الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / إجراءات إصدار الحكم / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / المقتضيات الأساسية لحكم التحكيم

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    157

التفاصيل طباعة نسخ

أولاً: المداولة

بداية من البديهي القول بأن المداولة لا تكون إلا إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم، فإذا لم يتعدد المحكمون فإن المحكم يصدر حكمه بطبيعة الحال بغير المداولة، وعليه فإن المداولة تكون بين أعضاء هيئة التحكيم في حال تعددهم، للاتفاق على وجه الحكم في الدعوى.

ويرى البعض أن المداولة هو أن تتبادل هيئة التحكيم الرأي فيما بينها بالنسبة للوقائع والقواعد واجبة التطبيق، والقرار الذي ينتهي إليه كل منهم بالنسبة لتطبيق القانون على تلك الوقائع، والنتيجة التي يخلصون إليها حسما للنزاع.

يذهب الفقه المصري - إجابة على السؤال المطروح - إلى القول إنه لا يجوز للأطراف الاتفاق على إصدار الحكم دون مداولة، وإن كان نص المادة (40) من قانون التحكيم المصري ينص على أن المداولة "تتم على الوجـه الـذي تـحـدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك"،  إلا أن لمقصود من هذا النص هو إجازة اتفاق الأطراف على طريقه معينة للمداولة يلتزم بها المحكمين، ولكن ليس للأطراف الاتفاق على إصدار الحكم دون مداولة، وكذلك ليس لهيئة التحكيم أن تقرر إصدار الحكم بدون إجراء مداولة، فإذا ما تم ذلك يكون حكم التحكيم ذاته باطلاً.

وذهب رأي آخر في الفقه المصري، إلى أن عدم قيام هيئة التحكيم بإجراء المداولة، يتضمن في ثناياه انتهاكا لحقوق الدفاع، وللمصالح المباشرة لأطراف الدعوى، ويجعل حكم التحكيم معرضاً للبطلان، استناداً إلى نص المادة (53\1\ز) من قانون التحكيم المصري.

ويلاحظ أن المشرع المصري قـد تـرك لهيئة التحكيم تحديد الكيفية التي تتم فيها المداولة، حيث لم ينص على طريقه معينه لإجرائها، وعليه فإنه من الممكن أن تتم المداولة بين أعضاء الهيئة باجتماع شفوي يحضره جميع أعضائها ، أو عن طريق تبادل الخطابات، أو الاتصالات بـأي من وسائل الاتصال المكتوبة، مثل الفاكس أو البريد الإلكتروني هذا ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، ومن الممكن أن تتم المداولة في أي مكـان قـد يتفـق المحكمـون على الاجتماع فيه.

قد استلزم المشرع الفرنسي صدور حكم التحكيم بأغلبية الآراء على الأقل، ولم يجـز لـلأطـراف الاتفاق علـى خـلاف ذلك، حيث تنص المادة (1470) مـن قـانـون المرافعات على أن: "يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء". وهذا الحكم يسري على التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي، ما لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف في التحكيم الدولي على اختيار قانون المرافعات الفرنسي باعتباره قانون الإرادة.

والسؤال هنا : مـا هـو الإجراء اللازم اتخاذه إذا كان لكل من المحكمين رأي مختلف عن الآخر مما لا تتحقق معه الأغلبية في إصدار الحكم؟

في الواقـع ومـن خـلال إطلاعنـا علـى قـانون التحكيم المصري نجـد أن المشرع المصري لم يتطرق إلى هذه المسألة، وفي بحثنا في موقف الفقه المصري في هذه المسألة نجد أن البعض يرى  بأنه إذا لم تتكون الأغلبية بأن تعددت أراء هيئة التحكيم إلى أكثر من رأيين، كما لو كانت الهيئة مشكله من خمسة وكان هناك رأي لاثنين ورأي لاثنين ورأي لـواحـد ، ففـي هـذه الحالة يتعين إعادة المداولـة مـرة تلو المرة لتحقيق الأغلبية، فإذا لم تتحقق فنكون أمام سبب من أسباب انتهاء إجراءات التحكيم.

ونجد ايضاً أن البعض يرى أنه إذا لم تتمكن هيئة التحكيم من الوصول إلى قرار يحظى بموافقة الأغلبية، فإنه يجوز أن ترجع الهيئة إلى طرفي التحكيم، وعرض الأمر عليهم والحصول على موافقتهم بأن يصدر الحكم وفقاً للرأي الذي يرجحه رئيس الهيئة، وذلك على أساس إن نص المادة (40) من قانون التحكيم المصري لا يعتبر نصاً أمراً إذ أجاز ابتداء لطرفي التحكيم الاتفاق على خلافه، ولذلك فإنه لا يوجد ما يمنع اتفاقهم على عدم استلزام الأغلبية، ووضع ما يرونه ملائما لإمكان صدور الحكم، أما إذا لم يتفق طرفي التحكيم على ذلك، فإنه لا مـفـر مـن إصـدار الهيئة قرارا بإنهاء إجراءات التحكيم لـعـدم جـدوى الاستمرار، وفقاً لنص المادة (1/48/ ج) مـن قـانـون التحكيم المصري.


ونجد في هذا السياق أن بعض القوانين قـد عالجت هذه المسألة، إذ ذهبت إلى ترجيح الرأي الذي فيه رئيس هيئة التحكيم، ومثال ذلك قانون التحكيم اليمني، حيث نصت المادة (47) منه على أن: "تصدر لجنة التحكيم حكمها بعد المداولة وإذا لم تتوافر الأغلبية يرجح الرأي الذي فيه الرئيس ما لم يتفق طرفا التحكيم على خلاف ذلك".