الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / مدة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / إصدار حكم التحكيم

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    96

التفاصيل طباعة نسخ

ميعاد إصدار حكم التحكيم

 التحكيم يقوم على فكرة من نوع خاص، ترتكن في الأساس إلى الإتفاق، تملك خصائصها الذاتية المميزة، يعترف بها المشرع ويرسم حدودها،وتميز التحكيم بذاتيته،وهو ما يعني أن له تطبيقاته المستقلة عن القضاء, وصياغته الفنية المغايرة, وكذلك قواعده الخاصة التي تفرضها العملية التحكيمية ومقاصدها القائمة على مفاهيم  ليست هي بالضرورة مفاهيم وقواعد المرافعات القضائية وإن تشابهت في كثير من الأحيان الأسماء وإتحد المصطلح .

ومن الأمور التي يتميز بها التحكيم عن القضاء، تحديد ميعاد يجب أن يصدر خلاله حكم التحكيم، ويرتب القانون أثراً على مخالفته يتعلق بالإجراءات وبولاية هيئة التحكيم.

والأصل إعمالاً للمادة ٢٥ من قانون التحكيم أن لطرفي التحكيم الإتفاق علي الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقها في إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها، ويجب علي هيئة التحكيم في جميع الأحوال أن تصدر حكمها خلال هذا الميعاد الذي إتفق عليه الطرفان في إتفاق التحكيم أو الذي تحدده قواعد التحكيم التي أحال إليها الطرفان.

ومن المقرر وفقاً للمادة 1/45 من قانون التحكيمان المشرع أوجب علي هيئة التحكيم أن تصدر حكمها خلال الميعاد الذي إتفق عليه الطرفان، فإن لم يوجد إتفاق وجب أن يصدر حكم التحكيم خلال إثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم.

وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك.

ومفاد ذلك أن المشرع قد نفي عن الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم صفة القاعدة الإجرائية الأمرة ومن ثم تسري عليه القاعدة المقررة بنص المادة 8 من قانون التحكيم، ويتعين علي الخصم التمسك به لأن السكوت عنه مع القدرة علي إبدائه يعد قبول ضمنياً بصحة الإجراء، ويعد عدم الإعتراض على تجاوز مدة التحكيم للمدة المتفق عليها طوال المدة التي إستغرقتها الإجراءات، وحتى صدور الحكم المنهي لمنازعة التحكيم نزولاً عن الحق في الإعتراض طبقاً للمادة الثامنة من قانون التحكيم المشار إليها .

ويبدأ إحتساب المدة التي يتعين أن يصدر حكم التحكيم خلالها من التاريخ الذي يحدده الطرفان، فإن لم يتفقا يبدأ إحتسابه من تاريخ بدء الإجراءات (1/450 من قانون التحكيم) .

بنتقد بعض الفقه، تحديد المشرع تاريخ بدء إجراءات التحكيم من تاريخ تسلم المدعي عليه طلب التحكيم ويرى أن الواقعة التي إختارها المشرع المصري في قانون التحكيم لبدء سريان ميعاد اصدار حكم التحكيم لا تعد هي الأفضل علي الاطلاق، لأنه اذا كان من شأن الواقعة التي كانت تحددها المادة 505 مرافعات "ملغاة" أن تجعل من المحتمل أن تنقضي مدة الشهرين التي كانت تنص عليها قبل أن تبدأ بالفعل اجراءات التحكيم، فان من شأن الواقعة التي يعتمدها المشرع في ظل المادة 1/45 من قانون التحكيم أن تجعل بيد الخصم سيئ النية الذي يتأكد من سوء موقفه في الدعوي سلاحاً من شأنه أن يؤدي بعملية التحكيم الي الفشل، وهو المماطلة وكثرة طلب التأجيل وتفريع المسائل المتنازع 

عليها حتي تنقضي مدة الإثني عشر شهراً قبل إصدار الحكم المنهي لخصومة التحكيم، ويري أن من الأفضل ألا تبدأ المدة التي يجب إصدار حكم التحكيم خلالها إلا من تاريخ بدء المحكمين بالفعل مهمتهم، وأن الأفضل أن في هذا الصدد ما تقرره لائحة تحكيم المؤسسة الأمريكية من أن المدة التي يجب أن يصدر خلالها حكم التحكيم وهي ثلاثون يوماً من تاريخ قفل باب المرافعات الشفوية أو من تاريخ إيداع المذكرات الختامية من الخصوم لدي هيئة التحكيم، فمن هذا التاريخ وحده يمكن القول بأن الفصل في الدعوي يكون متوقفاً على همة هيئة المحكمين وحدهم . 

