الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / إجراءات إصدار الحكم / الكتب / دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي دراسة مقارنة /  بدء و سير الإجراءات

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ عامر فتحي البطاينة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    409

التفاصيل طباعة نسخ

 بدء و سير الإجراءات :

تنشأ الخصومة بإجراء يتم من خلاله نقل النزاع من نطا العلاقة بين أشخاص إلى نطاق عرضه على القضاء، ثم تتابع الإجراءات وصولا إلى حكم الشرع في موضوع هذه الخصومة والإلزام به ، وهذا يحتم علينا - منطقيا - التعرض لنقطتين على التوالي هما بدء الإجراءات و سيرها وهو ما نعرض له على التوالي فيما يلي:

تبدأ إجراءات الخصومة بحضور المدعي مجلس القضاء لرفع شكايته ودعواه للقضاء ، وفي البداية كان المدعي يعرض دعواه أمام القضاء شفاهة ، وبعد تعدد القضايا وكثرة الخصومات اتخذ القاضي أعوانا له يعملون على تسلم الطلبات من المدعين وترتيبها قبل حضور القاضي ثم عرضها عليه، فكان المدعون يتقدمون الكاتب القاضي برقاع، في كل رقعة اسم المدعي وخصمه ، وكان الكاتب يحصل على هذه الرقاع عند باب مجلس القضاء ثم يقوم بعرضها على القاضي الذي يتولى الفصل فيما يقدر عليه منها.

هذا: ولكي تسمع من المدعي دعواه - أي لكي يقبل طلبه - يجب توافر شروط الدعوى - والسابق الإشارة إليها - بالإضافة إلى بيان صفة المدعي وبيان المدعى عليه.

ومن الجدير بالذكر أن الخصومة لم تكن تتعقد أمام القضاء إلا بعد تقديم المطالبة من المدعي ، وتأكد القاضي من توافر شروط سماعها ، ثم حضور المدعى عليه، وتبدأ الإجراءات بسؤال القاضي للمدعى عليه عن الدعوى ، بمعني استجلاء موقفه من ادعاءات المدعي ، إذ قد يقر المدعى عليه بالدعوى ويقوم بأداء ما عليه للمدعي أو يمتنع - رغم إقراره - فيتولى القاضي حمله علی التنفيذ عن طريق سلطة الأمر والإجبار والتي يتمتع بها القاضي بماله من ولاية خولها له ولي الأمر، وفي الحالتين تنتهي الإجراءات ، و قد ينكر المدعى عليه كل أو بعض ما يدعيه المدعي ، وهنا تبدأ الإجراءات في محاولة للوصول إلى الحق وإقراره والإلزام به.

 ۲- سير الإجراءات:

 تتمثل إجراءات الخصومة القضائية في تحقيق الدعوى ، أي بحث مدى أحقية المدعي في دعواه ، و خلال سير الإجراءات ألزم الشرع الإسلامي ضرورة احترام عدة مبادئ ، كحيدة القاضي ، والمساواة بين الخصوم ، واحترام حق الدفاع والمواجهة بين الخصوم ، كما أن هناك بعض العقبات التي قد تثار ويجب تحديد الحلول المناسبة لها، مثل غياب المدعي أو عدم حضور المدعی عليه ، كما أن هناك مبادئ تحكم إثبات الدعوي يتعين على القاضي احترامها، ورغبة في عدم الإسهاب، و تجنبا للاختصار المخل، أحاول عرض أهم المبادئ التي تنظم سير الخصومة ، ومنها مبدأ حياد القاضي ، وما يتفرع عنه من تحقق صلاحية القاضي بان الشبهات عنه ، والمساواة بين الخصوم ، وكذلك تنظيم الحضور والغياب ، واحترام مبدأ حرية الدفاع والمواجهة، ومبدأ علني / الجلسات ، وجواز تأجيل الخصومة أو تأجيل الحكم، واشترائي أعوان القضاء في الخصومة ، وذلك على النحو التالي: 

