بتاريخ 2009/10/1 أصدر رئيس الغرفة الابتدائية الأولى في بيروت قراراً بالاستناد الى المادة 773 اصول مدنية قضى بتمديد مهلة التحكيم ستة اشهر اضافية في النزاع العالق بين شركة اور أف أم وشركة الغد ش.م.م. وذلك اعتباراً من تاريخ انتهاء مهلة التحكيم الأصلية في 2009/10/8، وابلاغ ذلك ممن يلزم
وفيما يلي تعليق هيئة التحرير على القرار وعلى التعليق:في التحكيم الدولي : في التحكيم الدولي، فإن اجراءات المحاكمة يشارك فيها اطراف من جنسيات مختلفة ومن ثقافات قانونية مختلفة. من هنا فإن مدة التحكيم ليست في التحكيم الدولي كما في التحكيم الداخلي ولكن ذلك لا يعني أن التحكيم له بداية وليست له نهاية او ان المحكمين قادرون على الاستمرار في تمديد مدة التحكيم إلى ما لا نهاية.هناك عدة اتجاهات في تشريعات التحكيم الدولي اتجاه يحدد مهلة لإنهاء التحكيم واتجاه لا يحدد سوى ما يسميه مهلة معقولة حتى لا يحبس التحكيم في اطار مهل ضيقة.
وفي ضوء مهلة التحكيم، فإن المحكمين يضعون للاطراف مهلاً لتبادل اللوائح، ويحددون موعداً لجلسات سماع الشهود والمرافعة. ففي حين يحدد نظام غرفة التجارة الدولية مهلة لأنهاء التحكيم تاركاً للمحكمة العليا الدائمة في الغرفة الحق في تمديد هذه المهلة اذا وجدت ذلك لازماً، فإن قواعد تحكيم الأونسيترال لم تحدد اية مهلة للتحكيم، ولكنها حددت في المادة 23 مهلة أقصاها 45 يوماً لتقديم البيانات المكتوبة واعطت المحكمة التحكيمية حق تمديد هذه المهلة "اذا رأت مبرراً لذلك وقد تبنى هذا الخط نظام الهيئة الأميركية للتحكيم. قواعد تحكيم اليونسترال وان لم تحدد مدة للتحكيم الدولي، الا انها تعرضت لها وحددت مددالبيانات المكتوبة فنصت على انه يجب الا تتجاوز المدد التي تحددها هيئة التحكيم لتقديم البيانات
المكتوبة (بما في ذلك بيان الدعوى وبيان (الدفاع خمسة واربعين يوماً. ومع ذلك يجوز لهيئةالتحكيم من المدة اذا رأت مبرراً لذلك.
والذي يلفت النظر أن قواعد اليونسترال تركت للمحكمين سلطة تمديد مهلة تبادل اللوائح وهي اذا لم تحدد للتحكيم مدة فإنها أوجدت مؤشراً مرناً من خلال مدة تبادل اللوائح، بحيث اعطت وقتاً لتبادل اللوائح يمكن من خلاله تقدير مدة كامل اجراءات التحكيم بمرونة واذا طال التحكيم غير المحدد بمدة صارمة، الا انه يمكن الاستنتاج ان المحكمين هم الذين يملكون تحديد المدة. في نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، مدة صدور الحكم هي ستة اشهر ولكن محكمة التحكيم الدولي الدائمة في غرفة التجارة الدولية هي التي تقرر تمديد المهلة اذا وجدت سبباً لذلك واذا وجدت المحكمة الدائمة أن المحكم يهمل اصدار الحكم خلال المهلة فبإمكانها استبداله القانون الألماني لم يحدد مدة التحكيم ولكن اذا ماطل المحكم في اصدار حكمه بشكل غيرمبرر، يمكن أن يعزل.محكمة النقض الفرنسية قضت بابطال حكم صادر عن محكمة الاستئناف في باريس كان قد اعتبر أن المحكمين لا يملكون سلطة استنسابية في تمديد مدة التحكيم الذي ينظرون به... وان هذا المبدأ عائد لطبيعة المركز التحكيمي الذي يطبق على كل تحكيم داخلي أو دولي. ومحكمة الاستئناف تكون قد كرست مبدأ ان للتحكيم بداية ونهاية، وانه مرتبط بفترة زمنية. والبداية تكون بايلاء المحكم ولاية قضائية عند تعيينه وقبوله لمهمته التي لها بداية ولكن لهابالتأكيد نهاية.