ومن جانبنا، لا نؤيد ما إنتهي إليه سيادته بشأن أفضلية بدء الإجراءات من التاريخ الذي تبدأ فيه هيئة التحكيم فعلياً القيام بمهمتها، لأنه ولئن كان هذا الرأي يأخذ في الإعتبار سلوك الخصوم بشأن الإجراءات التحكيمية إلا أنه يتعين في تقديرنا ألا يغفل السلوك الواجب علي هيئة التحكيم، فقد تعمد هيئة التحكيم الي تأجيل البدء الفعلي لمهمتها فيؤدي ذلك الي تأخير الفصل في الدعوي ومن ثم عدم الإلتزام بالميعاد الذي حدده الطرفان لإصدار حكم التحكيم، كما أنه يتعين وضع معيار واضح لا يتوقف تحديده علي إرادة أحد أطراف التحكيم ولا يؤدي الي مخالفة إرادة الطرفين معاً بشأن تحديد الميعاد، ونري أن الأفضل في بدء الإجراءات أن يكون من تاريخ تمام تشكيل هيئة التحكيم، بإعتباره التاريخ الذي يكتمل فيه لهيئة التحكيم تكوينها ومنه يبدأ تفعيل سلطتها في الحدود التي إتفق عليها الطرفان ونص القانون علي وجوب مراعاتها وتتعلق بضمانات التقاضي الأساسية. 

وجدير بالذكر أنه إذا أحال الطرفان إلي قواعد التحكيم لدي منظمة أو مركز دائم للتحكيم وكانت تلك القواعد لا تحدد ميعاداً معيناً للتحكيم، ولم يتفقا علي ميعاد معين لإصدار حكم التحكيم، قامت قرينة علي تفويضهما لهيئة التحكيم بتحديد الميعاد الذي تراه مناسباً لإصدار حكم التحكيم، فلا مجال في هذه الحالة لإعمال المادة 45 من قانون التحكيم بشأن تحديد المدة المقررة لإصدار الحكم .

أما إذا كان التحكيم لا يخضع لقواعد أية منظمة أو مركز دائم للتحكيم ولم يتفق الطرفان علي تحديد ميعاد التحكيم، كانت مدة التحكيم إثني عشر شهراً من تاريخ بدء الإجراءات عملاً بحكم المادة 45 من قانون التحكيم.

ويكون للأطراف ولو إتفقوا علي ميعاد معين لصدور حكم التحكيم في مشارطة التحكيم، أن يبرموا إتفاقاً لاحقاً لمد هذا الميعاد، وليس هناك حد أقصي ولا يشترط المشرع لصحة الإتفاق علي مد المدة المقررة لإصدار حكم التحكيم أن يتم أمام هيئة التحكيم، أو أن يكون المد لفترة محددة بزمن معين، ومن ثم فإنه لا يمنع من الإتفاق أمام الخبير المنتدب من هيئة التحكيم علي مد ميعاد التحكيم لحين إنتهاء أعمال الخبير وإصدار حكمها في النزاع.

ونظراً لأن الميعاد المحدد بنص المادة 45 من قانون التحكيم اصدور حكم التحكيم ليس من القواعد الإجرائية الآمرة، ويسقط إذا لم يتم التمسك به مع القدرة علي إبدائه، فيجب التمسك بوقوع المخالفة إبتداء أمام هيئة التحكيم، ويكون لمحكمة البطلان بما لها سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوي، تقدير قيام الموافقة الضمنية من عدمه، متي أقامت قضاءها علي أسباب سائغة تحمله لها أصلها من أوراق الدعوي التحكيمية .

ويجوز لهيئة التحكيم إذا كان ميعاد إصدار حكم التحكيم حدده الطرفان أو نص القانون، متي قدرت ذلك، أن تقرر مد الميعاد إلي المدة التي يمكنها من إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها، بما لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ إنتهاء الميعاد المشار إليه، وهو ما عبرت عنه المادة 1/45 من قانون التحكيم، بالنص علي أنه وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم من الميعاد علي ألا تزيد فترة المد علي ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان علي مدة تزيد عن ذلك".

