ميعاد إصدار حكم التحكيم
ضـرورة احتـرام مـيعاد إصـدار حكم التحكيم والجزاء على مخالفته : ذلـك أن الخصوم لم يلجؤوا إلى التحكيم إلا تجنبا لبطء التقاضي وتعقـيداته ، إذ لا يملكون حيال تراكم القضايا أمام القضاء ؛ التحكم في مصير نـزاعهم وحث المحكمة على سرعة الفصل في النزاع ، بل قد تؤجل المحكمة مراراً نطقها بالحكم في القضية رغم حجزها للحكم ، وقد يستغرق ذلك شهوراً عدة ، بل إن القضاء المستعجل لا يبرأ من ذلك ، لا يملكون أمام القضاء العادي تحديد موعد للمحكمة للفصل فالخـصوم في نزاعهم ، فهو واحد من آلاف المنازعات المعروضة عليها . والأمر غير ذلك تماماً في التحكيم ؛ فالخصوم سادة الخصومة بما تعنـيه هـذه الكلمـة ، يملكـون تشكيل هيئة التحكيم ، وتحديد القانون الإجرائـي الـذي تـسير عليه ، والقانون الموضوعي الذي تحكم هيئة التحكـيم علـى ضـوئه ، ومكان التحكيم ، ولغته ، وسريته أو علانيته ، ويحددون لهيئة التحكيم أجلاً يتعين عليها أن تفرغ في خلاله من الفصل في النزاع حتى يفرغوا لشئونهم ؛ فلا تتعلق مراكزهم ومصالحهم المالية والـتجارية أمـام هيئة التحكيم أمداً طويلاً ، لأن هذا التأخير يضر بها ضـرراً كبيـراً ، وحتى إذا لم يتفق في النزاع على أجل يصدر خلاله الحكم ؛ فإن المشرع يتدخل ويضرب لذلك أجلاً يتعين صدور الحكم في خلاله . وقـد راعی قانون التحكيم المصري هذه الفلسفة التي يقوم عليها التحكـيم فـنص على انه يجب على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان ( م 1/45 ) . ومتى تحدد هذا الميعاد ؛ فإنه لا يجوز تعديله إلا باتفاق الطرفين. فـإن لـم يوجد اتفاق بين الخصمين على تحديد مدة يصدر الحكم خلالها ؛ وجب على هيئة التحكيم أن تصدر الحكم خلال أثنى عشر شهراً مـن تـاريخ بدء إجراءات التحكيم ( م 1/145 ) . وتجدر ملاحظة ؛ أن إجراءات التحكيم تبدأ من تاريخ اليوم الذي يتسلم فيه المدعي عليه طلب التحكـيـم مـن المدعـي ، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر ( م ۲۷ تحكيم ) ؛ كاتفاقهما مثلاً على بدء إجراءاته من تاريخ الانتهاء من تشكيل هيئة التحكيم. وفي جميع الأحوال سواء اتفق الخصوم على موعد يصدر خلاله حكـم التحكيم أو لم يتفقوا عليه ، يجوز لهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها مـد الميعاد لمدة لا تزيد على ستة أشهر ( م 1/45 تحكيم ) ، إذا رأت أن استمرار عملية التحكيم أمراً مجدياً .