ومدة التحكيم ليست اجراء عادياً من اجراءات المحاكمة لأنه الاطار الزمني الذي تدور فيه
كل اجراءات المحاكمة التحكيمية وتدابير التحقيق وكذلك قرارات التحكيم. وبعد انتهاء مهلة التحكيم ينقضي التحكيم. والمهلة، كما يمكن أن تكون محددة في نظام تحكيمي فإنها تكون أيضاً تعاقدية محددة لتقديم الدعوى تحت طائلة السقوط ومهلة تعاقدية اخرى لإنهاء المحاكمة واصدار الحكم التحكيمي الذي اذا صدر بعدها يصبح فاقداً لأي اثر قانوني.
المهل التعاقدية يجب التدقيق بها في ضوء القانون المطبق وستعطي على ذلك مثالين، الأول مأخوذ من نموذج عقد شحن بحري والآخر مأخوذ من نموذج عقد اشغال هندسية مدنية. فكثير من عقود الشحن البحري تتضمن شرطاً يلحظ أن كل النزاعات تحال إلى التحكيم وان كل طلب يجب صياغته كتابة ويسمي المدعي محكمه في مهلة الاشهر الثلاثة اللاحقة للتفريغ النهائي. فإذا لم يجر التقيد بهذا النص اعتبر الطلب مسحوباً وقد من عليه الزمن المسقط. وبالتالي يجب القيام باجرائين في المهلة المحددة في هذا الشرط الأول. تقديم طلب خطي والثاني تسمية محكم. وقد اعتبرت المحاكم الانكليزية انه يكفي الاخلال بواحد من الاجرائين لسقوط الحق بالمراجعة. في حين أن محاكم دول أخرى اعتبرت المهلة قصيرة جدا، ومخالفة للنظام العام والمثال الثاني في شروط عقد الفيديك (FIDIC) التي اصبح دارجاً استعمالها في المشاريع الدولية للهندسة المدنية، بما فيها تلك التي يمولها البنك الدولي. وبموجب المادة 67 من شروط الفيديك فإنه:اذا نشب بين صاحب العمل او المهندس وبين المقاول أي نزاع او خلاف اياً كان نوعه فيما يتعلق بالعقد أو تنفيذ الاعمال (سواء أكان ذلك اثناء سير العمل أو بعد انجاز الأعمال أو كان قبل او بعد انهاء العقد أو التخلي عنه أو الإخلال به فإنه يجب احالته بالدرجة الأولى إلى المهندس لكي يفصل فيه، وعلى المهندس بناء على تكليف أي من الفريقين له، بعد مرور يوماً على هذا التكليف، أن يخطر صاحب العمل والمقاول كتابة بقراره 90ويكون قرار المهندس في أي نزاع يحال اليه عدا الاحوال المنصوص عليها فيما يلي نهائياً وملزماً لصاحب العمل والمقاول حتى اتمام الأعمال، وعلى المقاول ان ينفذ القرار ويستمر في الاعمال بما ينبغي. من جهة سواء طلب هو او صاحب العمل التحكيم كما سيرد فيما بعد أو لم يطلب. واذا قام المهندس بابلاغ قراره كتابة الى صاحب العمل والمقاول ولم يتقدم له اي من الطرفين بطلب التحكيم خلال 90 يوماً من تسلمهما لقراره، فيبقى القرار ملزماً ونهائياً لصاحب العمل والمقاول، واذا لم يبلغ المهندس قراره كتابة خلال 90 يوماً من تكليفه بذلك كما سبقت الاشارة، أو إذا كان صاحب العمل او المقاول غير راض عن القرار فإن لأي منهما خلال 90 يوماً من تسلم القرار، أو خلال 90 يوماً من انقضاء مدة التسعين يوماً المذكورة في