ولم ينص القانون علي شكل معين للطلب الذي يقدم لرئيس المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع إن لم يكن التحكيم تجارياً دولياً، أو من رئيس محكمة إستئناف القاهرة أو أي محكمة إستئناف أخري يتفق عليها الطرفان إن كان التحكيم تجارياً دوليا .

ويكون ذلك وفقاً لقواعد الأوامر على العرائض عملا بنص المادة (١٩٤) من قانون المرافعات .

وفي تقديرنا، أن إختصاص رئيس المحكمة المختصة المشار إليها إختصاص ولائي نوعي حاجز فلا ينعقد الاختصاص لغيره، ويبطل كل أمر يصدر بالمخالفة لما نصت عليه المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم لمخالفته للقواعد الأساسية التي يقوم عليها التنظيم القانوني للتحكيم كنظام قضائي خاص، ولتعلق هذا الإختصاص الولائي بالنظام العام الذي لا يجوز مخالفته.

وقضت محكمة النقض بتأييد حكم محكمة، إستئناف القاهرة برفض الدفع بعدم دستورية نص المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم ذلك على سند من عدم جدية ذلك الدفع إعمالاً لدور القضاء في الرقابة على إجراءات التحكيم، وعلى ما خلص إليه من أن طرفي النزاع قد إتفقا على إخضاع إجراءات التحكيم بينهم لقواعد اليونسترال المعمول بها في مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والتي سكتت عن النص على ميعاد لإصدار حكم التحكيم تاركة ذلك لإتفاق الأطراف في كل حالة طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة وعدم تحديد مهلة لإصدار حكم فإن لم يتفقوا على تحديد ميعاد ما فإنهم بذلك يكونون قد فوضوا هيئة التحكيم في تحديد الميعاد الذي تراه مناسباً ومن ثم فلا محل لإعمال المادة 45 من قانون التحكيم .

ويفترض اللجوء إلي رئيس المحكمة المختصة بطلب الأمر بتحديد ميعاد إضافي، أن تكون هيئة التحكيم لم تصدر حكمها المنهي للخصومة بعد، وعدم وجود وسيلة أخري لمد هذا الميعاد، ويتحقق ذلك، في حالة إنتهاء الميعاد المحدد للتحكيم، وعدم إتفاق الطرفين على مد الميعاد، أو عندما تستنفد هيئة التحكيم سلطتها المقررة بنص المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم بمد مدة التحكيم بما لا يجاوز ستة أشهر، يستوي في ذلك أن تستعمل هيئة التحكيم تلك السلطة أو لا تستعملها.

وفي تقديرنا، أن نص المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم يعيبة أنه لم يقيد رئيس المحكمة المختصة بمدة معينة تقف عند حدودها سلطته، وهو ما يجعله من وجهة نظرنا، لا يتفق والهدف من التنظيم القانوني للتحكيم كنظام قضائي إتفاقي خاص، يستهدف الفصل في الدعوي التحكيمية في أسرع وقت ممكن، وكان الأولي بالمشرع وعلي وجه الخصوص في الفرض الذي تستنفد فيه هيئة التحكيم سلطتها وتمد التحكيم ستة أشهر أخري، أن يلزم رئيس المحكمة المختصة، بميعاد لا يتجاوز حده، تلتزم به هيئة التحكيم ولا تخلفه، فتصدر حكمها الحاسم للنزاع في كل الطلبات المطروحة عليها فيتحقق به هدف التحكيم وغايته، فليس مقبولاً أن يكون القضاء الذي أوجد له المشرع دوراً في العملية التحكيمية يدور بين المعاونة والرقابة، قاصداً إنجاح التحكيم وتحقيق مرماه، مستهدفاً تقديم الدعم لضمان حسن سير الدعوي التحكيمية، وصولاً .

للفصل في موضوعها، هو ذاته الذي يمكن أن يكون سبباً في عرقلة تحقيق هذا الهدف الذي يرمي إليه، عندما يحدد دون قيد ميعاداً لا يتناسب مع النزاع وما يستوجبه من سرعة الفصل فيه، خاصة أن هذا الإمتداد غالباً ما قد يكون على خلاف رغبة الطرف الآخر في التحكيم، الذي قد يتقدم هو الآخر بطلب لرئيس المحكمة المختصة للأمر بإنهاء إجراءات التحكيم (م٢/٤٥ من قانون التحكيم).

