لا بد لنفاذ الحكم التحكيمي الصادر عن المحكم أو عن هيئة التحكيم من توافر عناصر شكلية فيه تحرص المحاكم التي يطلب منها الصيغة التنفيذية اللازمة التنفيذ الحكم التحكيمي على التأكد من وجودها قبل أن تأذن بتنفيذه ، ونعالج في هذا المبحث العناصر التي ورد النص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38 لسنة 1980 بالاضافة الى العناصر التي أخذ الفقه والقضاء في بلدان أخرى .
- 1 - الكتابة : تنص م ١٨٣ مرافعات مدنية وتجارية كويتي في صدرها على انه «يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء وتجب كتابته» فالكتابة شرط أساسي في حكم المحكم ، وذلك لا يداعه المحكمة المختصة للتأكد من صحته قبل الأمر بتنفيذه اذ لا يعقل أن يقترن بالصيغة التنفيذية الا اذا كان مكتوبا شأنه في ذلك شأن حكم قضاء الدولة ويشارك القانون الكويتي في اشتراط كتابة حكم المحكمين القانون المصرى" وكثير من التشريعات الأخرى .
وقد فسر القضاء عندنا ذلك في حالة الاحكام التحكيمية رفض طلب الطاعنة أبطال حكم المحكمين الذي استند لسماع شاهد عن طريق مترجم لم يحلف اليمين وفقا لنص م 15 من قانون تنظيم القضاء بقوله .
«إنه لا محل للتحدي بهذا النص المتعلق بالخصومة أمام المحاكم دون النزاع أمام هيئات التحكيم التي لا تعتبر الاجراءات أمامها من الاجراءات القضائية لعدم اتصالها بخصومة قائمة أمام محكمة تتبع جهة القضاء . فالتحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طريق التقاضي العادية فلا تتقيد هيئات التحكيم عند نظر النزاع الا بالمبادىء الأساسية في التقاضي وبالنصوص الواردة في باب التحكيم من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ولما كانت الترجمة قد تمت أمام المدعية وفي حضورها دون اعتراض منها أو أنها تخالف المعنى الصحيح للشهادة ، ولما كان حلف اليمين من جانب المترجم ليس من النظام العام فيسقط حق الخصم في التمسك به إذا أجازه صراحة أو ضمنا ، فأن النعي على الحكم التحكيمي في هذا الشأن غير منتج ولا جدوى منه».
واشتراط صدور الحكم التحكيمي باللغة الوطنية منتشر في قواعد التحكيم في البلدان الاشتراكية ونظرا لأهمية اللغة التي يصدر بها الحكم التحكيمي في مجال التحكيم التجاري الدولي ، فأن المنظمات الدولية التي تعنى بالتحكيم تهتم بالاشارة اليها .
۳ - توقيع الحكم التحكيمي : يجب أن يشتمل الحكم التحكيمي على توقيعات المحكمين وإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه . ويكون الحكم صحيحا اذا وقعته أغلبية المحكمين ويعتبر الحكم صادرا من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته (م ۱۸۳ مرافعات مدنية وتجارية) .
يتضح من ذلك ان الحكم التحكيمي يجب أن يذيل بتوقيع أغلبية المحكمين عند تعددهم فلا يشترط توقيع الجميع عليه، ولذا فأن الفريق الذي يبدي رأياً مخالفا للأغلبية لا يلتزم بالتوقيع شرط أن تذكر معارضته في الحكم ، فإذا تخلفت الأغلبية عن التوقيع حتى فات الميعاد المحدد لصدور الحكم بالاتفاق أو بالقانون) فأن الرأي الراجح هو احالة النزاع للمحكمة للفصل فيه .
فإذا رفض أحدهم بعد المداولة فقد أجاز القانون توقيع الحكم من الأغلبية فقط ، الا أنه اشتراط لصحة الحكم أن يذكر فيه سبب رفض الممتنع منهم عن التوقيع وأن يتم التوقيع من هذه الأغلبية فعلا على تلك المسودة بغير موجب بعد ذلك التوقيع على أصل الحكم .
