تقضي المادة (2/310) من القانون الإماراتي، بأنه يجوز للمحكمة بناءً على طلب أحد الخصوم أو المحكم، تمديد أجل التحكيم المحدد اتفاقاً أو قانوناً للمدة التي تراها مناسبة للفصل في النزاع. وهذا الحكم مشابه للمادة (773) من القانون اللبناني، ولكن صلاحية التمديد أعطيت هنا لرئيس الغرفة الابتدائية وليس للمحكمة الابتدائية، ولا للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع. ويمكن أن نبدي بشأن القانونين الإماراتي واللبناني عدة ملاحظات.
الأولى : أن تمديد مهلة التحكيم جوازي لرئيس الغرفة الابتدائية أو المحكمة المختصة حسب الأحوال. وبالتالي، يمكن للمعني منهما رفض تمديد هذه المهلة، حسب ما يراه مناسباً الثانية: حسب المادة (774) من القانون اللبناني، فإن قرار رئيس المحكمة قطعي لا يقبل الطعن ولا يوجد نص من هذا القبيل بالقانون الإماراتي مما يعني خضوع مسألة الطعن من عدمه للقواعد العامة الثالثة: لجواز إجابة طلب تمديد المدة يجب أن يقدم هذا الطلب خلال مدة التحكيم المحددة قانوناً أو اتفاقاً . الرابعة : وكما نرى، فإن النص في القانونين ليس من النظام العام، مما يعني أنه يجوز للأطراف الاتفاق مسبقا على عدم جواز تمديد مدة التحكيم مطلقاً، أو تمديدها فقط باتفاق الأطراف. وفي وضع كهذا، ليس للمحكمة أو لرئيس المحكمة تمديد المدة.
وحتى يستجاب طلب المحكمين بتمديد مدة التحكيم، يجب أن يقدم طلب التمديد من جميع المحكمين أو أغلبهم، وذلك قياساً على حكم التحكيم الذي يجب أن يصدر بالإجماع أو بالأغلبية. ولكن عادة ما يفوض المحكمون أحدهم، وعلى الأغلب يكون رئيس هيئة التحكيم، بأن يتولى بعض المسائل الإجرائية ومنها تفويضه بطلب تمديد مدة التحكيم من رئيس الغرفة الابتدائية في القانون اللبناني أو المحكمة المختصة في القوانين الأخرى. ومثل هذا التفويض، جائز ويتماشى مع أصول التحكيم وواقعه العملي. وفي هذه الحالة، يكفي توقيع طلب التمديد من المحكم المفوض بذلك.
الخيارات الأخرى (السعودية والعراق وقطر)
،وفي القانونين العراقي والقطري، إذا لم يصدر المحكم حكمه خلال المدة الاتفاقية أو القانونية، جاز لأي من الخصمين الطلب من المحكمة إما إضافة مدة جديدة، أو الفصل في النزاع أو تعيين محكمين آخرين. وهذا الحكم مشابه لما ورد في القانون السعودي الذي أعطى للخصم أحد خيارين وليس ثلاثة، وهما الطلب من المحكمة الفصل في موضوع النزاع، أو مد ميعاد التحكيم لفترة أخرى.
ويلاحظ على هذه القوانين أن حق طلب تمديد مدة التحكيم أعطي للخصوم وليس للمحكمين. وحسب القواعد العامة، فإن المحكمة مقيدة بطلب الخصم ، بمعنى أنه إذا طلب أحد الخصوم مـد الأجل، فليس لها الفصل بموضوع النزاع أو تعيين محكمين آخرين، والعكس. ويستثنى من ذلك الحالة التي تتعارض فيها طلبات الخصوم، مثل أن يطلب أحد الخصمين من المحكمة مد الأجل ويطلب الآخر الفصل بالنزاع. في فرض كهذا ، يكون للمحكمة الاستجابة لطلب احدهما دون الآخر، وفق ما تراه مناسباً.
ولغايات عملية، نرى بأنه لا يمتنع على الخصم أن يبسط الخيارات المعطاة له في طلبه، وترك القرار للمحكمة لإتباع أي من هذه الخيارات. ومثال ذلك، أن يطلب الخصم من المحكمة تمديد الأجل، أو نظر النزاع في هذه القوانين، بالإضافة لخيار تعيين محكمين آخرين في القانونين العراقي والقطري، حسب ما تراه مناسبا. في هذه الحالة، للمحكمة أن تقرر أي الخيارات أجدى بالإتباع وتتخذ قراراً بشأنه، بعد الأخذ بالاعتبار لكافة الظروف المحيطة، بما في ذلك، مثلاً، موافقة الخصم الآخر على أحد هذه الخيارات. ولكن المحكمة ليست ملزمة بإتباع خيار دون الآخر، إلا في حالة اتفاق الطرفين على هذا الخيار. ومثال ذلك أن يتقدم الخصمان معاً بطلب للمحكمة لتعيين محكمين آخرين، أو يطلب احدهما مدّد الأجل ولا يعارض الآخر في ذلك.
