الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مدة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي / رقابة القضاء الوطنى علي ميعاد حكم التحكيم وتصحيحه وتفسيره

  • الاسم

    محمد عبدالله الطيب
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    570
  • رقم الصفحة

    372

التفاصيل طباعة نسخ

رقابة القضاء الوطنى علي ميعاد حكم التحكيم وتصحيحه وتفسيره

   وفي حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على تحديد ميعاد لإصدار حكم التحكيم فإن الميعاد يكون "اثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم" وتجدر الإشارة إلى أن إجراءات التحكيم تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر، طبقا لنص المادة (۲۷) من قانون التحكيم.

مد ميعاد التحكيم

   وقد يكون مد ميعاد التحكيم بقرار من هيئة التحكيم. ، فلهذه الأخيرة مد الميعاد المدة لا تتجاوز ستة أشهر حتى ولو لم يخولها اتفاق التحكيم ذلك، ولا يجوز لهيئة التحكيم أن تستعمل سلطتها في المد إلى ستة أشهر إلا لمرة واحدة فقط، وليس لها أن تجاوز مدة الستة أشهر، ويتعين أن يصدر قرار هيئة التحكيم بالمدخلال المدة الأصلية للتحكيم المقررة لصدور حكم التحكيم خلالها.

  ولا يجوز تقييد سلطة هيئة التحكيم في استعمال سلطتها بمد الميعاد لفترة ستة أشهر المخولة لها قانوناً، ويلاحظ أنه إذا كان التحكيم تحكيماً مؤسساً لا يخضع التحكيم فيه لميعاد معين وقامت هيئة التحكيم بتمديد ميعاد التحكيم فإن لها أن تمد هذا الميعاد دون التقيد بميعاد الستة أشهر.

   على أنه يلاحظ أنه إذا انقضى الميعاد واستمرت الإجراءات من دون أن يتمسك الطرف المتضرر أمام هيئة التحكيم بتجاوز المحكم لميعاد التحكيم فإن حقه يسقط في التمسك بهذا العيب إعمالا لنص المادة (8) من قانون التحكيم، ومن ثم اسقط حقه في التمسك بسقوط اتفاق التحكيم لانتهاء مدته أمام محكمة البطلان. 

   في هذا الصدد قضت محكمة الاستئناف بأن: "... سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته بمضي اثني عشر شهراً من تاريخ بدء الإجراءات بالطلب المقدم من المحكمة في 2003/4/1 بتسمية محكمها أن الأصل طبقا لنص المادة (1/45) من قانون التحكيم أن تبدأ المدة من بدء إجراءات التحكيم بتقديم بيان الدعوى الحاصل في 2004/1/25 وأن المشرع أجاز لهيئة التحكيم مد الميعاد ستة أشهر أخرى من تلقاء نفسها ما لم يتفق المحتكمان على مدة تزيد عن ذلك، وقد تضمنت مشارطة التحكيم الموقعة من الطرفين كل بوكيل، والمحكمين... أن موعد إصدار الحكم النهائي هو 2005/8/21 ومن ثم يكون الحكم الطعين قد صدر خلال المدة المحددة بشرط التحكيم، ولا ينال من ذلك قول المدعية أن توكيل محاميها لا يبيح الاتفاق على مدة أخرى خلاف الواردة بالمادة ( 1/45) من قانون التحكيم ذلك أن المحكمة أطلعت على الصورة طبق الأصل لصك الوكالة... وتبين أن توكيل الممثل القانوني للمدعية لم يحظر ذلك عليه بل أباح له تمثيلها أمام كافة جهات التحكيم، وإنها لم تتمسك بهذا الدفع أمام هيئة التحكيم فسقط حقها فيه عملا بالمادة الثامنة من قانون التحكيم، وأن تقديمها طلب التحكيم الفرعي المقابل بتاریخ 2004/6/30 مفاده أنها لم تعترض على مدة صدور حكم التحكيم الطعين، وفضلا عن ذلك وأيا كان وجه الرأي فيما إباحة صك الوكالة للوكيل، فإن من حق المدافع عن أحد أطراف الخصومة أن يبدي هذا الدفع أمام هيئة التحكيم ويدخل ذلك في نطاق ما يراه الوكيل ملائماً للدفاع عن حقوق موكله وهما وشأنهما فيما يسفر عنه ذلك". 

