الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مد الميعاد / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / مد الميعاد :

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    425

التفاصيل طباعة نسخ

مد الميعاد :

  قد تجد هيئة التحكيم ذاتها غير قادرة على الفصل في النزاع خلال فترة الستة الأشهر التي حددتها اللائحة، ومن ثم تسعى إلى تمديد هذه الفترة، فقد أعطت اللائحة الحق للهيئة أن تطلب من المدة، مشترطة أن يكون طلبها معللاً، وتقوم برفع هذا الطلب لمجلس الإدارة أو اللجنة المختصة. 

  و أعطت اللائحة لمجلس إدارة الاتحاد أو اللجنة المختصة بالنظر في مسائل الوساطة والتحكيم في الاتحاد الحق في تمديد فترة الستة أشهر التي حددتها الفقرة السابقة كمدة محددة للفصل في النزاع بين المصارف وأن كنا نرى بأنه كان حريا بواضعي اللائحة العمل على أحادية المرجع بعيدا عن تعدد الصلاحيات، فالأصل أن يكون هذا الحق ممنوحاً للجنة بحكم اختصاصها بناء على قرار مجلس الإدارة، حيث أنها ومن خلال ممارستها الدائمة ومتابعاتها للنزاعات المصرفية الأقدر على تحديد التمديد الذي تحتاجه الهيئة للفصل في النزاع. 

   ونصت الفقرة الثانية من م۲۲ من اللائحة على أنه يحق لمجلس الإدارة أو اللجنة بناء على طلب معلل من هيئة التحكيم، أو من تلقاء نفسها عند الاقتضاء، أن تمدد هذه المهلة إذا ارتأت ضرورة لذلك، على إلا يحصل هذا التمديد أكثر من ثلاث مرات. فمن خلال هذا النص نرى بأن اللائحة قد أعطت الحق لمجلس إدارة الاتحاد أو لجنته المختصة النظر في طلب هيئة التحكيم بالتمديد ومعرفة أسباب التمديد، ومتى ما اقتنعوا بذلك فإن اللائحة قد أعطتهم الحق في تمديد مهلة إصدار الحكم، على ألا يتم استخدام هذا الحق أكثر من ثلاث مرات، ونرى أن سكوت واضع على اللائحة على تحديد فترة زمنية للتمديد لا يعطى للجهة التي ستقوم به الحق في تجاوز الفترة المحددة لإصدار الحكم، فمن غير المنطقي ان تكون فترة التمديد أطول من الفترة التي حددتها اللائحة لإصدار الحكم خلالها وهي الستة أشهر، وقد أعطت لهم اللائحة الحق في استخدام التمديد ثلاث مرات، حيث أن طول أمد النزاع أكثر من ذلك يدل على أن هناك خلل في معالجة القضية، مما يفقد التحكيم ميزة مهمة من مزاياه ألا وهي السرعة في إصدار الأحكام . 

  إما فيما يتعلق بلائحة البنك المركزي فقد منحت من خلال م١٤ لمحافظ البنك المركزي تمديد المدة حيث نصت على أنه يجوز لمحافظ البنك المركزي بناء على طلب أي من الطرفين وعلى عرض أمانة التوفيق والتحكيم في الديون المتعثرة بالبنك المركزي، مد المدد المشار إليها في هذا القرار عند الاقتضاء وللمدد التي يراها مناسبة". فمسألة التمديد تتم بناء على طلب أي من طرفي النزاع وبناء على عرض من أمانة التوفيق والتحكيم في الديون المتعثرة بالبنك المركزي.

   أما فيما يتعلق بالتشريع فقد أعطى المشرع المصري من خلال نص م١/٤٥ الحق لهيئة التحكيم في مد الميعاد متى ما ارتأت ضرورة ذلك حيث نصت على أنه " وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك. وبمقارنة سريعة بين نص المشرع المصري ونص لائحة اتحاد المصارف العربية، نجد أن النص التشريعي كان أكثر ملائمة لطبيعة القضايا التحكيمية بخلاف نص اللائحة، حيث أننا نجدها قد خولت حق مد الميعاد لسلطة أخرى غير سلطة هيئة التحكيم، مما يدل على أننا سنكون أمام هيئة أخرى تحدد قبول مد الميعاد من عدمه، وبالتالي فإننا نرى أنه كان حريا بواضعي اللائحة لو أعطوا الهيئة الحق في اتخاذ قرار التمديد متى ما ارتأت ضرورة ذلك على أن لا تزيد فترة التمديد عن ستة أشهر، مع أعطاء الأطراف الحق في طلب تمديد الفترة بما يوافق مصالحهم ويحقق هدفهم من إصدار حكم متكامل في فترة زمنية مقبولة لديهم، استطاعوا من خلالها وضع كافة الحجج والبراهين التي لديهم . 