1- صلاحية القاضي:

رغم توافر الأهلية الكاملة للقضاء فإن القاضي قد لا يكون صالحا لنظر نزاع معين ، وذلك لتوافر بعض الأسباب التي قد تثير شكوكا حول موضوعية القاضي ونزاهته، بأن تلقي بظلال الشك على مدى توخيه العدل والإنصاف ، فقد توجد رابطة أو علاقة بين القاضي وأحد الخصوم يحتمل معها التحيز والمحاباة أو التأثر بالعواطف ، وذلك نتيجة الود العميق أو البغض الشديد لأحد الخصوم ، بما ينعكس على الإجراءات وبالتالي يؤثر في الحكم.

كما يكره للقاضي أن يقضي وهو في حالة غضب شديد أو جوع شديد أو شبع مفرط ، وكذا كل حال يسوء خلقه فيه ، كمرض أومدافعة حدث وشدة خوف أو حزن أو هم أو سرور ، وذلك لورود النهي عن القضاء في الغضب وقيس عليه الباقي ، كما لا يجوز له الشراء ولا البيع فيما يتم التداعي فيه أمامه، كما لا يجوز له قبول الهدايا من المتخاصمين ، بل يمتنعمل می الهدايا ممن لم يعتد مهاداته قبل توليه القضاء لأنها تستجلب الميل   بصدد الخلاف الفقهي المشار إليه أعتقد - توفيقار المتباينة وجمعا بين الأدلة وتمشيا مع مقتضيات العدالة - أن الأ يقتضي التفصيل على النحو التالي :

 اولا : في خصوص حقوق الله تعالى لا يستبان فيها - كقاعدة الحكم على الغائب ، إذ إن الأمر- كقاعدة- يتعلق بحدود ، وهي تدرأ بالشبهات ، كما أن إعمالها لا يكون إلا بحضور الخصم أو إحضاره ؛ ولذا يجب إرجاء الحكم عليه حتی يتم إحضاره.

 ثانيا: يجب التمييز بين سماع الدعوى والحكم فيها، وفي خصوص سماع الدعوى يجب عدم التوقف على حضور المدعى عليه حتى لا يتوقف عمل القضاء والفصل في الخصومات على محض إرادة المدعى عليه، والذي قد يقرر - إذا توقف الأمر على حضوره - عدم الحضور تعنتا وظلما للمدعي للحيلولة دون حصول هذا الأخير على حماية القضاء.

أما الحكم في الدعوى فحماية لحق المدعى عليه في تفنيد حجج المدعي ، ولكي يصدر الحكم بعد سماع الرأي والرأي الآخر ووجهة نظر الخصمين ، وحتى لا يحكم القضاء على طرف دون إيداء حججه ودفاعه، فيتعين عدم الحكم إلا بعد حضور المدعي عليه ، فإذا امتنع عن الحضور يجب إبلاغه بموضوع الدعوى وحجج المدعي ، وأنه سيتم الحكم ضده بما يدعيه المدعى إذا لم يحضر لإثبات عدم أحقية المدعي في دعواه ، على أن يترك له من الوقت ما يكفي لتجهيز دفاعه وحضوره ، فإذا امتنع عن ال جی رغم ذلك فهنا يحق الحكم بما يقتنع القاضي به استنادا إلی ما قدمه المدعي من أدلة وبراهين.

۲ - قواعد تنفيذ الحكم:

في لجوئة إلى القضاء فإن المطالب بحقه لا ينال مطلبه بمجرد إصدار حكم يؤكد هذا الحق ويلزم به بل بتنفيذ هذا الحكم ووضعه موضع التطبيق العملي ، وإذا كان الحق بلا قاض يحميه رهباء فالحكم بلا تنفيذ عبث لا طائل من ورائه.

