الاصل في التحكيم أن تحدد مهلة (مدة) له باتفاق الخصوم لإصدار قرار التحكيم وعلى المحكم أو هيئة التحكيم التقيد بهذه المدة لان الهيئة التحكيمية ليس هيئة دائمة مثل محاكم الدولة عملها يستمر إلى ما لا نهاية وانما ينتهي بإصدار القرار التحكيمي. واذا لم يحصل اتفاق على المهلة تكفلت المحكمة المختصة بنظر النزاع اصلا بتحديدها وللخصوم أن يتفقوا على تمديد المهلة اتفاقا أو قضاء .
اولاً: موقف المشرع اللبناني:
نصت المادة (۷۷۳) أ م . م . اللبناني إذا لم تحدد مهلة في اتفاقية التحكيم، بندا كانت أم عقدا وجب على المحكمين القيام بمهمتهم في خلال ستة أشهر على الاكثر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته".
يلاحظ من النص أن المشرع اللبناني أعطى الأطراف النزاع سلطة تحديد مهلة التحكيم وعلى المحكم فردا كان أم هيئة الالتزام بها. ويشترط أن ترد هذه المهلة في اتفاق التحكيم بندا كان أم عقدا (شرطا أم مشارطة). ويلاحظ أيضا، أن المشرع لم يرتب أثرا على عدم ذكر مهلة التحكيم في اتفاق التحكيم وذلك لأنه تكفل بإعطاء حلا للمهلة عندما يخلو الاتفاق منها أو كان تحديدها مطلقا، وحددها بستة أشهر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمة التحكيم اذا كان المحكم ،فردا ، أما اذا كانت هيئة تحكيم فإنها لا تبدأ لمجرد قبول آخر محكم للمهمة وإنما بقبول أعضاء الهيئة جميعا لها.
وتحديد التاريخ الذي يقبل به المحكم للمهمة نصت عليه المادة (٧٦٩) أ. م. م اللبناني بقولها "يشترط قبول المحكم للمهمة الموكلة اليه يثبت هذا القبول بالكتابة".
ومن جانب آخر أجاز المشرع للخصوم تمديد مهلة التحكيم بنص المادة (۷۷۳) أ. م. م اللبناني "يجوز تمديد المهلة الاتفاقية أو القانونية إما باتفاق الخصوم وإما بقرار من رئيس الغرفة الابتدائية يصدر بناء على طلب أحد الخصوم أو الهيئة التحكيمية".
وتطبيقا لذلك قضت الغرفة الاولى في بيروت: يقرر تمديد مهلة التحكيم ستة أشهر اضافية في النزاع العالق بين شركة حسيب هولدينغ ش. م. ل، وسيل صباغ وسمير صباغ وشركة مجموعة اتحاد المقاولين هولدينغ ش. م. ل من جهة، وبين السيدة سناء الصباغ من جهة أخرى، وذلك اعتبارا من تاريخ انتهاء مهلة التحكيم الأصلية في ٢٠١٦/٢/٢٧ ، مع الاخذ بعين الاعتبار المدة التي تحددها الهيئة التحكيمية في قرار تصدره لإجراء تحقيق معين حيث تكون مهلة التحكيم متوقفة خلال تلك المدة، وإبلاغ ذلك ممن يلزم" .
وتمديد المهلة، يكون بقرار يصدره رئيس الغرفة الابتدائية المختصة بنظر النزاع الكائن في منطقتها مركز التحكيم المكلف بالمهمة التحكيمية، والا فرئيس الغرفة الابتدائية في بيروت على الطلب المقدم من أحد الخصوم الذي يطلب فيه تدخل المحكمة بهذا الامر، أو بطلب من الهيئة التحكيمية بعد اتفاق جميع المحكمين المكونين لها، ويرعى في الطلب أن يقدم قبل انقضاء مهلة التحكيم الاصلية، كما هو الحال في التمديد الاتفاقي. ونبه المشرع بنص المادة (٧٧٤) أ . م . م اللبناني: "... ولا يكون هذا القرار قابلا لأي طعن".