    ويلاحظ على هذا الحكم أنه استند إلى نص المادة ( 1/45) من قانون التحكيم حيث تبدأ مدة السنة التي يجب أن يصدر فيها حكم التحكيم من تقديم بيان الدعوى، بيد أن نص المادة ( 1/45) حدد ميعاد بدء إجراءات التحكيم باليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر. فبيان الدعوى، إذا، لا شأن له بتحديد موعد إصدار الحكم اللهم إذا كان الطرفان قد اتفقا على ذلك، وهو ما لم يقع في إجراءات الدعوى التحكيمية التي كان مطعوناً في حكمها.

   وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن: "... المشرع أوجب على هيئـة التحكيم أن تصدر حكمها المنهي للخصومة كلها خلال الميعـاد الـذي اتفـق علـيـه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإن عليها أن تصدر حكمها خـلال اثني عشر شهراً مع حقها في مد هذه المدة أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك، ولم يشترط المشرع لصحة اتفاق الخصوم على مد الميعاد أن يكون أمام هيئة التحكيم، أو أن يكون المد لفترة محددة بزمن معين، ومن ثم فإنه ليس هناك ما يمنع من الاتفاق أمام الخبير المنتدب أمام هيئة التحكيم على مد ميعاد التحكيم لحين انتهاء أعمال الخبير وإصدار هيئة التحكيم حكمها في النزاع".

 مدى صحة حكم التحكيم الصادر في الميعاد من هيئة تحكيم مبتورة:

    قد يحدث - بسوء نية - بعد قفل باب المرافعة، مماطلة أحد أعضاء هيئة التحكيم، بعدم حضوره المداولة أو الاشتراك فيها أو تنحيه أو امتناعه عن التوقيع، إضرار بالعملية التحكيمية وتجنباً لصدور حكم لا يلقى قبولاً لدى الطرف الذي قام باختياره وتعيينه.

   في هذا الفرض، أصبحت هيئة التحكيم غير مكتملة أي مقطوع منها عضو من أعضائها "مبتورة". 

 ذهب القضاء المصري - في هذا الصدد - إلى اتجاهين:

الأول: يرى بطلان حكم التحكيم الصادر عن هيئة التحكيم. 

الثاني: يرى صحة حكم التحكيم الصادر عن تلك الهيئة.

  الاتجاه الأول: بطلان حكم التحكيم الصادر عن هيئة تحكيم مبتورة مستندا في ذلك إلى أنه في حالة تنحي أو استقالة أحد المحكمين أو امتناعه عن الاشتراك في المداولة كل هذه الأسباب تعد مبررة لعزل المحكم أو إنهاء مهمته ومن ثم صحة حكم التحكيم أن يثبت للمحكم صفته "كمحكم"عند صدور الحكم فإذا تنحى أو استقال زالت عنه تلك الصفة تعين استبداله.