الذين سمعوا المرافعة وتصدر الأحكام بأغلبية الآراء فإذا لم تتوفر الأغلبية وتشعبت الآراء لأكثر من رأيين يجب أن ينظم الفريق الأقل عددا أو الفريق الذي يضم أحدث القضاة لأحد الرأيين الصادرين من الأكثر عددا وذلك بعد أخذ الآراء مرة ثانية (م ۱۱۲ مرافعات مدنية وتجارية) .
واذا كان الحكم التحكيمي يختلف عن الحكم القضائي فيها يتعلق بقرار أغلبية المحكمين وأنه يمكن امتناع الأقلية عن التوقيع مع ذكر أسباب ذلك في القرار، فما ذلك الا أن التحكيم قضاء خاص أملته ظروف التجارة المتغيره .
واذا كان توقيع الأغلبية على الحكم التحكيمي يكفي لنفاذه فأنه لا يمكن تصور صدوره من اثنين فقط في غياب الثالث(1) مع أن بعض التشريعات الخاصة بالتحكيم(1) تعتبر أن الحكم التحكيمي الصادر عن اثنين من المحكمين ملزما في أي حالة تكون فيها الاحالة الى ثلاثة محكمين ، ما لم تتجه ارادة أطراف التحكيم صراحة أو ضمناً الى خلاف ذلك.
ونحن نميل من جانبنا الى الرأي الأول الذي لا يجيز التحكيم الصادر عن اثنين حالة أن الاحالة تكون الى ثلاثة محكمين نظرا لإهدار الحكمة القانونية من اشتراط أن يكون عدد المحكمين وترا .
وهكذا نجد أن التشريعات على اختلافها تشترط توقيع الحكم التحكيمي بشكل أو بآخر كيا تشترط اشتراك المحكمين في مداولة اصدار الحكم ، وهو اتجاه کرسته اتفاقية لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولية Uncitral - Model Law الذي تم تبنيه في يونيو من عام 1985 ليصبح مرشدا للهيئات الدولية المهتمة بالتحكيم على اختلاف الانظمة السياسية والتشريعية التي تتبعها تلك الهيئات .
ويقول القضاء عندنا في هذا الصدد") بأنه إذا كان هناك أوجه شبه بين
التحكيم وبين القضاء ، من حيث الوظيفة التي نيطت بكل منها وهي الفصل في المنازعات بأحكام لها قوة التنفيذ ، بما يبرر ما أتجه اليه الرأي من خضوع المحكم للقواعد المقررة في قانون المرافعات ، بشأن عدم صلاحية القضاة وردهم ، الا أنه لا مراء في أن بين التحكيم والقضاء فوارق أساسية مستمدة من طبيعة كل منها ، اذ بينها يقوم التحكيم على أساس اختيار شخص المحكم والثقة فيه من جانب الخصوم أو أحدهم والنأي عن المغالاة في التمسك بالمظاهر أو الشكليات ، يقوم القضاء على أساس الالتجاء الى محاكم مشكلة من قضاة لا دخل للخصوم في أختيارهم وتتوافر فيهم عناصر الحيده وعدم الارتباط بأحد الخصوم بأي رباط قد يؤثر في هذا المظهر.
وقد سبق أن أشار القضاء أيضا في أحد أحكامه الى أن التحكيم وأن كان أساسه رضاء طرفي الخصومه الا أنه نوع من أنواع القضاء وأحكام المحكمين تعد بهذه المثابة أحكاما صادرة من جهة قضاء في الدولة.
كما أفاد في حكم آخر أن المحكم لا يعدو أن يكون قاضيا وقع أختيار الطرفين المتنازعين عليه للفصل في نزاع محدد بينهم بدلا من قاضي الدولة الرسمي لحكمه توخاها المشرع عندما أقر نظام التحكيم ووضع الضوابط والقيود التي تجعله تحت رقابته .
فإذا كان الأمر كذلك وأن حكم المحكمين يعتبر كالأحكام القضائية ويتمتع بالصيغة التنفيذية التي تمنحها له المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع فإنه اذا لم ينص فيه على صدوره بأسم سمو أمير البلاد طبقا لما تقضي به المادة 16 من قانون تنظيم القضاء فأنه يتصف بعيب يبطله دون أن يصل هذا البطلان إلى درجة العدم .