وفي صدر الإسلام كان المتبع هو التنفيذ التلقائي للأحكام دون حاجة إلى إلزام أو إجبار ، ما دام الحكم يقرر شرع الله الذي يبحث المتقاضون عنه ، وفي مرحلة تالية - بعد عهد الخلفاء الراشدين - كان القضاة يصدرون أحكامهم فإن قبلها الخصوم قاموا بتنفيذها طوعا، وإذا لم يرضوا بها ولم ينفذوها اختيارا أجبروا على التنفيذ عن طريق الولاة والأمراء.

وهكذا يتبين لنا أن تنفيذ الأحكام قد يتم طوعا واختيارا من المحكوم عليه ، وقد يتعنت المحكوم عليه ويرفض الانصياع للحم القضائي وهنا يأتي  للتنفيذعن طريق إجباره وقهره على تنفيذ الحكم، والاحتمال الأول (التنفيذ الاختياري) لا يحتاج إلى إجراءات ولا قواعد تنظيمية له، حيث إنه لا يحصل بطريقة رسمية ولا بتدخل القاضي وأعوانه، وذلك خلافا للتنفيذ القهري أو الإجباري حيث يجب رسم الطريق الإجرائي له. / وسوف نعرض لتنفيذ الحكم القضائي في نقطتين على التوالي، نعرض في الأولى للوسائل التي قررها فقهاء الشريعة الإسلامية الحمل المحكوم عليه على تنفيذ الحكم وفي الثانية نعرض لإجراءات التنفيذ.

 أ- وسائل حمل المحكوم عليه على تنفيذ الحكم:

رغم سماحة الشرع الإسلامي في اقتضاء الحقوق و تقريره ضرورة إمهال المدين المعسر، إلا أن الفقه الإسلامي - حفظا للحقوق ومنا من المماطلة - نظم بعض الوسائل التي يسعى من خلالها إلى دفع المدين المحكوم عليه إلى الوفاء بما حكم به عليه وهذه الوسائل هي  وإن كان هذا المعيار لا يخلو من النظر فهناك بعض القواعد المنظمة لسير العمل بمرفق القضاء دون أن يدعي أحد أنها من القواعد الإجرائية ، كقواعد قانون تنظيم السلطة القضائية ، كما توجد بعض القواعد الموضوعية التي تنظم أمورا قضائية خاصة ببعض الحقوق أو المراكز القانونية و تحديد الصفة فيها، من قبيل ذلك قواعد الدعوى غير المباشرة و دعوى الفضالة و دعوی الإثراء بلا سبب ، ولكن هذا لا ينفي قوة هذا الرأي محل التعليق وكونه من أفضل الآراء التي قيلت في تمييز القانون الإجرائي عن القانون الموضوعي ، ولكن الباحث يرى عدم جدوى الأخذ برأي دون غيره ، فالمجال لا يدعو إلى الترجيح بين الآراء بل إنه يدعو للجمع بينها ، فجميع الآراء التي قيلت يسهم كل منها بقدر مافي تكوين المعيار المميز للقانون الإجرائي.

ثانيا : استقل القانون الإجرائي عن القانون الموضوعي هل يندمج القانون الإجرائي بالقانون الموضوعي فيكونان وحدة قانونية و نظاما قانونيا واحدا ، أم أنهما ينفصلان و يستقلان فيكونان ازدواجا قانونيا؟ إن الإجابة على هذا التساؤل تسهم في تحديد مناط القانون الإجرائي و بالتبعية مضمون فكرة المسئولية الإجرائية ، ويمكننا التمييز بين نظريتين فقهيتين نعرض لهما مر بإيجاز شديد على النحو التالي:

الحكم لوقوع غش أو تدليس من القاضي لا يرجع إلى تخل كركن في العمل الإجرائي وإنما يعزى إلى عدم احترا ومقتضيات العمل القضائي ومنها نزاهة القاضي وحيدته.