وهو ما نعتقد معه بأهمية التدخل التشريعي من المشرع لمعالجة ذلك القصور الوارد في المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم، والنص على إلزام رئيس المحكمة المختصة في المادة 9 من القانون المشار إليه بحد لا يتجاوزه عند استعمال سلطته في تحديد ميعاد إضافي للتحكيم، حتي تتمكن خلاله هيئة التحكيم من إصدار حكمها المنهي للخصومة.

كما أن الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة، سواء بالرفض بتحديد ميعاد جديد، يقبل التظلم منه عملاً بالقواعد العامة المقررة في التظلم من الأوامر علي العرائض بنص المادة 197 من قانون المرافعات، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي أمام المحكمة المختصة بكامل تشكيلها، خلال عشرة أيام من تاريخ رفض الطلب أو من تاريخ البدء في تنفيذه، وفي جميع أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلاً. وفي تقديرنا أن الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة بتحديد موعد جديد يجب أن ينفذ علي وجه السرعة، فيتم تعجيل السير في الخصومة التحكيمية، ويجب أن يصدر الحكم المنهي للخصومة قبل إنتهائه.

كما أنه يخضع- في تقديرنا- لنص المادة ٢٠٠ من قانون المرافعات بشأن سقوطه إذا لم يقدم للتنفيذ خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره، إلا أنما نصت عليه تلك المادة بشأن جواز عودة من صدر الأمر لصالحه إلي رئيس المحكمة المختصة واستصدار أمر آخر جديد،يجافي الغرض الذي منح رئيس المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع هذه السلطة من أجله.

فيجب أن تستوي الإجراءات مع التنظيم القانوني للتحكيم وطبيعتة الخاصة، التي تستوجب ألا يبقي معلقاً مرهوناً بإرادة من أجيب طلبه أو لإهماله وتقصيره، خاصة وأن الأمر علي العرائض يصدر في غير خصومة وفي غيبة الخصم الآخر. ولذلك، نعتقد إستكمالاً للتعديل المقترح من قبلنا، أن يحدد المشرع مدة زمنية يتعين تنفيذ الأمر الصادر بتحديد ميعاد إضافي للتحكيم خلالها يسقط إذا جاوزها ولا يجوز الرجوع مرة أخري من أي من الطرفين إلي رئيس المحكمة المختصة لإستصدار أمر جديد وتنتهي تبعاً لذلك اجراءات التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.

وينهض الإختصاص الولائي الذي كان محجوباً عن قضاء الدولة كاثرلإنتهاء الإجراءات، فيكون لكل من الطرفين رفع دعواه إلي المحكمة المختصة بالطرق المعتادة لرفع الدعوي المقررة في قانون المرافعات وفقاً لقواعد الاختصاص القيمي والنوعي والولائي المقررة حسب طبيعة النزاع.

ونضيف إلى القصور الذي طال الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون التحكيم، ما نصت عليه العبارة الواردة في عجز تلك الفقرة "..... ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها".

فقد وردت صياغة العبارة عامة وجاء النص خلواً من بيان التاريخ الذي يحق معه لأي من الطرفين اللجوء إلى القضاء برفع دعواه .

حيث يستفاد من صياغتها أن الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة بتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء الإجراءات، لا يحول دون قيام الطرف الثاني أو طالب الأمر نفسه برفع دعواه إلى المحكمة المختصة، لأن كلمة" عندئذ تدل علي أن حق الطرفين ينهض عند صدور الأمر من رئيس المحكمة سواء بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء الاجراءات، وكان يتعين أن ينص المشرع علي أن حق الطرفين في رفع دعواه إلي المحكمة المختصة لا يثبت إلا في الحالة التي يصدر فيها الأمر بإنهاء الاجراءات، أو يسقط فيها الأمر بتحديد ميعاد إضافي، لأنه التاريخ الحقيقي لإنتهاء ولاية هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها.

وقد كانت العديد من التشريعات المقارنة أكثر تحديداً ووضوحاً بشأن تحديد التاريخ الذي يحق منه للطرفين رفع دعواهما للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، فقد اتخذت من صدور الأمر بإنهاء الإجراءات تاريخاً يبدأ منه هذا الحق، ومن هذه التشريعات المادة 37/ب من قانون التحكيم بالمملكة الأردنية الهاشمية رقم 31 لسنة ۲۰۰۱ .