الحالة الأولى (كيفما كانت الحالة ان يطلب احالة المسألة او المسائل محل الخلاف إلى التحكيم. وكل الخلاف أو نزاع صدر فيه قرار من المهندس، ما لم يكتسب صفة القطعية، ينبغي أن يفصل فيه نهائياً وطبقاً لقواعد الصلح والتحكيم الموضوعة، بمعرفة غرفة التجارة الدولية بباريس، أمام محكم أو أكثر من المحكمين المعينين بموجب هذه القواعد ويكون للمحكم او للمحكمين المعينين كامل السلطة في أن يناقشوا ويراجعوا ويعدلوا اي قرار او رأي او توجيه او شهادة أو تقييم صدر عن المهندس ولا يقتصر أي من الطرفين أمام المحكم او المحكمين على الادلة أو البيانات التي سبق تقديمها للمهندس عند اتخاذه لقراره هذا ولا يمنع أي قرار اتخذه المهندس من استدعائه للشهادة. امام المحكم او المحكمين حول اية مسألة ايا كانت متعلقة بالنزاع أو الخلاف المحال اليهم للفصل به ولا يجوز للمحكم أو المحكمين نظر الخلاف الا بعد اتمام الاعمال او الادلاء باتمامها، دون موافقة كتابية بذلك من صاحب العمل والمقاول - ويراعى دائماً: -1- جواز اجراء هذه الاحالة الى التحكيم قبل اتمام الاعمال او الادلاء باتمامها في حالة امتناع المهندس عن تأدية اية شهادة أو حجة لأي جزء من المبالغ المحتجزة التي يطالب بها المقاول طبقاً لنص المادة 60 أو بمقتضى ما للمهندس من صلاحية في اصدار شهادة بموجب المادة .63 2 الا يكون اعطاء شهادة انجاز الاعمال بموجب المادة 48 شرطاً مسبقاً لاجراء هذه الاحالة. -3 والملاحظ أن مهلة الـ 90 يوماً المعطاة للمهندس، اذا لم يصدر قراره خلالها يعتبر قرار رد ضمني بالرفض ولكن اذ ذلك تبدأ مهلة جديدة هي 90 يوماً للطرف غير الراضي عن قرار
المهندس طلب احالة المسألة محل الخلاف الى التحكيم تحت طائلة ان يصبح القرار قطعياً. ولكن السؤال المطروح هو هل ان اقفال باب التحكيم لانقضاء مهلته يعتبر القالا لباب القضاء ايضاً أن الجواب بالتأكيد لا يمكن الا ان يكون نسبياً أي بإختلاف اجوبة القوانين المطبقة.
في القانون الانكليزي، أن عدم التقيد بالمهلة التعاقدية من شأنه اقفال باب التحكيم وباب القضاء معاً. في دعوى تحكيمية عرضت امام تحكيم غرفة التجارة الدولية ادلى احد الطرفين بأن هذه المدة التعاقدية مخالفة للنظام العام، حسب القانون المطبق، لأن نتيجتها الحد من حق الطرفين في مراجعة المحكمين لتمديد المهلة وكذلك تسد باب القضاء امامه وقد صدر حكم تحكيمي بهذا الصدد، يفرق بين حق مراجعة التحكيم وحق مراجعة القضاء، واعتبر الحكم أن هذه المدة غير مخالفة للنظام العام حسب القانون المطبق في هذه الدعوى لأنها اذا كانت تفرض مهلاً المراجعة التحكيم تحت طائلة فقدان هذا الحق، الا ان باب مراجعة القضاء يبقى مفتوحاً، وإذا كانت المدة تحول دون الاستحصال على تعويض بواسطة التحكيم فإنها لا تمنع طرق باب القضاء اذ ذاك بطلب التعويض.
