الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مد الميعاد / الكتب / التحكيم الدولي في تسوية المنازعات التجارية / مد ميعاد التحكيم

  • الاسم

    أحمد علي أحمد صلاح المقدشي
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    157

التفاصيل طباعة نسخ

آن ميعاد التحكيم هو لمصلحة أطراف النزاع ولا يتعلق بالنظام العام. وعندما لا تكفي المدة الزمنية لحسم الخصومة تثور مسألة مد المدة الزمنية للتحكيم ومن يملك سلطة التمديد؟ بكل تأكيد فإن أطراف النزاع يملكون هذه السلطة بحكم أن جوهر نظام التحكيم هو الاتفاق الرضائي... ولكن هل يشترط أن يكون اتفاقهم على التمديد صراحة أم يمكن الاتفاق ولو بشكل ضمني؟.
وإذا لم يتفق الخصوم على المدة أو تعذر عليهم هذا الاتفاق أثناء سير خصومة التحكيم... فكيف يمكن إنقاذ العملية التحكيمية من الفشل؟.
لا شك أن ثمة بدائل احتياطية يمكن اللجوء إليها في مثل هذه الفروض التي كثيرا ما تحدث في التطبيق العملي ويعالجها القانون بتحديد ميعاد احتياطي عن انقضاء الميعاد الأصلي وعدم الوصول إلى قرار تحكيمي. وقد يخول لجنة التحكيم سلطة مد ميعاد التحكيم بمالها من سلطة تقديرية. أما إذا كان التحكيم يجري في إطار مؤسسة دائمة أو مركز فإن لائحة المركز تتولى هذه المهمة. وقد يخول المشرع القضاء الوطني المختص سلطة التدخل في خصومة التحكيم ومد ميعاد التحكيم. وسنتناول ذلك على النحو الآتي:
-  المد الاتفاقي الصريح لميعاد التحكيم:
لا تثور مسألة مد ميعاد التحكيم الأصلي بصفة عامة إلا إذا أوشك ميعاد التحكيم الأصلي على الانقضاء وما زالت خصومة التحكيم في حاجة إلى متسع من الوقت للوصول إلى قرار التحكيم. والأصل أن يتولى الخصوم بأنفسهم تمديد المدة الزمنية المناسبة لخصومة التحكيم نظرًا للطبيعة الرضائية الاتفاقية لنشأة التحكيم ويتعين على هيئة التحكيم مراعاة الميعاد المتفق عليه ما لم يوافق جميع الخصوم على تمدیده. ويتم الاتفاق على ذلك إما بواسطة الخصوم أنفسهم أو بواسطة من يمثلهم ويستوي أن يكون ذلك الاتفاق صريحًا أو ضمنيًا.
     وكما يجوز للطرفين الاتفاق على مد الميعاد الذي سبق لهما تمديده يجوز لهما الاتفاق على مد الميعاد الذي حدده القانون في حالة عدم اتفاقهما على الميعاد منذ البداية وليس هناك من قيد على حريتهما في المد سواء من حيث المدة أو من حيث عدد المرات.
-  الاتفاق الضمني على مد ميعاد التحكيم:
الأصل أن يكون مد ميعاد التحكيم صريحًا، ولكن ليس ثمة ما يمنع من ان يتحقق المد ضمنيًا. ويستخلص الاتفاق على المد الضمني 
"ProrogationImplicite "إذا حضر الأطراف جميعًا أمام هيئة التحكيم وتكلموا في الموضوع دون أن يتمسكوا بانقضاء الميعاد، وفي هذه الحالة، فإنه من الواجب أن يستشف المد الضمني بطريقة قاطعة وواضحة Manifeste، لذا فإنه لا يستفاد من مجرد السكوت. وإذا ما حضر أحد الأطراف المتخاصمة أمام هيئة التحكيم بعد انقضاء أجل التحكيم ولم يوقع على محضر الجلسة أو لم يدل بأية أقوال أو بيانات لا يعد ذلك رضاء منه بمد الميعاد. وقد يستفاد اتفاق الطرفين الضمني على المد الضمني بصفة خاصة من استمرارهما في موالاة إجراءات الخصومة دون تحفظ أو احتجاج رغم انقضاء الميعاد الأصلي. والإرادة الضمنية لأحد الطرفين في المد هي إرادة حقيقية لا إرادة مفترضة. ولذلك فإنه لكي يمكن استنباط هذه الإرادة يتعين أن تكون ظروف الحال دالة عليها دلالة واضحة. ومثال المد الضمني أن يحضر الخصوم أمام هيئة التحكيم ويتكلموا في موضوع النزاع أو يقدموا مستندات جديدة أو يبدوا دفوعًا جديدة دون تحفظ رغم علمهم بانقضاء الميعاد أو أي عمل إيجابي آخر بشرط أن يكون صادرًا عن جميع الخصوم وليس عن خصم واحد.
-  عدم الاتفاق على المدة الزمنية لمد ميعاد التحكيم:
قد يتفق الطرفان على مد ميعاد التحكيم صراحة لمدة محددة وفي هذا الفرض قبلًا ما تثور مشاكل عملية، ولكن إذا اتفق الطرفان على مد ميعاد التحكيم صراحة دون أن يتفقا على تحديد مدة المد فكيف يمكن تحديد ميعاد التحكيم الجديد؟ يمكن أن نفترض في هذه الحالة أن المد يكون لمدة تساوي مدة الاتفاقية الأصلية "Ladur 'ee lnitial" يمكن أن نفترض أن ميعاد التحكيم يمتد لمدة غير محددة 
