الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مدة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / تحديد أجل لإصدار الحكم

  • الاسم

    هشام سعيد اسماعيل
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    408
  • رقم الصفحة

    263

التفاصيل طباعة نسخ

تحديد أجل لإصدار الحكم

     نظم المشرع المصري هذا الأمر بالمادة 45 من قانون التحكيم حيث قضی بأنه "(1) على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان، فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الأطراف على مدة تزيد على ذلك. (2) وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون، أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع".

   ويمتاز القانون المصري عن غيره من القوانين بهذا النص. ويمتد وجه الامتياز لينال حتى من استقلاله عن مصدره الرئيسي المتمثل في القانون النموذجي الذي لم يتضمن أية إشارة بشأن تحديد الأجل اللازم للفصل في الدعوى التحكيمية. ولاحظ أن موضوع النص المصري ليس تحديد أجل لإصدار الحكم بعد قفل باب المرافعة، وإنما تحديد الأجل اللازم للفصل في الدعوى التحكيمية بأكملها. ويتم تحديد هذا الأجل وفقاً لأحد منهجين: .

- اتفاق الأطراف على مدة التحكيم التي يتعين على المحكم أن يصدر خلالها الحكم الملهي للخصومة كلها، سواء كانت هذه المدة سنة أشهر أو سنة أو سنة ونصف... إلخ.

- عدم اتفاق الأطراف على مدة التحكيم، وهنا تلتزم الهيئة بإصدار الحكم المنهي للخصومة خلال سنة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم.

  ويمكن في الحالتين، أي سواء تم تعيين مدة التحكيم باتفاق الأطراف أو بتحديد المشرع، أن:

1- تقرر هيئة التحكيم من الميعاد لمدة أقصاها ستة أشهر. فقد ترى الهيئة أنه من الضروري مد أجل التحكيم لشهر أو شهرين أو ثلاثة... بيد أن الحد الأقصى هو ستة أشهر إضافية للمدة التي اتفق عليها الأطراف أو المدة السنة التي حددها المشرع للفصل في الدعوى في حالة عدم وجود اتفاق.

2- اتفاق الأطراف على من أجل التحكيم لمدة تزيد على ستة أشهر.

   وقد كان لمحكمة استئناف القاهرة أن تقول كلمتها بشأن الفقرة الأولى من المادة 45 بأن مؤداها أن "المشرع قد ارتأى أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهي الخصومة كلها بإرادة الأطراف ابتداء وانتهاء، وبذلك يكون قد نفى عن الميعاد اللازم لإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الأسرة، فتضحي تبعاً لذلك القواعد الوارد ذكرها في المواد ۱۹، ۲۰ ، ۲۲، ۲۳ من قواعد تحكيم مركز القاهرة هي واجبة الإعمال على إجراءات الدعوى التحكيمية رقم ۲۰۰۲/۳۰۱ مركز القاهرة، التي تمنح هيئة التحكيم سلطة تقدير المدة اللازمة لإصدار حكمها فيها وفقاً لظروف الدعوى والطلبات فيها وبما لا يخل بحق كل من الطرفين في الدفاع، وإنه متى حددت هيئة التحكيم ميعاداً لإصدار حكمها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد طرفي الدعوى تعين عليها التقيد به، ما لم يعرض خلال إجراءات نظر التحكيم ما يقتضى وقف سريان هذا الميعاد " .

    وقد لا تتمكن هيئة التحكيم من إصدار الحكم بعد اجتياز مختلف هذه المراحل، وذلك لكون مدة الستة أشهر التي قررت الهيئة مدها غير كافية لإصداره أو لفشل الأطراف أنفسهم في الاتفاق على ميعاد إضافي، وهنا أجازت المادة ٢/45 لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة - وهي المحكمة المشار إليها في المادة 9 - إما:

- إصدار أمر بتحديد ميعاد إضافي؛

- وإما الحكم بإنهاء إجراءات التحكيم.

