يقصد بميعاد إصدار حكم التحكيم المهلة المحدّدة لإصداره وبانتهائها خصومة التحكيم، وتمثل هذه المهلة القيد الزمني على سلطة المحكم للفصل في النزاع محل التحكيم بحيث تنقضي هذه السلطة وتزول بانتهاء تلك المهلة أو بصدور حكم التحكيم المنهي للنزاع أيهما أقرب. ويعتبر تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم المذكور من المزايا الجوهرية لنظام يؤدي إلى سرعة الفصل في النزاع ويجتنب مساوئ بطء التقاضي أمام جهات القضاء، كما أنه يضمن عدم إطالة أمد الخصومة أمام التحكيم التحكيم إلى أجل غير مسمى بحيث يمنع مخاطر إنكار العدالة Denier la هنا فقد حظرت محكمة النقض الفرنسية على المحكمين مد المهلة التي اتفق عليها الطرفان لإصدار الحكم من اعتباراً بأن تلقاء أنفسهم أهلية مد تلك المهلة مقصورة على أطراف التحكيم أو سلطة خارجة عنهم، وقالت في ذلك ان قيام المحكمين بمد مهلة التحكيم من تلقاء أنفسهم Justice. ومن يخالف النظامين العام الداخلي والدولي معاً، ويتناقض مع الطبيعة الإتفاقية أو الاختيارية للتحكيم .
والأصل أن يقوم أطراف التحكيم بتحديد المهلة التي يجب على المحكمين إصدار حكمهم خلالها، بيد أنه قد يحدث ألا يحدد هؤلاء الأطراف تلك المهلة تاركين أمر تحديدها إلى آلية معينة يختارونها إما مباشرة أو بالإحالة إلى قانون إجرائي معين أو إحدى لوائح التحكيم، فقد يختارون قانوناً إجرائياً يتضمن تحديداً لمهلة إصدار حكم التحكيم أو النص على السلطة المختصة بتحديدها. فالإحالة إلى قانون التحكيم المصري مثلاً تجعل تلك المهلة أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي نفس الوقت يجيز لهيئة التحكيم مد الميعاد المذكور على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الأطراف على مدة أطول (المادة ١/٤٥)، واختيار قانون المرافعات الفرنسي الجديد يجعل مهمة المحكمين (في التحكيم الداخلي) بانقضاء ستة أشهر من تاريخ قبول آخرهم لمهمته مع جواز مد هذه الفترة باتفاق الطرفين أو الجهة القضائية المشار إليها في المادة (١٤٥٦) من القانون المذكور.
وقد يختار أطراف التحكيم الإحالة إلى إحدى لوائح التحكيم réglement d'arbitrage كآلية لتحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم، وفي هذه الحالة فإنهم يلتزمون بالقاعدة التي تنص عليها تلك اللائحة بشأن الميعاد المذكور كما لو كانت ناتجة عن اتفاقهم مباشرة، وتعتبر لائحة التحكيم المحال إليها بمثابة القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم في هذا الخصوص.
وتجدر الإشارة إلى أن اللوائح المعمول بها في مراكز التحكيم الدولية حكماً واحداً بشأن طريقة تنظيم مسألة المهلة أو الميعاد المختلفة لا تتبع الذي يجب إصدار حكم التحكيم خلاله، فالمادة ١٤ لائحة غرفة التجارة من الدولية (ICC) تحدد مهلة إصدار الحكم بستة أشهر، بيد أنها في نفس الوقت لمحكمة تلك الغرفة The Court مد تلك المهلة بناء على طلب مسبب من هيئة التحكيم أو من تلقاء نفسها إن رأت ضرورة لذلك. وهناك النص على مهلة معينة لإصدار حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بشأنها، وتركت أمر تحديد تلك المهلة لتقدير هيئة سكتت تماماً عن التحكيم بحيث تقوم بتحديدها في كل قضية طبقاً لظروفها وملابساتها مثلاً لائحة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA) ولائحة الجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA)، هذه اللوائح الخاصة، ومن ولائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA).
وتجدر الإشارة إلى أن قواعد تحكيم اليونسترال قد سكتت عن ١٢٢/٤ق تحكيم جلسة ۲۰۰٦/٤/٢٦ وانظر كذلك قضاء الدائرة المذكورة في القضية بعض الأحيان تدق التفرقة بين ما هو متعلق بشكل حكم تحديد أي مهلة لإصدار حكم التحكيم تاركة هذا الأمر لتقدير هيئة التحكيم في كل قضية تحكيمية على استقلال وذلك طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة. هنا فإن إحالة الأطراف على قواعد التحكيم المذكورة و من دون الاتفاق على ميعاد محدد لإصدار حكم التحكيم مفاده تفويض هيئة التحكيم في تحديد المهلة التي تراها مناسبة، وعدم تطبيق حكم المادة (٤٥) من قانون التحكيم سالفة الإشارة. وقد أخذت محكمة استئناف القاهرة بهذا النظر وأيدتها في ذلك محكمة النقض المصرية.
وتختلف قوانين التحكيم الحديثة فيما بينها بشأن طريقة تنظيم مهلة إصدار الحكم في حالة عدم وجود إتفاق بين الأطراف بخصوصها، فمن تلك القوانين ما ينص على ميعاد محدد الإصدار حكم التحكيم دون تمييز في ذلك بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي مثال ذلك القانون المصري والسوري والأردني والسعودي والكويتي والعماني والقطري والعراقي والليبي والمغربي ودولة الإمارات العربية المتحدة، والقانون الهندي والبلجيكي والسويدي – وتوجد قوانين أخرى تنص على مهلة لإصدار حكم التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي مثل القانون الفرنسي والبحريني والتونسي واللبناني – في حين سكتت بعض القوانين تماماً عن النص على مهلة لإصدار حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بشأنها كما هو الحال بالنسبة إلى القانون اليمني وقانون المرافعات النمساوي المعدّل سنة ٢٠٠٦. وأخيراً فإن هناك تشريعات نصت صراحة على أن يترك أمر تحديد المهلة المناسبة لإصدار الحكم لهيئة التحكيم مثال ذلك قانون المرافعات الهولندي.
وطبقاً لقانون التحكيم المصري فإن تحديد مهلة إصدار حكم التحكيم متروك بحسب الأصل لإتفاق الأطراف – ولذلك فقد جرت المادة (٤٥) على أنه (١- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب الحكم خلال أثني عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم. وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك. ٢- وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون أن يُصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها). وغني عن البيان أن القاعدة التي تتضمنها هذه المادة مقررة أو مكملة وليست ،آمرة ذلك أن حكمها لا ينطبق إلا إذا لم يتفق الطرفان على تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم المنهي للخصومة كلها (؟) ومن هنا فإن انتهاء المهلة المنصوص عليها في المادة (٤٥) المذكورة لا يؤدي بذاته إلى إنهاء إجراءات التحكيم ما لم يصدر رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (٩) قراراً بذلك، وبصدور مثل هذا القرار يكون لأي من الطرفين رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها). ومن هنا فإن استمرار الخصوم في متابعة إجراءات التحكيم والمشاركة في جلساته بعد إنتهاء المدة المتفق عليها لإصدار حكم التحكيم دون إعتراض على تجاوز يعتبر نزولاً ضمنياً عن الحق في الاعتراض أو التمسك بانتهاء مدة التحكيم .