. ففي تحكيم الحالات الخاصة يكون للتحكيم التجارى الدولي طابعا إراديا بحثا بحيث يكون للطرفين ملء الحرية فى تحديد مدة التحكيم وفى إطالتها إذا لزم الأمر، ويلتزم المحكمون باصدار الحكم المنهى لخصومة خلال هذه المدة، فإذا أصدر المحكمون هذا الحكم بعد انقضاء هذه المدة جاز للمحكوم ضده الدفع ببطلانه، حيث يكون الحكم قد صدر على خلاف إرادة الطرفين، وحيننذ لن يحظى هذا الحكم بالإعتراف الدولي من قبل الدولة التي يطلب إليها تنفيذه فيها، كما لا يجوز للمحكمة المختصة في هذه الدولة الأمر بتنفيذه. وتطبيقا لذلك نص بروتوكول جنيف لعام ۱۹۲۳ بشأن شروط التحكيم على أن الدول الأطراف لا تكفل تنفيذ أحكام التحكيم على أن الدول الأطراف لا تكفل تنفيذ أحكام التحكيم التجارى الدولي إلا إذا قدم طالب التنفيذ الدليل على أن إجراءات التحكيم بما فيها تشكيل المحكمة التحكيم، قد تمت طبقا لإرادة الطرفين وقانون الدولة التي جرى التحكيم على اقليمها " كما تقرر نفس الشرط فى المادة الأولي (فقرة ج) من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، وكذلك في المادة فقرة (د) من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بشان الاعتراف باحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها .
ويؤدي صدور الحكم التحكيمى من محكمة تحكيم انفرط عقدها أثر انتهاء ولاية المحكمين بانقضاء مدة التحكيم التى يلتزمون باصدار الحكم خلالها إلى بطلان هذا الحكم، لأنه يكون قد صدر بالمخالفة لاتفاق الطرفين على هذه المدة المدة الاتفاقية) أو بالمخالفة لنص القانون الذي يفرضها عند عدم وجود هذا الاتفاق (المدة القانونية لذا تقرر هذا البطلان بنص المادة 9 (فقرة د) من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولي لعام ١٩٦١، حيث قالت أن حكم التحكيم يبطل " إذا لم يكن تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءات لتحكيم مطابقا لا تفاق الطرفين أو إذا لم يكن مطابقا لأحكام هذه الاتفاقية عند عدم وجود ذلك الاتفاق بل وأحيانا ما يتقرر هذا البطلان في أنظمة مؤسسات التحكيم الدائمة، مثل مركز تسوية منازعات الإستثمار المنشأ باتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦، حيث نصت المادة ٢ منها على أنه "يجوز لكل طرف أن يقدم طلبا مكتوباً إلى السكرتارية العامة لابطال حكم التحكيم لأحد الأسباب الآتية (أ) العيب الذى يلحق بتشكيل محكمة التحكيم (ب) أو تجاوز هذه المحكمة لسطلتها (د) أو عدم مراعاتها لقاعدة جوهريه متعلقه بالأجراءات ولاشك في أن اصدار حكم التحكيم بعد انقضاء مدة التحكيم يكون معيباً بكل هذه المعيوب الثلاثه بما يستتبع الحكم ببطلانه.
وكما يجوز للطرفين في تحكيم الحالات الخاصة الدولية، الاتفاق على مدة التحكيم ابتداء فانه يجوز لهما اطالة هذه المدة باراردتهما المشتركة، كما أن هذا النوع من التحكيم يسمح للطرفين باختيار القانون الواجب التطبيق على الأجراءات، وبالتالي تسرى القواعد المقررة في هذا القانون على وقف خصومة التحكيم وانقطاعها للأسباب المبينة فيه بما يستتبع وقف مدة التحكيم سواء كانت اتفاقية أو قانونية إلى حين زوال سبب الوقف أو الانقطاع.
كذلك لا يتمتع الطرفان بحرية اطالة مدة التحكيم، إذ احتفظت هيئة التحكيم في الهيئة بسلطة تقرير اطالة المدة، وذلك بما نصت عليه المادة ۲/۸ من أن للهيئة بصفة استثنائية ، وبناء على طلب سبب من المحكم أو من تلقاء نفسها إذا اقتضى الأمر ذلك أن تمد هذه المهلة (مهلة الستة أشهر) إذا قررت وجود ضرورة لذلك . ويفيد هذا النص تشدد نظام الغرفة في اطالة مهلة التحكيم، إذ اشترط لذلك وجود ضرورة تبرر الاطالة كما جعل لقرار الهيئة باطالة المهلة طابعاً استثنائياً ، ولم يجز لأى من الطرفين طلب الاطالة وقصر ذلك على المحكم.
- مدة التحكيم في القواعد الموحدة للتحكيم التجاري الدولي :
تحرص الجهات الواضعه لهذه القواعد علي أن تحظي هذه الأخيرة بقبول واسع من جانب الخصوم حتي يمكن التوصل إلى توحيد قواعد التحكيم التجاري الدولي ومن هذا المنطلق ، ونظرا للطابع الإرادي أو العقدي للتحكيم التجاري الدولي ، فإن القواعد الموحدة تحاول الوصول إلى حلول وسطي توفق بين هذا الطابع وبين الرغبة في سرعة حسم النزاع ، وهو ما يبين من معالجة مدة التحكيم في القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة عام ١٩٨٥.
ففي ظل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي يتمتع الأطراف بحرية تحديد مدة التحكيم وإطالتها إذا لزم الأمر. صحيح أنه لا يوجد نص صريح في هذا القانون ، يقرر هذه الحرية إلا أنها مستفادة ضمنا من جماع النصوص التي تعرض للمسائل المتصلة بمدة التحكيم من قريب أو من بعيد . من ذلك مثلا مسألة بدء إجراءات التحكيم ، حيث قررت المادة ۲۱ ، حرية الاتفاق علي التاريخ الذي تبدأ فيه هذه الإجراءات ومن ذلك أيضا المادة ٢٣ التي تخول للطرفين حرية الاتفاق علي المدة التي يجب فيها علي المدعى بيان الوقائع المؤيدة الدعواه ، والمادة ٢/٣٢ و ٣ التي تخول للطرفين حرية الاتفاق علي إنهاء الإجراءات (۲) وترتب علي ذلك إنتهاء ولاية محكمة التحكيم .
لكن يبدو من قواعد لجنة الأمم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي UNCTRAL ، التي لم تعرض صراحة لمدة التحكيم ، أن حرية الطرفين في تحديد هذه المدة ليست واسعة ، حيث تجعل لمحكمة التحكيم سلطة تحديد مواعيد الإجراءات دون التشاور مع الخصوم إلا في حالة تقرير إنهاء إجراءات خصومة التحكيم ، ومع ذلك ليس في نصوص قواعد اللجنة ما يفيد منع الطرفين من الاتفاق علي مدة التحكيم أو إطالتها أو تخويل محكمة التحكيم سلطة البت في هذه المسألة بقرار صريح .