    فإذا حكم رئيس المحكمة المختصة بتحديد ميعاد إضافي تعين على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة خلاله. وقد أطلق النص من سلطة رئيس المحكمة في تحديد الميعاد المشار إليه، حيث لم يقيده المشرع بحد أقصى، وإنما منحه سلطة تقديرية يمارسها في ضوء الظروف والملابسات وما حققته الهيئة من خطوات نحو الفصل في الدعوى.

   وتجنباً لهذا الوضع المأساوي الذي قد تصل إليه الدعوى التحكيمية، تبدو قواعد بعض هيئات التحكيم المؤسسي أكثر دقة وأكثر عناية من قواعد القانون المصري؛ لحرصها على إعداد ما يسمى بوثيقة المهام التي يتعين على هيئة التحكيم إعدادها لتكون بمثابة جدول زمني يتعين الالتزام به لإنهاء جميع المراحل المتعلقة بالدعوى، بدلاً من المضي قدماً في نظرها بالاعتماد على مجمل مدة التحكيم دون تحديد الأجل اللازم للانتهاء من كل مرحلة على حدة. ويشار في هذا الاتجاه إلى نص المادة 1/30 من نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس التي قررت أن "تصدر هيئة التحكيم الحكم النهائي خلال ستة أشهر" فهذه المدة وإن جاز مدها بصفة إضافية طبقاً لنص المادة ٢/٣٠ فإنه يحسب لنظام غرفة التجارة الدولية باريس النص على الالتزام بإعداد وثيقة تتضمن جدولاً زمنياً للدعوى حتى يتم الفصل فيها فعلاً خلال هذه المدة القصيرة (ستة أشهر)، كأن يتم إعداد قائمة بالمسائل المتنازع عليها مع تخصيص شهر للفصل في كل مسألة أو شهرين على حسب الأحوال، أو أن يتم تحديد مدة شهرين لتقديم كل خصم لدفاعه المكتوب، وشهر لاستجواب الشهود، وشهر لمناقشة تقارير الخبراء... على أن يخصص الشهر الأخير للمداولة مثلا. وقد أطلق نص المادة ٢٣ من نظام التحكيم للغرفة على هذه الوثيقة اسم "وثيقة المهمة ؛ الجدول الزمني لتسلسل الإجراءات".

   وأما عن تحديد أجل لإصدار حكم التحكيم الإلكتروني فنجد أن محكمة الفضاء قد انتهجت نهجاً على غير المتبع بالتحكم العادي حيث نصت المادة 23 من تنظيم محكمة الفضاء أنه "(1) تحدد هيئة التحكيم، بعد قفل باب المرافعة، تاريخ صدور الحكم. (2) يمكن للسكرتارية أن تقرر مد هذا الموعد إذا رأت ذلك ضرورياً النظر إلى ظروف الدعوى" .

   ويبدو وجه الاختلاف في أن تنظيم محكمة الفضاء قد أوجب تحديد أجل لإصدار الحكم بعد انتهاء المرافعة، في حين سكت عن بيان الأجل اللازم للفصل في الدعوى بأكملها، بما يعني إطلاق حرية هيئة التحكيم في التحقيق مختلف جوانب النزاع الإلكتروني دون تحديد من حيث الزمن.

     فالمذهب الأول يتعامل مع دعوى التحكيم بوصفها كلا لا تتجزأ، ويتفق مع التوقعات المشروعة للأطراف في الحصول على العدالة التحكيمية في أجل معلوم، كما أنه يتفق مع السرعة التي يجب أن يمتاز بها التحكيم، أما المذهب الآخر فإنه ترك الأمر للسلطة التقديرية للمحكمين للتحقيق في عناصر النزاع دون تعيين مدى زمني محدد، وما يترتب على ذلك من اختلاف مدد الدعاوى باختلاف ثقافة وأسلوب المحكم بل وباختلاف مدى سرعة كل منهم في إنجاز عناصر التحقيق.