في فرنسا، اطراف النزاع احرار في رسم كل اجراءات المحاكمة التحكيمية وتحديد المدة، فإن أحجموا فإن السلطة تنتقل الى المحكمين، ولا سيما في موضوع المدة، ضمن اطار المعقول ويبقى رئيس محكمة بداية باريس مرجعاً لبت المدة المعقولة أو غير المعقولة للتحكيم الدولي، هذا طبعاً إذا خلا العقد التحكيمي من تحديد مدة التحكيم، اما اذا حدد مدة التحكيم فإن الحكم التحكيمي يجب ان يصدر قبل انتهاء هذه المدة تحت طائلة بطلائه.اعتبر الاجتهاد الفرنسي في حكم اصدرته محكمة النقض الفرنسية في 2001/10/18 ان الحكم التحكيمي يقبل الابطال اذا صدر بعد انتهاء مهلة التحكيم وان المهلة التي يجب أن يصدر المحكمون حكمهم خلالها تمدد باتفاق الطرفين او بقرار من القضاء، ويمكن أن يتم تمديد المهلة ضمناً ولكن يجب أن يكون هذا التمديد الضمني بنتيجة عمل قانوني يعبر بوضوح عن نية 1 الطرفين في التمديد .وفي دعوى أخرى اعتبر الاجتهاد الفرنسي في قرار أصدرته محكمة النقض الفرنسية، في2001/10/18 ان المرجع الصالح لتمديد مهلة التحكيم هو قضاء المساندة وان قراره المتعلق بمهلة التحكيم غير قابل للمراجعة الا في حال تجاوز حد السلطة وحينئذ تحصل المراجعةبموضوع الاختصاص، وفي كل الاحوال فإن طلب التمديد يجب أن يقدم قبل انتهاء مهلةالتحكيم.وفي حكم حديث قضت محكمة استئناف باريس بأنه اذا لم يكن اتفاق التحكيم يحدد مدة معينة، تستمر مهمة المحكمين لستة اشهر فقط اعتباراً من اليوم الذي قبل فيه آخر محكم لمهمته. يمكن تمديد المدة القانونية اما باتفاق الطرفين أو عن طريق القضاء وذلك بناء على طلب احدالطرفين أو على طلب الهيئة التحكيمية. تكون الهيئة التحكيمية قد تشكلت في التاريخ الذي يكون فيه جميع المحكمين قد قبلوا مهمتهم ولا يهم كثيراً ما اذا كانت وثيقة المهمة قد حررت أم لا، فهذه الوثيقة قد لا تؤدي الى ارجاء آثار قبول كل المحكمين لمهمتهم بل فقط عند الاقتضاء، الى تأجيل بدء سريان المدة اتفاقياً.
كذلك، فإن مشاركة احد الطرفين في اجتماع وتقديم مذكرة يكرر من خلالها الاعتراضات المتعلقة باختصاص الهيئة التحكيمية وبصحة تشكيلها لا تعني انها رضاء غير مبهم على تمديد مدة التحكيم، كما أنه لا يمكن الاستنتاج من السلوك الاجرائي اللاحق لهذا الطرف المتسم بالاعتراض الدائم على تشكيل الهيئة التحكيمية وبرفض الاشتراك في الاجراءات التحكيمية قبولا ضمنياً للتمديد، ونظراً الى أن الهيئة التحكيمية أصدرت حكمها بناء على اتفاق منتهي المدة، وجب ابطال حكم التحكيم ...إن أغلب قوانين الدول اذا لم تكن كلها تفرض مهلاً لتقديم دعوى امام المحاكم سواء كانت المراجعة امام التحكيم ام امام القضاء والفكرة من وراء ذلك أن هناك مصلحة في ان تكون هناك نهاية للنزاع. ففيما المهل التعاقدية قصيرة، وتعد بالاشهر، فإن المهل القضائية هي اطول وتعد بالسنوات، وليس في الأمر اية مشكلة، صحيح أن المدعي يجب أن يكون له متسع كاف من الوقت ليعد ويقدم مراجعته وطلباته، ولكن الوضع يتعقد حين يصبح الأمر أمر تنازع القوانين التي تحدد مهلاً مختلفة. فيمكن أن يحدد قانون مهلة المراجعة في الدعاوى العائدة للعقود بثلاث سنوات، بينما نجد ان نظاماً قانونياً آخر قد حددها بخمس سنوات، والأهم أن بعض القوانين تعتبر المهل، مسألة اجراءات وبالتالي هي عائدة لقانون مكان التحكيم، بينما تعتبرها قوانين اخرى مسألة تتعلق بالاساس مرتبطة بالقانون المطبق على أساس النزاع. أي بقانون العقد.