     فقضت محكمة استئناف القاهرة بأنه "وحيث اقيمت الدعوى على سند من أن المحكم المختار من المدعين قد تنحى عن نظر القضية التحكيمية رقم 382 لسنة 2004الصادر فيها الحكم الطعين وأرسل إلى هيئة التحكيم بتاریخ 2006/2/27 قبل صدور الحكم الطعين كتاباً أورد فيه أسباب تنحيه مقررا وقف اشتراكه كمحكم في كل المداولات الخاصة بالقضية التحكيمية إلى أن يتم إيقاف أو إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 18628 لسنة 59 ق بجلسة 2006/2/19 إذ إن مخالفته هذا الحكم يعتبر خطأ مهنية جسيمة، إلا أن هيئة التحكيم أصدرت الحكم الطعين بتشكيل ثنائي وليس وتراً كما اشترط القانون مخالفة أحكامه آنفة الذكر في ذلك الشأن وحيث إن هذا السبب المبدى من المدعين صحيح ذلك أن قانون التحكيم المصري المطبق على التحكيم الذي صدر بشأنه الحكم الطعين قد أوجب أن يكون عدد المحكمين وتراً "مادة 2/15 تحكيم"وليس للهيئة أن تنعقد بعدد زوجي لنظر التحكيم فإن فعلت وأصدرت حكما في النزاع فإن حكمها يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام إذ لا يسمح بإصدار حكم بالأغلبية مما يخل بالضمانات الأساسية ويكون حكم التحكيم إذا صدر من هيئة مشكلة من عدد زوجي باطلاً سواء كانت الهيئة مشكلة أصلاً من هذا العدد أو كانت مشكلة من عدد وتراً وزالت صفة أحد المحكمين فصدر الحكم من عدد زوجي كذلك فإن المقرر بنص المادة (21) من قانون التحكيم أنه: "إذا انتهت مهمة المحكم برده أو عزله أو تنحيه أو بأي سبب أخر وجب تعيين بديل له طبقاً للإجراءات التي تتبع في اختيار المحكم الذي انتهت مهمته والإجراءات التي أشار إليها النص آنف الذكر هي الإجراءات التي اتبعت في اختيار المحكم ابتداء المباشرة مهمته أو الوسيلة التي تم بها اختيار المحكم الذي أنتهت مهمته" وإذا استمرت الهيئة التحكيمية في نظر القضية بهيئة ثنائية ثم اصدرت الحكم الطعين فإنها تكون قد خالفت أحكام قانون التحكيم المصري الذي يحكم النزاع بما يجعل حكمها باطلا وهو ما تقضي به المحكمة..." .

   الاتجاه الثاني: ذهب إلى صحة الحكم الصادر عن هيئة التحكيم المبتورة حيث قضت محكمة الاستئناف بأنه "عند غياب أو تخلف المحكم الثالث، وأياً كان المبرر لذلك، فإنه يشترط قياساً على حالة عدم توقيع المحكم على حكم التحكيم أن يتضمن الحكم إيراد الواقع المادي الذي يكشف عن الأعذار أو العلل التي من أجلها امتنع المحكم عن أداء واجباته ومتابعة السير في الإجراءات التحكيمية وذلك حتى يمكن المحكمة البطلان عند نظر دعوى البطلان مراقبة صحة ومنطقية وشرعية تلك الأعذار أو العلل أو المسوغات والتثبت منها وإدراك حقيقتها من أجل أن ترتب المحكمة الآثار القانونية على ما يثبت لديها من عناصر الواقع، هدية بمبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق والقاعدة تقضي بأن الغش ينافي حسن النية في المعاملات والإجراءات، كما أن المبادئ العامة للقانون لا تجيز أن يتمسك طرف بخطئه أو الأخطاء التي يتضمنها لحرمان الطرف الآخر من حقوقه.. ولا يوجد في النظام القانوني المصري ما يحول دون اتباع ما تقدم والأخذ به من غير نص تشريعي صريح ذلك أن فيما تقدم يستند في متنه إلى فكرة العدالة والمبادئ القانونية الكلية المتقدم ذكرها والتي يلزم القاضي باستهدائها والاجتهاد فيها حسب الاعتبارات الموضوعية العامة ومراعاة للعدالة وحتى لا ينفصل التحكيم الوطني عن مثيله الدولي وما يخضع له من أحكام وحتى يتوثق صلبه بما يحيط به من فکر قانوني محدد مقتضيات الازمة وحتمية لاستقرار المعاملات وحماية مجتمع السوق الدولي".

   والباحث يميل إلى الاتجاه الثاني لأحكام القضاء القائل بصحة أحكام التحكيم الصادرة عن هيئات التحكيم المبتورة، لما فيه من تأكيد لفاعلية القضاء النظام التحكيم إلا أنه يجب مراعاة بعض الاعتبارات بالنظر إلى توقيت التنحي أو الامتناع ومبررات ذلك والأثر المترتب على هذا التنحي في هذا التوقيت .