وعلى ذلك فإن السبب كركن في العمل الإجرائي يتمثل الأساس القانوني الذي يبنى عليه ، فمثلا يجب أن يؤسس إلى القضائي - كعمل إجرائي - على أسباب منطقية وكافية لحمل وإلا لحقه عيب القصور في التسبيب، كما يجب توافر الانسجام بين أسباب الحكم ، إذ لا يجوز تأسيس الحكم على أسباب متعارضة يدحض بعضها بعضا ، وأخيرا يجب أن تكون الأسباب مؤدية - بحكم اللزوم العقلي والمنطقي - إلى ما انتهى إليه الحكم، وإلا شابه عيب الفساد في الاستدلال.

هذا : ويجوز التمسك بعيوب الإرادة لإبطال الأعمال الإجرائية التي تعد من قبيل التصرفات القانونية، كأن يتمسك المقرر قضائيا بتعيب إرادته حال الإقرار ، وكذلك إبطال القرارات القضائية فيما لا يتعارض والحجية ، أي في الحدود التي اجاز فيها المشرع الطعن في الأحكام ، ولذا تجيز المادة ۱/۲۶۱ مرافعات مصري الطعن بالتماس إعادة النظر في الأحكام النهائية إذا وقع من الخصم غش أثر في الحكم أي دلس على القاضي فعيب إرادته.

والجدير بالذكر أن المشرع استلزم - من الناحية الإجرائية – أشكالا معينة للقيام بالأعمال الإجرائية المختلفة ، فدل توافر الشكل على وجود الإرادة وصحتها ، إلا أن هذا يعد قرينة قانونية بسيطة قابلة لإثبات العكس ، وبالطبع يقع على من يتمسك بعدم توافر الإرادة الصحيحة عبء الإثبات ، كما أن العبرة في استخلاص ص حة الإرادة يكون بالاعتداد بالإرادة الظاهرة دون الباطنة ، وذلك إعمالا لمبادئ تركيز الخصومة والاقتصاد في الإجراءات وشكلية العمل الإجرائي .

4-  محل العمل الإجرائي:

 يقصد بمحل العمل الإجرائي موضوعه ، فالدعوى هي محل المطالبة القضائية ، إذ إن موضوع المطالبة القضائية ادعاء قانوني أمام القضاء ، والأمر المقضي هو محل الحكم القضائي ، ومحل شهادة الشاهد في الواقعة موضوع الشهادة.

ويجب في محل العمل الإجرائي أن يكون موجودا ومعينا أو قابلا للتعيين وإلا عند المحل منعدما مما يرتب انعدام العمل الإجرائي ، كذلك يجب أن يكون المحل ممكنا ومشروعا ، فإذا كان محل العمل مستحيلا أدى ذلك إلى انعدام العمل ، سواء كانت الاستحالة مادية ، كطلب الحكم بإلزام شخص بتسليم شیء هلك ، أو كانت استحالة قانونية، كطلب الحكم بتسليم مال ضد من لا يملك تسليمه ، كذلك إذا كان محل العمل غير مشروع ترتب علي ذلك بطلان العمل، كالمطالبة بدين قمار ، أو كمن تطلب مقابلا العلاقة غير مشروعة مع خليلها.

فالمشرع الإجرائي انتهج نهجا خاصا بالعمل الإجرائي اختط فيه خطايقوم على التسلسل والتتابع الزمني والمنطقي وفقا لنظام قانوني محكم جعل فيه كل إجراء أثرا قانونيا لإجراء سابق ولازمة ضرورية - في نفس الوقت - لإجراء لاحق؛ ولذا تظهر الخصومة كمجموعة من الإجراءات المتتابعة زمنيا ومنطقيا وفقا النظام قانوني رسمه قانون المرافعات ، تبدأ بالمطالبة القضائية وتستمر بغية الحصول على حكم في الموضوع.

أي أن القانون اشترط لاتخاذ الإجراء أن تسبقه إجراءات ا أخرى ، وهو ما يسمى بمفترضات الإجراء ؛ وترتيبا على ماسبق يجب أن تقدم المطالبة القضائية قبل إعلان الخصم ؛ وعليه يبطل الإعلان إذا لم تسبقه مطالبة قضائية ، كما يجب أن يسبق الحكم العديد من الإجراءات منها المطالبة القضائية والإعلان؛ ولذا يبطل الحكم إذا لم تسبقه مطالبه قضائية صحيحة ، كما يجب دعوة الخبير للخصوم بخطابات مسجلة قبل قيامه بمهمته بسبعة أيام على الأقل وإلا كان عمله باطلا (م/146 إثبات مصري).