وكما نرى إذا طلب أحد الخصمين من المحكمة مد أجل التحكيم، وعارض الطرف الآخر، فإن المحكمة ليست ملزمة بمد هذا الأجل، وإنما لها رفضه إذا رأت من ظروف القضية ما يبرر ذلك. ونرى أيضاً بأنه ليس لها مد الأجل إلا لمرة واحدة. ويستند هذا الرأي إلى أن صلاحية المحكمة مقيدة بمد الأجل الاتفاقي أو القانوني. فإذا مارست صلاحيتها بالتمديد، يعتبر الأجل الجديد، أجلاً قضائياً وليس اتفاقيا أو قانونياً فلا يخضع بالتالي لتمديد جديد. وأخيراً، نرى عدم جواز التمديد القضائي لأجل يتجاوز الأجل المنصوص عليه قانوناً، في حال عدم الاتفاق على مدة التحكيم على النحو المبين فيما سبق. فالمشرع، لاعتبارات خاصة بالتحكيم وما يتطلبه من سرعة للفصل في النزاع، حدد مدة ألزم فيها المحكم بإصدار الحكم خلالها في حال عدم اتفاق الأطراف على هذه المدة. وإذا أعطى القانون للقضاء مد اجل التحكيم استثناء، فمن المنطقي أن لا يتجاوز هذا التمديد المدة القانونية.
ونرى هنا، كما هو الحال في القانونين الإماراتي واللبناني جواز اتفاق الأطراف مسبقاً على عدم جواز التمديد القضائي، ما دام أن النص حول هذا التمديد ليس من النظام العام. وكذلك الأمر، فإن القوانين المعنية، لم تنص على مدى جواز الطعن بقرار المحكمة بتمديد المدة أو الفصل بالنزاع أو تعيين محكمين آخرين،حسب القانون المطبق، مما يعني خضوع هذه المسألة للقواعد العامة.
القانون البحريني
وحسب المادة (237) من القانون البحريني، فإن انقضاء مدة التحكيم الاتفاقية أو القانونية، يعطي الحق لأي من الخصمين برفع النزاع للمحكمة المختصة للفصل فيه، ولا خيار آخر في هذا الشأن، لا لذلك الخصم، ولا للمحكمة التي يتوجب عليها عندئذ ، الفصل في النزاع استناداً للطلب المقدم لها.
القانون السوري
وحسب المادة (520) من القانون السوري، فإن انقضاء الأجل القانوني للتحكيم ثلاثة أشهر ) دون حكم، يعطي الحق لكل من الخصمين أن يطلب من المحكمة تعيين محكمين آخرين للفصل في النزاع. وهذا يعني انتهاء ولاية المحكمين السابقين فيما يتعلق بهذا النزاع. ويطبق ذات الحكم على الأجل الاتفاقي أيضاً. كما يعني أيضاً انقضاء العملية التحكيمية السابقة، مع بقاء اتفاق التحكيم قائماً، بحيث يتوجب إجراء تحكيم جديد استناداً للاتفاق ذاته. ولكن يستثنى من ذلك اتفاق الأطراف على التحكيم بواسطة محكمين متفق عليهم بعينهم دون غيرهم. في هذه الحالة، ينقضي التحكيم والاتفاق معاً إذا لم يصدر الحكم خلال المدة المحددة لذلك، وتعود الولاية في نظر النزاع للقضاء صاحب الولاية العامة .
ومع ذلك، يستدل من التطبيقات القضائية في سوريا ضرورة التفرقة بين وضعين الأول - تقديم أحد الخصوم طلبا للمحكمة لتعيين محكمين آخرين قبل صدور حكم التحكيم. في هذا الفرض، لا بد من الطعن بالحكم أولاً وإنهاء وجوده من الناحية القانونية، برفض إعطائه صيغة التنفيذ مثلاً، ثم يصار إلى تقديم طلب لتعيين محكمين جدد . الثاني - أن يصدر الحكم بعد تقديم طلب تعيين المحكمين. وعندئذ، يكون تقديم الطلب صحيحاً في حين يكون الحكم غير صحيح ولا يعتد به.
صدور الحكم بعد المدة:
وإذا أصدرت هيئة التحكيم الحكم خارج المدة المحددة لذلك اتفاقاً أو قانوناً أو قضاء، يكون الحكم معيباً ويعرضه للطعن لهذا السبب.
وتختلف طريقة الطعن باختلاف القانون المطبق ففي بعض قوانين الدول التي تعرف دعوى بطلان الحكم، نصت هذه القوانين على أن من أسباب إبطال الحكم ، صدوره بعد المدة المحددة للتحكيم. وفي الدول التي أجازت استئناف الحكم ، نرى جواز استئنافه لهذا السبب، ما دام أن محكمة الاستئناف هي محكمة وقائع وقانون. وإذا كان الحكم غير قابل للاستئناف لأي ، سبب، يمكن الطعن بـه لصدوره خارج مدته عن طريق الدفع الفرعي عند تقديمه من قبل المحكوم له للقضاء لإكسائه صيغة التنفيذ .