'a' dur 'ee indetermine' e "، كما يمكن أن نستعين بالتحديد الذي ينص عليه القانون إذا كان هناك تنظيمًا تشريعيًا لهذه المسألة.
وقد تصدت محكمة استئناف باريس لهذه المشكلة وقررت أن يكون في هذه الحالة لمدة غير محددة" la duree indetermine 'e ".
-   المد القانوني The legal expansion of arbitration
قد ينقضي ميعاد التحكيم المتفق عليه بين الطرفين دون صدور حكم التحكيم، ودون أن يتفق الأطراف على مد أجل التحكيم فما هو مصير الخصومة التي تنظرها هيئة التحكيم؟
وهنا قد يتدخل القانون لإنقاذ خصومة التحكيم عن طريق النص على مد ميعاد التحكيم.
   ولم يتطرق قانون التحكيم رقم (٢٢) لسنة ١٩٩٢م المعدل بالقانون رقم (32) لسنة ١٩٩٧م لموضوع المد القانوني.
بينما نجد أن مشروع القانون اليمني بشأن التحكيم تطرق في المادة (50) منه إلى مسألة المد القانوني فنص على أن "على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ عقد اول جلسة للهيئة ما لم يتفق الطرفان علي مدة تزيد علي ذلك".
-   المد القانوني لميعاد التحكيم في القانون المقارن:
The legal expansion of arbitration in comparative laws
أولا: القانون الفرنسي:
لم يرد أي نص في القانون الملغي أو في قانون المرافعات الفرنسي الحالي، يتيح لهيئة التحكيم أو يمنعها من مد ميعاد التحكيم، والاتجاه السائد في الفقه يرى أنه لا يجوز لهيئة التحكيم أن تقوم من تلقاء نفسها ودون تفويض صريح من الخصوم بمد ميعاد التحكيم على أساس أنه لا يمكن قبول القرار الصادر من المحكمين بمد الميعاد باعتبار أنهم قضاة مهمتهم الفصل في النزاع وليس وكلاء عن الخصوم.
-   قوانین دول مجلس التعاون الخليجي:
-  القانون العماني:
نصت المادة (45) من قانون التحكيم العماني بأنه "على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر خلال أثنى عشر شهرًا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد علي ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك.
-   نظام التحكيم السعودي:
نجد أن المشرع السعودي عالج الفرض الخاص بمشكلة عدم اتفاق الأطراف على تمديد ميعاد التحكيم، وذلك بتخويل الجهة القضائية المختصة سلطة حسم هذه المشكلة وهي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة بناءً على الظروف والملابسات المحيطة بالنزاع.
-  القانون القطري:
جاء في المادة (١٩٧) من القانون القطري أنه "إذا لم يصدر المحكمون حكهم خلال الميعاد المشروط في وثيقة التحكيم أو خلال الأجل المحدد في الفقرة السابقة (ثلاثة أشهر) أو تعذر عليهم ذلك لسبب قهري جاز لمن شاء من الخصوم رفع الأمر إلى المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع لإضافة مدة جديدة أو للفصل في النزاع أو لتعيين محكمين آخرين".
-    القانون الإماراتي:
نصت الفقرة الثانية من المادة (٢١٠) من القانون الإماراتي بأنه "للخصوم الاتفاق صراحة أو ضمنًا على مد الميعاد المحدد اتفاقًا أو قانونًا ولهم الحكم في مده الي أجل معين ويجوز للمحكمة بناءً على طلب الحكم أو أحد الخصوم من الأجل المحدد بالفقرة السابقة (ستة أشهر) للمدة التي تراها مناسبة للفصل في النزاع".
-   دور هيئة التحكيم في مد ميعاد التحكيم:
تقوم هيئة التحكيم بدور بارز في إنجاح خصومة التحكيم وذلك عن طريق تذليل الصعوبات القانونية التي تقابلها لا سيما في شأن ميعاد التحكيم وسنتعرض لذلك على النحو الآتي:
1- الاتفاق على تفويض هيئة التحكيم بمقتضى حريتهما المطلقة في مد ميعاد التحكيم تفويض هيئة التحكيم بمد الميعاد لمرة أو لمرات محددة أو تفويضها في ذلك تفويضًا مطلقًا. وتستمد هنا هيئة التحكيم سلطتها في المد من اتفاق الطرفين لا من نص القانون ولذلك فإنها لا تتقيد بالضوابط القانونية التي قد يحددها المشرع في هذا الشأن وإنما تتقيد بالقيود التي يمكن أن يكون الطرفان قد اتفقا عليها وحدها