وكذلك المادة رقم ۲۰/۲٣٧ من ظهير شريف رقم 447 لسنة 1974 بالتصديق على قانون المسطرة المدنية بالمملكة المغربية .

والمقرر أنه إذا انقضي ميعاد التحكيم، الأصلي أو الميعاد الجديد الذي إمتد إليه قبل صدور الحكم المنهي للخصومة، تنتهي الإجراءات وتعقد هيئة التحكيم ولايتها على النزاع (م١/٥٣(أ) من قانون التحكيم)،

وفي تقديرنا، يكون حكم التحكيم الصادر عنها  منعدما لصدوره من جهة ليست لها ولاية القضاء، لافتقاده ركناً أساسياً من أركانه  .

وفي تقديرنا أيضاً، أن الفترة الأخيرة من المادة ٢/٤٥ من قانون التحكيم، التي قررت بأنه : "... جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندند رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها".

يستفاد منها إقتصار إنهاء إجراءات التحكيم بالنسبة للمسائل التي كانت مطروحة علي هيئة التحكيم التي تم تحديدها في بيان الدعوي أو في مشارطة التحكيم (م۱۰،۳۰ من قانون التحكيم) بحسب الأحوال. ولا تمتد إلى المساس بإتفاق التحكيم قائماً بين طرفيه بالنسبة للمسائل التي لم تكن مطروحة على هيئة التحكيم في الخصومة التي صدر الأمر بإنهاء إجراءاتها، ويبقي الاختصاص بالفصل فيها للتحكيم دون غيره وتخرج بمقتضي إتفاق التحكيم من ولاية قضاء الدولة.

يؤيد ذلك ما قرره عجز المادة ٢/٤٥ المشار إليها من حق كل من الطرفين في أن يرفع دعواه الي المحكمة المختصة بنظر النزاع، ولو أراد المشرع النتيجة التي يقول بها هذا الرأي وهي سقوط إتفاق التحكيم ذاته لفعل ونص علي ذلك صراحة، أما وإنه لم يفعل ذلك فيجب عدم التوسع في تفسير نص الفقرة الثانية من المادة 45 في هذا الشأن، وتفسيره بما يتفق والطبيعة الخاصة للتحكيم وإحترام إرادة الطرفان، فلا يجوز مع ما تقتضيه العقود من إحترام للإرادة التي أبرمتها أن يفترض تبعاً لإنهاء اجراءات التحكيم، سقوط إتفاق التحكيم في باقي المسائل التي لم تعرض علي التحكيم ليفصل فيها ولم تمكن هيئة التحكيم في حدود ولايتها من بسط سلطتها عليها والفصل فيها وفقاً لهذا الإتفاق.

وتجدر الإشارة إلي أن ما تقدم لا يمنع في تقديرنا - من قيام الطرفان بالإتفاق اللجوء إلي التحكيم بشأن نفس المسائل التي كانت موضوعاً لخصومة التحكيم التي إنتهت إجراءاتها بإتفاق جديد فالأمر مرده لإرادتهما في نهاية المطاف، وذلك يتطلب إجتماع إرادة الطرفان علي هذا الإتفاق، فلا يكفي مجردإبداء أحد الطرفين رغبتة في العودة بهذه المسائل إلي التحكيم مرة أخري.

لأن مفاد نص المادة ٢/٤٥ من القانون أن المشرع قد رتب أثراً علي إنهاء الإجراءات أعطي حقأ لكلا الطرفين أن يرفع دعواه مباشرة أمام المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع دون توقف علي موافقة الطرف الثاني علي قيام الطرف الآخر باللجوء الى القضاء، كما أن هذا الحق المقرر بالنص المشار إليه لا يحول بين الطرفين والعودة إلي التحكيم مرة أخري - بإتفاقهما - بشأن المسائل التي كانت محلاً للخصومة التي إنتهت إجراءاتها بأمر من رئيس المحكمة المختصة(م ٢/٤٥من قانون التحكيم) أو بقرار من هيئة التحكيم التي كانت تنظرها (م1/48 فقرات أ، ب، ج) بحسب الأحوال.