ولكن العرض السابق يثير تساؤلا عن مدى استلزام تلك المقدمات أو المفترضات في شأن جميع الأعمال الإجرائية؟ بمعنی إذا كان كل إجراء يسبقه إجراء أو مقدمات ، فما هو الوضع في خصوص الإجراء الأول؟ فإذا كانت كل إجراءات الخصومة تؤسس على المطالبة القضائية ، فهذه الأخيرة على ماذا تؤسس؟

لا يمكن القول بأن هناك إجراءات تتأسس عليها المطالبة القضائية ، إذ إنها الإجراء الأول في الخصومة ، ولكن هذا لا يعني قيام المطالبة القضائية بدون مفترضات أو مقدمات ، فالمطالبة تقوم على مفترضات عديدة ، إذ يلزم لها توافر السلطة والصلاحية في من يقوم بها، وكذلك يلزم لها وجود تنظیم قانوني يحدد كيفية القيام بها ووجود جهة يناط بها تلقي المطالبات ومن ناحية اخرى تتسم الشكلية في القانون الحديث بالمرونة خلافا لما كان مقررا في النظم القانونية القديمة ، وخاصة القانون الروماني ، ومن قبيل ذلك أن المشرع في القانون الحديث حين يستلزم شكلية معينة لعمل مايترك للأفراد - مع ذلك - حرية اختيار الألفاظ والعبارات المعبرة عن هذا الشكل ، فلا يلزم التقيد بذات العبارات أو الألفاظ التي ذكرها المشرع.

ومن ناحية ثالثة تعتبر الشكلية في القانون الحديث مجرد وسيلة لتحقيق غاية معينة ، وهو ما يعرف بمبدأ وسيلية الأشكال ، ومؤدى ذلك عدم إبطال العمل الإجرائي لمجرد تخلف شكله متی تحققت الغاية التي توخاها المشرع من هذا الشكل ؛ وتطبيقا لذلك لا يجوز للمدعى عليه التمسك ببطلان الإعلان لعدم ذكر تاریخ الجلسة متى حضر في الجلسة المحددة لنظر الدعوى بناء على الإعلان الذي خلا من تحديد تاريخ الجلسة ، إذ إن ذكر تاريخ الجلسة - كشكل في الإعلان كعمل إجرائي - غايته تمكين المدعى عليه من الحضور کي يبدي أوجه دفاعه ، وذلك كله خلافا لما كان عليه الحال في النظم القانونية القديمة.

كما تعددت بدائل الشكلية في القانون الحديث خلافا لما كان مقررا في النظم القانونية القديمة ، ومن قبيل ذلك نجد أن الخصم الذي يرغب في تقديم طلب عارض له الخيار بين تقديمه بالطريق المعتاد لرفع الدعوى ( بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة وتعلن عن طریق قلم المحضرين )، أو أن يبديه في مذكرة لهيئة المحكمة ، كما يجوز له تقديمه شفاهة في الجلسة بشرط أن يقدم في د الخصم وأن يثبت في محضر الجلسة. | وتعد الشكلية كمفترض للعمل الإجرائي شرطا لصحن اثباته ؛ ولذا يبطل العمل الإجرائي - كقاعدة - إذا تخلفت شكلته التي استلزامها المشرع ، ولا يجوز جبر هذا النقص بالاستعانة بطرق الإثبات ، وعلى ذلك إذا لم يذكر المحضر في ورقة الإعلان ما قام به من إجراءات استلزمها المشرع لصحة الإعلان فلا يجوز إحالة الأمر إلى التحقيق لإثبات أنه قد قام فعلا بهذه الإجراءات.

