الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مد الميعاد / الكتب / سلطة القضاء إزاء خصومة التحكيم / سلطة القضاء المعاونة لهيئة التحكيم فى مد الميعاد

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

    2017-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الكتب والدرسات العربية
  • عدد الصفحات

    287
  • رقم الصفحة

    268

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة القضاء المعاونة لهيئة التحكيم فى مد الميعاد

نجد أنه يوجد هناك اتجاهين بالنسبة لمد الميعاد لهيئة التحكيم :

الإتجاه الأول : وهو ذلك الذى تبنته بعض التشريعات ومراكز التحكيم حيث أنها نصت على ضرورة إصدار حكم المحكمين خلال ميعاد محدد، إما بناء على اتفاق طرفي التحكيم في مشارطة التحكيم، أو التقيد بالميعاد الذي تم تحديده في التشريعات واللوائح المنظمة لإجراءات التحكيم سلفا باعتبار أن أمر هذا التحديد يعد من الأحكام المكملة لإرادتهما عند عدم الاتفاق . 

 وأهم المبررات التى إعتمد عليها هذا الإتجاه هي : 

1- أنه يجب أن لا يكون التحكيم بعد أن تراضى الأطراف على الإلتجاء إليه كوسيلة لفض المنازعات بينهما على وجه السرعة سببا فى إطالة أمد النزاع وتراخى الفصل فيه إذا لم يحدد ميعادا يلزم المحكمون بإصدار حكمهم . 

2- لأنه من مزايا الإلتجاء إلى التحكيم هو تفادى إجراءات التقاضي العادية أمام

المحاكم بما فيها من طول الإجراءات والتفصيلات التي تحول دون سرعة الفصل النزاع..

   وبناء عليه وفقا لهذا الإتجاه فقد قضت محكمة النقض بأن " اتفاق الخصوم على إعفاء المحكمين من التقيد بقواعد المرافعات لا يستتبع عدم تقيدهم باتباع الأحكام الأخرى ومن بينها وجوب إصدار المحكمين لحكمهم فى خلال الميعاد المحدد باتفاق الخصوم أو المعين قانونا عند عدم اتفاقهم على أجل للحكم .

  ويؤيد هذا الإتجاه رأيه فى أن التحكيم إنما يمثل اعتداء على اختصاص السلطة القضائية في الدول ومن ثم يجب أن يكون السماح به وإجازته في أضيق نطاق ممكن ويدخل في ذلك وضع حدود لمدته .

   وأهم الإنتقادات التي وجهة لهذا الإتجاه هي : 

  عدم كفاية المدد المحددة اتفاقا أو قانونا وذلك عند إغفال الخصوم الاتفاق على تحديد ميعاد لإصدار المحكمين لحكمهم لاختلاف طبيعة التراع ووسائل تحقيق دفاع الخصوم فيها وذلك فيما قرره من أن هذا الميعاد مثل غيره من المواعيد الإجرائية التي تخضع لقواعد الوقف والذى لا يخلو تشريع أو لائحة صادرة عن مراكز التحكيم من بيان لحالاته على نحو يحد من الإدعاء بعدم كفاية ذلك الميعاد لإصدار المحكمين لأحكامهم في بعض الحالات ويحقق تلك الغاية المبتغاة فى سرعة الفصل في المنازعات التحكيمية . 

1- أن الأصل في تحديد ميعاد لإصدار التحكيم هو حث المحكم على سرعة الفصل في النزاع المعروض عليه تحقيقا لعدالة سريعة وناجزة بأقل التكاليف إذ في إطالة أمد نظره أمام هيئة التحكيم ما يستتبع زيادة النفقات على طرفي الدعوى التحكيمية فى حين أن كثيرا ما يكون التأخير فى إصدار حكم التحكيم راجعا إلى فعل أحد الخصوم أو بخطئه أو بفعل أحد الخبراء أو لعدم تمكن الهيئة من استكمال عناصر الإثبات في الدعوى.

2 - أن كثير ما يكون وقف الميعاد باتفاق الخصوم أو لتحقق قوة قاهرة أوغيرها سببا في أن يختل حسابه أو يغم على المحكم كيفية تحديد نهاية الميعاد مما يتعين معه أن يترك الأمر في تحديده للمحكم إبتداء .