   وعلى أية حال، فإن فلسفة نص المادة 23 تتأسس على أن قفل باب المرافعة لا يتقرر إلا بعد إبداء جميع الأطراف لأوجه دفاعهم، والاستماع للشهود والخبراء واستنفاد كل وسائل الإثبات، بما يعني أن الدعوى كادت أن تكون صالحة للفصل فيها على نحو يكون معه الانتظار غير مبرر، إلا فقط لترك مساحة زمنية لهيئة التحكيم الإلكتروني للترجيح بين ادعاءات الطرفين وإعداد الحكم النهائي؛ ولذا تلتزم هذه الهيئة بتحديد التاريخ الذي ستصدر فيه الحكم وذلك بعد قفل باب المرافعة. ولم يبين النص أي معيار لتحديد هذا التاريخ، بالتالي يدخل تحديد المدة اللازمة لإصدار الحكم بعد قفل باب المرافعة في إطار السلطة التقديرية لهيئة التحكيم. فإذا تقرر ذلك فلا أقل من أن تلتزم الهيئة بإصدار حكم التحكيم الإلكتروني في التاريخ الذي حددته بمحض إرادتها.

   وقد تتطلب ظروف الدعوى ضرورة مد التاريخ الذي حددته الهيئة لصدور الحكم، وهنا أجاز النص للسكرتارية أن تقرر مد هذا التاريخ. ويبدو غريباً على نص المادة 23 أن يجعل سلطة تحديد تاريخ صدور الحكم من اختصاص هيئة التحكيم الإلكتروني في حين يجعل صلاحية تأجيل هذا التاريخ من اختصاص السكرتارية.

   وما يلاحظ هنا على نص المادة 23 أنه كعادة تنظيم محكمة الفضاء لم بشر النص لا من قريب ولا من بعيد إلى حق الأطراف في الاتفاق على مدة التحكيم الإلكتروني، وإنما ترك للمحكم حرية نظر الدعوى دون أي قيد زمني، إلا ذلك المتعلق بتحديد تاريخ الإصدار الحكم بعد قفل باب المرافعة، بل حتى دون تقرير أية ضوابط موضوعية لتقدير هذا التحديد، مما يثير التساؤل حول تصور القرض الذي يتفق فيه الأطراف على مدة محددة للتحكيم، هل تعد هذه المدة ملزمة للمحكم الإلكتروني؟

   يصعب تصور عدم التزام المحكم ببعض بنود اتفاق التحكيم، الذي يعد من حيث الأصل مصدر سلطته والمحدد لمداها، ورغم ذلك فإن تنظيم محكمة القضاء يعد كغيره من نظم وقواعد التحكيم المؤسسي جزءاً من اتفاق التحكيم؛ حيث أن مجرد قبول الأطراف تسوية منازعاتهم بطريق التحكيم الإلكتروني بالخضوع لأحكام هذا التنظيم يعني قبولهم لمختلف أحكامه السارية وقت رفع الدعوى. ومن ثم فقد يقال: إن الطرفين يفترض فيهما الرضاء بقبول حكم المادة 23 الذي يعد ناسخاً لتحديدهما السابق لمدة التحكيم الإلكتروني في حالة تحديدها. ورغم ذلك تعود وتقرر ضرورة التزام المحكم بالمدة التي اتفق عليها الأطراف لإصدار الحكم الفاصل في الدعوى.

  وعلى جانب جمعية التحكيم الأمريكية، ذكرنا فيما سبق أن الأصل في الحكم الإلكتروني الصادر في رحاب جمعية التحكيم الأمريكية أنه يصدر دون مرافعة، ما لم يطلب أحد الطرفين عقد جلسة أو عدة جلسات مع موافقة المحكم على ذلك بيد أنه في حالة عدم طلب أي من الطرفين إجراء المرافعة، فإن المحكم يصدر الحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ قفل الباب أمام الأطراف للمطالبة باتخاذ أي إجراء" .

   ورغم ذلك يبدو هذا النص لجمعية التحكيم الأمريكية أكثر تحديداً من مثيله من تنظيم محكمة الفضاء، حيث لم يترك للمحكم الإلكتروني أية سلطة تقديرية في تحديد مدة إصدار الحكم، وإنما ألزمه بإصداره خلال مدة أقصاها ثلاثين يوماً من تاريخ حجز الدعوى للحكم، أو على حد تعبير النص: من تاريخ قفل الباب أمام الأطراف لاتخاذ أي إجراء.