في التحكيم الداخلي، العقد التحكيمي هو الذي يحدد المدة التي يجب أن يصدر المحكمون حكمهم قبل انتهائها وإذا خلا العقد التحكيمي من تحديد المدة فان القانون هو الذي يتولى ذلك. وبالعودة الى القرار رقم 80/23 الصادر عن رئيس الغرفة الابتدائية القاضي فادي الياس بتاريخ 2009/10/1 فإنه بما تضمنه من تعليل يستوجب ملاحظة ما يلي:حول الخصومة التحكيميةورد في القرار المذكور العبارة التالية: انه يتعين لجواز اجابة طلب تمديد مهلة التحكيم قضاء، تقديم الطلب المذكور اثناء مهلة التحكيم القانونية او المتفق عليها، أي قبل انقضاء الخصومة التحكيمية بفعل انقضاء مدتها، إذ لا يكون رفع الطلب جائزاً فيما لو حصل بعد القضاء المهلة الأصلية. ان المادة 2/773 أ.م.م. قد اعطت رئيس الغرفة الابتدائية سلطة اتخاذ القرار بتمديد مهلة التحكيم الاتفاقية او القانونية بناء على طلب أحد الفريقين أو الهيئة التحكيمية، وتعتبر سلطة رئيس الغرفة الابتدائية المرفوع اليه الطلب عملا بالمادة 1/774.أ.م.م. محصورة فقط بالفصل في تمديد مهلة التحكيم. فلا يكون رفع الطلب جائزاً فيما لو حصل بعد انقضاء المهلة الاصلية، ويعود الاختصاص الى محاكم الدولة ما لم يوجد بند تحكيمي ينص على الابقاء على التحكيم رغم انتهاء المدة او اذا كان يحيل على نظام تحكيمي لا يحدد مهلة، مثل نظام اليونسترال، اذ يكون من شأن هذا البند استبعاد اختصاص محاكم الدولة واستمرار الالتزام باللجوء الى المحكمين للفصل في النزاع، مما يتيح للطرفين الابقاء على رابطة الخصومة وان يستعيدا سير المحاكمة التحكيمية بالاتفاق على تولية المحكمين السابقين متابعة الاجراءات أو تعيين محكمين جدد لهذه الغاية وفقاً المضمون البند التحكيمي.
يقتضي التوضيح أنه اذا انقضت مهلة التحكيم دون الفصل في النزاع، ولم يكن البند التحكيمي يبقي على التحكيم رغم انقضاء مهلة التحكيم، فيكون من شأن انقضائها انتهاء المحاكمة التحكيمية وبالتالي انقضاء الخصومة التحكيمية التي نشأت المحاكمة تبعاً لها، وفقاً لنص المادة 3/781 أ.م.م. وهذا يفضي بنا الى تعريف المحاكمة وطبيعتها وفقاً لنص المادة 3/781 أ.م.م. تنشأ المحاكمة أو الخصومة القضائية (instance) بتقديم المدعي استحضاراً إلى القضاء يطلب فيه الحكم في مواجهة المدعى عليه بثبوت حق له او بتقرير وضع قانوني معين أو ببطلان او سقوط او انعدام حق او وضع قانوني ما لسبب من الأسباب المعينة في القانون. وتشتمل المحاكمة على اجراءات عديدة يتولى الخصوم وكذلك القاضي القيام بها توصلاً إلى بت موضوع النزاع، وهي تبدأ بتقديم الاستحضار وتنتهي باصدار الحكم في الدعوى أو بالتنازل عنها، ويتخلل ذلك تقديم اللوائح من طرفي الخصومة تأييداً للمطالب او الدفوع وابراز الادلة ولجوء القاضي عند الحاجة الى وسائل التحقيق كالاستجواب واستماع الشهود والمعاينة الفنية والانتقال إلى مكان النزاع وسوى ذلك من الوسائل التي تمهد الى حل النزاع واصدار الحكم في الدعوى.يراجع ادوار عيد، موسوعة اصول المحاكمات الجزء الثالث، نظرية المحاكمة، صفحة 5وما يليها. تقتضي الاشارة الى ما ورد في نص المادة 514.أ.م.م. الذي جاء فيه: يترتب على الحكم بسقوط المحاكمة سقوط جميع اجراءاتها بما في ذلك الاستحضار وسقوط الاحكام الصادرة فيها باجراءات الاثبات......