3- أنه مادام حكم التحكيم متروكا لتقدير المحكم وحسن عدالته فلا غضاضة في أن يكون موعد صدور هذا الحكم متروكا هو الآخر لتقديره وحسن عدالته .

  ويلاحظ أن فى التشريعات واللوائح المنظمة للتحكيم والتي تحدد ميعادا يتعين على المحكمين إصدار حكمهم فيه فإن انقضاء الميعاد دون صدور هذا الحكم يستتبع أن يمتنع عليهم الحكم فى النزاع التحكيمى لزوال صفتهم كمحكمين وبالتالي انقضاء ولايتهم للفصل فى الموضوع المعروض عليهم، فزوال صفة المحكمين تعد أثرا لازما لتأقيت مهمتهم التي قبلوها للفصل فى النزاع المعروض عليهم خلال الأجل المحدد في اتفاق الخصوم أو تبعا للقواعد القانونية المكملة لإرادتهم كما وأن انتهاء ولايتهم للفصل فى التراع تعد نتيجة طبيعية لزوال صفتهم كمحكمين ويتبع ذلك أيضا وقف إجراءات التحكيم أمامهم بحكم القانون مع بطلان جميع الإجراءات والقرارات التي تصدر منهم بعد انتهاء مدة التحكيم أما الأثر الأخير فهو أحقية أطراف التراع في الإلتجاء إلى قضاء الدولة بدعوى مبتدأة أو الإتفاق على تعيين هيئة تحكيم مغايرة متى اتفقوا من جديد على الإلتجاء إلى التحكيم للفصل فيما شجر بينهم .

   أما في التشريعات ولوائح التحكيم المطبقة فى مراكز هيئات التحكيم التي تتبنى ترك تحديد الميعاد لحسن تقدير هذه الهيئة فإن تقاعسها عن إنهاء النزاع والحكم فيه فى مواعيد معقولة ومبررة قد يكون دافعا لأطراف الدعوى التحكيمية إلى سلوك أحد الطرق الآتية : 1- الاتفاق على عزل المحكمين واستبدالهم بآخرين مع أحقيتهم في مقاضاة هؤلاء المحكمين أمام محاكم الدولة لإلزامهم بالتعويضات عن تأخيرهم دون مقتضى عن أداء مهمة التحكيم التى قبلوها أو تنحيهم عنها دون مبرر جدى .

2- الاتفاق على إنهاء إجراءات التحكيم مع إخطار المحكمين به .

3- أحقية الخصوم عند الاتفاق على عزل المحكمين أو إنهاء إجراءات التحكيم في الإلتجاء إلى محاكم الدولة للفصل فيما شجر بينهم .

   لقد تبنى قانون التحكيم المصرى النص على وجوب تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم وذلك بما قررته المادة 145 من قانون التحكيم التي تنص على أن " 1 - لهيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم وفى جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك 2- وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه فى الفقرة السابقة جار لأى من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من هذا القانون أن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم ويكون لأى من الطرفين عندئذ رفع دعواه أمام المحكمة المختصة أصلا بنظرها ) . 

   وبناء عليه يتضح لنا أن المشرع المصرى قد تبنى الاتجاه الذي يدعو إلى وجوب تحديد ميعاد لإصدار حكم المحكمين وخرج بالنص عليه عن قواعد القانون النموذجي للتحكيم الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى الذى أخذ عنه كثيرا من أحكامه ولذلك فقد قضى بأن الأصل أن يتحدد ميعاد الحكم وفق إرادة الخصوم ولهم تحديده في مشارطة (اتفاق) التحكيم ولهم بعد تحديده أن يمدوه باتفاقهم جميعا ويتعين على المحكمين مراعاة الميعاد المشروط ما لم يرتض جميع الخصوم امتداده ويتعين أن يتم الاتفاق على امتداده بواسطة الخصوم أنفسهم أو بواسطة وكلائهم بتوكيل خاص.

وذلك خلافا للاتجاه الذى يرى وجوب تركه لحسن تقدير المحكمين على ما سبق بیانه .