   وقد أحسن واضعو اللائحة عندما نصوا على إيجاد نوع من الرقابة على أعمال هيئة التحكيم فيما يتعلق بالتقاعس في إصدار الحكم حيث نصت الفقرة الثالثة من م۲۲ على أنه إذا تبين لمجلس الإدارة أو اللجنة أن هناك تقاعسا من قبل هيئة التحكيم في إصدار الحكم ، يحق له بعد الاستماع إلى ملاحظات الهيئة، استبدالها كليا أو جزئيا، حسب الظروف. ويعطي المجلس أو اللجنة مهلة جديدة، للهيئة التي يكون قد تم تعيينها، على أن تتابع الهيئة الجديدة التحكيم من النقطة التي وصلت إليها. فهذه الرقابة تتم متى ما رأى مجلس الإدارة أو الهيئة وجود تقاعس في إصدار الحكم في موعده المحدد، وان كنا نرى بأنه يفضل لو تم النص على تقديم شكوى بذلك من أحد الأطراف أو احد أعضاء الهيئة يشكوا فيها تقاعس بقية أعضاء هيئة التحكيم.

   إلا أنه ووفقا للنص فإن اللائحة قد أعطت مجلس الإدارة أو الهيئة الحق في التدخل في حالة ما ثبت لهم أن هناك تقاعسا من قبل الهيئة، وأعطت اللائحة للهيئة الحق في إبداء وجهة نظرها في أسباب التأخر في إصدار الحكم في ميعاده المحدد. فإذا لم يقتنع مجلس الإدارة أو اللجنة بمبررات الهيئة فإن اللائحة قد أعطتهم الحق في استبدال الهيئة كليا أو جزئيا، مع إعطائها مهلة جديدة لإصدار الحكم فيها، شريطة أن تبتدئ من حيث ما انتهت إليه الهيئة السابقة . ونحن هنا نلمس قصوراً في النص وتجاهلاً تاماً لإرادة أطراف الخصومة في تعديل الهيئة وإعطاء هذا الحق لمجلس الإدارة أو اللجنة، وهذا أمر ينافي ما قام عليه التحكيم وهو إرادة أطراف الخصومة وحقهم في المساهمة في اختيار هيئة التحكيم، ومن ثم فإنه كان حريا بواضعي اللائحة النص على إعطاء الأطراف مهلة في تحديد أسماء الهيئة البديلة أو إشعار الطرف الذي سيتم استبدال من قام باختياره لهيئة التحكيم بعضو آخر، حيث أن اللائحة نصت على حق الأطراف في اختيار الهيئة م١٣ من اللائحة، ومن ثم فإن تجاهل هذا الحق وإعطاء هذه الصلاحية لمجلس الإدارة أو اللجنة يمثل انتهاكا لحقوق أطراف المنازعة.

  وقد ذهبت محكمة استئناف القاهرة إلى القول إن ".. رئيس المحكمة عندما يصدر أمرا عليه تحديد مهلة فإنه يقوم بما هو مطلوب منه وضروري لتنفيذ اتفاق التحكيم وإنجاحه، وذلك عن طريق تمكين هيئة التحكيم من الوصول إلى حكم فاصل في النزاع في وقت معقول، وذلك بالاستمرار في نظر خصومة التحكيم وإنقاذها من الانقضاء المبتسر عندما يتعذر اتفاق الأطراف على مد ميعاد التحكيم وتستنفد هيئة التحكيم ولايتها في مد الميعاد ".

   وبقي أن نشير إلى أنه وبعد صدور القرار من المحكمة بإنهاء الإجراءات فإن المشرع قد أعطى الحق لطرفي الخصومة في رفع دعواهما أمام المحكمة المختصة بنظر النزاع. وقد كان حريا بواضعي اللائحة النص على الإجراء المتبع في حالة طول أمد النزاع وتجاوزه للمدد المحددة، وإبراز إرادة الأطراف في ذلك فهم من قاموا باختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاع وهم من لهم الحق في إنهائه في حالة عدم التزام الهيئة بالمواعيد المتفق عليها، لذا نرى بأنه لو تم النص على اللجوء إلى القضاء في مثل هذه الحالة.