يتضح من هذا النص ان الحكم بسقوط المحاكمة يستتبع بطلان الاستحضار واللوائح وجميع الاجراءات التي اتخذت في المحاكمة بحيث يكون الخصوم بعد سقوط المحاكمة في الوضع الذي كانوا سيوجدون فيه لو لم ترفع الدعوى اصلاً، أي تكون الخصومة التي نشأت عنها هذه الدعوى قد انقضت اذ يترتب على سقوط المحاكمة بطلان جميع الاجراءات التي تمت فيها دون الحق الموضوعي، ولا بالتالي حق الدعوى المقرر لحماية الحق الموضوعي والمتميز عن المحاكمة نفسها التي بوشرت كعمل اجرائي أو مطالبة قضائية، والذي يتيح للمدعي الذي سقطت دعواه أن يرفع دعوى جديدة بالاستناد إلى نفس الحق طالما ان مهلة رفعها لا تزال ممتدة والحق المبنية عليه لم يتقادم و طبيعي أن قوات المواعيد بالنسبة للتحكيم لا أثر له في موضوع سقوط الحق بقوات للمواعيد المقررة له لأن القواعد المقررة قانوناً لذلك هي من متعلقات النظام العام". يراجع بهذا الشأن:
Enc. Dalloz, Proc. Civ., V" péremption d'instance, no. 223. من خلال ما تقدم يتبين أن رابطة الخصومة بين الطرفين تنشأ عند تقدم المدعي بالاستحضار ومن ثم قيام المدعى عليه بتقديم لائحة جوابية بعد تبليغه هذا الاستحضار مبدياً فيها دفاعه في الموضوع أو دفعا بعدم القبول .... ومنذ ابداء هذا الدفاع تنعقد الخصومة اذ يكون الطرفان قد ابديا رغبة مشتركة في عرض موضوع الحق المختلف عليه على تقدير المحكمة بحيث أن انعقاد الخصومة يكون هو أحد اجراءات المحاكمة، وان هذه القاعدة تنسحب على كل خصومة تنشأ سواء أكانت خصومة قضائية امام محاكم الدولة ام خصومة تحكيمية (امام محكم بالاستناد إلى اتفاقية تحكيم عقد تحكيم أو بند تحكيمي طالما أن اجراءات التحكيم تبدأ بطلب التحكيم وطلب التحكيم هو العمل الاجرائي الأول الذي تفتتح به خصومة التحكيم . تأسيساً على كل ما تقدم بيانه، وطالما ان انعقاد الخصومة التحكيمية هو أحد اجراءات المحاكمة التحكيمية، فإن سقوط المحاكمة التحكيمية بانقضاء مهلتها يكون مفضياً إلى انقضاء الخصومة التحكيمية والمادة 3/781...م.م. نصت صراحة على ذلك، ويكون بالتالي ما توصل اليه قرار رئيس الغرفة الابتدائية لهذه الناحية واقعاً في موقعه القانوني الصحيح ومستنداً إلى المبادئ القانونية العامة للمحاكمة وبالتالي جديراً بالتأييد حول مدة تمديد مهلة التحكيم
نصت المادة 773/.م.م. على أنه يجوز تمديد المهلة الاتفاقية او القانونية إما باتفاق الخصوم وإما بقرار من رئيس المحكمة يصدر بناءً على طلب احد الخصوم أو الهيئة التحكيمية". يستفاد من النص المذكور أن تمديد مهلة التحكيم لا يجوز ان يتم بقرار المحكمين انفسهم ما لم يفوضهم الاطراف بذلك وفقاً لمشيئتهم، بعد أن حدد الجهة الصالحة لاجراء هذا التمديد (الفرقاءأو رئيس الغرفة الابتدائية).
اذا لم يتضمن اتفاق الطرفين مدة معينة لتمديد مهلة التحكيم، فلا يجوز اعتبار هذا التمديد حاصلاً لمدة غير محدودة، بل يكون التمديد عندئذ للمدة القانونية اي لستة أشهر من تاريخ حصوله قياساً على المهلة الاصلية التي تحدد للتحكيم في مثل هذه الحالة طبقاً لنص المادة 1/773 أصول مدنية، وهذا ما اجمع عليه الفقه والاجتهاد.يراجع
Emile Tyan, Le droit de l'arbitrage, p. 260 et suiv. ادوار عيد، موسوعة اصول المحاكمات، جزء 10، ص 356 وما يليها. محكمة استئناف بيروت المدنية، الغرفة الأولى، 1985/12/19، مجموعة حاتم 187،صفحة 187 وما يليها وقرارها 1973/10/31 حاتم 166 ص 537 من خلال ما تقدم يتبين ان القرار المذكور قد اعتمد في تمديده مهلة التحكيم ما قد استقر عليه الفقه والاجتهاد بالنسبة الى هذه المسألة وجاء متوافقاً مع ما هو مطبق في هذا المجال، مما يقتضي تأييد الوجهة التي انتهى اليها لهذه الناحية ايضاً.