   أما عن كيفية حساب بدء ميعاد إصدار حكم التحكيم فقد حددته المادة 45 من قانون التحكيم المصرى من تاريخ بدء إجراءات التحكيم أى من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعى وفقا للمادة 27 منه وما ينطوى على عيب ينال من الغاية فى تحديد هذا الميعاد والجدوى منه إذ أن حساب بدء الميعاد وفقا له قبل تشكيل هيئة التحكيم وقبول المحكمين لمهمة التحكيم – رغم أنهم المعنيون بهذا الميعاد – يفوت عليهم مدة سابقة على قبولهم مهمة التحكيم لا يد لهم فيها فتحد من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم بإصدار حكمهم فى التحكيم خلاله على أنه مما يخفف من وطأة هذا العيب مانصت عليه تلك المادة من جواز الاتفاق على بدء الإجراءات في تاريخ آخر فضلا عن تعدد الحالات التي أشار إليها هذا القانون والتي تسمح بوقف الميعاد وهي على التفصيل الآتى :

أ- وقف الميعاد بسبب انقطاع الخصومة لأحد أطراف الدعوى التحكيمية إما لوفاته أو فقدانه الأهلية أو زوال صفته مع ترتيب ذات الآثار التي ينص عليها قانون المرافعات بشأن الانقطاع من قانون التحكيم بشأن الانقطاع المادة (38) .

ب- وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم حتى يصدر حكم نهائى في الصور الآتية :

- إذا عرضت على هيئة التحكيم مسألة تخرج عن ولايتها .

- إذا طعن أمام هيئة التحكيم بتزوير ورقة قدمت لها أو اتخذت إجراءات جنائية بشأنها.

- إذا اتخذت إجراءات جنائية بصدد واقعة مؤثرة فى قضاء هيئة التحكيم المادة (46) من قانون التحكيم .

  أما عن الآثار التي ترتبها قوانين التحكيم المصرية على انقضاء الميعاد دون اتفاق على مدة فقد حرص المشرع المصرى فى قوانين التحكيم المتعاقبة على وضع حد زمنى أعلى لإصدار حكم التحكيم ويرتب بطلان (مشارطة) وثيقة التحكيم لإنقضائها بسبب تجاوز الميعاد المحدد لصدوره خلاله .

 إلا أن محكمة النقض المصرية محاولة منها للحد من الأثر الذي يرتبه بطلان وثيقة التحكيم المؤسسى على انقضائها بسبب تجاوز ذلك الميعاد فقد قررت أنه ليس من شأنه ذلك أن ينال من سلامة ما يكون قد صدر من المحكمين من أحكام قطعية في فترة قيام وثيقة التحكيم.

  أما عن الآثار الأخرى التى يرتبها تجاوز الميعاد دون إصدار حكم فهى تتلخص في الآتى :

1- أنتهاء ولاية هيئة التحكيم وزوال صفتهم كمحكمين منوط بهم الفصل فيمنازعة التحكيم ومن ثم وقف سير الإجراءات أمامهم وانعدام مايصدر منهم من قرارات أو إجراءات أو أحكام لاحقة لإنقضاء الميعاد .

 2- أحقية أى من طرفى منازعة التحكيم فى الإلتجاء إلى القضاء بطلب إما لإصدار قرار بتحديد مدة إضافية تعاود هيئة التحكيم السير في إجراءات التحكيم أو لإصدار أمر من القضاء بإنهاء الإجراءات والذى بموجبه يتحول الوقف المؤقت لإجراءات التحكيم إلى وقف دائم بعد صيرورة هذا الأمر نهائيا وبه تنتهى إجراءات التحكيم وذلك أنه يجوز التظلم من هذا الأمر إلى القاضى مصدر الأمر المتظلم منه كما يجوز استئناف أمر الرفض متى كان قابلا للاستئناف .

3- انفتاح الحق لأى من طرفى الدعوى التحكيمية فى اللجؤ إلى القضاء لعرض ذات النزاع للفصل فيه والذى كان معروضا على التحكيم وانتهت مدته الاتفاقية أو القانونية دون الحكم فيه وصدر أمر من القاضى إما برفض طلب مد مدته أو بإنها إجراءات التحكيم وأصبح نهائيا .

    مما سبق يتضح لنا مدى أهمية الإلتجاء إلى القضاء ممثلا في رئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر التزاع أو رئيس محكمة الإستئناف - بحسب الأحوال – وذلك إما لدعم سلطات هيئة التحكيم فى الاستمرار بنظر التزاع بإصداره الأمر بتحديد ميعاد إضافي أو معاونة طرفى التحكيم فى إنهاء إجراءاته فيعود لكل منهما الحق في الإلتجاء إلى قضاء الدولة .