والتساؤل الذي يثار هنا : - اذا لم يصدر المحكم أو الهيئة التحكيميـة قـرار التحكيم بعد المد القضائي للمهلة الاصلية بمهلة اضافية هل يحق للخصوم الطلب بمد آخر للمهلة المنقضية؟. لم يشر المشرع اللبناني إلى ذلك ولم يشر إلى عدد مرات تمديد المهلة، لذا يقترح الكاتب تعديل المادة (۷۷۳) أ . م . م اللبناني لتصبح كالاتي يجوز تمديد المهلة الاتفاقية أو القانونية بقرار من رئيس الغرفة الابتدائية يصدر بناء على طلب أحد الخصوم أو الهيئة التحكيمية ولمرة واحدة فقط".
أما بالنسبة للأثر المترتب على انقضاء مهلة التحكيم في القانون اللبناني فقد نصت (الفقرة الثالثة) من المادة (۷۸۱) أ . م . م اللبناني مع الاحتفاظ بما قد ينص عليه إتفاق خاص بين الخصوم تنتهي الخصومة في التحكيم بانقضاء مهلة التحكيم". يلاحظ من النص أنه اذا انقضت مهلة التحكيم دون صدور القرار التحكيمي فإن الخصومة في التحكيم تنقضي. وتنتهي مهمة الهيئة التحكيمية وينتهي اتفاق التحكيم عقدا كان أم بندا تحكيميا هو الآخر، ويعتبر ساقطا بانقضاء المهلة. ويعتبر قرار التحكيم الذي سيصدر بناء على هذا الاتفاق قرارا باطلا، لأنه سيكون قرارا صادرا في خصومة منقضية.
ثانياً: موقف المشرع العراقي:
يتفق موقف المشرع العراقي الى حدما مع موقف المشرع اللبناني، حيث أجاز المشرع العراقي للخصوم تمديد مدة التحكيم قبل انهاء المدة المحددة في اتفاق التحكيم وذلك بنص المادة (٢٦٢) من قانون المرافعات المدنية : 1 - اذا قيد التحكيم بوقت زال بمروره ما لم يتفق الخصوم على تمديد المدة ٢- اذا لم تشترط مدة لصدور قرار المحكمين وجب عليهم إصداره خلال ستة أشهر من تاريخ قبولهم التحكيم . يلاحظ أن المشرع العراقي ألزم الخصوم على الاتفاق على تحديد مدة التحكيم وعلى ان تنهي الهيئة التحكيمية مهمتها خلاله، وفي حالة عدم اتفاقهم على ذلك ألزم هيئة التحكيم أن تنجز مهمتها التحكيمية بغضون ستة أشهر، وعدم اصدارها لقرار التحكيم خلال هذه المدة يؤدي إلى انقضاء عقد التحكيم.
وبهذا قضت محكمة التمييز أن الطرفين قد اتفقا على التحكيم بموجب العقد المؤرخ في ۱۹۷۳/۳/۱۰ على أن ينهي المحكمون مهمتهم خلال شهر واحد وبذلك يكون التحكيم مقيدا بوقت معين ولم يتمكن المحكمون من انهاء مهمتهم خلال المدة المتفق عليها وقد عجز المدعى عليه ( المميز) عن اثبات كون مدة التحكيم قد مددت… وبذلك يعد موضوع تمديد مدة التحكيم غير ثابت قانونا... وفي موضوع هذه القضية قد اشترط فيها مدة معينة وهو شهر واحد لهذا يصبح الحكم المميز بما قضى صحيحا وموافقا للقانون، قرر تصديقه ورد الاعتراضات التمييزية عنه . والغاية من إلزام المشرع الهيئة التحكيمية بإصدار قرارها خلال الستة اشهر، حتى لا يترك لها حرية مطلقة للفصل في النزاع في المدة التي ترتئيها، كما لا يجوز أن يظل التحكيم قائما إلى أن يفصل في النزاع بصورة نهائية.
وأجاز المشرع للخصوم في حال عدم اصدار الهيئة التحكيمية لقرار التحكيم في المدة المحددة في اتفاق التحكيم أو المدة المحددة في القانون وهي ستة اشهر مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع لإضافة مدة جديدة.