يجب عند تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم الالتزام بهذا الميعاد فإن لـم يوجد اتفاق على ذلك فيجب أن يصدر حكم التحكيم في خلال عام ، وهـذا مـا صرحت به المادة 45 من قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 نصها الآتي : " 1- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإذا لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم . وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ، مالم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك
. 2- وإذا لم يصدر التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة ، جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون ، أن يصدر أمـر بتحديـد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم ، ويكون لأى من الطرفين عندئذ رفـع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها ".
أما بالنسبة لموقف المشرع القطري فقد نص في المـادة (١٩٧) مـن قانون التحكيم رقم 13 لسنة 1990 على أنه : " على المحكمين أن يحكموا في الميعاد المشروط في وثيقة التحكيم ما لم يرتض الخصوم امتداده .
وإذا لم يشترط الخصوم في وثيقة التحكيم أجلاً للحكم وجب على المحكمين أن يحكموا خلال ثلاثة أشهر من قبولهم للتحكيم .
وإذا لم يصدر المحكمون حكمهم خلال الميعاد المشروط في وثيقـة التحكيم أو خلال الأجل المحدد في الفقرة السابقة أو تعذر عليهم ذلك لسبب قهرى جاز لمن شاء من الخصوم رفع الأمر إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بالإضافة لتحديد مدة جديدة أو للفصل في النزاع أو لتعيين محكمين آخرين .
وفي حالة وفاة أحد الخصوم أو عزل المحكم أو تقديم طلب برده يمتـد الميعـاد المحدد لإصدار حكم التحكيم إلى المدة التي يزول فيها هذا المانع " .
ومن واقع نص المادة (١٩٧) تحكيم قطری سالفة الذكر ، يتضح أن المشرع القطري يميز بين حالتين في هذا الصدد :
الحالة الأولى : اتفاق الأطراف في وثيقة التحكيم على تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم:
وفي هذه الحالة يسرى اتفاقهم على اعتبار أن التحكيم ينظم في الأصل مجموعة قواعد رضائية.
الحالة الثانية : عدم اتفاق الأطراف في وثيقة التحكيم على تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم :
وفي هذه الحالة يتعين على المحكمين أن يحكموا خلال ثلاثة أشهر من قبـولهم التحكيم
هذا وقد رتب المشرع القطري جزاء على مخالفة الميعاد المشروط فـي وثيقة التحكيم أو خلال أجل الثلاثة أشهر ، حيث أجاز للخصوم رفع الأمر إلـى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع ، وعلى هذه الأخيرة بما لها مـن سـلطة تقديرية اتباع إحدى السبل الآتية :
أ- تحديد مدة جديدة لإصدار حكم التحكيم وإلزام المحكمين بها .
ب- الفصل في النزاع إذا كان صالحاً لذلك .
ج- تعيين محكمين جدد .
وقد نصت المادة ( ۱۰۰۷ ) من قانون المرافعات الفرنسي الملغي على أنه : " تبدأ مدة التحكيم من تاريخ إبرام المشارطة " وهذا النص كان منطقياً فـي الوقت الذي كان فيه إبرام مشارطة التحكيم أمـراً ضرورياً ولازمـاً لانعقـاد خصومة التحكيم . ولكن التصور القضائي قبل التعديل التشريعي لعـام ١٩٨٠ الذي جعل من شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً وكافياً لتحريك إجراءات التحكيم دون الحاجة إلى إبرام مشارطة قد أظهر مشكلة خاصة بكيفية حساب ميعاد التحكــم ونقطة بدايته ! الحالة التي لم تبرم فيها مشارطة تحكيم . وقد قضت محكمـة باريس في حكمها الصادر في 15 مارس عام 1979 بأن المشارطة تعـد قـد أبرمت من اليوم الذي حضر فيه المدعى عليه أمام هيئة التحكيم وأبدى طلباتـه في موضوع النزاع ، فمنذ هذا التاريخ يبدأ ميعاد التحكيم . وقد أيدت محكمـة النقض الفرنسية هذا الاتجاه ، وقضت بأن محكمة الاستئناف قد أثبتت بـسلطتها التي لا معقب عليها أن الاجتماع الأول للمحكمين لم يكن إلا اجتماعـاً تمهيـدياً وأنهم حددوا للخصوم موعداً ثانياً وطلبوا منهم تحديد موضـوع النـزاع حتـى يمكنهم البدء في إجراءات التحكيم ومن ثم فإنه يمكن القول بأن مشارطة التحكيم قد أبرمت بشكل فعلى وأن الميعاد المنصوص عليه في القانون قد بـدأ سريانه ابتداء من هذا الاجتماع الثاني .
ويقتضى مبدأ المواجهة تمكين كل طرف من الاطلاع على أي مستند أو مذكرة أو ورقة يقدمها خصمه ، كذلك تمكين المتخاصمين من فرص متساوية في تقديم أدلتهم وتدعيم حججهم . وبدون ضمان هذا المبدأ للأطراف في المنازعات التي تحل بطريق التحكيم لن يمكن الوصول إلى حكم يتسم بالفاعليـة ويقبـل الاحتجاج به وتنفيذه دون معارضة . ولذلك تحرص مختلـف قـوانين ولوائح التحكيم على ضمان مبدأ الاستمرارية والمواجهة بين الخصوم ، ومنهـا اتفاقيـة نيويورك طبقاً لما جاء في مادتها الخامسة وأيضاً وفقاً لقوانين مختلف الدول .