يترتب على انقضاء ميعاد التحكيم زوال صلاحية هيئة التحكيم في الاستمرار في سير الخصومة، وإذا استمرت في سير الخصومة بالرغم من ذلك فإن الحكم الصادر عنها يعد باطلًا.
ويتعين تحديد أثار انتهاء ميعاد التحكم فيما يتعلق بما تم من إجراءات في خصومة التحكيم، أو ما صدر فيها من أحكام تمهيدية أو قطعية قبل انتهاء ميعاد التحكيم.
وعلى الرغم من انتهاء ميعاد التحكيم إلا أنه يمكن الرجوع إلى التحكيم مرة ثانية بصدد نفس النزاع الذي يثور بين نفس الأطراف.
وسنتناول هذه المسائل على النحو الآتي:
- انقضاء ولاية هيئة التحكيم وبطلان الحكم الصادر بعد الميعاد:
إن انقضاء ميعاد التحكيم دونما إصدار الحكم يضع نهاية مبكرة لدعوى التحكيم. وإذا استمرت هيئة التحكيم في التصدي للنزاع رغم انقضاء أجل التحكيم،فإن حكمها يكون باطلًا وذلك لاستنفاد ولايتها وسلطتها.
والسائد فقهًا وقضاءًا وتشريعًا أن انتهاء ميعاد التحكيم بصفة عامة دون صدور حكم التحكيم، يجرد هيئة التحكيم من ولايتها وسلطتها في الاستمرار في نظر خصومة التحكيم. فإذا استمرت بالرغم من ذلك وأصدرت حكمًا في الموضوع فإن هذا الحكم يعد باطلًا لأنه صدر بناءًا على اتفاق تحكيم سقط بانتهاء مدته.
- أثر انتهاء ميعاد التحكيم على إجراءات خصومة التحكيم والأحكام الصادرة فيها:
لكي يتسنى تحديد مصير الأحكام التمهيدية الصادرة قبل انتهاء ميعاد التحكيم، فإنه يتعين مراعاة أن هذه الأحكام قد تصدر في موضوع قابل للتجزئة أو غير قابل لذلك. كما يتعين علينا التفرقة بين بطلان اتفاق التحكيم وانتهاء التحكيم لانقضاء میعاده.
۱- مصير الأحكام التمهيدية الصادرة في موضوع قابل للتجزئة:
إذا انقضى ميعاد التحكيم، دون أن يصدر حكم يحق للخصم صاحب المصلحة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقه عن طريق دعوى قضائية... وهنا يثور التساؤل حول مصير الأحكام التمهيدية التي قد تكون أصدرتها هيئة التحكيم قبل الفصل في النزاع أو الأحكام الجزئية في شق من النزاع؟.
يرى جانب من الفقه أنه إذا كانت سلطة هيئة التحكيم تزول بانتهاء ميعاد التحكيم دون إصدار حكم اسم لموضوعه، فإن ذلك لا يسقط ما قد يكون قد صدر خلال ميعاد التحكيم من أحكام تمهيدية إذ تبقى هذه الأحكام منتجة لآثارها. ومن باب أولى بالنسبة للأحكام التي قد تكون أصدرتها هيئة التحكيم في شق من النزاع قبل انتهاء ميعاد التحكيم، فإنها تبقى قائمة ومنتجة لآثارها، ما لم يكن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة على نحو يكون معه للحكم في شق منه أثر على الفصل في أجزائه الأخرى. ففي هذه الحالة لا يمكن تقييد المحكمة التي سوف تنظر في بقية أجزاء النزاع بحكم المحكم.
- التحكيم بالصلح من الموضوعات التي لا تقبل التجزئة:
يلاحظ أن موضوع النزاع يكون دائمًا غير قابل للتجزئة في حالة التحكيم بالصلح. ولذلك فإذا كانت هيئة التحكيم مفوضة بالصلح وأصدرت حكمها في شق من الموضوع قبل انتهاء اتفاق التحكيم، فإن انتهاء ميعاد التحكيم يترتب عليه بالضرورة زوال أثر هذا الحكم في جميع الأحوال.
- التفرقة بين بطلان اتفاق التحكيم وانتهاء التحكيم لانقضاء ميعاده:
يتوجب التفرقة بين آثار بطلان اتفاق التحكيم، وهذا البطلان قد يحدث لأسباب عديدة، وبين انقضاء مبكر لانتهاء الأجل المحدد له.
ومرد ذلك أنه من الثابت أن البطلان، وفقا للقواعد العامة في نظرية البطلان يكون له دائمًا أثر رجعي ولذلك فإن بطلان التحكيم إذا ثبت يترتب عليه زوال الأحكام التي يكون المحكم قد أصدرها في شق من الموضوع إعمالًا للأثر الرجعي للبطلان وذلك خلافًا لانتهاء الأجل المحدد للتحكيم حيث إن هذا الانتهاء لا ينتج أثره إلا بالنسبة للمستقبل، ولذلك تظل الأحكام التمهيدية التي صدرت قبل انتهاء أجل التحكيم قائمة وصحيحة.
- أثر انتهاء ميعاد التحكم على الإجراءات التي تمت في خصومة التحكيم: فيما يخص إجراءات الإثبات التي يمكن أن تكون قد تحققت أمام هيئة التحكيم قبل انتهاء ميعاد التحكيم يرى البعض عدم الاعتداد بها بعد ذلك في الدعوى التي ترفع أمام القضاء لأنها لا تعد في نظرهم إجراءات قضائية ولكن ذلك لا يمنع من الاستئناس بها إذا كانت مدونة في تقارير أو محاضر.
ولكن قد يصدر من أحد الخصوم، أثناء سير خصومة التحكيم ما يمثل إقرارًا بحق لخصمه أو نزولًا عن حق له. فإذا ما دون هذا الإقرار أو النزول في محضر جلسة ووقع عليه المقر أو المتنازل والمحكم كان الإقرار أو النزول حجة عليه بحيث يكون لخصمه التمسك به في الدعوى التي ترفع بعد ذلك أمام القضاء.