ومن نافلة القول أن الشكلية تختلف جموذا ومرونة من عمل جرائي لآخر، فنجدها تبلغ أقصى حدودها بالنسبة لبعض الأعمال، ومن قبيل ذلك ما قرره المشرع من شكنية في الإعلان القضائي، حيث حدد المشرع بياناته وإجراءاته والقائم به تحبذا شاملا ومفصلا لا يدع مجالا للاجتهاد حولها، وقد يترك المشرع في تنظيمه لشكلية عمل معين الأمر لحكم القواعد العامة في قانون المرافعات ، والمقرر في هذا الفرض الأخير أن المشرع إذا لم يحدد شكلا معينا للقيام بالعمل فيجب - إعمالا لمبدأ وسيلية الأشكال - أن يتم بالشكل الأكثر ملاءمة لتحقيق الغاية المرجوة.

هذا : وبتتبع مسلك المشرع في تنظيمه لشكيلة الأعمال الإجرائية، نجد أن هذه الشكلية تتخذعدة مظاهر ، فقد تتمثل الشكلية في وجوب الكتابة، وهو ما استلزمه المشرع في معظم الأعمال الإجرائية؛ ولذا ظهر مايسمى بالأوراق القضائية او أوراق المرافعات ، كالإعلان والحكم والعرائض والأوامر عليها، وقد تتمثل الشكلية في تحديد مكان للقيام بالعمل الإجرائي، بحيث لا يصح العمل الإجرائي إلا إذا اتخذ في هذا المكان ، كوجوب توقيع الحجز في مكان المنقولات المحجوزة (م/۳۰۳ مرافعات مصري ) ، كما قد تتمثل الشكيلة في تحديد زمن معين للقيام بالعمل الإجرائي. وفي خصوص الزمن - كأحد مظاهر الشكلية الإجرائية - يلاحظ أنه قد يكون مجردا ، أي لا يرتبط بواقعة سابقة عليه أو لاحقة له، مثل ضرورة أن يتم الإعلان - كقاعدة - في غير أيام العطلات الرسمية ، كما لايجوز مباشرته قبل الساعة السابعة صباحا ولا بعد الساعة الثامنة مساء (م/ ۷ مرافعات مصري) ، وقد يرتبط زمن العمل الإجرائي بالقيام بعمل إجرائي معين ، مثل ضرورة تقديم الدفوع الإجرائية - كقاعدة - قبل الدفوع الموضوعية وقبل الدفع بعدم القبول (م/ ۱۰۸ مرافعات مصري).

وقد يحدد زمن الإجراء بواقعة معينة ، مثل وجوب إيداع المدعي المستندات المؤيدة لدعواه مع ص حيفة الدعوى ( م/ 65 مرافعات مصري) ، وقد يرتبط زمن العمل الإجرائي بميعاد معين، أي بفترة زمنية معينة يجب مراعاتها عند اتخاذ الإجراء ، على أنه قد يكون من الواجب أن يتخذ العمل قبل بدء هذا الميعاد، وهو ما يسمى بالميعاد المرتد، كضرورة إبداء الاعتراض على قائمة شروط البيع قبل جلسة نظر الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل، أو أن يتخذ العمل خلال هذا الميعاد ، وهو ما يسمى بالميعاد الناقص، ومثال ذلك ضرورة تقديم الطعن خلال مواعيد الطعن المقررة قانونا ( المواد ۲۶۲،۲۵۲، ۲۲۷مرافعات م صري) ، أو أن يباشر العمل الإجرائي بعد انتهاء الميعاد ، وهو ما يسمى بالميعاد الكامل، ومثاله ضرورة فوات ميعاد الحضور قبل تحديد جلسة نظر الدعوى ( م/ 16 مرافعات)

وختاما تعد الشكيلة - في النظم القانونية بصفة عامة وفي القانون الإجرائي على وجه الخصوص - سلاحا ذا حدين ، فهی من ناحية تؤدي إلى معرفة طريقة اتخاذ العمل الإجرائي.