2- وينتقد جانب من الفقه هذه المسألة ويقول "لسنا مع هذا الحكم حيث إنه تم تحديد ميعاد إصدار الحكم باتفاق الأطراف ابتداءً، فإنه يجب أن يكون المد كذلك باتفاقهم بحيث يعد تدخل هيئة التحكيم في هذا الأمر من تلقاء نفسها تجاوزًا منها لحدود المهمة الموكولة إليها.
والاتجاه السائد في الفقه الفرنسي يرى أن ميعاد التحكيم من سلطة الأطراف فقط دون هيئة التحكيم إذ إن المحكم ليس وكيلًا عن الأطراف.
3- مدى صلاحية التفويض المطلق لهيئة التحكيم في تمديد ميعاد التحكيم يرى جانب من الفقه الفرنسي أن الشروط التي من شأنها تفويض هيئة التحكيم في مد ميعاد التحكيم دون تحديد مدة زمنية معينة للتحكيم، تعد من الشروط الصحيحة استنادًا إلى الطابع الاتفاقي والرضائي للتحكيم وعلى أساس أن للطرفين الحرية الكاملة في تحديد ميعاد التحكيم وتمديده ومن ثم فإن لهما تفويض الغير في ذلك.
ويبدو أن محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ١٢ نوفمبر ١٩٩٣م قد قبلت صحة التفويض المطلق الممنوح لهيئة التحكيم بدون تحفظ.
ويعارض جانب من الفقه الفرنسي التفويض المطلق لهيئة التحكيم، ويرى أنه من الأفضل أن يفوض الأطراف المحكمين في مد مدة التحكيم مدة محددة فقط إذا كانت الظروف تقتضي ذلك. ومرجع ذلك أن ترك مدة التحكيم أو مسألة مد الميعاد لتقدير هيئة التحكيم من شأنه أن يؤدي إلى خطر إنكار العدالة.
-   دور هيئة التحكيم في طلب مد ميعاد التحكيم من القضاء:
إذا لم يكن لهيئة التحكيم، من تلقاء نفسها، أن تمد ميعاد التحكيم وعليها أن تلتزم بالميعاد المحدد اتفاقًا. فإن التساؤل يثور في حالة انتهاء هذه المدة دون صدور قرار في النزاع المعروض على هيئة التحكيم. ما هو دور هيئة التحكيم في تلافي حدوث انقضاء مبكر للخصومة؟.
في الواقع أنه يمكن مد ميعاد التحكيم بواسطة السلطة القضائية المختصة وفقاً لما ورد في المادة (1456-2) من قانون المرافعات الفرنسي الحالي.
وتدخل القضاء في مد ميعاد التحكيم يتم على أثر طلب من أحد الأطراف أو من قبل هيئة التحكيم.
-   دور لائحة التحكيم في مد ميعاد التحكيم:
 إذا قبل الطرفان الرجوع إلى لائحة مركز تحكيم ففي هذه الحالة تتولى لائحة لمركز تنظيم ميعاد التحكيم وكيفية مد هذا الميعاد.
-  وقد وضع القضاء الفرنسي مبدأ واضحًا في هذا الشأن مقتضاه:
أن ميعاد التحكيم، ومدته المقررة بواسطة لائحة التحكيم التي قبل الأطراف لرجوع إليها ، بعد ملزمًا للطرفين على غرار التمديد الاتفاقي. وعلى سبيل المثال تجد أن المادة (٣٢) من نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية CCI
ولساري اعتبارًا من أول يناير سنة ١٩٩٨م تجيز لمحكمة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها مد كل مدة، ورد النص عليها في هذه 
اللائحة إذا قدرت أن ذلك ضروري للسماح لها بأداء وظائفها.
ويجوز للأطراف الاتفاق على تخفيض المدد المختلفة التي ورد النص عليها في هذه اللائحة بشرط أن يكون ذلك قبل تكوين محكمة التحكيم، أما إذا تم هنا الاتفاق بعد تشكيل المحكمة فإنه لا يحدث أثره إلا بموافقة المحكمة (176). يلاحظ أن دور لائحة التحكيم في تنظيم ميعاد التحكيم وتقرير مدته يكون على الأغلب في التحكيم (المؤسسي)، وعلى الرغم من غلبة وانتشار التحكيم المؤسسي بسبب انتشار وتعدد مراكز التحكيم إلا أن التحكيم الحر "Adhoc" لا يزال يلعب دورا مهمًا في العديد من المنازعات ولا سيما في مجال المنافسة بين الشركات وفي براءات الاختراع وعقود نقل التكنولوجيا لما يحققه من السرية المطلوبة في مثل تلك الأحوال ، وكذلك في كثير من المنازعات التي تحدث بين الشركات الأجنبية الخاصة وبين الدول وخصوصًا ما يتعلق منها بعقود الامتياز الدولية.