيجا متجانسا للمفاهيم القانونية المختلفة، ولمتطلبات التجارة الدولية اليوم. في الواقع ، ان تطور التحكيم التجاري الدولي وسعي لجذبه الى ارضها يشكلان عوامل قوية لتحرير التحكيم من القيود التي تفرضها مختلف الأنظمة القانونية. ففي البلدان الانكلوساسكونية، من الممكن ،التسليم بان الخصوم في تحكيم دولي لا يملكون مطلق الارادة في الزام المحكم باحترام المبادئ الاجرائية المحلية. كما ان هناك وسيلة اخرى لتحرير التحكيم الدولي من هذه القيود، وهي قد اعتمدت من العديد من البلدان الانكلوساسكونية، مفادها تبني القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي نظراً لفاعليته ازاء توحيد القواعد التي ترعى التحكيم